أَدَّى عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا إذَا غَرِمَ لِغَيْبَةِ غَرِيمِهِ أَوْ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ أَثْبَتَ مَوْتَهُ أَوْ عُدْمَهُ قَبْلَ الْغُرْمِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ كَمَا فِي الطِّخِّيخِيِّ وَمَنْ قَصَرَهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ خَاصَّةً فَقُصُورٌ مِنْهُ (ص) وَبِالطَّلَبِ وَإِنْ فِي قِصَاصٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى بِالْوَجْهِ وَعَامِلُهُ صَحَّ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّفْتِيشِ عَلَى الْغَرِيمِ مِنْ غَيْرِ إتْيَانٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) كَأَنَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ أَوْ اشْتَرَطَ نَفْيَ الْمَالِ أَوْ قَالَ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهُهُ (ش) إلَى أَنَّ ضَمَانَ الطَّلَبِ يَكُونُ إمَّا بِلَفْظٍ وَإِمَّا بِصِيغَةِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَاشْتَرَطَ نَفْيَ الْمَالِ بِالتَّصْرِيحِ كَأَضْمَنُ وَجْهَهُ وَلَيْسَ عَلَيَّ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَلَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مِنْ بَابِ التَّعْرِيفِ بِالْمِثَالِ وَيَصِحُّ ضَمَانُ الطَّلَبِ وَلَوْ فِي الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ فِي قِصَاصٍ وَنَحْوِهِ مِنْ حُدُودٍ وَتَعْزِيرَاتٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِآدَمِيٍّ إذْ لِلطَّالِبِ إسْقَاطُ حَقِّهِ مِنْهُ جُمْلَةً بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُتْرَكَ بِحَمِيلٍ وَالْحُكْمُ أَنْ يُسْجَنَ حَتَّى يُقَامَ الْحَدُّ عَلَيْهِ. (ص) وَطَلَبَهُ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ (ش) طَلَبَهُ فِعْلٌ مَاضٍ فَاعِلُهُ الْكَفِيلُ اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ وَحَيْثُ تَوَجَّهَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَهُ فِي الْبَلَدِ وَفِيمَا قَرُبَ وَإِنْ عَرَفَ مَكَانَهُ فَقِيلَ يَطْلُبُهُ عَلَى مَسَافَةِ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَقِيلَ يَطْلُبُهُ وَإِنْ بَعُدَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ وَقِيلَ عَلَى مَسَافَةِ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْتَبَرُ فِي هَذَا مَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَيَكْلَفُهُ وَمَا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَلَا يَكْلَفُهُ اهـ.
وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ إذَا عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَأَنَّهُ يَتَّفِقُ فِي حَالِ جَهْلِ مَوْضِعِهِ عَلَى أَنَّهُ يَطْلُبُهُ فِي الْبَلَدِ وَفِيمَا قَرُبَ مِنْهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوَافِقُ مَا ذُكِرَ حَيْثُ عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَلِابْنِ عَرَفَةَ كَلَامٌ يُخَالِفُ ذَلِكَ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ.
(ص) وَحَلَفَ مَا قَصَّرَ وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ أَوْ هَرَّبَهُ وَعُوقِبَ. (ش) الْمُتَيْطِيُّ إنْ خَرَجَ لِطَلَبِهِ ثُمَّ قَدِمَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ يُشَدَّدُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ تَقْصِيرٌ وَعَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ بَرِئَ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَذْهَبُ فِيهَا إلَى الْمَوَاضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَرْجِعُ وَغَايَةُ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا قَصَّرَ فِي طَلَبِهِ وَلَا دَلَّسَ وَلَا يَعْرِفُ لَهُ مُسْتَقَرًّا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْأَجِيرِ عَلَى تَبْلِيغِ الْكِتَابِ اهـ.
وَأَمَّا إنْ وَجَدَهُ وَتَرَكَهُ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ رَبُّهُ مِنْ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ أَوْ هَرَّبَهُ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ رَبُّهُ مِنْ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ وَقَوْلُهُ وَعُوقِبَ أَيْ مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ وَهَذَا فِي نَوْعٍ آخَرَ مِنْ التَّفْرِيطِ مُغَايِرٌ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ وَفِي غَيْرِهِ مَسْأَلَةُ التَّهْرِيبِ فَلَيْسَ بِرَاجِعٍ لَهُمَا كَمَا إذَا أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ لَهُ لِكَوْنِهِ فِي بَلَدٍ عَيَّنَهَا لَهُ فَخَرَجَ الْغَرِيمُ لِبَلَدٍ أُخْرَى فَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْغُرْمِ هُوَ مَا يُقَيِّدُهُ النَّقْلُ وَبِعِبَارَةٍ وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ هَرَّبَهُ أَيْ بِالْفِعْلِ وَهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ وَقَوْلُهُ وَعُوقِبَ أَيْ إذَا اُتُّهِمَ عَلَى أَنَّهُ فَرَّطَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا عُوقِبَ لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لِأَنَّ التَّفْرِيطَ فِي التَّفْتِيشِ حَتَّى تَلِفَ مَالُ الْغَيْرِ مَعْصِيَةٌ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَعُزِّرَ الْإِمَامُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ.
(ص) وَحَمَلَ فِي مُطْلَقِ أَنَا حَمِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ أَذِينٌ وَقَبِيلٌ وَعِنْدِي وَإِلَيَّ وَشِبْهُهُ عَلَى الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إتْيَانٍ) الْحَاصِلُ أَنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِالْغَرِيمِ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَفْتِيشٌ وَأَمَّا ضَمَانُ الطَّلَبِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّفْتِيشِ عَلَيْهِ وَإِخْبَارِهِ بِمَحَلِّهِ وَيَغْرَمُ فِي الْأَوَّلِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِحْضَارِ وَفِي الثَّانِي إنْ فَرَّطَ أَوْ هَرَّبَهُ فَقَطْ كَذَا فِي ك وَفِي تت أَنَّ ضَمَانَ الطَّلَبِ يُشَارِكُ ضَمَانَ الْوَجْهِ فِي لُزُومِ الْإِحْضَارِ وَيَخْتَصُّ الْوَجْهُ بِالْغُرْمِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ تَفْرِيطٌ بِخِلَافِ الطَّلَبِ لَا يَغْرَمُ إلَّا إذَا حَصَلَ تَفْرِيطٌ أَوْ تَهْرِيبٌ (قَوْلُهُ كَأَنَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ) أَيْ أَوْ عَلَى أَنْ أَطْلُبُهُ أَوْ لَا أَضْمَنُ إلَّا الطَّلَبَ (قَوْلُهُ فِي قِصَاصٍ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ وَحَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ بِتَفْرِيطِهِ الْمُوجِبِ لِلْغُرْمِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْقِصَاصِ دِيَةَ الْعَمْدِ وَمُفَادُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَ. (قَوْلُهُ وَحَيْثُ تَوَجَّهَ) أَيْ وَالْمَكَانُ الَّذِي تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ) وَالتَّفَاحُشُ وَعَدَمُهُ بِالْعُرْفِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَهْرٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى مَسَافَةِ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ) أَيْ لَا أَزْيَدُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَخَالَفَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَوْ كَانَ أَزِيدَ حَيْثُ كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوَافِقُ مَا ذُكِرَ) أَيْ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْأَخِيرِ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَلِابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) أَيْ فَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَنَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إنَّمَا عَلَيْهِ إنْ غَابَ مِنْ مَوْضِعِهِ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهِ إنْ قَرُبَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ إنْ كَانَ بَعِيدًا أَوْ جُهِلَ مَوْضِعُهُ اهـ.
وَمُفَادُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْقُرْبَ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُهُمْ.
(قَوْلُهُ مِثْلُ قَوْلِهِ) أَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَبْلِيغِ الْكِتَابِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يَبْلُغُ فِيهِ الْكِتَابُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ وَجَدَهُ وَتَرَكَهُ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ إنْ فَرَّطَ (قَوْلُهُ وَعُوقِبَ) أَيْ بِالسِّجْنِ بِقَدْرِ مَا يَرَى السُّلْطَانُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَمَرَهُ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ مُلَاقَاتِهِ وَكَانَ يُمْكِنُ الْمُصَنِّفُ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ هَرَّبَهُ بِقَوْلِهِ إنْ فَرَّطَ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذَا لِلْفِيشِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْفِيشِيِّ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَرَتُّبُ الْعِقَابِ بِمُجَرَّدِ الِاتِّهَامِ لِأَنَّ ارْتِكَابَ الْمَعْصِيَةِ لَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الِاتِّهَامِ.
(قَوْلُهُ زَعِيمٌ) مِنْ الزَّعَامَةِ وَهِيَ السِّيَادَةُ فَكَأَنَّهُ لَمَّا تَكَفَّلَ بِهِ صَارَ لَهُ عَلَيْهِ سِيَادَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ أَذِينٌ مِنْ الْإِذْنِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَعْلَمُ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي جِهَتِهِ أَوْ مِنْ الْإِذَانَةِ وَهِيَ الْإِيجَابُ لِأَنَّ الضَّامِنَ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَزِمَهُ وَقَبِيلٌ مِنْ الْقَبَالَةِ وَهِيَ الْحِفْظُ وَلِذَا سُمِّيَ الصَّكُّ قَبَالًا لِأَنَّهُ يَحْفَظُ الْحَقَّ