للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ رَفْعُ الْمِلْكِ بِالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ لِأَنَّهُ رَفْعُ شَيْءٍ لَكِنْ لَا بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ وَبِقَوْلِهِ قَبْلَهُ مَا مُلِكَ بِالْمَوْتِ فَإِنَّهُ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَيْ أَوْ رَفْعُ مِلْكٍ بِحُرِّيَّةٍ فَحُرِّيَّةٌ عَطْفٌ عَلَى مِلْكٍ مِنْ قَوْلِهِ بِثُبُوتِ مِلْكٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ يَعْنِي بِثُبُوتِ حُرِّيَّةٍ قَبْلَهُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى دُخُولِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا وُجِدَ فِي الْمَغَانِمِ بَعْدَ بَيْعِهِ أَوْ قَسْمِهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِثَمَنٍ فَلَوْلَا زِيَادَةُ هَذَا الْقَيْدِ لَكَانَ الْحَدُّ غَيْرَ مُطَّرِدٍ وَانْظُرْ حُكْمَهُ وَأَسْبَابَهُ وَشُرُوطَهُ وَمَوَانِعَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْفَصْلِ كُلَّ مَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمُتَعَدِّي فَقَالَ (ص) وَإِنْ زَرَعَ فَاسْتُحِقَّتْ فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالزَّرْعِ أَخَذَ بِلَا شَيْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ أَوْ الْمُتَعَدِّيَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُمَا إذَا زَرَعَ أَرْضًا ثُمَّ قَامَ رَبُّهَا عَلَى الزَّارِعِ أَخَذَ بِلَا شَيْءٍ بِالزَّرْعِ بَعْدَ ظُهُورِهِ بِأَنْ كَانَ إذَا قُلِعَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِزَارِعِهِ وَأَبَى زَارِعُهُ أَنْ يَقْلَعَهُ قُضِيَ بِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إبْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ بِكِرَاءٍ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِهِ مَجَّانًا وَأَبْقَاهُ لِزَارِعِهِ بِكِرَاءٍ كَانَ ذَلِكَ الْكِرَاءُ عِوَضًا عَنْهُ فِي الْمَعْنَى فَهُوَ بَيْعٌ لَهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَفَاعِلُ زَرَعَ الْغَاصِبُ أَوْ الْمُتَعَدِّي وَتَقَدَّمَ غَرْسُهُمَا وَبِنَاؤُهُمَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى زَرْعِ ذِي الشُّبْهَةِ وَغَرْسِهِ وَبِنَائِهِ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ أَيْ قَامَ مَالِكُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِحْقَاقَ الْمَشْهُورَ وَهُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ يُرْفَعُ.

(ص) وَإِلَّا فَلَهُ قَلْعُهُ إنْ لَمْ يُفِتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ وَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي فَإِنْ قَامَ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ أَوْ عَلَى الْمُتَعَدِّي بَعْدَ أَنْ بَذَرَ الزَّرْعَ وَصَارَ يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَ الزَّارِعَ بِقَلْعِ زَرْعِهِ أَوْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا بَعْدَ سُقُوطِ كُلْفَةٍ لَمْ يَتَوَلَّهَا وَهَذَا التَّخْيِيرُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مُسْتَعْمِلٌ دَاله (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ) أَيْ بَلْ بِثُبُوتِ مِلْكٍ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ قَبْلَهُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْخَارِجَ بِذَلِكَ هُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ أَيْ مَا كَانَ بِثُبُوتِ مِلْكٍ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ رَفْعُ مِلْكٍ بِحُرِّيَّةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَكَانَ الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ رَفْعُ مِلْكٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ قَبْلَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ اسْتِحْقَاقَ مُدَّعِي حُرِّيَّةٍ فَالتَّقْدِيرُ أَوْ رَفْعُ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ أَيْ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ فَإِنْ قُلْتَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِحْقَاقَ بِحُرِّيَّةٍ فَالْجَوَابُ كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ اسْتِحْقَاقًا حَقِيقِيًّا بَلْ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ مَجَازٌ فَلَا حَاجَةَ لِإِدْخَالِهِ فِي التَّعْرِيفِ وَالْإِخْلَالُ بِهِ أَوْلَى مِنْ الْإِخْلَالِ بِاسْتِحْقَاقِ مُدَّعِي حُرِّيَّةٍ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ رَفْعُ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي بِثُبُوتِ حُرِّيَّةٍ) هَذَا حَلٌّ لِحَاصِلِ الْمَعْنَى لَا لِقَوْلِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ حُكْمَهُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ حُكْمُهُ الْوُجُوبُ عِنْدَ تَيَسُّرِ أَسْبَابِهِ فِي الرُّبْعِ عَلَى عَدَمِ يَمِينٍ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ وَعَلَى يَمِينِهِ مُبَاحٌ كَغَيْرِ الرُّبْعِ لِأَنَّ الْحَلِفَ مَشَقَّةٌ اهـ.

وَأَمَّا سَبَبُهُ فَهُوَ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي لَا يَعْلَمُونَ خُرُوجَهُ وَلَا خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهُ عَنْ مِلْكِهِ حَتَّى الْآنَ وَالشَّهَادَةُ فِي أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَعْمُولِ بِهِ قَالَهُ فِي اللُّبَابِ

وَأَمَّا شُرُوطُهُ فَثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَحِيَازَتُهُ وَهِيَ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي عَدْلَيْنِ وَقِيلَ أَوْ عَدْلًا مَعَ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِالْمِلْكِيَّةِ فَإِذَا كَانَتْ دَارًا مَثَلًا قَالُوا لَهُمَا هَذِهِ الدَّارُ هِيَ الَّتِي شَهِدْنَا فِيهَا عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ الشَّهَادَةَ الْمُعْتَبَرَةَ أَعْلَاهُ. الثَّانِي الْإِعْذَارُ فِي ذَلِكَ لِلْحَائِزِ فَإِنْ ادَّعَى مَدْفَعًا أَجَّلَهُ فِيهِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ. الثَّالِثُ يَمِينُ الِاسْتِبْرَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ، الثَّانِي لَا يَمِينَ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ، الثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَقَارِ وَيَحْلِفُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَأَمَّا الْمَانِعُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَفِعْلٌ وَسُكُوتٌ فَالْفِعْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ عِنْدِ حَائِزِهِ فَلَوْ قَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ خَوْفًا أَنْ يُغَيِّبَهُ فَإِذَا أَثْبَتُّهُ رَجَعْتُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَقَالٌ وَقَالَ أَصْبَغُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةً بَعِيدَةً جِدًّا وَأَشْهَدَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ فَذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ يَرَى أَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُ ثُمَّ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَهُ الْقِيَامُ وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَمَّا السُّكُوتُ فَمِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ الْقِيَامَ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ أَمَدَ الْحِيَازَةِ قَالَهُ فِي اللُّبَابِ (قَوْلُهُ بَيْنَ الْغَاصِبِ إلَخْ) أَيْ مَالِكِ الذَّاتِ وَقَوْلُهُ وَالْمُتَعَدِّي مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالزَّرْعِ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ سَوَاءٌ ظَهَرَ أَمْ لَا وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا يُرَادُ لَهُ وَإِلَّا فَكِرَاءُ السَّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ يَرْجِعُ لِهَذِهِ وَلِمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ أَخَذَ بِلَا شَيْءٍ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ بَذْرِهِ أَوْ أُجْرَةِ حَرْثِهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَأَبَى زَارِعُهُ أَنْ يَقْلَعَهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخِيَارَ لِلزَّارِعِ كَمَا نَقَلَهُ تت وَلَكِنْ النَّصُّ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالْأَمْرِ بِالْقَلْعِ فَلِمَالِكِ الْأَرْضِ أَخْذُهُ وَلَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ أَخْذَهُ بَلْ وَلَوْ قَلَعَهُ الْغَاصِبُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهُ بِالْقَلْعِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ) أَيْ عَلَى التَّبْقِيَةِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا بَعْدَهُ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْقَطْعِ لَجَازَ مَعَ أَنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ الِانْتِفَاعُ وَهُوَ مَفْقُودٌ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ بَلَغَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَلَوْ بِرَعْيِ الْبَهَائِمِ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ) وَكَمَا لَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ لَهُ إبْقَاؤُهُ لِزَارِعِهِ وَأَخْذُ كِرَاءِ السَّنَةِ مِنْهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ أَيْ إنْ بَلَغَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَلَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا يُرَادُ لَهُ دُونَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ اللَّخْمِيُّ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ أَصْوَبُ لِأَنَّ «نَهْيَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا» عَلَى الْبَقَاءِ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُ يَزِيدُ لِلْبَقَاءِ ثَمَنًا وَلَا يَدْرِي هَلْ يَسْلَمُ أَمْ لَا وَهَذَا يَدْفَعُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا (قَوْلُهُ أَنْ يَأْمُرَ الزَّارِعَ بِقَلْعِ زَرْعِهِ) أَيْ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>