للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَهُ قَبْلَ فَلَسِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ فِدَاؤُهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بِالْإِسْلَامِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا يُرَدُّ كَبَيْعِهِ، وَأَمَّا إنْ فَدَاهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ لِرَبِّهِ أَخْذَهُ مَجَّانًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَحَاصَّ بِفِكَاكِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ مَفْدِيًّا وَإِنَّمَا هُوَ مَفْكُوكٌ لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِالْفِدَاءِ لِمُشَاكَلَةِ قَوْلِهِ لَا بِفِدَا الْجَانِي لِيَصِيرَ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: ٦] ؛ لِأَنَّ ذُكْرَانَ الْجِنِّ لَا يُقَالُ لَهُمْ رِجَالٌ.

(ص) وَنَقْضُ الْمُحَاصَّةِ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا فَحَاصَصَ الْبَائِعُ بِثَمَنِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ لِعَدَمِ وُجْدَانِ سِلْعَتِهِ، ثُمَّ إنَّهَا رُدَّتْ عَلَى الْمُفَلَّسِ بِعَيْبٍ بِهَا، أَوْ بِفَسَادٍ فَلِبَائِعِهَا أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ؛ لِأَنَّهَا اُنْتُقِضَتْ بِأَخْذِ سِلْعَتِهِ وَلَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْمُحَاصَّةِ وَيُسَلِّمُهَا لِلْغُرَمَاءِ وَيَتَحَاصَصُ مَعَهُمْ فِي ثَمَنِهَا كَمَالٍ طَرَأَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ عَمَّا إذَا زَادَتْ بِإِقَالَةٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ وَصِيَّةٍ، أَوْ إرْثٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَيْهَا سَبِيلٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى رُدَّتْ إلَيْهِ بِمِلْكِ مُسْتَأْنَفٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَقَالٌ، وَقَوْلُهُ: بِعَيْبٍ، أَيْ: قَدِيمٍ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَدَلَّسَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ أَعْلَمهُ بِهِ، أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَرَضِيَهُ، وَأَمَّا الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ إلَخْ فَلَا تَكْرَارَ (ص) وَرَدُّهَا، وَالْمُحَاصَّةُ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ (ش) رَدُّهَا مَرْفُوعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ مَعْطُوفٌ عَلَى " فَكُّ "، أَوْ عَلَى " نَقْضُ "، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا وَجَدَ عَيْنَ شَيْئِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُفَلَّسِ فَلَمَّا أَخَذَهُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا سَمَاوِيًّا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ وَإِنْ شَاءَ حَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَسَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُفَلَّسِ أَوْ وَهِيَ عِنْدَهُ وَمَعْنَى الرَّدِّ عَلَى الثَّانِي التَّرْكُ، أَيْ: وَلَهُ تَرْكُهَا لِلْمُفَلَّسِ

(ص) أَوْ مِنْ مُشْتَرِيهِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ أَرْشَهُ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَخَذَ سِلْعَتَهُ مِنْ عِنْدِ الْمُشْتَرِي وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا مِنْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمُفَلَّسُ فَهُوَ أَيْضًا بِالْخِيَارِ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَرْشِ، أَوْ يَتْرُكَهَا لِلْغُرَمَاءِ وَيُحَاصِصَ مَعَهُمْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَوَاءٌ عَادَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا، وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ الْمُفَلَّسُ لَهُ أَرْشًا، أَوْ عَادَ لِهَيْئَتِهِ سَوَاءٌ أَخَذَ لَهُ أَرْشًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَا عَادَ لِهَيْئَتِهِ صَارَ مَا أَخَذَهُ الْمُفَلَّسُ مِنْ الْأَرْشِ كَالْغَلَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَبَيْنَ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي أَنَّ جِنَايَةَ الْمُشْتَرِي جِنَايَةٌ عَلَى مَا فِي مِلْكِهِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَدٍّ فَأَشْبَهَتْ السَّمَاوِيَّ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ، أَوْ مِنْ مُشْتَرِيهِ لِلْبَائِعِ، أَيْ: مُشْتَرِي سِلْعَةِ الْبَائِعِ وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّ فِيهَا مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ بَرِئْت عَلَى شَيْنٍ، أَوْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ

(ص) ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ (ش) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ وَهِيَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ سَوَاءٌ أَخَذَ لَهَا أَرْشًا أَمْ لَا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقَوَّمَ يَوْمَ الْبَيْعِ سَالِمًا وَمَعِيبًا وَيُحَاصِصَ بِمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ ثَمَنِهِ كَسِلْعَتَيْنِ فَاتَتْ إحْدَاهُمَا عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فَقَوْلُهُ نَقَصَهُ، أَيْ: نَقَصَ الشَّيْءَ الْمَبِيعَ، وَالْمُنَاسِبُ لِمَرَامِهِ أَنْ يَقُولَ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَعَادَ هَيْئَتِهِ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ.

(ص) وَرَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ قُبِضَ وَأَخَذَهَا (ش) عَطْفٌ عَلَى " فَكُّ "، وَالْمَعْنَى لَوْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَقَبَضَ خَمْسَةً، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ قَائِمَةً فَهُوَ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يُحَاصِصَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَهُ قَبْلَ فَلَسِهِ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا فُلِّسَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَبَعْدَ إسْلَامِهِ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِرَبِّهِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَرَدَّهُ اللَّقَانِيِّ فَقَالَ، وَسَوَاءٌ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَقَبْلَ إسْلَامِهِ، أَوْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَبَعْدَ إسْلَامِهِ وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ فَاسِدٌ اهـ (قَوْلُهُ: لِمُشَاكَلَةِ إلَخْ) الْمُشَاكَلَةُ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ فِي الْخَيَالِ لَا فِي اللَّفْظِ لِوُجُوبِ سَبْقِيَّةِ الْعَلَاقَةِ عَلَى النُّطْقِ بِاللَّفْظِ.

(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) ، وَالْفَرْقُ، أَوْ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الثَّانِي فَكَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ، وَالرَّدُّ لِفَلَسِ الثَّانِي، أَوْ فَسَادِ بَيْعِهِ مُلْحَقَانِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْمَعْنَى بِخِلَافِ رَدِّهَا بِهِبَةٍ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا رُدَّتْ لِلْمُفَلَّسِ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْرَارَ) كَذَا قَالَ الْفِيشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا كَانَ قَدِيمًا عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، أَوْ حَادِثًا عِنْدَ الْمُفَلَّسِ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ:، وَالْمُحَاصَّةُ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ فِيمَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ.

(قَوْلُهُ: وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ إلَخْ) ، أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَوْ أَخَذَهُ بَلْ نَقُولُ هُوَ مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْقَلُ جَرْحٌ) ، أَيْ: لَا يُؤْخَذُ عَقْلُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ إلَخْ) صَوَابُهُ إلَّا إذَا بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ) ، أَيْ: بِأَنْ كَانَ بَاعَهُ بِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ سَالِمًا خَمْسُونَ وَبَعْدَ الْجِنَايَةِ أَرْبَعُونَ فَقَدْ نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ الْخُمُسَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُحَاصِصَ بِعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعُدْ) هَذَا نَاظِرٌ لِلْمُعْتَمَدِ لَا نَاظِرٌ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ، أَيْ: مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ أَخَذَهُ لَا رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا فَيَكُونُ حَلًّا مُوَافِقًا لِلْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَالْمُنَاسِبُ لِمَرَامِهِ) ، أَيْ: مِنْ كَوْنِهِ مُخْتَصَرًا مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ أَخَذَهُ زَادَ مِنْ الِاخْتِصَارِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا، أَيْ: لَمْ يَأْخُذْهُ، أَوْ أَخَذَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ أَرْشًا، أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعُودَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِنِسْبَةِ النَّقْصِ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ إذَا أَخَذَهُ وَلَمْ يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ مَعَ أَنَّ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْهَيْئَةِ سَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>