فَجِذَاذُهَا يُفِيتُهَا عَلَى الْبَائِعِ.
(ص) وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَى دَابَّةً، أَوْ أَرْضًا، أَوْ دَارًا لِشَخْصٍ، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ دَفْعِ الْكِرَاءِ فَإِنَّ رَبَّ مَا ذُكِرَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَدَارَهُ وَفَسَخَ فِيمَا بَقِيَ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ مَا ذُكِرَ لِلْغُرَمَاءِ وَحَاصَصَ بِالْكِرَاءِ كَمَا أَنَّهُ يُحَاصِصُ فِي الْمَوْتِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ إلَخْ وَإِنْ فُهِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ لِأَجْلِ التَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدَهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي إلَخْ مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ كَانَ الْحَقُّ فِي الْمَنْفَعَةِ لِلْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا أَكْرَاهُ وَقَدْ جَعَلَ لَهُ هُنَا الْأَخْذَ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا تَخَالُفَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي إلَخْ فِيمَا إذَا فُلِّسَ وَأَرَادَ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ أَفَادَ بِهِ أَنَّهُ يَحِلُّ وَلَهُ الْمُحَاصَّةُ بِهِ إنْ شَاءَ عَلَى مَا مَرَّ
(ص) وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا فِي الْفَلَسِ، ثُمَّ سَاقِيهِ، ثُمَّ مُرْتَهِنُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَى أَرْضَهُ لِشَخْصٍ فَزَرَعَهَا، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُكْتَرِي فَرَبُّ الْأَرْضِ يَأْخُذُ الزَّرْعَ وَيُقَدَّمُ فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ إنْ اسْتَوْفَى كِرَاءَهُ يَلِيهِ السَّاقِي لِلزَّرْعِ فِيمَا فَضَلَ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ أَجْرَهُ، وَالْمُرَادُ بِالسَّاقِي هُنَا الَّذِي يَسْقِي الزَّرْعَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إذْ لَوْلَاهُ لَمَا انْتَفَعَ بِالزَّرْعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْعَامِلَ فِي الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ دُونَ رَبِّ الْأَرْضِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ، وَالضَّمِيرُ فِي " مُرْتَهِنُهُ " لِلزَّرْعِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لِلْأَرْضِ إذَا فُلِّسَ بَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا فَإِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ، وَالسَّاقِيَ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ بَعْدَهُمَا يُقَدَّمُ فِيمَا فَضَلَ عَنْهُمَا فِي التَّقْدِيمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمُرْتَهِنُ إنْ كَانَ مَرْهُونًا مَحُوزًا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ رَبُّ الْأَرْضِ، وَالسَّاقِي عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ حَائِزًا لِلزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ عَمَلِ هَذَا وَأَرْضِ هَذَا فَحَوْزُهُمَا أَخَصُّ مِنْ حَوْزِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْحَوْزُ الْأَخَصُّ يُقَدَّمُ صَاحِبُهُ عَلَى صَاحِبِ الْحَوْزِ الْأَعَمِّ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ سَمَكَةٌ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ جَالِسٍ فِي سَفِينَةِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ رَبِّ السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّ حَوْزَهُ أَخَصُّ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَقَيَّدْنَا صَدْرَ الْمَسْأَلَةِ بِالسَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ فَقَطْ تَبَعًا لِتَقْرِيرِ بَعْضٍ، وَنَصُّهُ: وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا، أَيْ: فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ فَهُوَ فِيهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ فِي الْمُسْتَقْبَلَةِ فَصَارَتْ الْمَنَافِعُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ، انْتَهَى. اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ.
(تَفْرِيعٌ) لَوْ عَمِلَ فِي الزَّرْعِ أَجِيرٌ بَعْدَ أَجِيرٍ فَالثَّانِي أَحَقُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَكْثَرُ فِي الْعَمَلِ وَقِيلَ: يَتَحَاصَّانِ، قَالَهُ الشَّارِحُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُقَدَّمُ الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي، وَالرَّابِعُ عَلَى الثَّالِثِ وَهَكَذَا وَإِذَا كَانَ السَّاقِي اثْنَيْنِ وَقُلْنَا يُقَدَّمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ
(ص) ، وَالصَّانِعُ أَحَقُّ وَلَوْ بِمَوْتٍ بِمَا بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَرْبَابَ الصَّنَائِعِ إذَا أُسْلِمَ إلَيْهِمْ شَيْءٌ لِيَصْنَعُوهُ، ثُمَّ فُلِّسَ رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ، أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الصَّانِعَ أَحَقُّ بِالشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ الَّذِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فَجِذَاذُهَا يُفِيتُهَا) فِيهِ أَنْ يُقَالَ فَوَاتُهَا بَيْعٌ لَهَا وَبَيْعُهَا لَا يَجُوزُ.
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ) مِنْ مُكْتِرٍ لَهُمَا وَجِيبَةِ وَفُلِّسَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ التَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدَهُ) ، أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَقَدَّمَ فِي زَرْعِهَا، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُلُولِ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ) مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ يَحِلُّ (أَقُولُ) لَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ذَلِكَ مُعَارَضَةٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ فَرْعٌ عَنْ حُلُولِ الْكِرَاءِ فَلَا حَاجَةَ لِلسُّؤَالِ، وَالْجَوَابِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَمَّا أَفَادَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحِلُّ الْكِرَاءُ بِالْفَلْسِ، وَالْمَوْتِ أَفَادَ هُنَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْفَلَسِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُحَاصِصَ بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ التَّسْلِيمُ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ إلَّا الْمُحَاصَّةُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ إلَّا الْمَوْتَ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ فِي زَرْعِهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْفَلَسِ حَالٌ فَلَا إشْكَالَ فَإِنْ قُلْت: أَخْذُ الزَّرْعِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ يُؤَدِّي إلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُهُ أَوْ بِالطَّعَامِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ عَنْ الْكِرَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَا وَقَعَ بِهِ الْكِرَاءُ ابْتِدَاءً فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَرَتْ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ، وَالْمَحَلُّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ فَإِنْ قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا رَهَنَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إلَّا بَعْدَ فِدَائِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَزْعُ الرَّهْنِ الَّذِي سَبَقَ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ مِنْ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِالْفِدَاءِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ فِي الزَّرْعِ الَّذِي رَهَنَهُ الْمُفَلَّسُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مِلْكٌ عَلَيْهِ إلَّا بِالْفِدَاءِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى قُلْت: لَمَّا كَانَ الزَّرْعُ مُتَكَوِّنًا عَنْ الْأَرْضِ الْبَاقِيَةِ عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا صَارَ كَالْبَائِعِ لَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّرْعَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي التَّقْدِيمَ فِي الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ مَعًا مَعَ أَنَّهُ فَرَّقَ وَذَلِكَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ تَعْلِيلًا لِلْقَوْلِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يُقَدَّمُ فِي الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَحَوْزُهُمَا أَخَصُّ) يَعْقِلُ الْخُصُوصَ، وَالْعُمُومَ فَنَقُولُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِنْسَانِ عَمَلَهُ وَدَخَلَ فِي تَحْصِيلِ شَيْءٍ اسْتِيلَاؤُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ كَوْنُ عَمَلِهِ تَأْثِيرًا فِي حُصُولِ الشَّيْءِ.
(قَوْلُهُ: تَبَعًا لِتَقْرِيرِ بَعْضٍ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْ أَرْضَهُ فَإِنْ أَخَذَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا بَعْدَهَا شَيْءٌ وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي الزَّرْعِ فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ وَمَا قَبْلَهَا سَوَاءٌ جَذَّ الزَّرْعَ أَمْ لَا وَهُوَ مُرْتَضَى عج.
(قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ بِمَا بِيَدِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ بِيَدِ بَعْضِ الْمَصْنُوعِ، أَوْ كُلِّهِ فَلَهُ حَبْسُ مَا بِيَدِهِ مِنْ بَعْضِ الْمَصْنُوعِ فِي أُجْرَةِ مَا بِيَدِهِ وَمَا خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْجَمِيعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute