بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا قُبِضَ وَحِيزَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَهُوَ الْمُبْتَاعُ لِلْبُضْعِ لَمْ يَقْبِضْهُ وَانْظُرْ هَلْ تُحَاصِصُ الْغُرَمَاءُ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا فَكَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا تَأَمَّلْ، وَعَنْ الْعِصْمَةِ كَمَا إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُخَالِعُ الْعِوَضَ حَتَّى فُلِّسَتْ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ فِي الْعِصْمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ لِعَدَمِ إمْكَانِ ذَلِكَ بَلْ يُحَاصِصُ غُرَمَاءَهَا بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْخُلْعُ وَعَنْ الْقِصَاصِ كَمَا إذَا صَالَحَ فِي دَمٍ عَمْدٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَقَبْلَ قَبْضِهِ فُلِّسَ الْجَانِي فَلَا رُجُوعَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ الدَّمُ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ صُلْحُ الْإِنْكَارِ إذَا فُلِّسَ الْمُنْكِرُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يُحَاصِصُ بِمَا صُولِحَ بِهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِي الدَّعْوَى.
(ص) وَلَمْ يَنْتَقِلْ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ، أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ مِثْلٍ أَوْ سُمِّنَ زُبْدُهُ، أَوْ فُصِّلَ ثَوْبُهُ، أَوْ ذُبِحَ كَبْشُهُ، أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ (ش) ، أَيْ: وَمِنْ شُرُوطِ رُجُوعِ الْإِنْسَانِ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ عَنْ هَيْئَتِهِ أَمَّا إنْ تَغَيَّرَ عَنْ هَيْئَتِهِ كَطَحْنِ الْحِنْطَةِ أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ مِثْلِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَيَسَّرُ تَمْيِيزُهُ مِنْهُ كَقَمْحٍ بِشَعِيرٍ، أَوْ صَارَ الزُّبْدُ سَمْنًا، أَوْ فُصِّلَ الثَّوْبُ قَمِيصًا، أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ ذُبِحَ الْكَبْشُ، أَوْ صَارَ الرُّطَبُ تَمْرًا فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لِصَاحِبِهِ بِهِ وَتَتَعَيَّنُ الْمُحَاصَّةُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فَقَوْلُهُ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى لَمْ يَنْتَقِلْ، أَيْ: وَاسْتَمَرَّ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَأَنْ طُحِنَتْ وَأَوْلَى لَوْ عُجِنَتْ، أَوْ بُذِرَتْ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ أَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ لَا تُفِيتُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ مِثْلٍ مِمَّا لَوْ خُلِطَ بِمِثْلِهِ كَالْحِنْطَةِ تُخْلَطُ بِمِثْلِهَا، وَالزَّيْتِ، وَالْعَسَلِ بِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيتُ الرُّجُوعَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ، أَيْ: حَيْثُ اشْتَرَى الرُّطَبَ مُجَرَّدًا عَنْ الْأُصُولِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَصَارَ تَمْرًا، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ الْأُصُولِ فَلَا يَفُوتُ إلَّا بِالْجَذِّ كَمَا فِي الْفَلَسِ لَا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُفَلَّسَ إنَّمَا يَفُوزُ بِالثَّمَرَةِ إذَا جَذَّهَا لَا بِيُبْسِهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الثَّمَرَةُ الَّتِي يَفُوزُ بِجَذِّهَا هِيَ غَلَّةٌ لِشَيْءٍ وَمَا هُنَا الْبَيْعُ وَاقِعٌ عَلَى ذَاتِهَا
(ص) كَأَجِيرِ رَعْيٍ وَنَحْوِهِ (ش) التَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ وَهُوَ عَدَمُ الْأَخْذِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَجِيرَ الْحِرَاسَةِ وَأَجِيرَ الرَّعْيِ وَأَجِيرَ الْخِدْمَةِ وَنَحْوَهُمْ إذَا فُلِّسَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ، أَوْ غَيْرُهُ كَرَبِّ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ دَفْعِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّ الْأَجِيرَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالْمَاشِيَةِ، أَوْ الزَّرْعِ فِي خِدْمَتِهِ بَلْ يُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً كِرَاءً مَضْمُونًا، ثُمَّ فُلِّسَ رَبُّهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجِيرِ أَنَّ الْأَجِيرَ لَمْ تَتَعَلَّقْ خِدْمَتُهُ بِالْمَاشِيَةِ بَلْ بِذِمَّةِ رَبِّهَا، وَالْمُكْتَرِي تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِ رُكُوبِهِ عَلَيْهَا صَارَتْ كَالْمُعَيَّنَةِ، وَبِعِبَارَةٍ: وَمِثْلُ أَجِيرِ الرَّعْيِ الصَّانِعُ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ فِي حَانُوتِكَ فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ انْصَرَفَ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَا فِي الْحَانُوتِ وَلَيْسَ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلدِّرَاسِ بِبَقَرِهِ كَذَلِكَ إذْ صَاحِبُ الْبَقَرِ أَحَقُّ بِالْأَنْدَرِ؛ لِأَنَّهُ كَالْحَائِزِ لِلْأَنْدَرِ
(ص) وَذِي حَانُوتٍ فِيمَا بِهِ (ش) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ كَعَدَمِ اخْتِصَاصِ ذِي حَانُوتٍ بِمَا فِيهِ إذَا فُلِّسَ الْمُكْتَرِي وَإِذَا لَمْ تَخْتَصَّ بِهِ فَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِيمَا فِيهِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) أَقُولُ وَكَذَا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا لَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ فَتُحَاصِصَ بِجَمِيعِهِ عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ جَمِيعَهُ وَبِنِصْفِهِ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ، أَيْ: إذَا أَرَادَتْ التَّطْلِيقَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُرِدْ فَكَمَا قُلْنَا فَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ إلَخْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّهُ يَشْمَلُ حَتَّى الَّتِي لَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ فَلَا يَظْهَرُ مَعَ مَا قُلْنَا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْكَلَامِ عَلَى وَجْهٍ لَا قَلَقَ فِيهِ فَيَقُولُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَكَذَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ لِعُسْرِهِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَتْ التَّطْلِيقَ لِعُسْرِهِ فَهَلْ تُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِالنِّصْفِ، أَوْ لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: تَأَمَّلْ، أَيْ: تَأَمَّلْ مَا يَظْهَرُ بِهِ صِحَّةُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ قُلْت: فَتَأَمَّلْته فَوَجَدْت لَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ فَمَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ.
(قَوْلُهُ:، أَوْ فُصِّلَ ثَوْبُهُ) ، أَوْ قُطِّعَ الْجِلْدُ نِعَالًا وَنَحْوَهَا (قَوْلُهُ: أَيْ: وَاسْتَمَرَّ) فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ نَحْوِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ تَغَايُرِ مَعْطُوفٍ لَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا بَلْ التَّغَايُرُ مَوْجُودٌ نَعَمْ فِيهِ تَكَلُّفٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَطْفُ اللَّفْظِ عَلَى اللَّفْظِ، وَأَمَّا قَطْعُ الشَّقَّةِ نِصْفَيْنِ فَلَا يُفِيتُ وَكَذَا الدَّبْغُ لَا يُفِيتُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ الْأُصُولِ) أَيْ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَمْ تُؤَبَّرْ (قَوْلُهُ: فِي بَابِ الْفَلَسِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بَابًا مِنْ كِتَابٍ مُعَيَّنٍ بَلْ أَرَادَ بَابَ الْفَلَسِ مِنْ أَيِّ كِتَابٍ، أَيْ: إنَّ شَأْنَ بَابِ الْفَلَسِ مِنْ أَيِّ كِتَابٍ يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ الثَّمَرَةُ إلَخْ) ، أَيْ: هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ الْأُصُولِ فَلَا حَاجَةَ لِسُؤَالٍ، وَلَا لِجَوَابٍ (قَوْلُهُ: كَأَجِيرِ رَعْيٍ) هَذَا إذَا كَانَ يَرُدُّ مَا يَرْعَى لِبَيْتِ صَاحِبِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَالظَّاهِرُ إذَا بَاتَ مَا يَرْعَاهُ مِنْ نَحْوِ غَنْمٍ عِنْدَ رَبِّهِ تَارَةً وَعِنْدَهُ أُخْرَى فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَانْظُرْهُ وَانْظُرْ إذَا كَانَتْ تَبِيتُ بِمَحَلٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا، أَوْ بِمَنْزِلِهِمَا السَّاكِنِينَ بِهِ جَمِيعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ يُنْظَرُ وَقْتَ فَلَسِهِ إنْ كَانَ الْبَيَاتُ عِنْدَ رَبِّهَا يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ رَاعِيهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِنْدَ الْبَيَاتِ فِي الْمَنْزِلِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ انْصَرَفَ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَفَاتِيحُ بِيَدِهِ أَنَّهُ يَفُوزُ بِمَا فِي الدُّكَّانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute