للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْجَارِ بِأَنْ يَأْذَنَ لِجَارِهِ فِي الدُّخُولِ لِدَارِهِ لِأَجْلِ إصْلَاحِ جِدَارٍ أَوْ غَرْزِ خَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَإِذَا سَقَطَتْ لَك ثَوْبٌ فِي دَارِ جَارِك فَإِنَّهُ يُقْضَى لَك بِالدُّخُولِ لِأَخْذِهَا إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا لَك فَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ أَيْ نَحْوِ الْجِدَارِ كَخَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِ الْإِصْلَاحِ كَثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ وَهَذَا أَحْسَنُ

(ص) وَبِقِسْمَتِهِ إنْ طُلِبَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِدَارَ الْمُشْتَرَكَ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قِسْمَتَهُ أَيْ بِالْقُرْعَةِ وَأَبَى الْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ يُمْكِنُ قَسْمُهُ بِلَا إضْرَارٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا جُذُوعٌ عَلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَلِلْآخَرِ جُذُوعٌ عَلَيْهِ مِنْ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُمَا يَتَقَاوَيَانِهِ كَاَلَّذِي لَا يُقْسَمُ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَمَنْ صَارَ لَهُ اخْتَصَّ بِهِ وَقَوْلُهُ (ص) لَا بِطُولِهِ عَرْضًا (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِقِسْمَتِهِ طُولًا لَا بِقِسْمَتِهِ عَرْضًا أَيْ يُقْضَى بِقِسْمَتِهِ طُولًا لَا بِقِسْمَتِهِ عَرْضًا وَقَوْلُهُ وَعَرْضًا تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمَفْعُولِ وَأَصْلُهُ لَا بِقِسْمَةِ عَرْضِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: ١٢] أَيْ وَفَجَّرْنَا عُيُونَ الْأَرْضِ أَيْ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ مَنْسُوبًا لِطُولِهِ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ طُولُهُ مَنْسُوبًا لِعَرْضِهِ أَيْ لَا يُجْعَلُ عَرْضُهُ مُنْقَسِمًا مَعَ طُولِهِ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ كُلُّ جِهَةٍ بِعَرْضِهَا وَطُولِهَا أَيْ لَا يُقْسَمُ طُولًا وَيَكُونُ الْعَرْضُ مُنَصَّفًا بَيْنَهُمَا وَالْمُرَادُ بِطُولِهِ امْتِدَادُهُ جَارِيًا مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ مَثَلًا لَا ارْتِفَاعُهُ وَالْمُرَادُ بِعَرْضِهِ ثِخَنُهُ بِأَنْ يُشَقَّ نِصْفُهُ

(ص) وَبِإِعَادَةِ السَّاتِرِ لِغَيْرِهِ إنْ هَدَمَهُ ضَرَرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ لَهُ جِدَارٌ خَاصٌّ بِهِ سَاتِرٌ عَلَى غَيْرِهِ فَهَدَمَهُ صَاحِبُهُ ضَرَرًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِإِعَادَتِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى جَارِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مُقَابِلَ قَوْلِهِ ضَرَرًا بِقَوْلِهِ (ص) لَا لِإِصْلَاحٍ أَوْ هَدْمٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا هَدَمَ جِدَارَ نَفْسِهِ لِأَجْلِ إصْلَاحِهِ أَيْ لِوَجْهِ مَصْلَحَةٍ كَخَوْفِ سُقُوطِهِ أَوْ لِشَيْءِ لَهُ تَحْتَهُ أَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَهْدِمَهُ أَحَدٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يُعِيدَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِلْجَارِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك إنْ شِئْت وَبِعِبَارَةٍ لَا لِإِصْلَاحِ عَطْفٌ عَلَى ضَرَرًا وَهَذَا وَمَا يَلِيهِ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ مَا مَرَّ وَلَوْ قَيَّدَهُ لَكَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

فَهُوَ كَإِذْنِهِمَا لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِمَا أَنْ يَقُولَا نَحْنُ إنَّمَا سَكَتْنَا لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ مِنَّا أَوْ لَا بِالْمَنْعِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ يَشْمَلُهُمَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا، السَّابِعَةُ أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَيَمْنَعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ قَبْلَ اشْتِرَائِهِ مَا يَعْمُرُ بِهِ فَإِنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ عِمَارَتِهِ بَعْدَ مَنْعِهِمَا ابْتِدَاءً أَوْ اسْتِمْرَارِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ مَا يَعْمُرُ بِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَنْعِهِمَا لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ.

(قَوْلُهُ فِي دُخُولِ جَارِهِ) أَيْ أَوْ إجْرَاءٍ أَوْ بِنَائَيْنِ فَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ أَيْ نَحْوِ الْجِدَارِ هَذَا يُفِيدُ تَسَلُّطَ إصْلَاحٍ عَلَى الْخَشَبَةِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَوْ غَرْزِ خَشَبَةٍ يُنَافِيهِ حَيْثُ عَطَفَهُ عَلَى الْإِصْلَاحِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ) دُخُولُ دَارِ الْجَارِ وَضَرُورَةُ الْإِصْلَاحِ وَدُخُولُ دَارِ الْجَارِ أَخَفُّ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَحْسَنُ) أَيْ لِعُمُومِهِ وَشُمُولِهِ مَا ذُكِرَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ لِتَفَقُّدِ جِدَارِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ فُتُوحٍ وَقَالَ الشَّارِحُ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ مِنْ إدْخَالِ الْجِصِّ وَالطِّينِ وَيَفْتَحَ فِي حَائِطِهِ كُوَّةً لِأَخْذِ ذَلِكَ فَإِذَا تَمَّ الْعَمَلُ سَدَّ تِلْكَ الْكَوَّةَ وَحَصَّنَهَا.

(قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا جُذُوعٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّ أَحَدَهُمَا وَاضِعٌ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ مِنْ جِهَتِهِ وَلَوْ فِي طُولِ الْحَائِطِ بِتَمَامِهَا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ) فَالْمُقَدَّرُ هُوَ مَجْمُوعُ قِسْمَتِهِ طُولًا وَإِلَّا فَبِقِسْمَتِهِ مَذْكُورًا وَالْمَعْطُوفُ هُوَ بِقِسْمَتِهِ عَرْضًا فَالْمَعْطُوفُ أَيْضًا مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ مَنْسُوبًا لِطُولِهِ) لَمَّا كَانَتْ النِّسْبَةُ تَحْتَمِلُ نِسْبَةَ الِاصْطِحَابِ وَتَحْتَمِلُ نِسْبَةَ الِاسْتِعْلَاءِ أَوْ الظَّرْفِيَّةِ فَسَّرَ الْمُرَادَ بِأَنَّ الْقَصْدَ نِسْبَةُ الِاصْطِحَابِ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَجْعَلُ عَرْضَهُ مُنْقَسِمًا مَعَ طُولِهِ أَيْ مَعَ بَقَاءِ طُولِهِ أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ طُولُهُ مَنْسُوبًا لِعَرْضِهِ أَيْ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ مَعَ بَقَاءِ طُولِهِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ كُلُّ جِهَةٍ أَيْ تَمْيِيزُ كُلِّ جِهَةٍ بِعَرْضِهَا وَطُولِهَا نَظَرَ هُنَا لِكُلِّ طُولٍ عَلَى حِدَةٍ وَقَوْلُهُ أَيْ لَا يُقْسَمُ طُولًا وَيَكُونُ الْعَرْضُ إلَخْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَنْفِيَّ قِسْمَتُهُ طُولًا مَعَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ إنَّمَا هُوَ قِسْمَتُهُ عَرْضًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِعَرْضِهِ ثِخَنُهُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَرْضُ وَلَوْ أَبْقَى الْعَرْضَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمَا ضَرَّ لِأَنَّ الطُّولَ إذَا كَانَ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ فَيَكُونُ الْعَرْضُ مِنْ الشِّمَالِ لِلْجَنُوبِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِهَذَا التَّكَلُّفِ فَلَوْ جَعَلَ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمًا وَأَصْلُ الْمَتْنِ وَبِقِسْمَتِهِ بِطُولِهِ لَا بِعَرْضِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَفِي س وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيُقْسَمُ طُولُهُ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِسْمَةِ إمَّا بِالطُّولِ أَوْ الْعَرْضِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَعْلِيمٍ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا يُقْسَمُ عَرْضًا إذَا كَانَ الْقَسْمُ بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يُقْضَى بِهِ وَلَمْ يَدْخُلَا عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ نَصِيبُهُ فِي نَاحِيَةِ صَاحِبِهِ حَمَلَ لَهُ جُذُوعَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ لِأَحَدِهِمَا الْجِهَةُ الَّتِي تَلِي الْآخَرَ فَيَفُوتُ الْمُرَادُ مِنْ الْقِسْمَةِ وَأَمَّا بِالتَّرَاضِي فَيَجُوزُ إذَا تَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْخُذُ مَا فِي جِهَتِهِ وَأَمَّا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَا فِي جِهَةِ صَاحِبِهِ فَلَا لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ بِبَيْعٍ وَشَرْطُ الْبَيْعِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ وَكَذَا يَجُوزُ إذَا كَانَ بِالْقُرْعَةِ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَتْ حِصَّتُهُ فِي جِهَةِ صَاحِبِهِ حَمَلَ لَهُ جُذُوعَهُ.

(قَوْلُهُ أَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ بِنَفْسِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يُقْرَأَ: هَدَمَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ بِمَعْنَى انْهَدَمَ وَإِلَّا فَقِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ تَقْتَضِي أَنَّ رَبَّهُ هَدَمَهُ مَعَ أَنَّهُ إذَا هَدَمَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِإِعَادَتِهِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرَرِ مَا يَشْمَلُ قَصْدَهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ هَدَمَهُ عَبَثًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لِإِصْلَاحٍ أَوْ هُدِمَ ثُمَّ إنَّهُ يُقْرَأُ هَدَمَ فِعْلًا مَعْطُوفًا عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا إنْ هَدَمَهُ لِإِصْلَاحٍ أَوْ هُدِمَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَيَّدَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَعَجَزَ عَنْ إعَادَتِهِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ تَقْيِيدَ الْعُتْبِيَّةِ فِي الْإِصْلَاحِ وَالْهَدْمِ ضَرَرًا مَعَ أَنَّهُ فِي الْإِصْلَاحِ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ مَا عِنْدَ إلَخْ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>