للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ وَعَلَيْهِ فَلَا فَسْخَ لِأَنَّهُ بَاعَ شَيْئًا مُكْتَرًى وَكِرَاؤُهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ كِرَاءُ الْمُشْتَرِي أَوْ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كِرَاءُ الشِّقْصِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْمُكْرِي هُوَ الْمُشْتَرِي وَكِرَاءٌ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ وَالتَّرَدُّدُ هَلْ يَتَحَتَّمُ الْإِمْضَاءُ أَوْ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسْخِ يَكُونُ الْكِرَاءُ لِلشَّفِيعِ وَعَلَى الْآخَرِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إذَا كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً وَحَصَلَ النَّقْدُ فِيهَا وَإِلَّا فُسِخَ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ.

(ص) وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَضْمَنُ لِلشَّفِيعِ نَقْصَ الشِّقْصِ أَيْ مَا حَدَثَ فِيهِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ مَا نَقَصَ بِتَغَيُّرِ ذَاتٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ فَإِذَا هَدَمَ الْمُبْتَاعُ الشِّقْصَ لِيَبْنِيَهُ أَوْ لِتَوْسِعَةٍ فَإِمَّا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ مَهْدُومًا مَعَ نَقْضِهِ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَإِمَّا تَرَكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ قَالَ عِيَاضٌ أَمَّا لَوْ هَدَمَهُ الْمُشْتَرِي عَبَثًا أَوْ لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ ضَامِنًا لِأَنَّ الْخَطَأَ أَوْ الْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَهُ أَيْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ هَدْمٌ وَلَا بِنَاءٌ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.

(ص) فَإِنْ هَدَمَ وَبَنَى فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا وَلِلشَّفِيعِ النُّقْضُ (ش) الضَّمِيرُ فِي هَدَمَ وَبَنَى وَلَهُ لِلْمُشْتَرِي يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا هَدَمَ الشِّقْصَ وَبَنَاهُ ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ الْبِنَاءَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِهِ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَالِاشْتِرَاءِ وَيَدْفَعُ أَيْضًا لِلْمُشْتَرِي مَا يَخُصُّ الْعَرْصَةَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَيُوضَعُ عَنْ الشَّفِيعِ مَا يُقَابِلُ النُّقْضَ مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ الشِّرَاءِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْعَرْصَةِ بِلَا بِنَاءٍ وَمَا قِيمَةُ النُّقْضِ مَهْدُومًا وَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا فَمَا قَابَلَ الْعَرْصَةَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ لِلْمُشْتَرِي وَمَا قَابَلَ النُّقْضَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَالنُّقْضُ بِضَمِّ النُّونِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبِعِبَارَةٍ وَلِلشَّفِيعِ النُّقْضُ أَيْ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ فَيَدْفَعُ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ مَا يَخُصُّ الْعَرْصَةَ غَيْرَ مَبْنِيَّةٍ وَيُسْقِطُ عَنْهُ مَا يَخُصُّ النُّقْضَ مِنْ الثَّمَنِ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ النُّقْضِ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْعَرْصَةِ بِلَا بِنَاءٍ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ أَيْضًا فَقَدْ عَلِمَ أَنَّ لِلنُّقْضِ نِصْفَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُبْتَاعُ فَيَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ.

(ص) إمَّا لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ أَوْ قَاضٍ عَنْهُ أَوْ تَرَكَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا (ش) هَذِهِ أَجْوِبَةٌ لِلْأَشْيَاخِ عَنْ سُؤَالٍ مُقَرَّرٍ سَأَلَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ كَيْفَ يُمْكِنُ إحْدَاثُ بِنَاءٍ فِي مَشَاعٍ مَعَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَالْحُكْمِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا لِأَنَّ الشَّفِيعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا سَاكِنًا عَالِمًا فَقَدْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ أَوْ غَائِبًا فَالْبَانِي مُتَعَدٍّ فِي بِنَائِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَةُ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا فَمِنْ الْأَجْوِبَةِ أَنَّ الْأَمْرَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ كَانَ غَائِبًا وَالْعَقَارُ لِشُرَكَاءَ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ لِشَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ وَتَرَكَ الْحَاضِرُونَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَطَلَبُوا الْمُقَاسَمَةَ مَعَ الْمُشْتَرِي فَقَاسَمَ وَكِيلُ الْغَائِبِ عَنْهُ أَوْ الْقَاضِي بَعْدَ الِاسْتِقْصَاءِ وَضَرَبَ الْأَجَلَ وَذَلِكَ لَا يُسْقِطُ شُفْعَةَ الْغَائِبِ فَهَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَهُ الْأَخْذُ

ــ

[حاشية العدوي]

الشُّبْهَةِ لِتَجْوِيزِهِ عَدَمَ أَخْذِ الشَّفِيعِ وَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَقْدُ الْكِرَاءِ قَبْلَ الْحُكْمِ كَانَ مَا نَشَأَ عَنْهُ كَأَنَّهُ حَصَلَ قَبْلَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ التَّرَدُّدَ الثَّانِيَ هُوَ الْمَذْهَبُ فَالتَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ كَوْنُ الشُّفْعَةِ اسْتِحْقَاقًا ضَعْفُ الْمَبْنَى كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.

(قَوْلُهُ مَا حَدَثَ فِيهِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ) كَأَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ مَطَرٌ فَهَدَمَهُ أَوْ سَقَطَ بِزَلْزَلَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ مَا نَقَصَ فَإِنَّمَا حَصَلَ فِيهِ تَغَيُّرٌ بِدُونِ هَدْمٍ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ) عَلِمَ بِالشَّفِيعِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخَطَأَ كَالْعَمْدِ) لَا يُقَالُ هُوَ لَمْ يَفْعَلْ إلَّا فِي مِلْكِهِ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ عَلِمَ بِآخِرَةِ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ هَدْمٌ وَلَا بِنَاءٌ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَا وَيَقُولُ مَا لَمْ يَحْصُلْ هَدْمٌ وَبِنَاءٌ أَيْ فَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ حُصُولَهُمَا مَعًا.

(قَوْلُهُ وَلِلشَّفِيعِ النُّقْضُ) بِضَمِّ النُّونِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الَّذِي كَانَ مَبْنِيًّا وَهَدَمَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُعِدْهُ فِي بِنَائِهِ فَيَأْخُذُ وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِالشِّرَاءِ مَعَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا فَإِنْ أَعَادَهُ فِي بِنَائِهِ أَوْ بَاعَهُ أَوْ أَهْلَكَهُ سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ مَا قَابَلَ قِيمَتَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا مَعَ مَا قَابَلَ قِيمَةَ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَنِ وَسَقَطَ عَنْهُ مَا قَابَلَ قِيمَةَ النُّقْضِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ بَاعَهُ أَوْ أَهْلَكَهُ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ قِيمَةِ النُّقْضِ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا (قَوْلُهُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ) تَعْلِيلٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَيْ إنَّمَا قُلْنَا يَوْمَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ كَالِاشْتِرَاءِ وَالنُّقْضُ يُنْظَرُ لِحَالِهِ يَوْمَ شِرَائِهِ (قَوْلُهُ وَيُوضَعُ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَلِلشَّفِيعِ النُّقْضُ وَمَعْنَى لَهُ النُّقْضُ عِنْدَ فَوَاتِهِ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ) فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الْمِثَالِ مِائَةً وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا سِتُّونَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَخَمْسُونَ الَّتِي تَنُوبُ الْعَرْصَةَ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يَدْفَعُ مِائَةً وَعَشَرَةً وَأَمَّا مَا يَخُصُّ النُّقْضَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسُونَ لَا يُطَالَبُ بِهَا الشَّفِيعُ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي جَعَلَهُ فِي الْبِنَاءِ.

(قَوْلُهُ سَأَلَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ) حَيْثُ كَانَ يُقْرِئُ فِي جَامِعِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سَائِلُهُ بَعْضُ الْمِصْرِيِّينَ (قَوْلُهُ فَقَاسَمَهُ وَكِيلُهُ الْغَائِبُ) أَيْ وَكِيلُهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِ كُلِّهَا لَا فِي خُصُوصِ الشِّقْصِ فَقَطْ أَيْ وَلَمْ يَرَ الْوَكِيلُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ أَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْمُقَاسَمَةِ مَعَ شُرَكَائِهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْقَاضِي) أَيْ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ بِأَنْ يَرْفَعَ الْمُشْتَرِي لِلْقَاضِي بِطَلَبِ الْقَسْمِ وَقَسْمُهُ عَلَى الْغَائِبْ جَائِزٌ أَيْ قَاسَمَ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرِيكُ غَائِبٍ لَا عَلَى أَنَّ الْغَائِبَ وَجَبَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ إذْ لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>