لَوْ أَسْقَطَهُ لَاحْتَمَلَ رُجُوعَ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى الْأُولَى عَلَى تَقْدِيرِ رُجُوعِهِ لَهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّ شَخْصًا دَفَعَ لِآخَرَ شَيْئًا وَادَّعَى الْمَدْفُوعُ لَهُ أَنَّهُ دَفَعَهُ ثَمَنًا لِسِلْعَةٍ يَشْتَرِيهَا وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ وَادَّعَى الدَّافِعُ أَنَّهُ دَفَعَهُ وَدِيعَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ قَوْلِ الْمَدْفُوعِ لَهُ.
(ص) كَقَوْلِهِ أَمَرْت بِبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ وَأَشْبَهَتْ وَقُلْت بِأَكْثَرَ وَفَاتَ الْمَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَلَمْ تَحْلِفْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَعْنَى أَنَّك إذَا أَمَرْته بِبَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا وَأَشْبَهَتْ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا لِذَلِكَ الْمَبِيعِ وَقُلْت أَنْتِ مَا أَمَرْتُك أَنْ تَبِيعَهَا إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبِيعَ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بِزَوَالِ عَيْنِهِ لِأَنَّ الْفَوَاتَ هُنَا كَالِاسْتِحْقَاقِ لَا تَفُوتُ السِّلْعَةُ إلَّا بِزَوَالِ عَيْنِهَا فَلَا تَفُوتُ بِعِتْقٍ وَلَا بِهِبَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ تَحْلِفْ أَنْتَ يَا مُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ أَيْضًا وَيَبْرَأُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَمَّا إنْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ فَمَنْ أَحَبَّ إخْرَاجَهَا عَنْ مِلْكِهِ فَهُوَ مُدَّعٍ وَرَبُّ السِّلْعَةِ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَأَشْبَهَتْ فِعْلٌ مُسْنَدٌ إلَى ضَمِيرِ الْغَائِبَةِ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مُسْنَدًا لِلْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ وَقُلْت بِأَكْثَرَ أَيْ وَأَشْبَهَتْ الْعَشَرَةُ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا لِلسِّلْعَةِ
(ص) وَإِنْ وَكَّلْته عَلَى أَخْذِ جَارِيَةٍ فَبَعَثَ بِهَا فَوُطِئَتْ ثُمَّ قَدِمَ بِأُخْرَى وَقَالَ هَذِهِ لَك وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَحَلَفَ أَخَذَهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِكَوَلَدٍ أَوْ تَدْبِيرٍ إلَّا لِبَيِّنَةٍ وَلَزِمْتُك الْأُخْرَى (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَكَّلَ شَخْصًا عَلَى شِرَاءِ جَارِيَةٍ فَاشْتَرَاهَا وَبَعَثَ بِهَا إلَى مُوَكِّلِهِ فَوَطِئَهَا الْمُوَكِّلُ ثُمَّ قَدِمَ الْوَكِيلُ بِجَارِيَةٍ أُخْرَى فَقَالَ هَذِهِ لَك وَالْجَارِيَةُ الْأُولَى وَدِيعَةٌ عِنْدَك فَإِنْ كَانَ لَمْ يُبَيِّنْ حِينَ أَرْسَلَ الْجَارِيَةَ أَيْ لَمْ يَقُلْ هِيَ وَدِيعَةٌ وَلَا غَيْرَهَا فَإِنْ حَلَفَ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ أَخَذَهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَ الْآمِرِ بِوَلَدٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا حِينَئِذٍ وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّانِيَةَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْأُولَى وَدِيعَةٌ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَلَوْ فَاتَتْ بِمَا ذَكَرَ وَلَزِمْتُك يَا مُوَكِّلُ الْجَارِيَةَ الثَّانِيَةَ وَيَلْزَمُك أَيْضًا قِيمَةُ الْوَلَدِ إنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ وَهُوَ حُرٌّ نَسِيبٌ لِلشُّبْهَةِ فَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَيْ حِينَ الْإِرْسَالِ أَنَّ هَذِهِ وَدِيعَةٌ وَمِثْلُهُ مَا إذَا بَيَّنَ لِلرَّسُولِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا بَيَّنَ فَإِنَّ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَيْهِ مُعْتَرَضٌ فَقَوْلُهُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا مُعْتَرَضًا وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَصِحُّ) أَيْ لَا يَعْقِلُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى الْأُولَى عَلَى تَقْدِيرِ رُجُوعِهَا) وَأَمَّا إذَا فُسِّرَتْ بِالْمُنَازَعَةِ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَعَدَمِ الْإِذْنِ رَأْسًا فَلَا يَعْقِلُ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لَهُ (قَوْلُهُ وَفَاتَ الْمَبِيعُ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَزِمَ الْوَكِيلُ الْغُرْمَ (قَوْلُهُ وَفَاتَ الْمَبِيعُ) أَيْ تَحَقَّقَ فَوْتُهُ فَإِنْ جَهِلَ وَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا مِنْ قَوْلِ مُشْتَرِيهِ أَحْلِفُ إنْ حَقَّقَ رَبُّهَا أَنَّهُ جَحَدَهُ فَإِنْ اتَّهَمَهُ فَعَلَى أَيْمَانِ التُّهَمِ فَإِنْ حَلَفَ مَعَ تَحَقُّقِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْفَوَاتِ وَكَذَا إنْ اتَّهَمَهُ حَيْثُ كَانَ مُتَّهَمًا وَإِلَّا قَبِلَ قَوْلَهُ بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ فِيمَا يَحْلِفُ فِيهِ عَمِلَ بِقَوْلِ مُنَازِعِهِ مِنْ مُوَكِّلِهِ أَوْ وَكِيلِهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ فِي الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ حَلِفِهِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي مُنَازَعَةِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ فِي الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ وَأَشْبَهَتْ) إسْنَادُ الشَّبَهِ لَلْعَشْرَةِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ أَيْ أَشْبَهَ الْوَكِيلُ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُوَكِّلَ أَمْ لَا وَمَفْهُومُهُ لَوْ أَشْبَهَ الْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَكِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَيَغْرَمُ مَا ادَّعَاهُ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَفُتْ) وَلَا يُرَاعَى فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ شَبَهٌ وَلَا عَدَمُهُ
(قَوْلُهُ فَبَعَثَ بِهَا) أَيْ بِجَارِيَةٍ غَيْرِ الْمُوَكَّلِ فِيهَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ (قَوْلُهُ فَوُطِئَتْ) أَخَذَهَا إنْ لَمْ تُوطَأْ حَيْثُ لَمْ تَفُتْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى فَاتَتْ بِكَوَلَدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا بَيَّنَ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) مَفْهُومُهُ لَوْ بَيَّنَ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَبَلَّغَهُ الرَّسُولُ أَخَذَهَا أَيْضًا بِغَيْرِ يَمِينٍ وُطِئَتْ أَمْ لَا وَكَذَا يَأْخُذُهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ تُوطَأْ (قَوْلُهُ تَفُوتُ بِكَوَلَدٍ) مَفْهُومُهُ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا كَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ) أَيْ أَشْهَدَهَا وَلَمْ يَنْسَهَا حَالَ الْإِرْسَالِ فَيَأْخُذُهَا وَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمُوَكِّلُ أَوْ أَوْلَدَهَا وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَعِبَارَةُ شب إلَّا لِبَيِّنَةٍ لِلْوَكِيلِ تَشْهَدُ بِمَا قَالَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا مُطْلَقًا بَيَّنَ أَمْ لَا لَكِنْ إنْ بَيَّنَ أَخَذَهَا وَوَلَدَهَا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَخَذَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ وَلَزِمْتُك الْأُخْرَى) أَيْ الثَّانِيَةُ حَيْثُ أَخَذَ الْوَكِيلُ الْأُولَى وَذَلِكَ فِيمَا إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً وَفِيمَا إذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً وَأَخَذَهَا أَمَّا بَعْدَ يَمِينِهِ أَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَأْخُذْ الْوَكِيلُ الْأُولَى فَالْمُوَكِّلُ مُخَيَّرٌ فِي الثَّانِيَةِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا مَعَ لُزُومِ الْأُولَى لَهُ ثُمَّ هَذَا أَيْ قَوْلُهُ وَلَزِمْتُك تَصْرِيحٌ بِمَا فَهِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِذَا قَبِلَ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَلْزَمُهُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّانِيَةَ) دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ وَالْمَعْنَى لَا نَقُولُ بِأَنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّانِيَةَ بَلْ تَبْقَى عِنْدَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُكْمَ أَنَّ الْأُولَى حَيْثُ فَاتَتْ وَلَمْ يُقِمْ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً فَإِنَّهَا تَكُونُ لَازِمَةً لِلْآمِرِ بِالثَّمَنِ وَيُخَيَّرُ فِي أَخْذِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْخُذْهَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ الثَّانِيَةَ تَلْزَمُ الْآمِرَ حَيْثُ فَاتَتْ الْأُولَى وَلَزِمَتْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute