وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَهُ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ قَطَعَ الْمُنَازَعَةَ كَمَا هُوَ مَعْنَاهُ لُغَةً فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ مَنْدُوبٌ وَحَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نْتِقَالٌ عَنْ حَقٍّ أَوْ دَعْوَى بِعِوَضٍ لِرَفْعِ نِزَاعٍ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ فَقَوْلُهُ انْتِقَالٌ عَنْ حَقٍّ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِقْرَارُ وَالثَّانِي صُلْحُ الْإِنْكَارِ وَبِعِوَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِانْتِقَالٍ يَخْرُجُ بِهِ الِانْتِقَالُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَقَوْلُهُ لِرَفْعِ نِزَاعٍ يَخْرُجُ بِهِ بَيْعُ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ يَدْخُلُ فِيهِ الصُّلْحُ يَكُونُ عَنْ إقْرَارٍ وَإِنْكَارٍ لِصِدْقِ الْحَدِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ قُلْت السُّكُوتُ إذَا وَقَعَ فِيهِ الصُّلْحُ أَيَكُونُ الرَّسْمُ فِيهِ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ لِأَنَّهُ صُلْحٌ أَمْ لَا قُلْت قَالُوا حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ. ثُمَّ قَسَّمَ الصُّلْحَ إلَى بَيْعٍ وَإِلَى إجَارَةٍ وَإِلَى هِبَةٍ بِقَوْلِهِ (بَابٌ) الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى فِيهِ إمَّا بَيْعٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهُ أَوْ إجَارَةٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهَا لِأَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إمَّا مَنَافِعُ أَوْ ذَوَاتٌ فَالذَّوَاتُ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَرْضٍ أَوْ بِحَيَوَانٍ أَوْ بِطَعَامٍ فَأَقَرَّ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ بِهِمَا نَقْدًا أَوْ عَلَى عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مُخَالِفٍ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ وَهَذَا مُعَاوَضَةٌ اتِّفَاقًا إذْ هُوَ كَبَيْعِ عَرْضٍ بِنَقْدٍ أَوْ بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ فَلَوْ اخْتَلَّ شَرْطُ الْبَيْعِ كَمَنْ صَالَحَ عَنْ سِلْعَتِهِ بِثَوْبٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَهَبَهَا وَلَا يَبِيعَهَا وَكَمُصَالَحَتِهِ عَلَى مَجْهُولٍ أَوْ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَالْمَنَافِعُ كَمَا إذَا صَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى دَارٍ أَوْ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَبِعِبَارَةٍ الصُّلْحُ أَيْ عَلَى إقْرَارٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ السُّكُوتِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى) أَيْ فِيهِ أَوْ بِهِ فَحُذِفَ الْجَارُ وَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ (قَوْلُهُ أَوْ إجَارَةٌ) إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مَنْفَعَةً وَصُورَتُهَا أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَيْسَ دَيْنًا بَلْ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ كَثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عَبْدٍ كَذَلِكَ فَيُصَالِحُ فِي ذَلِكَ بِمَنَافِعَ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً مَعَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ وَإِلَّا اُمْتُنِعَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا تَعْيِينُ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) الظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ وَقَوْلُهُ أَوْ السُّكُوتِ مَعْطُوفٌ عَلَى دَيْنٍ وَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلٌ لَهُ وَتَبْيِينٌ لِشُرُوطِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute