للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِزَوْجِهَا كَضَمَانِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَعَلَيْهِ فَهُوَ يَحْجُرُهَا عَنْ كَفَالَتِهَا لَهُ وَهَذَا فِي كَفَالَةِ الْمَالِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ، وَالطَّلَبُ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُمَا مُطْلَقًا.

(ص) وَفِي إقْرَاضِهَا قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا أَقْرَضَتْ مِنْ مَالِهَا مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا فَهَلْ لِزَوْجِهَا الْحُرِّ، أَوْ الْعَبْدِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ، أَوْ لَيْسَ لَهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ وَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ فِي إقْرَاضِهَا مُطَالَبَةً وَزَوْجُهَا يَتَضَرَّرُ بِدُخُولِهَا وَخُرُوجِهَا كَمَا أَنَّهَا فِي الْكَفَالَةِ مَطْلُوبَةٌ وَقَرْضُهَا كَهِبَتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْرُوفٌ، وَوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قَرْضَهَا كَبَيْعِهَا لِأَخْذِهَا عِوَضَهُ وَهُوَ جَائِزٌ لَهَا فَقَوْلُهُ إقْرَاضُهَا، أَيْ: دَفْعُهَا الْمَالَ قَرْضًا لَا قِرَاضًا وَإِقْرَاضُ الْمَرِيضِ مَرَضًا مَخُوفًا كَالزَّوْجَةِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ يَنْبَغِي (ص) وَهُوَ جَائِزٌ حَتَّى يَرُدَّ (ش) الضَّمِيرُ فِي وَهُوَ يَرْجِعُ لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَعْنِي أَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرْأَةِ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِهَا جَائِزٌ، أَيْ: مَاضٍ حَتَّى يَرُدَّ الزَّوْجُ جَمِيعَهُ، أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ مَرْدُودٌ حَتَّى يُجِيزَهُ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ لَوْ اخْتَلَفَتْ مَعَهُ فِي أَنَّهُ الثُّلُثُ، أَوْ أَكْثَرُ فَعَلَى الْمَشْهُورِ الْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَى الْآخَرِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ يَدِهَا أَمْ لَا وَمِنْ ثَمَرَتِهِ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُؤَلِّفُ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ بِقَوْلِهِ (ص) فَمَضَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ يَمْضِي حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِتَبَرُّعِهَا، أَوْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَقْضِ بِرَدٍّ، وَلَا إمْضَاءٍ حَتَّى طَلُقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا، أَوْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا مَقَالَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَلَا لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ وَسَكَتَ وَرَدَّ الزَّوْجُ رَدَّ إيقَافٍ عَلَى مَذْهَبِ الْكِتَابِ وَرَدَّ إبْطَالٍ عِنْدَ أَشْهَبَ، وَأَمَّا رَدُّ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ رَدُّ إيقَافٍ بِاتِّفَاقٍ وَرَدُّ الْوَلِيِّ لِأَفْعَالِ مَحْجُورِهِ رَدُّ إبْطَالٍ بِاتِّفَاقٍ أَيْضًا

(ص) كَعِتْقِ الْعَبْدِ (ش) هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَالتَّشْبِيهُ فِي الْمُضِيِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى أَعْتَقَهُ وَهُوَ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ صَحَّ عِتْقُهُ وَمَضَى وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ رَدُّهُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَفْعَالَ الْعَبْدِ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يَرُدَّهَا السَّيِّدُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى مَفْعُولِهِ بَعْدَ حَذْفِ فَاعِلِهِ وَهُوَ السَّيِّدُ، وَالْمَعْنَى كَعِتْقِ السَّيِّدِ الْعَبْدَ بَعْدَ أَنْ تَبَرَّعَ بِتَبَرُّعَاتٍ مِنْ عِتْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ سَيِّدُهُ، أَوْ عَلِمَ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِرَدٍّ، وَلَا إجَازَةٍ حَتَّى أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ، وَالْمَالُ بِيَدِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّ تَبَرُّعَاتِهِ تَمْضِي

(ص) وَوَفَاءُ الدَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ إذَا تَبَرَّعَ بِتَبَرُّعَاتٍ مِنْ عِتْقٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَرُدَّهَا الْغُرَمَاءُ، أَوْ رَدُّوهَا وَبَقِيَتْ بِيَدِهِ حَتَّى أَوْفَاهُمْ دُيُونَهُمْ فَإِنَّ أَفْعَالَهُ مَاضِيَةٌ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ

(ص) وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا تَبَرَّعَتْ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً أَيْ وَلَهُ إمْضَاءُ الْجَمِيعِ وَلَهُ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ إذْ الْحَقُّ لَهُ إلَّا فِي الْعِتْقِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا لِئَلَّا يُعْتِقَ الْمَالِكُ بَعْضَ عَبْدِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِكْمَالِهِ، وَانْظُرْ قَوْلَهُ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ مَعَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي دَعْوَى الْأَبِ إعَارَةَ ابْنَتِهِ بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الِابْنَةُ فَفِي ثُلُثِهَا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ كَلَامٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْوَجْهُ، وَالطَّلَبُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ، أَوْ الْوَجْهِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) زَوْجًا، أَوْ غَيْرَهُ، الثُّلُثَ، أَوْ دُونَهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي إقْرَاضِهَا قَوْلَانِ) الْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ مَلِيئًا مَعْلُومًا بِالْأَمَانَةِ وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْخُرُوجِ، وَالتَّرَدُّدِ لِلطَّلَبِ مُنْتَفِيَةٌ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا، أَوْ مِنْ أَهْلِ اللَّدَدِ فَلَهُ الْمَنْعُ وَهُوَ تَوْجِيهٌ ظَاهِرٌ لِمَنْ أَنْصَفَ (قَوْلُهُ: وَفِي إقْرَاضِهَا إلَخْ) ، وَأَمَّا دَفْعُهَا مَالَهَا قِرَاضًا لِعَامِلٍ فَلَيْسَ فِيهِ الْقَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَقَرْضِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " أَنَّ فِي إقْرَاضِهَا " وَكَأَنَّهُ قَالَ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ قَرْضَهَا كَهِبَتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْرُوفٌ فَهَذَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ يُعَلَّلُ بِالْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: جَائِزٌ) ، أَيْ: مَاضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا ابْتِدَاءٌ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَشْهُورِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّنَا إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ التَّبَرُّعِ فَدَعْوَاهَا الثُّلُثَ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَقُبِلَتْ؛ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِبُطْلَانِ التَّبَرُّعِ فَدَعْوَاهَا الثُّلُثَ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ مُنَافٍ لِذَلِكَ فَلَمْ تُقْبَلْ فَإِنْ قُلْت: الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الرِّجَالَ لَمَّا كَانُوا قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ رُجِّحَ دَعْوَاهُمْ (قَوْلُهُ: فَمَضَى إلَخْ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَلَهُ إنْ رَشَدَ أَنَّ الْفِعْلَ وَقَعَ فِيهِ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ لِصِغَرِهِ، أَوْ سَفَهِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِصِفَةِ الرُّشْدِ، وَمِثْلُهَا فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورُ الْعَبْدُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَعِتْقِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَأَيَّمَتْ) ، أَيْ: بِطَلَاقٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ، وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً فَهِيَ زَوْجَةٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَوْ قَالَ، أَوْ مَاتَتْ لَكَفَى لِدُخُولِ مَوْتِ الزَّوْجِ فِي قَوْلِهِ تَأَيَّمَتْ.

(قَوْلُهُ: وَرَدَّ الزَّوْجُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الرِّسَالَةِ

أَبْطِلْ صَنِيعَ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ ... بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ

وَأَوْقِفَنْ رَدَّ الْغَرِيمِ وَاخْتُلِفْ ... فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ أُلِفْ

الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى اُخْتُلِفَ فِي رَدِّ الزَّوْجِ تَبَرُّعَ زَوْجَتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ هَلْ هُوَ رَدُّ إيقَافٍ أَوْ رَدُّ إبْطَالٍ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ إذَا بَقِيَ بِيَدِهَا مَا وَقَعَ فِيهِ الرَّدُّ مِنْ الزَّوْجِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ فَعَلَى أَنَّهُ رَدُّ إيقَافٍ يَلْزَمُهَا إمْضَاؤُهُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ أُلِفْ، أَيْ: إنَّ الْقَاضِيَ إذَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ مِمَّنْ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرَّدِّ وَيُعْطَى حُكْمَ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ فَتَارَةً يَكُونُ رَدُّهُ رَدَّ إيقَافٍ وَتَارَةً رَدَّ إبْطَالٍ وَتَارَةً يُخْتَلَفُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: كَعِتْقِ الْعَبْدِ) ظَاهِرُهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ) ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا؛ لِأَنَّ رَدَّ الْجَمِيعِ مُعَامَلَةٌ لَهَا بِنَقِيضِ قَصْدِهَا أَوْ؛ لِأَنَّهَا كَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا) ، أَيْ: بَلْ يَرُدُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>