للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَائِعِ حَتَّى ذَهَبَ الْإِبَّانُ فَلَا يَجُوزُ تَرَاضِيهِمَا بِالْمُحَاسَبَةِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى الْبَيْعِ، وَالسَّلَفِ، وَإِذَا تَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِبَقِيَّةِ رَأْسِ مَالِهِ عَرْضًا وَلَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالتُّونِسِيُّ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ، وَاتَّهَمَهُ الْبَيْعُ، وَالسَّلَفُ لِلضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِمَا بِالتَّأْخِيرِ، وَإِذَا رَضِيَا بِالْمُحَاسَبَةِ جَازَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا بَلْ يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا مِنْ كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ وَتَحَاسَبَا عَلَى رَدِّ شَيْءٍ مِنْهَا بِعَيْنِهِ قِيمَتُهُ قَدْرُ قِيمَةِ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَمَنَعَ سَحْنُونَ الْمُحَاسَبَةَ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا لِيَأْمَنَا مِنْ الْخَطَأِ فِي التَّقْوِيمِ فَإِنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى رَدِّ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ عَوَّضَا عَمَّا لَمْ يُقْبَضْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ مُسَاوِيًا لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا بِالْقِلَّةِ أَوْ الْكَثْرَةِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا إقَالَةٌ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ رَأْسِ الْمَالِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مِنْ الْأَثْوَابِ جُزْءًا شَائِعًا يَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا بِهِ لِلْبَائِعِ فَيَسْلَمَا مِنْ احْتِمَالِ الْخَطَأِ فِي التَّقْوِيمِ فَيَجُوزُ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَالْمُبَالَغَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا) فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ رَضِيَا بِالْمُحَاسَبَةِ جَازَ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِالْمُحَاسَبَةِ، وَفَاعِلُهُ حِينَئِذٍ الْعَاقِدُ لَا أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا مَعًا، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ هُنَا عَلَى حَسَبِ الْمَكِيلَةِ فَلَا نَظَرَ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِهِ شَرَعَ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ إذَا اُسْتُكْمِلْت تِلْكَ الشُّرُوطُ، وَمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ إذَا اخْتَلَّ شَيْءٌ مِنْهَا فَقَالَ (ص) فَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ (ش) الْفَاءُ سَبَبِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَاتًا قَائِمًا بِعَيْنِهَا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَهْلَكًا بِشَرْطِ أَنْ تَحْصُرَهُ الصِّفَةُ، وَأَنْ يُوجَدَ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ لَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ فِي الشَّامِلِ، وَفِي الرُّءُوسِ مَا فِي اللَّحْمِ، وَكَوْنِهَا مَشْوِيَّةً أَوْ مَغْمُورَةً فَإِنْ اُعْتِيدَ وَزْنُهَا عُمِلَ بِهِ، وَيَصِحُّ فِي الْأَكَارِعِ كَالرُّءُوسِ، وَفِي الْمَطْبُوخِ مِنْهُمَا، وَمِنْ اللَّحْمِ إذَا كَانَ يُعْرَفُ تَأْثِيرُ النَّارِ فِيهَا بِالْعَادَةِ، وَكَانَتْ الصِّفَةُ تَحْصُرُهُ (ص) وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ وَالْجَوْهَرِ وَالزُّجَاجِ (ش) اللُّؤْلُؤُ مَعْرُوفٌ، وَاحِدُهُ لُؤْلُؤَةٌ، وَجَمْعُهُ لَآلِئُ أَيْضًا، وَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ لُؤْلُؤٌ بِهَمْزَتَيْنِ، وَلُولُو بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَلُؤْلُو بِهَمْزِ أَوَّلِهِ دُونَ ثَانِيَةِ وَبِالْعَكْسِ، وَالْعَنْبَرُ خُرْءُ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ، وَالْجَوْهَرُ هُوَ كِبَارُ اللُّؤْلُؤِ، وَالزُّجَاجُ مُثَلَّثٌ الزَّاي وَاحِدُهُ زُجَاجَةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا إذَا ذَكَرَ قَدْرًا مَعْلُومًا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ

(ص) وَالْجِصِّ وَالزِّرْنِيخِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجِصِّ، وَهُوَ الْجِبْسُ، وَالزِّرْنِيخِ لَكِنْ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ، وَيَجُوزُ فِيهَا طَبْخٌ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يُطْبَخُ أَيْ يُشْوَى بِالنَّارِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَالنُّكْتَةُ فِي الْعَطْفِ لِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْ قَوْلِهِ وَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ (ص) وَفِي أَحْمَالِ الْحَطَبِ وَالْأُدْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي أَحْمَالِ الْحَطَبِ، وَزْنًا أَوْ حُزَمًا كَمِلْءِ هَذَا الْحَبْلِ، وَيُوضَعُ عِنْدَ أَمِينٍ، وَيَصِفُهُ مِنْ سَنْطٍ أَوْ طَرْفَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْإِبْقَاءِ، وَالْأَوْجَبُ الْإِبْقَاءُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ فِي غَيْرِ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ بَلْ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ الصَّغِيرِ، وَقَوْلُهُ أَوْ قَرْيَةٍ أَيْ صَغِيرَةٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لعج آخِرًا، وَإِلَّا فَأَوَّلًا جُعِلَ قَوْلُهُ وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ، وَفِي الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ أَيْ صَغِيرَةٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا ظَهَرَ لعج آخِرًا بَعْدَ قَوْلِهِ تَأْوِيلَانِ وَإِنْ انْقَطَعَ بَعْضُ ثَمَرِهَا أَوْ ثَمَرُ الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ بِجَائِحَةٍ وَجَبَ الْبَقَاءُ إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا، وَإِنْ انْقَطَعَ لِفَوَاتِ إبَّانِهِ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مِنْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ، وَالْأَخِيرُ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ إنْ كَانَ بِتَأْخِيرِ الْبَائِعِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْبَقَاءُ، وَحُكْمُ انْقِطَاعِ الْكُلِّ فِي الْجَمِيعِ حُكْمُ بَعْضِهَا لَكَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) فِيهِ أَنَّهُ، وَلَوْ أَخَذَ الثَّمَنَ فِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الثَّمَنَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ بَدَلَهُ شَيْئًا فَيَتَقَوَّى جَانِبُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا) إنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا، وَأَمَّا الْمُتَّحِدُ فَلَا يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا إقَالَةٌ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ ك (قَوْلُهُ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ إلَخْ) فِي ك، وَالْمُحَاسَبَةُ عَلَى حَسَبِ الْمَكِيلَةِ، وَلَا يَأْتِي فِي التَّأْوِيلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً انْتَهَى إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا إلَخْ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ) هِيَ الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ، وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ، وَقِيلَ هِيَ الْعَاطِفَةُ عَلَى مُقَدَّرٍ، وَقَوْلُهُ طُبِخَ أَيْ أَمْكَنَ طَبْخُهُ لَا مَطْبُوخًا بِالْفِعْلِ بَلْ يَصِحُّ أَيْضًا فِي الْمَطْبُوخِ بِالْفِعْلِ كَالْمُرَبَّيَاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ مُسْتَهْلَكًا) أَيْ لَا بَقَاءَ لَهُ إذَا طُبِخَ لِتَغَيُّرِهِ بِالْبَقَاءِ، وَقَوْلُهُ وَفِي الرُّءُوسِ لَعَلَّ الْمَعْنَى مَا قِيلَ فِي اللَّحْمِ مِنْ الْجَوَازِ يُقَالُ فِي الرُّءُوسِ، وَقَوْلُهُ وَكَوْنُهَا إلَخْ أَيْ وَيُبَيَّنُ كَوْنُهَا مَشْوِيَّةً أَوْ مَغْمُورَةً أَيْ فِي الْمَاءِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ اُعْتِيدَ وَزْنُهَا عُمِلَ بِهِ أَيْ وَيُعَيَّنُ عِنْدَ عَقْدِ السَّلَمِ، وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ أَيْ السَّلَمُ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) بِالتَّثْنِيَةِ كَمَا هُوَ فِي خَطِّهِ أَيْ فِي الْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ وَاللَّحْمِ وَالْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ أَوَّلًا مَا فِي اللَّحْمِ أَيْ الْمَشْوِيِّ لَا الْمَطْبُوخِ هَذَا مَا ظَهَرَ مِنْ الْعِبَارَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ خَرْءُ دَابَّةٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْعَنْبَرَ يَنْبُتُ مِنْ أَصْلِ قَاعِ الْبَحْرِ فَيَرْمِيهِ بِسَاحِلِهِ وَهُوَ أَعْلَاهُ وَأَوْسَطُهُ مَا تَبْتَلِعُهُ الدَّابَّةُ مِنْ الْبَحْرِ ثُمَّ إنَّهُ يَضْرِبُهَا فَتَبَرَّزَ تتقايأه وَهُوَ يَلِي الْأَوَّلَ، وَتَارَةً تَمُوتُ، وَيَجِدُونَهُ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ جِيفَةً، وَهُوَ يَلِي الثَّانِي، وَتَارَةً يَجِدُونَهُ حِينَ تَصِيرُ جِيفَةً، وَهُوَ أَدْنَاهُ (قَوْلُهُ كِبَارُ اللُّؤْلُؤِ) أَيْ كِبَرًا مُتَوَسِّطًا لِتَيَسُّرِ وُجُودِهِ غَالِبًا لَا خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ لِعَدَمِ تَيَسُّرِهِ غَالِبًا فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَمَا لَا يُوجَدُ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يُطْبَخُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ الْمَطْبُوخَ مِمَّا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ وَالْأُدْمُ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا طُبِخَ، وَعَطْفُهُ عَلَى أَحْمَالِ الْحَطَبِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ مِنْ أَنَّ الْمَعَاطِيفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>