فِي دُبُرِ أَوْ قُبُلِ غَيْرِ خُنْثَى وَلَوْ مِنْ بَهِيمَةٍ مَاتَتْ عَلَى مَنْ هِيَ مِنْهُ أَوْ غَابَتْ فِيهِ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ ذَاهِبًا عَقْلُهُ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: غَيْرِ خُنْثَى قَيْدٌ فِي الْقُبُلِ لَا فِي الدُّبُرِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ اسْتِثْنَاءَ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَنَّ تَخْرِيجَهُمَا حَشَفَتَهُ وَفَرْجَهُ عَلَى الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ إغَابَتِهَا مِنْهُ أَوْ فِيهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَنِيٍّ (ش) أَيْ يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِسَبَبِ خُرُوجِ أَيْ انْفِصَالِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَوْ لَمْ تُقَارِنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ بِالْإِحْسَاسِ وَلَيْسَتْ كَالرَّجُلِ لِأَنَّ عَادَتَهُ يَنْعَكِسُ إلَى دَاخِلِ الرَّحِمِ لِيَتَخَلَّقَ مِنْهُ الْوَلَدُ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا بَاءُ الْآلَةِ وَلَا بَاءُ الْمُصَاحَبَةِ وَلَا بَاءُ الْمُلَابَسَةِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى.
وَمَا قَالَهُ سَنَدٌ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَخِلَافُ ظَاهِرِ أَقْوَالِهِمْ أَيْ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِهِ انْفِصَالُهُ عَنْ مَقَرِّهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يُعَدُّ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ خَارِجًا وَذَلِكَ بِانْفِصَالِهِ عَنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَبِإِحْسَاسِ الْمَرْأَةِ بِانْفِصَالِهِ إلَى دَاخِلٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ إذَا الْتَذَّتْ فِي الْيَقَظَةِ أَمَّا إذَا الْتَذَّتْ فِي النَّوْمِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا حَتَّى يَبْرُزَ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ثُمَّ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلِلْمَنِيِّ تَدَفُّقٌ وَرَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ عَجِينٍ هُنَا لِتَكُونَ الْعَلَامَةُ وَإِلَيْهِ لِصَاحِبِهَا إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ الْمُوجِبَاتِ عَلَى حِدَةٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ ثُمَّ يَتَخَلَّصُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا (ص) ، وَإِنْ بِنَوْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ فِي حَالَةِ النَّوْمِ، فَإِنْ حَصَلَتْ اللَّذَّةُ فِي النَّوْمِ وَخَرَجَ الْمَنِيُّ مَعَهَا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَإِنْ حَصَلَتْ اللَّذَّةُ فِي النَّوْمِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، فَإِنْ خَرَجَ الْمَنِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الْوُجُوبُ، فَإِنْ وَجَدَ الْمَنِيَّ وَلَمْ يَذَّكَّرْ أَنَّهُ احْتَلَمَ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ قَوْلَانِ كَمَا نَقَلَهُمَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فِي دُبُرٍ) بِالتَّنْوِينِ أَيِّ دُبُرٍ كَانَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ الدُّبُرُ أَوْ الْقُبُلُ مِنْ بَهِيمَةٍ مَاتَتْ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ بَهِيمَةٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ مِنْ بَهِيمَةٍ هَذَا إذَا كَانَتْ حَيَّةً بَلْ وَلَوْ مَاتَتْ وَقَوْلُهُ: غَيْرَ خُنْثَى سَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِدُخُولِ الذَّكَرِ فِي فَرْجِ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ هِيَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَتَقْدِيرُهُ وَهُوَ مُوجِبٌ أَيْ الْمَغِيبُ مُوجِبٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ مَغِيبٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ تَصْدِيقًا وَالتَّعْرِيفُ تَصَوُّرٌ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ التَّعْرِيفِ أَوْ نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَكِنْ نَقُولُ تَصْدِيقٌ لَمْ يُقْصَدْ لِذَاتِهِ بَلْ قُصِدَ مِنْهُ التَّصَوُّرُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ هِيَ إلَخْ) أَيْ عَلَى إنْسَانٍ الْحَشَفَةُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَابَتْ فِيهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى هِيَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكْرَهًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا ذُكِرَ مِنْ الَّذِي هِيَ مِنْهُ أَوْ غَابَتْ فِيهِ مُكْرَهًا أَوْ ذَاهِبًا عَقْلُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ إغَابَتِهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا حَشَفَةَ الْخُنْثَى لِقَوْلِهِ أَوْ فِيهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: جَمِيعِ ظَاهِرِ إلَخْ) وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا الْمُضَافِ بِإِضَافَةِ ظَاهِرِ إلَى الِاسْمِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى الِاسْمِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُفِيدُ الْعُمُومَ فَشَمِلَ أَصَابِعَ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأَرْجَحِ كَأَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَخْلِيلُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَمْ يَأْخُذْ الْعُمُومَ مِنْ أَلْ فِي الْجَسَدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ لَا الِاسْتِغْرَاقِ وَمَعْنَى الْعَهْدِ غَيْرُ مُرَادٍ وَلَيْسَ مِنْ الظَّاهِرِ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْعَيْنِ، وَأَمَّا فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَمِنْهُ وَأَمَّا التَّكَامِيشُ الَّتِي فِي الدُّبُرِ، فَإِنَّهَا مِنْ الظَّاهِرِ هُنَا فَيَجِبُ عَلَى الْمُغْتَسِلِ أَنْ يَسْتَرْخِيَ (قَوْلُهُ: انْفِصَالُهُ) أَيْ انْفِصَالُهُ عَنْ مَحَلِّهِ، وَإِنْ رُبِطَ بِقَصَبَةِ الذَّكَرِ أَوْ تَعَسَّرَ بِكَحَصًى، وَأَمَّا إنْ وَصَلَ لِلْقَصَبَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِأَنْ انْقَطَعَ بِنَفْسِهِ فَلَا جَنَابَةَ قَالَهُ الْحَطَّابُ.
(قَوْلُهُ: بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ) وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَادَتَهُ إلَخْ) وَكَوْنُهَا تُحْمَلُ أَوْ لَا تُحْمَلُ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: لَا بَاءُ الْآلَةِ) ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بَاءُ الْمُلَابَسَةِ إلَخْ) الْمُصَاحَبَةُ تُفِيدُ الِاقْتِرَانَ بِأَنْ يَكُونَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مُقَارِنًا لِلْغُسْلِ بِخِلَافِ الْمُلَابَسَةِ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ لِتَحَقُّقِهَا وَلَوْ بَعْدَ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْمَعْنَى) ؛ لِأَنَّ الْمَنِيَّ لَيْسَ آلَةً وَلَا مُصَاحِبَةً لِلْغُسْلِ وَلَا مُلَابِسًا (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ سَنَدٌ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَخِلَافُ ظَاهِرِ أَقْوَالِهِمْ) أَيْ، فَإِنَّ ظَاهِرَ أَقْوَالِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بُرُوزُهُ إلَى خَارِجِ الْفَرْجِ وَلَا يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ الْإِحْسَاسُ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ كَلَامُ سَنَدٍ ظَاهِرٌ نَقُولُ مَعْنَاهُ ظَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَيْ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ عِلَّتُهُ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَشْهُورَ لَا وَجْهَ لَهُ حَيْثُ كَانَ يُسَلِّمُ عِلَّةَ سَنَدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عِلَّةُ سَنَدٍ فَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِهِ إلَخْ) هَذَا آتٍ عَلَى كَلَامِ سَنَدٍ وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ أَنَّهَا إذَا حَمَلَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ إلَّا وَقَدْ انْفَصَلَ مِنْهَا عَنْ مَحَلِّهِ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا عَلَى قَوْلِ سَنَدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ أَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ مَا خَرَجَ لِتَخَلُّقِ الْوَلَدِ مِنْهُ أَوْ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْخَارِجِ لَوْلَا الْحَمْلُ فَأَوْجَبَ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ كَتَحَقُّقِهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا الْمَاءُ إلَخْ) أَيْ إنَّمَا الْغُسْلُ بِالْمَاءِ مِنْ أَجْلِ الْمَاءِ أَيْ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ الْمَنِيُّ وَلَمْ يَذَّكَّرْ أَنَّهُ احْتَلَمَ) فَحِينَئِذٍ مَنْ رَأَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ فِي نَوْمٍ بِلَدْغَةِ عَقْرَبٍ أَوْ حَكٍّ لِجَرَبٍ وَنَزَلَ الْمَنِيُّ، فَإِنَّهُ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي النَّوْمِ وُجُودُ لَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ انْتَهَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ رَأَى فِي نَوْمِهِ أَنَّهُ لُدِغَ أَوْ حَكَّ لِجَرَبٍ أَوْ ضُرِبَ فَأَمْنَى يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ خِلَافًا لِلْحَطَّابِ وَالتَّتَّائِيِّ وَكَذَلِكَ إنْ رَأَى مَنِيًّا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا رَآهُ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ لُدِغَ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ ضُرِبَ فَلَمْ يَتَنَبَّهْ مِنْ نَوْمِهِ، وَإِنَّمَا أَشْعَرَ بِذَلِكَ كَالْحُلْمِ وَخَرَجَ مَنِيُّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ الضَّرْبَةِ وَاللَّدْغَةِ (قَوْلُهُ: فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْوُجُوبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute