قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ الرِّضَا بِمَا فَعَلَهُ وَكِيلُ وَكِيلِهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ الرِّضَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ بِتَعَدِّيهِ يَصِيرُ الثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ دَيْنًا فَيَفْسَخُهُ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ وَهُوَ سَلَمُ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّلَمُ قَدْ حَلَّ وَقَبَضَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الدِّينِ بِالدَّيْنِ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ كَانَ التَّعَدِّي فِي سَلَمٍ وَدَفَعَ الثَّمَنَ وَغَابَ وَكَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ مِنْ الْوَكِيلِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا أَوْ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ حَصَلَ قَبْضٌ مِنْ الْوَكِيلِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَوَجْهُ التَّأْوِيلِ بِالْجَوَازِ فِي مَوْضُوعِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ لَمْ تَقَعْ فِيمَا أَمَرَ بِهِ الْمُوَكِّلُ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ فِي التَّعَدِّي فِي الْوَكَالَةِ وَوَجْهُ مُقَابِلُهُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ الْوَاقِعَةَ فِي وُقُوعِ السَّلَمِ مِنْ غَيْرِ الْوَكِيلِ بِمَنْزِلَةِ الْمُخَالَفَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمُسْلِمِ فِيهِ.
(ص) وَرِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ بِمُسَمَّاهُ (ش) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَرِضَاهُ عُطِفَ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ مَنَعَ وَبِمُخَالَفَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِرِضَاهُ وَبِمُسَمَّاهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُخَالَفَتِهِ فَالْمُخَالَفَةُ هُنَا فِي الْمُسَمَّى أَيْ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَلَيْسَ بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ إنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ هُنَاكَ فِي الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا مَعًا فِي السَّلَمِ الثَّانِي انْتَهَى وَالْبَاءُ فِي بِمُسَمَّاهُ لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ وَمَنْعُ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِمُخَالَفَةِ وَكِيلِهِ فِي الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا دَفَعَ لِآخَرَ دَرَاهِمَ لِيُسَلِّمَهَا فِي ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ مَثَلًا فَأَسْلَمَ فِي الثَّوْبِ الْمَذْكُورَ لَكِنْ زَادَ فِي الثَّمَنِ مَا لَا يُزَادُ عَلَى مِثْلِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِهِ وَتَعْلِيلُ الْمَنْعِ وَالتَّقْيِيدِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ إلَخْ يُقَالُ هُنَا.
(ص) أَوْ بِدَيْنٍ إنْ فَاتَ وَبِيعَ فَإِنَّ وَفَّى بِالْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ وَإِلَّا غَرِمَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِمُسَمَّاهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا نَقْدًا أَوْ قَالَ بِعْهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا وَكَانَ شَأْنُهَا أَنَّهَا لَا تُبَاعُ إلَّا بِالنَّقْدِ فَخَالَفَ الْوَكِيلُ وَبَاعَهَا فِي الصُّورَتَيْنِ بِالدَّيْنِ أَوْ فَاتَتْ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِهَذَا الدَّيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ التَّسْمِيَةُ إنْ كَانَ سَمَّى لَهُ أَوْ الْقِيمَةُ إنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ فَرَضَاهُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَزِمَ مِنْهُ بَيْعٌ قَلِيلٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ وَهُوَ عَيْنُ الرِّبَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ لَا يَمْتَنِعُ الرِّضَا بِفِعْلِ الْوَكِيلِ بَلْ الْمُوَكِّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ فِعْلَ الْوَكِيلِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ لِأَجْلِهِ وَكَأَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ مِنْهُ لِأَجْلِهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَيَأْخُذُ سِلْعَتَهُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالنَّقْدِ.
وَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُبَاعَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ وَحِينَئِذٍ لَا كَلَامَ لِلْمُوَكِّلِ وَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَيَغْرَمُ الْوَكِيلُ تَمَامَ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ وَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لِلْمُوَكِّلِ إذْ لَا رِبْحَ لِلْمُتَعَدِّي وَهُوَ الْوَكِيلُ قَوْلُهُ أَوْ بِدَيْنٍ أَيْ غَيْرِ طَعَامٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ أَوْ بِدَيْنٍ صِفَتُهُ مَحْذُوفَةٌ أَيْ بَاعَ بِهِ قَوْلُهُ إنْ فَاتَ أَيْ الْمَبِيعُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ أَيْ إنْ فَاتَ الْمَبِيعُ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ وَمَحَلُّ مَنْعِ الرِّضَا بِالدَّيْنِ مَعَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ عَشْرَةً أَوْ قَالَ لَهُ بِعْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّلَمُ قَدْ حَلَّ وَقَبَضَ) الظَّاهِرُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ فِي الطَّعَامِ وَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ فَيَكْفِي فِيهِ الْحُلُولُ كَمَا يَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ التَّعَدِّي فِي سَلَمٍ) أَمَّا فِي غَيْرِ السَّلَمِ أَوْ فِيهِ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَ قَائِمًا وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ حَصَلَ قَبْضٌ مِنْ الْوَكِيلِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا) أَيْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَبِمُسَمَّاهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي وَهُوَ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي سَلَمٍ مَعْنَاهُ فِي رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ وَقَوْلُهُ إنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ مِنْ إقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ هُنَاكَ إلَخْ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَكْسُ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا مَعًا) أَيْ مَسْأَلَةِ الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَالْمُخَالَفَةِ فِي الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الَّتِي هِيَ الْأُولَى لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ كَوْنِ الزِّيَادَةِ كَثِيرَةً لَا يُزَادُ مِثْلُهَا كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ كَثِيرًا وَتَفْرِيقُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُشْكِلٌ فَلَوْ جَمَعَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ اسْتَغْنَى بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَشْمَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالتَّقْيِيدِ الْمُتَقَدِّمِ) هُوَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ فَهُوَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَالتَّقْيِيدُ الْمُتَقَدِّمُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ قَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ وَكَانَ الثَّمَنُ الْمَدْفُوعُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَفَاتَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَفَّى) صَادِقٌ بِمَا إذَا سَاوَى أَوْ زَادَ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ أَيْ أَخَذَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَكُونُ كَلَامُهُ مُفِيدًا لِكَوْنِ الزَّائِدِ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى بِمُسَمَّاهُ) وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ بِمُخَالَفَتِهِ.
(قَوْلُهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ) هَذَا يَأْتِي فِيمَا إذَا بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً وَفِيمَا إذَا بِيعَ بِالْجِنْسِ وَكَانَ أَكْثَرَ فَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْتِفَاتٌ إلَى الثَّانِي إشَارَةً إلَى أَنَّهُ كَمَا فِيهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فِيهِ بَيْعٌ قَلِيلٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَأَمَّا بِغَيْرِ الْجِنْسِ فَقَدْ قُلْنَا يَمْتَنِعُ وَلَوْ تَفَاضَلَ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ إلَّا فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَيُجِيزُ تَعَدِّيَهُ كَمَا فِي بَهْرَامَ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ إلَخْ) بِشُرُوطِ أَنْ يَكُونَ أَزْيَدَ مِنْ التَّسْمِيَةِ حَيْثُ سَمَّى أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ أَيْ أَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى لِأَنَّ الرِّضَا بِذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ أَيْضًا وَإِنَّمَا كَانَ يُبَاعُ الدَّيْنُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ بِالتَّسْمِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute