اسْتِحْقَاقِ عَرْضٍ قَوْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الصَّفْقَةِ وَمُرَادُهُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ الَّذِي لَا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ فَالنَّقْدُ الَّذِي يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْعَرْضِ هُنَا كَالْحُلِيِّ، قَوْلُهُ وَفِي عَرْضٍ أَيْ مُعَيَّنٍ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمِثْلُ مُطْلَقًا.
(ص) إلَّا نِكَاحًا وَخُلْعًا وَصُلْحَ عَمْدٍ وَمُقَاطَعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ عُمْرِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ لَا يَرْجِعُ فِيهَا بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ عِوَضِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا نَكَحَ امْرَأَةً بِعَبْدٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ نَحْوِهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَةِ مَا ذَكَرَ لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهَا وَهُوَ الْبُضْعُ أَوْ قِيمَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَعَتْهُ بِمَا ذَكَرَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ أَوْ قِيمَتُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ صُلْحِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ إذَا صَالَحَتْ بِشَيْءٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَاطَعَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ بِعَبْدٍ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى عَبْدِهِ الَّذِي قَاطَعَهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ مِنْ الْقَطَاعَةِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الرُّجُوعِ فِي الْعِتْقِ وَأَمَّا مُقَاطَعَتُهُ بِعَبْدٍ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّ السَّيِّدَ لَا يَرْجِعُ عَلَى عَبْدِهِ بِشَيْءٍ إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ سَيِّدِهِ وَالْعِتْقُ مَاضٍ لَا يُرَدُّ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مَالٌ انْتَزَعَهُ مِنْ عَبْدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَلَوْ قَاطَعَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ يَأْتِي بِهِ فَأَتَى بِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ عَلَى عَبْدِهِ بِمِثْلِهِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إذَا قَاطَعَهُ سَيِّدُهُ عَلَى عَبْدٍ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فِي نَظِيرِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مَكَاتِبِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْمَرَ دَارِهِ لِشَخْصٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ إنَّ رَبَّ الدَّارِ صَالَحَ الْمُعْمَرِ عَلَى عَبْدٍ دَفَعَهُ رَبُّ الدَّارِ إلَيْهِ فِي نَظِيرِ مَنْفَعَتِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الْمُعْمَرِ بِفَتْحِ الْمِيمِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَهِيَ مَنَافِعُ الدَّارِ وَلَا بِعِوَضِ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَوَرَثَةُ الْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ تَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ فِي جَوَازِ مُعَاوَضَتِهِمْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ ذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) : تَكَلَّمَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَلَى مَا إذَا اُسْتُحِقَّ مَا أَخَذَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ وَهِيَ الْخُلْعُ وَالنِّكَاحُ وَصُلْحُ الْعَمْدِ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَالْقَطَاعَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْعُمْرَى وَسَكَتَ عَمَّا إذَا أَخَذَ فِيهَا بِالشُّفْعَةِ أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ وَحُكْمُهُمَا كَالِاسْتِحْقَاقِ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الصُّوَرَ الْجَارِيَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إحْدَى وَعِشْرُونَ قَائِمَةٌ مِنْ ضَرْبِ السَّبْعِ فِي ثَلَاثٍ وَهِيَ الِاسْتِحْقَاقُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَقَدْ مَرَّتْ فِي بَابِ الصُّلْحِ نَظْمًا وَنَثْرًا.
(ص) وَإِنْ أُنْفِذَتْ وَصِيَّةُ مُسْتَحِقٍّ بِرِقٍّ لَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ وَحَاجٌّ إنْ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ وَأَخَذَ السَّيِّدُ مَا بِيعَ وَلَمْ يَفُتْ بِالثَّمَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَأُنْفِذَتْ وَصَايَاهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ بِرِقٍّ فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْحُرِّيَّةِ بِأَنْ وَرِثَ الْوِرَاثَاتِ وَشَهِدَ الشَّهَادَاتِ وَوَلِيَ الْوِلَايَاتِ وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الرِّقِّ وَلَا اُرْتِيبَ فِي دَعْوَاهُ لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ وَصَايَا الْمَيِّتِ الْمَذْكُورِ إذَا أَصْرَفَهُ فِي مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ لَمْ يَضْمَنْ مَنْ حَجَّ عَنْهُ شَيْئًا مِمَّا أَصْرَفَهُ عَلَى كُلْفَةِ الْحَجِّ ذَهَابًا وَإِيَابًا فَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ الْمَيِّتُ بِالْحُرِّيَّةِ فَإِنَّ الْوَصِيَّ وَالْحَاجَّ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا تَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ مَالِ التَّرِكَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ لِتَصَرُّفِهِمَا فِي مَالِ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمَّا بَاقِي التَّرِكَةِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَبِعْ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُهُ مَجَّانًا وَإِنْ كَانَ بِيعَ وَلَمْ يَفُتْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُفَوِّتَاتِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُهُ أَيْضًا بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ وَجَدَهُ عَدِيمًا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ بِيعَ وَفَاتَ بِزَوَالِ عَيْنِهِ أَوْ تَغَيَّرَ صِفَتُهُ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا الثَّمَنُ يَأْخُذُهُ مِمَّنْ بَاعَ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ إنْ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ رَاجِعٌ لِلْوَصِيِّ وَلِلْحَاجِّ مَعًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ تت الْكَبِيرِ وَالشَّارِحِ.
(ص) كَمَشْهُودٍ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ) أَيْ فَيَشْمَلُ الْمِثْلِيَّ وَالنَّقْدَ الَّذِي يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ كَالْحُلِيِّ
(قَوْلُهُ إلَّا نِكَاحًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَ الْبُضْعِ وَالْعِصْمَةِ وَالْجِرَاحَةِ عِوَضًا يُعْلِمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعٌ (قَوْلُهُ وَمُقَاطَعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ) إطْلَاقُ الْقِطَاعَةِ عَلَى هَذَا مَجَازٌ وَإِنَّمَا هُوَ عِتْقٌ عَلَى مَالٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَوْ مُقَاطَعٌ بِهِ عَنْ مُكَاتَبٍ أَوْ عَبْدٍ وَيَكُونُ صَدَّرَ أَوَّلًا بِلَفْظِ الْقِطَاعَةِ حَقِيقَةً ثُمَّ أَتَى بِلَفْظِ الْقِطَاعَةِ مَجَازًا لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الثَّوَانِي مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَوَائِلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْبُضْعُ أَوْ قِيمَتُهُ) قِيمَةُ الْبُضْعِ صَدَاقُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ أَوْ قِيمَتُهَا) أَيْ الْعِصْمَةِ وَقِيمَتُهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ) أَيْ إذْ لَا قَدْرَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَاطَعَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ) أَيْ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِنِّ وَالْمُكَاتَبِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْمَرَ دَارِهِ لِشَخْصٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً) لَمْ يُقَيِّدْ اللَّقَانِيِّ الْعُمْرَى بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ رَأَيْت مِنْ الشُّرَّاحِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ أَنْ يُصَالِحَ الْمُعْمَرَ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى عَبْدٍ مَثَلًا مَعَ أَنَّ الْعُمْرَى مَجْهُولَةٌ مُغَيَّاةٌ بِحَيَاةِ الْمُعْطِي فَاغْتُفِرَ لِذَلِكَ الْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَيْ قَهْرًا عَنْ الْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ وَأَمَّا بِالِاخْتِيَارِ فَيَجُوزُ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَقَوْلُهُ نَظْمًا وَنَثْرًا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ) أَيْ صَرْفَ الْمَالِ فِيمَا أُمِرَ بِصَرْفِهِ فِيهِ فَإِذَا لَمْ يَصْرِفْهُ أَوْ صَرَفَهُ فِي غَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ وَوَلِيَ الْوِلَايَاتِ) كَأَنْ جَعَلَ وَلِيَّ امْرَأَةٍ فِي نِكَاحٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الرِّقِّ) أَيْ فَمَنْ جُهِلَ حَالُهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لِأَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ) شَامِلٌ لِمَا إذَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ أَوْ وَصِيُّهُ وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَاجُّ عَيَّنَهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute