للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَفَقَةَ رَقِيقِهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ مَا يَخُصُّ السَّفِيهَ الْبَالِغَ بِالْعَطْفِ عَلَى تَصَرُّفٍ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ مَا يَعُمُّهُ بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (ص) لِإِطْلَاقِهِ وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبِهِ وَنَفْيِهِ وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ وَقِصَاصٍ وَنَفْيِهِ وَإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ (ش) ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُمَيِّزَ الْبَالِغَ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ رُشْدُهُ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ اسْتِلْحَاقُ النَّسَبِ بِشَرْطِهِ الْآتِي فِي بَابِهِ وَكَذَلِكَ إذَا نَفَى نَسَبَهُ بِلِعَانٍ فِي الزَّوْجَةِ، أَوْ بِغَيْرِهِ فِي حَمْلِ الْأَمَةِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُعَارِضَهُ وَإِنْ كَانَ فِي الِاسْتِلْحَاقِ إثْبَاتُ وَارِثٍ وَإِتْلَافُ مَالٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ كَلَامٌ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا غَيْرُ الِاسْتِمْتَاعِ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ، وَالنَّفَقَةُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَيَتْبَعُهَا مَالُهَا وَلَوْ كَثُرَ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ بِقَيْدِ الْقِلَّةِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْفَلَسِ حَيْثُ قَالَ وَتَبِعَهَا مَالُهَا إنْ قَلَّ وَقِيلَ لَا يَتْبَعُهَا مَالُهَا مُطْلَقًا، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ، وَالثَّانِي قَوْلُ أَصْبَغَ، وَالثَّالِثُ رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ تَلْزَمُهُ جِنَايَاتُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ جَرْحٍ، أَوْ قَذْفٍ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ إذَا عَفَا عَمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ مِنْ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ جِنَايَةً عَمْدًا إذَا لَيْسَ فِيهَا إلَّا الْعَفْوُ مَجَّانًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ عُقُوبَةٍ فِي بَدَنِهِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا قَطَعْت يَدَ زَيْدٍ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ جِرَاحِ الْخَطَإِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ فَإِنْ أَدَّى جَرْحُهُ إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ وَعَفَا عَنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ كَانَ فِي ثُلُثِهِ كَالْوَصَايَا وَمَا فِي مَعْنَى الْخَطَإِ مِنْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْجَائِفَةِ كَالْخَطَإِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي السَّفِيهِ الْبَالِغِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ حُصُولُهَا مِنْ الصَّغِيرِ فَجَعَلَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ سَبْقَ قَلَمٍ.

(ص) وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إذَا رَشَدَ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَفْعَالَ السَّفِيهِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْمُهْمَلِ الْمُحَقَّقِ السَّفَهِ إذَا تَصَرَّفَ وَلَوْ بِغَيْرِ عَرَضٍ كَعِتْقٍ وَنَحْوِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ كَابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ نَافِعٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي مُقَدِّمَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَمَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَنْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ عِنْدَهُ السَّفَهُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فَلَوْ رَشَدَ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَتَصَرَّفَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِإِطْلَاقِهِ فَالْحُكْمُ الْمُتَقَدِّمُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يَنْعَكِسُ هُنَا فَمَالِكٌ يَمْنَعُ أَفْعَالَهُ لِوُجُودِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَهُوَ عِلَّةُ الْمَنْعِ عِنْدَهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُجِيزُ أَفْعَالَهُ لِوُجُودِ الرُّشْدِ وَهُوَ عِلَّةٌ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ عِنْدَهُ وَحَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى الْبَالِغِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُهْمَلَ تَصَرُّفَاتُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ قَبْلَ الْحَجْرِ وَلَوْ كَانَ ذَكَرًا وَعَلَى الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى الْمُهْمَلَةَ تَصَرُّفَاتُهَا مَرْدُودَةٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ تُعَنِّسَ، أَوْ يَمْضِيَ لِدُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا الْعَامَ فَتَجُوزُ أَفْعَالُهَا حَيْثُ عَلِمَ رُشْدَهَا، أَوْ جَهِلَ حَالَهَا، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ سَفَهَهَا فَتُرَدُّ أَفْعَالُهَا وَبِعِبَارَةٍ وَتَصَرُّفُهُ أَيْ السَّفِيهِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْمُهْمَلِ الْمَعْلُومِ السَّفَهِ، وَأَمَّا الْمَجْهُولُ الْحَالُ وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ لَهُ رُشْدُهُ مِنْ سَفَهٍ فَأَفْعَالُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ بِاتِّفَاقٍ وَيَأْتِي مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى إلَخْ وَتَقَدَّمَ مُحْتَرَز الثَّانِي فِي قَوْلِهِ، وَالصَّبِيُّ، وَالثَّالِثُ فِي قَوْلِهِ الْمَجْنُونُ، وَالرَّابِعُ فِي قَوْلِهِ إلَيَّ حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ وَلَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَفِي إجَازَةِ أَفْعَالِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ وَرَدَّهَا قَوْلَانِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُ قَوْلُ مَالِكٍ (ص) وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى دُخُولُ زَوْجٍ وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا (ش) ، أَيْ: فَيُزَادُ مَا ذُكِرَ عَلَى مَا مَرَّ

ــ

[حاشية العدوي]

وَخَادِمِهَا فَتُعْطَى لَهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَحْسَنَتْ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً دُفِعَتْ نَفَقَتُهَا لِسَيِّدِهَا، وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ بَلْ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا أُخِذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ نَفَقَةٌ لِأَحَدٍ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، أَيْ: وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ فِي مَالٍ لَا فِي طَلَاقٍ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي لَا أَنْ يَتَصَادَقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ.

(قَوْلُهُ: وَتَصَرُّفُهُ) ، أَيْ: إذَا كَانَ الْأَبُ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَبْلُ (فَائِدَةٌ) الْحَجْرُ عَلَى مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا يَكُونُ مِنْ الْحَاكِمِ، وَأَمَّا عَلَى الصَّبِيِّ، أَوْ مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَمِنْ الْأَبِ فَالْحَاجِرُ فِي الْأَوَّلِ الْحَاكِمُ وَفِي الثَّانِي الْوَلِيُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُنُونَ تَارَةً يَطْرَأُ عَلَى بَالِغٍ رَشِيدٍ وَتَارَةً عَلَى بَالِغٍ سَفِيهٍ فَإِنْ طَرَأَ عَلَى بَالِغٍ رَشِيدٍ فَإِنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْحَاكِمِ فَإِذَا زَالَ جُنُونُهُ عَادَ لِحَالَتِهِ الْأُولَى وَهِيَ الرُّشْدُ وَإِذَا طَرَأَ عَلَى سَفِيهٍ فَالْحَجْرُ لِوَلِيِّهِ مُسْتَمِرٌّ فَإِذَا زَالَ الْجُنُونُ عَادَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَمَا كَانَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إلَّا أَنْ يَزُولَ جُنُونُهُ وَقَدْ بَلَغَ رَشِيدًا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ) أَيْ وَلَهُمَا الْعَكْسُ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مَنْصُوصَانِ لَا مُخْرَجَانِ (قَوْلُهُ: الْمَعْلُومُ السَّفَهِ) أَفَادَ كَلَامُهُ هَذَا أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ، أَيْ: الشَّخْصُ الذَّكَرُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْمَعْلُومُ السَّفَهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مُحْتَرَزٌ) هَذَا لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْآتِيَ فِي الْأُنْثَى الَّتِي لَهَا وَلِيٌّ مُحْتَرَزُ مَا هُنَا لَا وَلِيَّ لَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَتَقَدَّمَ مُحْتَرَزُ الثَّانِي (قَوْلُهُ:، وَالثَّالِثُ فِي قَوْلِهِ الْمَجْنُونُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ حَجْرَ مَالٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حَجْرُ النَّفْسِ فَبِمُجَرَّدِ الْإِفَاقَةِ يَنْفَكُّ عَنْهُ حَجْرُ الْجُنُونِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ وَيَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ حَجْرِ صِبًا، أَوْ سَفَهٍ إنْ كَانَ وَيَنْفَكُّ عَنْهُ ذَلِكَ بِمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: دُخُولُ زَوْجٍ بِهَا) ، أَيْ: مُجَرَّدُ دُخُولِ الزَّوْجِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَهِيَ عَلَى السَّفَهِ وَلَوْ عُلِمَ رُشْدُهَا (قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إلَى حِفْظِ مَال ذِي الْأَبِ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُ الشَّارِحِ، أَيْ: فَيُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ إلَخْ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْعُدُولِ، وَلَا يُكْتَفَى بِسُؤَالِ الْجِيرَانِ غَيْرَ أَنَّ عج أَفَادَ نَقْلًا عَنْ عِيَاضٍ الْمُرَادُ بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا أَنَّهَا لَا تُعْرَفُ بِسَفَهٍ.

(أَقُولُ) فَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ إلَى حِفْظِ

<<  <  ج: ص:  >  >>