للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَرْقِ الثَّوْبِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَمِنْ مَسْأَلَتَيْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ يَزِيدَانِ عَلَى الْمَسَافَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فَإِنَّ مَا ذُكِرَ وَقَعَ التَّعَدِّي عَلَى مَجْمُوعِ السِّلْعَةِ لَا عَلَى بَعْضِهَا وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلُوا مَا ذُكِرَ مِنْ بَابِ التَّعَدِّي لَا مِنْ بَابِ الْغَصْبِ ثُمَّ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ يَضْمَنُ قِيمَةَ السِّلْعَةِ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ دُونَ الْيَسِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نَقْصَهَا فَقَطْ بِقَوْلِهِ.

(ص) فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةِ ذِي هَيْئَةٍ أَوْ أُذُنِهَا أَوْ طَيْلَسَانِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ إذَا أَتْلَفَ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الذَّاتِ فَكَأَنَّهُ أَتْلَفَ جَمِيعَهَا كَمَا إذَا قَطَعَ ذَنَبَ دَابَّةِ شَخْصٍ ذِي هَيْئَةٍ وَمُرُوءَةٍ كَقَاضٍ وَأَمِيرٍ أَوْ قَطَعَ أُذُنَهَا أَوْ قَطَعَ طَيْلَسَانَهُ فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ يَأْخُذَ مَتَاعَهُ وَمَا نَقَصَ كَمَا يَأْتِي فَضَمِيرُ أَفَاتَ لِلْمُتَعَدِّي وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ بِفِعْلِهِ وَقَدَّرْنَا هَذَا لِأَجْلِ تَمْثِيلِهِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ قَوْلُهُ كَقَطْعِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَفَاتَ فِي الْعَمْدِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَطَأِ فَلَوْ قَالَ فَإِنْ فَاتَ بِدُونِ هَمْزَةٍ لَكَانَ أَشْمَلَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي شَرْحِ الْحُدُودِ فِي تَعْرِيفِ التَّعَدِّي وَمَفْهُومُ ذِي هَيْئَةٍ أَنَّ قَطْعَ ذَنَبِ دَابَّةِ غَيْرِ ذِي الْهَيْئَةِ لَا يُفِيتُ الْمَقْصُودَ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ ذَاتَ هَيْئَةٍ وَلَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يُفِيتُ الْمَقْصُودَ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْهَيْئَةُ لِلْمُسْلِمِ وَبِعِبَارَةٍ دَابَّةِ ذِي هَيْئَةٍ بِالْإِضَافَةِ أَيْ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَكُونَ لِذِي هَيْئَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا ذَا هَيْئَةٍ فَالْعِبْرَةُ بِحَالِهَا لَا بِحَالِهِ وَبِالتَّنْوِينِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ ذَاتِ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ «فَإِذَا بِدَابَّةٍ أَهْلَبَ طَوِيلِ الشَّعْرِ» وَفِيهِ أَيْضًا «فَأَتَى بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ» فَذَكَّرَ الْوَصْفَ لِأَنَّ دَابَّةً فِي مَعْنَى حَيَوَانٍ فَرَاعَى فِي الْوَصْفِ الْمَعْنَى وَمَفْهُومُ قَطْعِ أَنَّ نَتْفَ شَعْرِهِ أَوْ قَطْعَ بَعْضِ الذَّنَبِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ أَمْ لَا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.

(ص) وَلَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ وَقَلْعِ عَيْنَيْ عَبْدٍ أَوْ يَدَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى شَاةٍ فَفَعَلَ فِيهَا فِعْلًا فَقَطَعَ لَبَنَهَا كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ وَكَانَ اللَّبَنُ هُوَ الْمَقْصُودَ مِنْهَا فَإِنَّ رَبَّهَا يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَمَا نَقَصَ اللَّبَنُ مِنْ قِيمَتِهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَكَذَلِكَ مَنْ تَعَدَّى عَلَى رَقِيقِ شَخْصٍ فَقَلَعَ عَيْنَيْهِ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ فَإِنَّ الْمَالِكَ يُخَيَّرُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ أَبْطَلَ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهُ فَقَوْلُهُ (ص) فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصَهُ أَوْ قِيمَتُهُ (ش) جَوَابُ الشَّرْطِ فَإِنْ قُلْتَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ هُوَ الْمَقْصُودُ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ قُلْت الْمَقْصُودُ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ إذْ يَشْمَلُ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ وَغَيْرَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ لَبَنَ شَاةٍ مَقْصُودٌ مِنْهَا لَكِنْ تَارَةً يَكُونُ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ وَتَارَةً لَا يَكُونُ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لَاقْتَضَى أَنَّ الْجِنَايَةَ الَّتِي تُفْسِدُ لَبَنَ الشَّاةِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ مِنْهَا أَوْ دُونَهُ تُوجِبُ تَضْمِينَ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمُوجِبُ لِتَضْمِينِ الْقِيمَةِ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ الْمُفْسِدُ لِلَبَنِ الشَّاةِ حَيْثُ كَانَ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ مِنْهَا.

(ص) وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ فَنَقْصَهُ كَلَبَنِ بَقَرَةٍ وَيَدِ عَبْدٍ أَوْ عَيْنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى شَيْءٍ تَعَدِّيًا يَسِيرًا لَمْ يَذْهَبْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَهُ فَقَطْ مَعَ أَخْذِهِ كَمَا إذَا تَعَدَّى عَلَى بَقَرَةِ شَخْصٍ فَفَعَلَ بِهَا فِعْلًا أَذْهَبَ بِهِ لَبَنَهَا لِأَنَّ الْبَقَرَةَ تُرَادُ لِغَيْرِ اللَّبَنِ وَكَذَلِكَ إذَا تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ شَخْصٍ فَفَقَأَ لَهُ عَيْنًا وَاحِدَةً حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْوَرَ أَوْ قَطَعَ لَهُ يَدًا وَاحِدَةً حَيْثُ كَانَ ذَا يَدَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ عَلَى سَيِّدِهِ جَمِيعُ مَنَافِعِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْعَبْدِ صَانِعًا أَوْ غَيْرَ صَانِعٍ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِيمَا إذَا كَانَ صَانِعًا حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا قَطْعُ

ــ

[حاشية العدوي]

غَالِبًا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّعَدِّي إنَّمَا هُوَ الرُّكُوبُ الَّذِي هُوَ مَنْفَعَةُ الدَّابَّةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمَسَافَةِ وَالرَّقَبَةُ تَابِعَةٌ لِذَلِكَ لَا مَقْصُودَةٌ بِالتَّعَدِّي وَلَا خَفَاءَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قَصْدِ غَصْبِ الذَّاتِ وَقَصْدِ غَصْبِ رُكُوبِهَا إلَى مَسَافَةٍ أَبْعَدَ مِمَّا أَذِنَ لَهُمَا فِيهِ اهـ

(قَوْلُهُ طَيْلَسَانِهِ) مُثَلَّثُ اللَّامِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَعْتَبِرُ الْهَيْئَةُ لِلْمُسْلِمِ) أَيْ إذَا اعْتَبَرْنَا هَيْئَةَ الدَّابَّةِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْلِمِ لَا لِلذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَرِدُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُرَدُّ (قَوْلُهُ أَهْلَبَ) أَيْ كَثِيرُ الشَّعْرِ وَلَوْ أَنَّثَ لَقَالَ هَلْبَاءَ وَبَيْضَاءَ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ دَابَّةً عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَذَكَّرَ الْوَصْفَ

(قَوْلُهُ وَنَقْصَهُ) يَصِحُّ نَصْبُهُ وَجَرُّهُ عَطْفًا عَلَى الْهَاءِ لِأَنَّ لَهَا مَحَلَّيْنِ النَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَالْجَرُّ بِالْإِضَافَةِ وَالنَّصْبُ أَوْلَى لِفَقْدِ شَرْطِ الْخَفْضِ وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ لِئَلَّا يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى أَخْذُ فَيُوهِمُ أَنَّ الْخِيَارَ فِي أَخْذِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّ لَهُ أَخْذَهُمَا مَعًا

(قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْتَ إلَخْ) أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ صَرِيحٌ فِي كَوْنِهِ مَقْصُودًا لَا غَيْرُ بِدَلِيلِ تَعْرِيفِهِ بِأَلْ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَبَنُ الشَّاةِ هُوَ الْمَقْصُودُ مَعْنَاهُ أَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ إذَا كَانَ الْمَقْصُودَ يَكُونُ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ الْمَقْصُودَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِأَلْ لَا يَقْتَضِي إلَّا بِأَنَّهُ مَقْصُودٌ أَعْظَمُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ لَبَنَ شَاةٍ مَقْصُودٌ فَأَتَى بِهِ نَكِرَةً أَيْ فَيُقَالُ لَهُ إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقُلْ مَقْصُودٌ بَلْ قَالَ الْمَقْصُودُ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ كَلَبَنِ بَقَرَةٍ) وَلَوْ مَقْصُودًا وَمِثْلُهَا النَّاقَةُ لِأَنَّ لَهُمَا مَنَافِعَ غَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْوَرَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ أَعْوَرَ فَكَقَلْعِ الْعَيْنَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ صَانِعًا) أَيْ أَنَّ الصَّانِعَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ إذَا عَطَّلَ صَنْعَتَهُ وَلَوْ بِقَطْعِ أُنْمُلَةٍ مِنْهُ وَالْجَارِيَةُ الْوَخْشُ كَالْعَبْدِ فِي تَعْطِيلِ الْمَنَافِعِ، وَالْعَلِيَّةُ إنْ أَفْسَدَ شَيْئًا مِنْ مَحَاسِنِهَا وَجْهًا أَوْ ثَدْيًا أَوْ غَيْرَهُمَا حَيْثُ صَارَتْ لَا تُرَادُ لِمَا كَانَتْ تُرَادُ ضَمِنَهَا كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ عَلَى اعْتِبَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>