كَوْنُهُمَا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَوْضِعٍ عَلَى حِدَةٍ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا وَتَكُونُ أَيْدِيهِمَا تَجُولُ بِالْعَمَلِ فِي الْحَانُوتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْمَكَانِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ بِمَكَانَيْنِ كَذَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْمَكَانِ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِمَا مَرَّ.
وَلَمَّا كَانَ مَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ إنَّمَا هُوَ فِي صَنْعَةٍ لَا آلَةَ فِيهَا أَوْ فِيهَا وَلَا قَدْرَ لَهَا كَالْخِيَاطَةِ ذَكَرَ مَا إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ لِآلَةٍ كَالصِّيَاغَةِ وَالنِّجَارَةِ وَالصَّيْدِ فَيُزَادُ اشْتِرَاطُ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْآلَةِ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ فَقَالَ (ص) وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلِّ آلَةٍ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا أَخْرَجَ هَذَا آلَةً وَهَذَا آلَةً تُسَاوِيهَا لِيَعْمَلَا بِذَلِكَ عَلَى التَّعَاوُنِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهِمَا إمَّا بِمِلْكٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ مِنْ غَيْرِهِمَا لِيَصِيرَ ضَمَانُهُمَا مِنْهُمَا مَعًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ بَعْضٌ آخَرُ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ كُلَّهَا مِنْ عِنْدِهِ وَأَجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ أَوْ أَخْرَجَ هَذَا آلَةً وَأَخْرَجَ الْآخَرُ آلَةً وَآجَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ الْآخَرِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكِهِمَا لَهَا مِلْكًا وَاحِدًا بِشِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ مِنْ غَيْرِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ وَحَذَفَ التَّأْوِيلَيْنِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْآخَرِ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ وَاسْتِئْجَارُ كُلٍّ مِنْ الْآخَرِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَأَجَرَ نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ وَقَدْ عَزَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ لِلْغَيْرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا آلَةً وَاسْتَأْجَرَ مِنْهُ الْآخَرُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ وَالتَّعْلِيلُ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِي التَّقْرِيرِ تَبَعًا لِبَعْضٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً مَعَ أَنَّ صَاحِبَ هَذَا التَّأْوِيلِ يَقُولُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَكُونُ الشَّرِكَةُ مَاضِيَةً فَعَلَى هَذَا هُوَ شَرْطٌ فِي جَوَازِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَيْ وَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً مِنْ مِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ (ص) كَطَبِيبَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْجَوَازِ أَيْ فِي جَوَازِ الصَّنْعَةِ الْمُتَّحِدَةِ بِأَنْ كَانَ
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَكَانَانِ بِسُوقٍ أَوْ بِسُوقَيْنِ نِفَاقُهُمَا وَاحِدٌ وَتَجُولُ أَيْدِيهِمَا بِالْعَمَلِ فِي الْمَكَانَيْنِ جَمِيعًا أَوْ يَجْتَمِعَانِ بِمَكَانٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَخْذِ الْأَعْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً مِنْ الْعَمَلِ يَذْهَبُ بِهَا لِحَانُوتِهِ يَعْمَلُ فِيهِ لِرِفْقِهِ بِهِ لِسِعَتِهِ أَوْ قُرْبِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ عج وَقَدْ تَبِعَهُ عب وَنَقَلَهُ عج عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا بِسُوقٍ وَاحِدٍ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا وَلَا إجَالَةُ يَدَيْهِمَا فِي الْحَانُوتَيْنِ وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ السُّوقُ وَاحِدًا وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ رَأَيْت مُحَشِّيَ تت قَالَ مَا نَصَّهُ عِيَاضٌ تَأَوَّلَ شَيْخُنَا مَا وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ جَوَازِ الِافْتِرَاقِ أَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَأَنَّ نِفَاقَ صَنْعَتِهِمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءٌ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ وِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى فَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا كُلِّهِ حَيْثُ كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ فِي صَنْعَةِ أَيْدِيهِمَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِإِخْرَاجِ الْمَالِ أَوْ احْتَاجَا لَهُ وَصَنْعَتُهُمَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ دُونَهُ فَإِنْ كَانَتْ صَنْعَةُ أَيْدِيهِمَا لَا قَدْرَ لَهَا وَالْمَقْصُودُ التَّجْرُ جَازَ كَوْنُهُمَا بِمَكَانَيْنِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ اتِّحَادِ نِفَاقِهِمَا (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا وَتَكُونُ أَيْدِيهِمَا تَجُولُ فِي الْحَانُوتَيْنِ.
(قَوْلُهُ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ) هَذَا الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَكَافَأَتْ قِيمَتُهُمَا وَبَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ أَوْ لَا بُدَّ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَعَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لَوْ وَقَعَ مَضَى وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَمَّا بِمِلْكٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءٍ) أَيْ بِأَنْ يَشْتَرِيَاهَا مَعًا أَوْ يَبِيعَ مَالِكُ كُلِّ آلَةٍ نِصْفَهَا لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ لِيَصِيرَ ضَمَانُهَا مِنْهَا مَعًا) أَيْ ثُبُوتًا أَوْ نَفْيًا فَالثُّبُوتُ إذَا كَانَا فِي مِلْكِهِمَا وَعَدَمُهُ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْآلَةَ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ) فِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ صَاحِبِهِ وَمُسْتَأْجِرُ نِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ لَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ وَإِنَّمَا الْجَوَازُ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَظَهَرَ أَنَّ الْأَوْلَى مِنْ هَاتَيْنِ هِيَ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا وَإِنَّمَا قَرَّرَ بِهَا بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَتَبِعَهُ تت تَبَعًا لِلْمُؤَلِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ الْوَاقِعُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَازِ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا بِنِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ وَلَا قَوْلَانِ نَعَمْ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَنْعُ لِلْعُتْبِيَّةِ فَهِيَ ذَاتُ خِلَافٍ لَا تَأْوِيلَيْنِ وَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا الْجَوَازُ فَتَدَبَّرْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً لَيْسَ فِيهَا إلَّا تَأْوِيلَانِ وَلَيْسَ فِيهَا قَوْلَانِ وَأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا بِنِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ لَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ وَلَا قَوْلَانِ وَإِنَّمَا فِيهَا الْمَنْعُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَسْأَلَةُ مَا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا قَوْلَانِ وَلَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ وَحَذَفَ التَّأْوِيلَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ إنَّمَا هُوَ تَأْوِيلَانِ فَقَطْ وَأَقُولُ بَلْ قَوْلُهُ أَوْ لَا بُدَّ مَحْذُوفٌ أَيْضًا مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَلَك أَنْ تَرْبِطَ قَوْلَهُ أَوْ لَا بُدَّ إلَخْ بِالْأَوَّلِ وَيَكُونُ فِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِلْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِيَصِيرَ ضَمَانُهُمَا وَاحِدًا وَالْمُرَادُ التَّعْلِيلُ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْمُقَابِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute