للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَخْلَةٌ أَوْ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَانْقَلَعَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ قَلَعَهَا صَاحِبُهَا أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ مَكَانَهَا أُخْرَى مِنْ جِنْسِ الْمَقْلُوعَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ أَضَرَّ مِنْ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَتْ زِيَادَةُ ضَرَرِهَا مِنْ جِهَةِ عُرُوقِهَا لِأَنَّهَا تَضُرُّ بِبَيَاضِ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ جِهَةِ فُرُوعِهَا لِأَنَّهَا تُظِلُّ الْأَرْضَ أَيْ تَسْتُرُ الشَّمْسَ عَنْهَا فَتُضْعِفُ قُوَّتَهَا وَمَنْفَعَتَهَا وَلَوْ احْتَاجَتْ هَذِهِ النَّخْلَةُ إلَى تَدْعِيمٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعَمَهَا إلَّا فِي حَرِيمِهَا قَالَهُ ابْنُ سِرَاجٍ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَغْرِسُ اثْنَيْنِ وَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْأُولَى شَجَرَةَ جُمَّيْزٍ (ص) كَغَرْسِهِ بِجَانِبِ نَهْرِكَ الْجَارِي فِي أَرْضِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْجَوَازِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لِشَخْصٍ نَهْرٌ يَمُرُّ فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَيَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَغْرِسُوا بِجَانِبِهِ أَشْجَارًا وَلَيْسَ لِلشَّخْصِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ يَضُرُّ بِالْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِعَدَمِ الضَّرَرِ بِأَنْ كَانَتْ عُرُوقُ الشَّجَرِ تَغُوصُ فِي الْمَاءِ فَيَقِلُّ جَرْيُهُ وَهُوَ يَقْتَضِي كَوْنَ التَّشْبِيهِ تَامًّا بِمَا قَبْلَهُ فَقَوْلُهُ كَغَرْسِهِ أَيْ كَغَرْسِ غَيْرِك ذِي الْأَرْضِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْغَيْرِ الْمُتَقَدِّمِ لَكِنَّهُ مُرَادٌ بِهِ غَيْرَ مَا أُرِيدَ بِهِ أَوَّلًا إذْ الْمُرَادُ بِهِ أَوَّلًا غَيْرُ مَالِكِ الشَّجَرَةِ وَثَانِيًا غَيْرُ مَالِكِ النَّهْرِ وَهُوَ مَالِكُ الْأَرْضِ فَهُوَ مِنْ النَّوْعِ الْمُسَمَّى فِي الْبَدِيعِ بِالِاسْتِخْدَامِ فَلَوْ قَالَ كَغَرْسِ ذِي أَرْضٍ بِجَانِبِ نَهْرٍ فِيهَا لِغَيْرِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَأَخْصَرَ (ص) وَحُمِلَتْ فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ عَلَى الْعُرْفِ وَلَمْ تُطْرَحْ عَلَى حَافَّتِهِ إنْ وُجِدَتْ سَعَةٌ (ش) التَّاءُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَالْمَعْنَى أَنَّكَ إذَا كَنَسْت نَهْرَك الْجَارِي فِي أَرْضٍ لِغَيْرِك فَإِنَّك تُحْمَلُ فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْبَلَدِ إلَّا أَنَّهُ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالطَّرْحِ عَلَى حَافَّتِهِ الَّتِي بِهَا الشَّجَرُ فَلَيْسَ لَهُ الطَّرْحُ بِهَا إنْ وَجَدَ سَعَةً وَإِلَّا طَرَحَ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ وَلَمْ تُطْرَحْ عَلَى حَافَّتِهِ إنْ وُجِدَتْ سَعَةٌ كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ وَمُرَادُهُ بِحَافَّتِهِ حَافَّتُهُ الَّتِي بِهَا شَجَرٌ وَلِذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ شَجَرِهِ بَدَلَ حَافَّتِهِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى الْعُرْفِ إلَّا بِحَافَّتِهِ الَّتِي بِهَا شَجَرٌ إنْ وَجَدَ سَعَةً وَإِلَّا طُرِحَ عَلَيْهِ لَكَانَ أَظْهَرَ.

(ص) وَجَازَ ارْتِزَاقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقُسَّامَ يَجُوزُ ارْتِزَاقُهُمْ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَالْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَكُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَحَاصِلُهُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّوْضِيحِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَرْزَقَ الْقُسَّامَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ قَسَمُوا أَمْ لَا وَإِنْ أَرْزَقَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ تَرِكَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ كَذَا وَكَذَا قَسَمُوا أَمْ لَا فَذَلِكَ مَمْنُوعٌ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ جُعِلَ ذَلِكَ لَهُمْ عَلَى الْقَسْمِ وَقَسَمُوا فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا الشُّرَكَاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ إذَا تَرَاضَوْا عَلَى مَنْ يَقْسِمُ لَهُمْ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ (ص) لَا شَهَادَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَهَادَةَ الْقَسَّامِ عَلَى مَنْ قَسَمَ لَهُمْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَصَلَ إلَيْهِ نَصِيبُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ تَعَدَّدَ وَكَانَ عَدْلًا لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهَذَا إذَا شَهِدَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي الَّذِي أَرْسَلَهُ بِأَنْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ وَأَمَّا إنْ شَهِدَ عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ حَيْثُ تَوَلَّى وَشَهِدَ عِنْدَهُ حَالَ التَّوْلِيَةِ فَإِنَّهُ يُعْتَمَدُ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْكَمُ وَيَنْفُذُ الْحُكْمُ بِهَا وَقَدْ يُقَالُ لَا يَحْتَاجُ كَلَامُهُ إلَى التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِعْلَامَ بِهَا إذَا كَانَ عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ لَا يُسَمَّى شَهَادَةً وَإِنَّمَا يُسَمَّى إخْبَارًا.

(ص) وَفِي قَفِيزٍ أَخْذُ أَحَدِهِمَا ثُلُثَيْهِ (ش) فِي قَفِيزٍ مُتَعَلِّقٍ بِجَازِ وَأَخْذُ مَعْطُوفٌ عَلَى ارْتِزَاقِهِ أَيْ وَجَازَ فِي شَرِكَةِ قَفِيزٍ بَيْنَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَخْذُ أَحَدِهِمَا ثُلُثَيْهِ وَأَخْذُ الْآخَرِ ثُلُثَهُ بِقَصْدِ الْمَعْرُوفِ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ الْعَاطِفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِأَجْنَبِيٍّ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِمَا عَدَا الظَّرْفَ وَالْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ وَهَذِهِ قِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ فَقَطْ بِأَنْ تَرَاضَيَا عَلَى قِسْمَتِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ هَذَا ثُلُثَهُ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ بَاقِيَهُ أَوْ قِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ وَقُرْعَةٍ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْقُرْعَةِ فِي الْمِثْلِيِّ كَمَا عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ بِأَنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِ أَحَدِهِمَا الثُّلُثَ وَالْآخَرَ الْبَاقِيَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَنْ يَأْخُذُ الثُّلُثَ مِنْ غَيْرِهِ وَاقْتَرَعَا لِتَعْيِينِهِ وَأَمَّا دُخُولُ قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ فِيهِ فَقَطْ فَلَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا تَضُرُّ بِبَيَاضِ الْأَرْضِ) أَيْ تَضُرُّ بِالْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ أَيْ بِالْأَرْضِ الْمُشْرِقَةِ بِالشَّمْسِ أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ مُسْتَتِرَةً بِالْأَغْصَانِ.

١ -

(قَوْلُهُ كُنَاسَتِهِ) أَيْ طِينِهِ الَّذِي يُنْزَحُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ تُطْرَحْ عَلَى حَافَّتِهِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ تُطْرَحْ عَلَى شَجَرِهِ وَعَلَيْهَا عَوَّلَ ابْنُ غَازِيٍّ وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِقَوْلِهَا فَإِذَا كَنَسْت نَهْرَك حُمِلَتْ عَلَى سُنَّةِ الْبَلَدِ فِي طَرْحِ الْكُنَاسَةِ فَإِنْ كَانَ الطَّرْحُ بِحَافَّتَيْهِ لَمْ تَطْرَحْ ذَلِكَ عَلَى شَجَرِهِمْ إنْ أَصَبْت دُونَهَا مِنْ حَافَّتَيْهِ مُتَّسَعًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبَيْنَ الشَّجَرِ فَإِنْ ضَاقَ عَنْ ذَلِكَ طَرَحْت فَوْقَ شَجَرِهِمْ إذَا كَانَتْ سُنَّةُ بَلَدِهِمْ طَرْحَ طِينِ النَّهْرِ عَلَى حَافَّتَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْقُسَّامَ) كَفَاجِرٍ وَفُجَّارٍ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ) أَيْ فِعْلُ الْإِمَامِ جَائِزٌ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقْسِمُوا لِكَوْنِ أَحَدٍ لَمْ يَطْلُبْ الْقَسْمَ وَأَمَّا إذَا طَلَبَ الْقَسْمَ مِنْهُمْ وَامْتَنَعُوا فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ جَعَلَ إلَخْ أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الشُّرَكَاءُ) أَيْ الْوَرَثَةُ الرُّشَدَاءُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِعْلَامَ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُقَامًا مِنْ جَانِبِ الْقَاضِي وَإِلَّا جَازَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ عِنْدَ مَنْ أَقَامَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ كَالْقَبَّانِيِّ بِمِصْرَ وَالْقَيْرَوَانِ الْمَنْصُوبِ مِنْ جَانِبِ الْقَاضِي لِلْوَزْنِ أَمِينُ النَّاسِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ جَوَازِ الْفَصْلِ مُقَيَّدٌ بِمَا عَدَا الظَّرْفَ أَيْ بِمَا عَدَا الْفَصْلَ بِالظَّرْفِ، وَقَوْلُهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ الْفَصْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَقَدْ نَقَلَ الرَّضِيُّ خِلَافًا فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ عَلَى مَرْفُوعٍ أَوْ مَنْصُوبٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ يُمْنَعُ فِي السَّعَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْفَصْلِ بِالظَّرْفِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>