للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالشُّفْعَةِ وَهُوَ الَّذِي تَجَدَّدَ مِلْكُهُ أَيْ طَرَأَ مِلْكُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَلَوْ مَلَكَا الْعَقَارَ مَعًا بِمُعَارَضَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِعَدَمِ سَبْقِ مِلْكِ أَحَدِهِمَا لِمِلْكِ الْآخَرِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمِلْكِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لَا الْمَنْفَعَةِ وَقَوْلُهُ (اللَّازِمُ) صِفَةٌ لِلْمِلْكِ اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا لَوْ تَجَدَّدَ بِمُعَاوَضَةٍ لَكِنْ يُمْلَكُ غَيْرُ لَازِمٍ كَبَيْعِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ وَلُزُومِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ بَيْعِ الْمَحْجُورِ وَشِرَائِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَقَوْلُهُ (اخْتِيَارًا) حَالٌ فَلَوْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ لَا بِاخْتِيَارِهِ بَلْ بِالْجَبْرِ كَالْإِرْثِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ (بِمُعَارَضَةٍ) يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا لَوْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اخْتِيَارًا لَكِنْ لَا بِمُعَاوَضَةٍ بَلْ بِهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ بِمُعَاوَضَةٍ الْبَيْعُ وَهِبَةُ الثَّوَابِ وَالْمَهْرُ وَالْخُلْعُ وَجَمِيعُ الْمُعَاوَضَاتِ وَالصُّلْحُ وَلَوْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ.

(ص) وَلَوْ مُوصٍ بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارُ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ جَزْءٍ مِنْ عَقَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ لِأَجْلِ أَنْ يُفَرَّقَ ثَمَنُهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُقْضَى لَهُمْ بِالشُّفْعَةِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ الْمُوصَى بِبَيْعِهِ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ قَالَ الْبَاجِيُّ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ فَهُمْ أَشْرَاكٌ بَائِعُونَ بَعْدَ مِلْكِ الْوَرَثَةِ بَقِيَّةَ الدَّارِ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ بِهِ ابْنُ الْهِنْدِيِّ اهـ.

وَقَالَ سَحْنُونَ لَا شُفْعَةَ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ فَقَوْلُهُ لِلْمَسَاكِينِ لَيْسَ صِلَةً لِبَيْعٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفِ أَيْ لِيُفَرَّقَ ثَمَنُهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ.

(ص) لَا مُوصًى لَهُ بِبَيْعِ جَزْءٍ (ش) أَيْ لَا شُفْعَةَ لِلْوَرَثَةِ حِينَئِذٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِبَيْعِ جَزْءٍ مِنْ عَقَارِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْمُوصِي قَصَدَ نَفْعَ الْمُوصَى لَهُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَارِثِ لَوَجَبَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا لَا وَارِثًا (ص) عَقَارًا (ش) هَذَا مَنْصُوبٌ بِالْمَصْدَرِ مِنْ قَوْلِهِ أَخْذُ شَرِيكٍ وَهُوَ بَيَانٌ لِلْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ وَالْعَقَارُ هُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِعَرْضٍ وَلَا بِحَيَوَانٍ إلَّا تَبَعًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا فِي كَحَائِطٍ.

(ص) وَلَوْ مُنَاقِلًا بِهِ (ش) الْمُنَاقَلَةُ هِيَ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضَ الشُّرَكَاءِ مِنْ شُرَكَائِهِ حَظَّهُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ بِحَظِّ صَاحِبِهِ مِنْ الْمَوْضِعِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ حَظُّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَبِعِبَارَةٍ وَهُوَ بَيْعُ الْعَقَارِ بِمِثْلِهِ وَيُصَوَّرُ بِصُوَرٍ مِنْهَا مَا إذَا كَانَ لِشَخْصٍ حِصَّةٌ مِنْ دَارٍ وَلِشَخْصٍ آخَرَ حِصَّةٌ مِنْ دَارٍ أُخْرَى فَنَاقَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَإِنَّ لِشَرِيكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِالشُّفْعَةِ وَيَخْرُجَا جَمِيعًا مِنْ الدَّارَيْنِ ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ شَرْطَ الْعَقَارِ الَّذِي فِيهِ الشُّفْعَةُ قَبُولُهُ لِلْقَسْمِ بِقَوْلِهِ (إنْ انْقَسَمَ) أَيْ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ أَوْ قَبِلَهُ بِفَسَادٍ كَالْحَمَّامِ فَلَا شُفْعَةَ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ ثَابِتٌ فِي الْعَقَارِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ أَمْ لَا كَالْحَمَّامِ وَالنَّخْلَةِ وَنَحْوِهِمَا وَعَمِلَ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ وَعَمِلَ بِهِ (ش) وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَيْسَ فِيهَا إلَّا الْقَوْلُ بِالْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهَا الْقَوْلَانِ فَلَوْ قَالَ وَفِيهَا أَيْضًا الْإِطْلَاقُ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ جَارٍ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ عَلَى غَيْرِهِ) حَالَ شِرَائِهِمَا وَأَمَّا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ زَمَن الْخِيَارِ فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَوْ مَآلًا أَيْ كَمَا سَيَقُولُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُبْتَاعِ

(قَوْلُهُ عَنْ بَيْعِ الْمَحْجُورِ وَشِرَائِهِ) أَيْ فَالْمُشْتَرِي مِنْ الْمَحْجُورِ مِلْكُهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَالْمُشْتَرِي الْمَحْجُورُ مِلْكُهُ غَيْرُ لَازِمٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِصَاحِبِهِ إلَخْ) وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ فِي ذَلِكَ الشُّفْعَةَ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ وَقَوْلُهُ بِمُعَاوَضَةٍ إلَخْ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّ فِيهِ الشُّفْعَةَ

(قَوْلُهُ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ) أَيْ وَالْمَيِّتُ إذَا بَاعَ نِصْفَ دَارِهِ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ وَكَذَا وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ لَا أَخْذَ لَهُمْ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُهُ مَعَهُمْ بَلْ مِلْكُهُ سَابِقٌ عَلَى مِلْكِهِمْ (قَوْلُهُ لَيْسَ صِلَةً لِبَيْعٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ دَارِهِ لَهُمْ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُهَا مِنْهُمْ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ كَانَتْ الدَّارُ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَارِثِهِ فَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ لِلشَّرِيكِ اتِّفَاقًا

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُوصِيَ قَصَدَ نَفْعَ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِشَخْصٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَشْمَلُ الْمَسَاكِينَ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ يُبَاعُ لَهُ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ أَخَذَ وَإِلَّا نَقَصَ لَهُ ثُلُثُهَا فَإِنْ أَخَذَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا يُسْتَأْنَى ثُمَّ تَرْجِعُ مِلْكًا وَلَعَلَّ اعْتِبَارَ حَمْلِ الثُّلُثِ مِنْ حَيْثُ احْتِمَالُهُ لَأَنْ تُبَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ

(قَوْلُهُ فَيَصِيرُ حَظُّهُ إلَخْ) عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ثَالِثٌ شَرِيكًا لَهُمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ مِنْهَا إلَخْ) لَيْسَ فِي هَذِهِ ثَالِثٌ وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُ فَفِيهِ ثَالِثٌ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ فَأَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ أَيْ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَقْسُومٌ بِالْفِعْلِ وَدَلَّ عَلَى مَا قَالَ إنْ شَرْطَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ) أَصْلًا أَيْ لَمْ يَقْبَلْ أَنْ يُقْسَمَ كَالْأَحْجَارِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ نَشْرُهَا وَلَا يُمْكِنُ كَسْرُهَا مُنَاصَفَةً

(قَوْلُهُ وَإِنَّ قَوْلَهُ وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ) بِكَسْرِ إنَّ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>