للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِلتَّقْيِيدِ بِمَقْصُورَةٍ

(ص) وَجَازَ وَانْقُدْ عَنِّي إنْ لَمْ يَقُلْ وَأَبِيعُهَا لَك (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ اشْتَرِ السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ وَانْقُدْ عَنِّي مَا يَخُصُّنِي فِي ثَمَنِهَا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ أَحَدُهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ سَلَفُهُ الثَّمَنَ مَعَ تَوَلِّي الْبَيْعِ عَنْهُ إنْ لَمْ يَقُلْ الْمَنْقُودُ عَنْهُ وَأَنَا أَتَوَلَّى بَيْعَ حِصَّتِك أَيْ أَجْعَلُ سِمْسَارًا فِي نَصِيبِك فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مُنِعَ لِوُجُودِ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ فَالسَّلَفُ نَقْدُهُ عَنْهُ وَالزِّيَادَةُ انْتِفَاعٌ بِبَيْعِ الْآخَرِ عَنْهُ وَمِثْلُ قَوْلِهِ وَأَنَا أَبِيعُهَا لَك وَأَنَا أُوجِرُهَا لَك وَنَحْوُهُ لِوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ السَّلَفُ بِنَفْعٍ قَوْلُهُ أَبِيعُهَا خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَأَنَا أَبِيعُهَا لَك وَاللَّامُ فِي لَك بِمَعْنَى عَنْ أَيْ أَتَوَلَّى بَيْعَهَا عَنْك أَيْ أَكُونُ سِمْسَارًا عَنْك فِي نَصِيبِك (ص) وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ عَدَمَ حَبْسِ مَنْ نَقَدَ ثَمَنَ السِّلْعَةِ حَتَّى يَقْبِضَ مَا نَقَدَهُ عَنْ صَاحِبِهِ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فَوَكَالَةٌ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ص) إلَّا أَنْ يَقُولَ وَاحْبِسْهَا فَكَالرَّهْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ اُنْقُدْ عَنِّي وَاحْبِسْ السِّلْعَةَ إلَى أَنْ تَقْبِضَ ثَمَنَهَا مِنِّي فَإِنَّ لَهُ حَبْسَهَا حِينَئِذٍ وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ أَيْ يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ وَقَوْلُهُ فَكَالرَّهْنِ أَيْ الصَّرِيحِ فَلَا حَاجَةَ إلَى بِنَائِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِافْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَّفْظِ مُصَرَّحٌ بِهِ

(ص) وَإِنْ أَسَلَفَ غَيْرَ الْمُشْتَرِي جَازَ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِآخَرَ اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ لِي وَلَك وَأَنَا أُسْلِفُك مَا يَخُصُّك فِي ثَمَنِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَهُ خِبْرَةٌ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَبَصِيرَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَتَوَلَّ الْبَيْعَ رُبَّمَا أَسَلَفَ الَّذِي تَوَلَّى الْبَيْعَ لِأَجْلِ خِبْرَتِهِ بِالتِّجَارَةِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ وَجَاهَتَهُ فَإِنْ قُلْت لَوْ قَالَ الْآمِرَ بَدَلَ قَوْلِهِ غَيْرَ الْمُشْتَرِي لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ فَالْجَوَابُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَعَمُّ إذْ يَشْمَلُ الْآمِرَ وَالْأَجْنَبِيَّ وَمَعْنَى عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا كَانَ السَّلَفُ مِنْ غَيْرِ الْآمِرِ مَعَ أَنَّ النَّفْعَ لَيْسَ لِلْمُسْلِفِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ صَدِيقًا لِلْمُسْلِفِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ النَّفْعُ لِلشَّرِيكِ نَفْعًا لَهُ قَوْلُهُ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي قِيلَ الْمَوْضِعُ لِلضَّمِيرِ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ الْمُشْتَرِي لَا لِلظَّاهِرِ فَلِمَ أَتَى بِالظَّاهِرِ وَلَمْ يَقُلْ إلَّا لِكَبَصِيرَتِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالضَّمِيرِ لَتُوُهِّمَ عَوْدُهُ عَلَى الْمُضَافِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُضَافِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥] .

(ص) وَأُجْبِرَ عَلَيْهَا إنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِسُوقِهِ لَا لِكَسَفَرٍ وَقِنْيَةٍ وَغَيْرُهُ حَاضِرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تُجَّارِهِ وَهَلْ وَفِي الزُّقَاقِ لَا كَبَيْتِهِ قَوْلَانِ. (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرِكَةِ الْجَبْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ سُوقِهَا طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لِلتِّجَارَةِ وَالْحَالُ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ تُجَّارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ حَاضِرٌ لِشِرَائِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْحَاضِرُ السَّاكِتُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ السُّوقِ الَّذِي بِيعَتْ فِيهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَأَرَادَ ذَلِكَ الْحَاضِرُ الدُّخُولَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُشْرِكَ غَيْرَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يُوضَعُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَفْعَلَ رِفْقًا بِأَهْلِ السُّوقِ فَإِنْ اشْتَرَاهَا فِي غَيْبَتِهِ أَوْ زَايَدَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا شَرِكَةَ حِينَئِذٍ فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْمُشَارَكَةَ وَأَبَى غَيْرُهُ أَنْ يُشَارِكَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى مَنْ أَبَى الشَّرِكَةَ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ إذَا ظَهَرَتْ الْخَسَارَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِأَجْلِ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَلَوْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ اشْتَرَاهُ لِأَجْلِ الْقِنْيَةِ فَإِنَّهُ لَا شَرِكَةَ لِأَحَدٍ مَعَهُ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ وَمَا يُشْتَرَى لِإِقْرَاءِ الضَّيْفِ وَلِلْعُرْسِ كَمَا يُشْتَرَى لِلْقِنْيَةِ إذَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ

ــ

[حاشية العدوي]

لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِيهِ بُعْدٌ

(قَوْلُهُ وَجَازَ وَانْقُدْ عَنِّي) لَوْ حَذَفَ وَجَازَ وَيَكُونُ هَذَا مَعْطُوفًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ كَانَتْ السِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيْعُ حَظِّ الْمُسْلِفِ مِنْ السِّلْعَةِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا وَعَلَيْهِ مَا أَسْلَفَهُ نَقْدًا وَلَوْ شَرَطَ تَأْجِيلَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ فِي بَيْعِ نِصْفِ السِّلْعَةِ وَلَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ لَأَمْسَكَ الْمُسَلِّفُ عَنْ النَّقْدِ.

(قَوْلُهُ صَدِيقًا لِلْمُسْلِفِ) الْحَاصِلُ أَنَّ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ إنْ قَصَدَ نَفْعَ الْآمِرِ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالْمَأْمُورِ مُنِعَ فَإِنْ قَصَدَ نَفْعَ الْمَأْمُورِ فَقَطْ جَازَ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ يَعُودُ الضَّمِيرُ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥] بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ) أَيْ اللَّحْمَ وَأَمَّا الْخِنْزِيرُ فَهُوَ حَيٌّ طَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ لَا لِكَسَفَرٍ إلَخْ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ بَلْدَةً قَرِيبَةً لَا يُسَمَّى السَّيْرُ لَهَا سَفَرًا عُرْفًا فَلَوْ كَانَ مِنْ مِصْرَ لِبُولَاقَ لَمْ يَكُنْ سَفَرًا لَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ) أَيْ وَنَصَّ عَلَيْهِ الدَّمِيرِيُّ وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ دَاوُد مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَالظَّاهِرُ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَارِحُنَا وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تُجَّارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) أَيْ لِكَثْرَةِ مَا اشْتَرَاهُ لِلْقِنْيَةِ بِدَعْوَاهُ أَوْ يَتْرُكَ السَّفَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ظَاهِرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>