فَيَكُونُ لَهُ الْأَدْنَى
(ص) وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا كَغَيْرِهِ وَصَحَّ لَهُ الدَّارُ وَالْبَيْتُ لِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي يُسْتَثْنَى فِيهَا كَبَابِ الْعِتْقِ وَبَابِ الطَّلَاقِ وَبَابِ النَّذْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَصِحُّ بِشَرْطِ الِاتِّصَالِ إلَّا لِعَارِضٍ كَسُعَالٍ وَنَحْوِهِ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الِاسْتِغْرَاقِ كَلَكَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً فَيَلْزَمُهُ وَاحِدٌ وَكَمَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِأَدَوَاتِهِ يَصِحُّ بِالْعَيْنِ فَإِذَا قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَلِي هَذَا الْبَيْتُ فَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ أَوْ الْخَاتَمُ وَلِي الْفَصُّ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ بُيُوتُهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الْبَيْتَ فَإِنَّهُ يُعَيِّنُ وَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي قَوْلِهِ وَلَك أَحَدُ ثَوْبَيْنِ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا أَقَرَّ بِالدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ إلَّا رُبْعُهَا أَوْ إلَّا تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (ص) وَبِغَيْرِ الْجِنْسِ كَأَلْفٍ إلَّا عَبْدًا وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ صَحِيحٌ فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَبْدًا أَوْ إلَّا ثَوْبًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا صَحِيحًا وَكَانَ الْمَعْنَى لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا قِيمَةَ عَبْدٍ أَوْ إلَّا قِيمَةَ ثَوْبٍ وَتَسْقُطُ قِيمَةُ مَا ذَكَرَ مِنْ الشَّيْءِ الْمُقَرِّ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَسْتَغْرِقَهُ الْقِيمَةُ فَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ الْقِيمَةُ الْمُقَرَّ بِهِ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي عَبْدٌ إلَّا ثَوْبًا تُطْرَحُ قِيمَةُ الثَّوْبِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَيَطْرَحُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِصَرْفِهِمَا
(ص) وَإِنْ أَبْرَأ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ أَوْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ أَوْ أَبْرَأهُ بَرِئَ مُطْلَقًا وَمِنْ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَبْرَأ شَخْصًا مُعَيَّنًا مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ بَرَاءَةً مُطَلَّقَةً بِأَنْ قَالَ أَبْرَأَتْ ذِمَّةَ فُلَانٍ مِمَّا لِي قَبْلَهُ أَوْ قَالَ أَبْرَأْته مِنْ كُلِّ حَقٍّ أَوْ قَالَ أَبْرَأْته فَقَطْ وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ كُلِّ حَقٍّ فِي الذِّمَّةِ أَوْ تَحْتَ الْيَدِ مِنْ الْأَمَانَاتِ مَعْلُومَةً أَوْ مَجْهُولَةً وَيَبْرَأُ أَيْضًا مِنْ الْمُطَالَبَةِ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَرَاءَةُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَقْذُوفُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَيَبْرَأُ أَيْضًا مِنْ الْمُطَالَبِ بِالْمَالِ الْمَسْرُوقِ وَأَمَّا حَدُّ السَّرِقَةِ فَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُسْقِطَهُ مُطْلَقًا فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَبْرَأَ فُلَانًا أَيْ شَخْصًا مُعَيَّنًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَلَا كَقَوْلِهِ أَبْرَأْت شَخْصًا أَوْ رَجُلًا مِمَّا لِي قَبْلَهُ.
وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَبْرَأْت كُلَّ رَجُلٍ فَهُوَ مُعَيَّنٌ لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ مُعَيَّنٌ وَظَاهِرٌ قَوْلُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُصُومَةِ وَقَدْ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ وَمِنْ الْقَذْفِ إلَخْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبْرَأَ مِمَّا لَهُ لَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ.
(تَنْبِيهٌ) : لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُبْرِئَ عَنْ الْمَحْجُورِ الْبَرَاءَةَ الْعَامَّةَ وَإِنَّمَا يُبْرِئُ عَنْهُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ وَكَذَلِكَ الْمَحْجُورُ بِقُرْبِ رُشْدِهِ لَا يُبْرِئُ إلَّا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَلَا تَنْفَعُهُ الْمُبَارَأَةُ الْعَامَّةُ حَتَّى يَطُولَ رُشْدُهُ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَمِنْ هَذَا لَا يُبْرِئُ الْقَاضِي النَّاظِرَ فِي الْأَحْبَاسِ الْمُبَارَأَةَ الْعَامَّةَ وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَإِبْرَاؤُهُ عُمُومًا جَهْلٌ مِنْ الْقُضَاةِ.
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ الِاسْتِثْنَاءُ هُنَا إلَخْ) أَيْ فِي قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالنُّطْقِ بِهِ وَالِاتِّصَالِ إلَّا لِعَارِضٍ ضَرُورِيٍّ كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ تَثَاؤُبٍ وَأَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ أَوْ يُسَاوِيَ وَلَكِنْ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ يَكْفِي أَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَإِنْ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانٍ وَهُنَا لَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ (قَوْلُهُ يَصِحُّ بِالْعَيْنِ) أَيْ التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ الْجِنْسِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنًى مَا تَقَدَّمَ أَيْ صَحَّ بِغَيْرِ الْأَدَوَاتِ الْمَعْلُومَةِ وَبِغَيْرِ الْجِنْسِ وَالْبَاءِ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ وَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَلَبِّسًا بِغَيْرِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ يَوْمَ الِاسْتِثْنَاءِ وَيُبَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ اُذْكُرْ صِفَةَ الْعَبْدِ وَيُقَوَّمُ عَلَى الصُّفَّةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا فَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَسْقُطَ قِيمَةَ عَبْدٍ مِنْ أَعْلَى الْعَبِيدِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْمُحَقَّقِ وَهَذَا فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَكْسِهِ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ عَبْدٍ مِنْ أَدْنَى الْعَبِيدِ وَقَوْلُهُ وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ هَذَا فِي الْمُقَوَّمِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِثْلِيًّا سَقَطَ ثَمَنُهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْ الْقَمْحِ مَثَلًا فَيُقَالُ بِمَ تُبَاعُ الْعَشَرَةُ فَإِنْ قِيلَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أُسْقِطَتْ مِنْ الْأَلْفِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَبْرَأَ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ) وَإِنْ أَبْرَأهُ مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ لَا مِنْ الْأَمَانَةِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ دَيْنٌ فَيَبْرَأُ مِنْ الْأَمَانَةِ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونَ وَابْنُ رُشْدٍ وَعِنْدَ سَحْنُونَ أَنَّ عَلَيْهِ يَشْمَلُ الْأَمَانَةَ وَالدَّيْنَ وَأَمَّا لَفْظُ عِنْدِي فَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهَا تَشْمَلُ الدُّيُونَ وَالْأَمَانَاتِ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ اخْتِصَاصَهَا بِالْأَمَانَةِ وَحِينَئِذٍ فَسُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ عَلَيْهِ وَعِنْدَ يُحْتَمَلُ لِتَعَارُضِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا عِنْدَهُ كَقَبْلِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا عِنْدَهُ كَمَعَ (قَوْلُهُ بَرِئَ مُطْلَقًا) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ بَرَاءَته وَلَوْ فِي الْآخِرَةِ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا الْقُرْطُبِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ وَالْآخَرُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ مُطَالَبَةُ اللَّهِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا شُمُولُهُ لِلْبَرَاءَةِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ كَدَارٍ وَهُوَ كَذَلِكَ بِمَعْنَى سُقُوطِ طَلَبِهِ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا (قَوْلُهُ فَهُوَ مُعَيَّنٌ) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ إنَّ كُلَّ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ أَيْ أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْإِبْرَاءُ بِذَاتِهِ فَلَا إبْهَامَ فِيهِ كَقَوْلِك أَبْرَأَتْ رَجُلًا الْمُحْتَمَلُ لِزَيْدٍ وَبَكْرٍ وَغَيْرِهِمَا. وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ مُعَيِّنٌ بِكَسْرِ الْيَاءِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبْرَأَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّ الْإِبْرَاءُ مِمَّا كَانَ مِنْهُ حَقُّ اللَّهِ كَالْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ فَقَطْ لَا بِحَقِّ الْمَوْلَى تَعَالَى (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبْرَأَ) أَيْ أَبْرَأَ الشَّخْصُ الْقَاذِفَ مِمَّا لَهُ لَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ فَأَفَادَ أَنَّهُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُبْرِئَ عَنْ الْمَحْجُورِ) أَيْ بَرِئَ النَّاسُ مِنْ حَقِّ الْمَحْجُورِ الْبَرَاءَةَ الْعَامَّةَ أَيْ كَأَنْ يُسَامِحَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمَحْجُورِ الْمُسَامَحَةَ الْعَامَّةَ وَإِنَّمَا يُبْرِئُ مِنْ الْمُعَيَّنِ وَكَذَا الْمَحْجُورُ أَيْ مَنْ كَانَ مَحْجُورًا وَصَارَ رَشِيدًا لَا يُبْرِئُ وَلِيَّهُ بَرَاءَةً عَامَّةً إلَّا بَعْدَ طُولٍ مِنْ رُشْدِهِ (قَوْلُهُ لَا يُبْرِئُ الْقَاضِي النَّاظِرَ فِي الْأَحْبَاسِ) لِأَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ الَّذِي لَهُ النَّظَرُ فِي شَأْنِ الْأَحْبَاسِ بِالْأَصَالَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ) أَيْ مَا عَدَا الْبَرَاءَةَ الْعَامَّةَ كَأَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ دَرَاهِمَ مَعْلُومٍ قَدْرَهَا وَلَوْ كَانَتْ تَقْبَلُهَا الذِّمَّةُ فَلَمْ يَرُدُّ بِالْمُعَيَّنَاتِ مَا لَا تَدْخُلُ فِي الذِّمَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute