الْعَبْدَ أَيْ الشَّخْصَ الْعَبْدَ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَغَيْرَ الْمُكَاتَبِ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِمَا يَتَرَتَّبْ بِهِ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ مِنْ نَفْسٍ أَوْ فَقْءِ عَيْنٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا إقْرَارُهُ بِالْمَالِ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْمَالَ لِلسَّيِّدِ أَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُمَا بِالْمَالِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا فِي يَدِ الْمَأْذُونِ مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْعَبْدَ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ مُغْنٍ عَنْهُ وَقَوْلُهُ (وَأَخْرَسْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْعَبْدِ وَشَبَّهَهُ بِمَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَسْلُوبَ الْعِبَارَةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ
(ص) وَمَرِيضٍ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ لِأَبْعَدَ أَوْ لِمُلَاطِفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي يَرِثُهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِرَجُلٍ بَعِيدٍ وَارِثٍ لَهُ كَعَمٍّ أَوْ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ إذْ لَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ أَبَوَيْنِ أَوْ زَوْجَةً أَوْ عَصَبَةً وَنَحْوَهُمْ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ وَقَوْلُهُ مَرِيضٍ أَيْ مَرَضًا مَخُوفًا وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَخْرَسَ أَوْ عَلَى الْمُكَلَّفِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي إقْرَارِ غَيْرِ الزَّوْجِ وَيَأْتِي إقْرَارُهُ لِزَوْجَتِهِ وَبِعِبَارَةِ قَوْلِهِ لِأَبْعَدَ أَيْ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ كَعَمٍّ أَقَرَّ لَهُ وَلَهُ بِنْتٌ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَيُمْنَعُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ عَكْسَ مَا هُنَا هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَلَدٌ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَرِثَهُ أَقْرَبُ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْمِيرَاثَ أَمْ لَا وَهَذَا فِي الْإِقْرَارِ لِأَبْعَدَ وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ (ص) أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ إذَا وَرِثَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ لِقَرِيبٍ لَا يَرِثُهُ كَخَالٍ وَلَا يُرِيدُ بِهِ الْأَجْنَبِيَّ لِأَنَّهُ يُوهِمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لَهُ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ مُطْلَقًا كَمَا أَشَارَ لَهُ ح فَإِنْ قُلْت لِمَ اُعْتُبِرَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْقَرِيبِ غَيْرِ الْوَارِثِ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَاعْتُبِرَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ الْأَبْعَدِ أَنْ يَرِثَهُ وَارِثٌ أَقْرَبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ قُلْت لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي الْأَوَّلِ أَقْوَى مِنْ التُّهْمَةِ فِي الثَّانِي (ص) أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ (ش) وَسَوَاءٌ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ يُوقِفَ لَهُ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ قَرِيبٌ أَوْ صَدِيقٌ مُلَاطِفٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لَهُ مِنْ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ إقْرَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ أَوْ يُوقَفْ لَهُ وَأَمَّا عَيْنُهُ فَمَعْلُومَةٌ كَقَوْلِهِ لِعَلِيٍّ أَوْ حَسَنٍ الَّذِي بِمَكَّةَ مَثَلًا وَلَا يَعْرِفُ فَهَذَا عَيْنُهُ مَعْلُومَةٌ حَيْثُ سَمَّاهُ لَكِنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ إلَخْ) فَإِذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَا يُؤْخَذُ الْمَسْرُوقُ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا لَهُ وَإِنَّ الْمَأْذُونَ حَيْثُ أَقَرَّ فَيُؤْخَذُ بِالْمَسْرُوقِ إنْ كَانَ قَائِمًا فَإِنْ أَتْلَفَهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا لَمْ يَتْبَعْ بِهِ (قَوْلُهُ مِمَّا فِي يَدِ الْمَأْذُونِ) وَمَا زَادَ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَفِي ذِمَّةِ الْمَأْذُونِ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ مُغْنٍ عَنْهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنْ تَقْيِيدَهُ بِغَيْرِ الْمَالِ يُفِيدُ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ كَمَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي غَيْرِ الْمَالِ يَصِحُّ فِي الْمَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْمَأْذُونِ بِاعْتِبَارِ غَيْرِ الْمَالِ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُشَبَّهِ بِهِ أَوْ مِنْ أَفْرَادِ الْمُمَثَّلِ بِهِ (قَوْلُهُ وَشَبَّهَهُ بِمَا قَبْلَهُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُكَلَّفُ هَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَالْعَبْدِ تَشْبِيهٌ أَيْ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمُشَبَّهِ مُشَبَّهٌ أَيْ مِنْ تَشْبِيهِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ.
(أَقُولُ) وَلَا دَاعِيَ لِذَلِكَ بَلْ يَجْعَلُ تَمْثِيلًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَبْدَ فِي إقْرَارِهِ بِالْجِنَايَاتِ لَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهَا فَصَدَقَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِإِقْرَارِهِ بِلَا حَجْرٍ وَكَذَا يَكْتَفِي بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنْ النَّاطِقِ
(قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ) ظَاهِرٌ فِي الْمُلَاطِفِ دُونَ الْبَعِيدِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ لِلْبَعِيدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَلَدٌ بِالنِّسْبَةِ لِإِقْرَارِهِ لِأَبْعَدَ فَقَطْ بَلْ الشَّرْطُ فِيهِ أَنْ يَرِثَهُ أَقْرَبُ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْمَالَ كَابْنِ عَمٍّ أَقْرَبَ لِابْنِ عَمٍّ أَبْعَدَ أَمْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّلَاثِ مَسَائِلَ الْآتِيَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ التُّهْمَةَ ضَعِيفَةٌ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِهَا فِيمَنْ لَمْ يَرِثْهُ كَخَالِهِ وَمُلَاطِفِهِ فَيُتَوَهَّمُ تَخْصِيصُهُمَا بِالْإِقْرَارِ لَهُمَا دُونَ عَمِّهِ فَلِذَا شَرَطَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لَهُمَا وَمِنْ بَعْدِهِمَا وُجُودَ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ بَطَلَ إقْرَارُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَكُونُ فِي الثُّلُثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَخْرَسَ) جَعَلَ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَالْعَبْدِ لِلتَّشْبِيهِ أَوْ التَّمْثِيلِ إلَّا إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُتَعَاطِفَاتِ بِالْوَاوِ يَكُونُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَالْأَوَّلُ هُنَا هُوَ الْعَبْدُ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ أَوْ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْبَيِّنِ إلَخْ) أَيْ لَا الْأَمْرَيْنِ مَعًا أَيْ اللَّذَيْنِ هُمَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ دُونَ مَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ الْعِبَارَةِ كَمَا قَرَّرْنَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ أَوْ لِمُلَاطِفِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ أَنَّهُ لِكَوْنِهِ مَحْرُومًا مِنْ الْإِرْثِ فَيُشْفِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ أَقَارِبِ الْأُمِّ بِالنَّظَرِ لِمَا مَثَّلَ بِهِ وَنَحْوُهُ فَيُعَمِّمُ إلَّا أَنَّ الْمِثَالَ لَا يُخَصِّصُ فَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ) فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ قَالَ فِي الشَّامِلِ أَنَّ أَصَحَّ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى أَنْ يُوقِفَ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهُ جَازَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ هَذَا إذَا اسْتَمَرَّ الْجَهْلُ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يَرِثَ الْمُقِرَّ وَلَدٌ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ يَبْطُلُ وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ حَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَارِثٌ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ صَدِيقٍ مُلَاطِفٍ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ لَهُ يَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَوْصَى إلَخْ) أَيْ بِأَنَّ لِفُلَانٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ تَصَدَّقُوا بِهَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا هِبَةٌ مِنِّي لَهُ بَلْ إقْرَارٌ بِحَقٍّ لَهُ تَعَلَّقَ بِجِهَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute