للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ لِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى جُذَاذِهِ وَقَسْمِهِ كَيْلًا أَوْ بَيْعِهِ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِهِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ الْخَرْصُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لِأَنَّهُ يَبْقَى. الشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يُقْسَمَ بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ فَلَا يَجُوزُ بِالْمُرَاضَاةِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مَحْضٌ فَلَا تَجُوزُ فِي الْمَطْعُومِ إلَّا أَنْ يُقْبَضَ نَاجِزًا.

الشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ يُقْسَمَ بِالتَّحَرِّي فِي الْكَيْلِ لَا عَلَى الْقِيمَةِ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ وَلَا بِالْوَزْنِ فَهَذَا الشَّرْطُ لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِالْخَرْصِ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْوَزْنَ وَالْكَيْلَ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ الْكَيْلِ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ غَرَرًا مِنْ التَّحَرِّي بِالْوَزْنِ لِتَعَلُّقِ الْكَيْلِ بِمَا يَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ بِخِلَافِ الْوَزْنِ فَإِنَّ تَعَلُّقَهُ مَنُوطٌ بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ وَهُمَا لَا يَظْهَرَانِ لِلنَّاظِرِ وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَيْسَ مِعْيَارُهُ فِيهِ إلَّا الْوَزْنَ كَمَا هُوَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ فَإِنَّمَا يُتَحَرَّى وَزْنُهُ لِأَنَّهُ مِعْيَارُهُ كَذَا يَنْبَغِي كَمَا أَشَارَ لَهُ بَعْضٌ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ عَنْ قَوْلِهِ فِي أَصْلِهِ لِيَجْمَعَهُ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الْقُرْعَةُ هُنَا فِي الْمِثْلِيِّ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ هَذَا مِثْلِيًّا بَلْ مُقَوَّمٌ لِأَنَّهُ جُزَافٌ بِالتَّحَرِّي فَهُوَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ (ص) كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ وَهُوَ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ بَيْعُهُ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا الْبَلَحَ الْكَبِيرَ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُهُ وَبَقِيَّةُ الشُّرُوطِ لَا بُدَّ مِنْهَا وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بِالْخَرْصِ وَأَنْ تَخْتَلِفَ حَاجَةُ أَهْلِهِ وَأَنْ يُقْسَمَ بِالْقُرْعَةِ وَأَنْ يَكُونَ بِالتَّحَرِّي، وَأَمَّا اتِّحَادُهُ مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ فَلَا يَتَأَتَّى وَيُزَادُ شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ وَإِلَّا فَسَدَ، وَالْبَلَحُ الْكَبِيرُ هُوَ الرَّامِخُ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَهُوَ كَالْبُسْرِ فِي تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فَيَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ وَإِنْ كَانَ رِبَوِيًّا إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ بِأَنْ كَانَ هَذَا يَأْكُلُ بَلَحًا وَهَذَا يَبِيعُهُ بَلَحًا.

(ص) وَسَقَى ذُو الْأَصْلِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ التَّمْرَ وَالْعِنَبَ يُقْسَمُ عَلَى أَصْلِهِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِذَا اقْتَسَمَا ذَلِكَ كَذَلِكَ ثُمَّ اقْتَسَمَا الْأُصُولَ فَوَقَعَ ثَمَرُ هَذَا فِي أَصْلِ هَذَا وَثَمَرُ هَذَا فِي أَصْلِ هَذَا فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَصْلِ يَسْقِي نَخْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِغَيْرِهِ وَهَذَا مَعَ التَّشَاحِّ وَمَا مَرَّ فِي بَابِ تَنَاوُلِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ الْأَرْضَ فِي قَوْلِهِ وَلِكِلَيْهِمَا السَّقْيُ حَيْثُ لَا مُشَاحَّةَ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَاكَ بِأَنَّ السَّقْيَ لَهُ وَهُنَا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْفِعْلِ (ص) كَبَائِعِهِ الْمُسْتَثْنِي ثَمَرَتَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ أُصُولَ شَجَرَةٍ وَاسْتَثْنَى ثَمَرَتَهَا فَإِنَّ سَقْيَ الْأُصُولِ عَلَى بَائِعِهَا حَتَّى يُسَلِّمَهَا لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ لَا يُسَلِّمُهَا لَهُ إلَّا بَعْدَ جُذَاذِ ثَمَرَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تَجَوُّزٌ إذْ الْحُكْمُ يُوجِبُ بَقَاءَ الثَّمَرَةِ الْمَأْبُورَةِ لِلْبَائِعِ وَلَوْ قَالَ كَبَائِعِهِ الَّذِي لَهُ ثَمَرَتُهُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَسَلِمَ مِنْ ارْتِكَابِ الْمَجَازِ.

(ص) أَوْ فِيهِ تَرَاجُعٌ إلَّا أَنْ يَقِلَّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا كَبَعْلٍ وَذَاتِ بِئْرٍ أَوْ غَرْبٍ ثُمَّ عَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ لَا تَجُوزُ إذَا كَانَ فِيهَا تَرَاجُعٌ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَرْضَانِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا عِشْرُونَ مَثَلًا وَقِيمَةُ الْآخَرِ عَشَرَةٌ مَثَلًا وَوَقَعَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ الَّذِي قِيمَتُهُ عِشْرُونَ يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ لِتَعْتَدِلَ الْقِسْمَةُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إذْ لَا يَدْرِي كُلٌّ مِنْهُمَا هَلْ يَرْجِعُ أَوْ يُرْجَعُ عَلَيْهِ فَحَصَلَ الْغَرَرُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي لَجَازَ ذَلِكَ وَمَحَلُّ مَنْعِ التَّرَاجُعِ مَا لَمْ يَكُنْ مَا بِهِ التَّرَاجُعُ قَلِيلًا كَالدِّرْهَمِ فِي أَرْبَعِينَ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَبِعِبَارَةٍ وَالْقِلَّةُ كَنِصْفِ عُشْرٍ.

(ص) أَوْ لَبَنٍ فِي ضُرُوعٍ إلَّا لِفَضْلٍ بَيِّنٍ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَسْمُ اللَّبَنِ فِي ضُرُوعِ الْغَنَمِ أَوْ غَيْرِهَا لَا قُرْعَةً وَلَا مُرَاضَاةً لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَقِمَارٌ أَيْ لِأَنَّهُ لَبَنٌ بِلَبَنٍ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفِقًا كَلَبَنِ بَقَرٍ وَبَقَرٍ أَوْ مُخْتَلِفًا كَلَبَنِ غَنَمٍ وَبَقَرٍ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَكَانَ إذَا هَلَكَ مَا بِيَدِ هَذَا رَجَعَ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا تَرَكَهُ لِلْآخَرِ فَضْلًا بِغَيْرِ مَعْنَى الْقَسْمِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(ص) أَوْ قَسَمُوا بِلَا مَخْرَجٍ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَوْمَ إذَا قَسَمُوا دَارًا أَوْ سَاحَةً أَوْ سُفْلًا أَوْ عُلْوًا بَيْنَهُمْ بِشَرْطِ أَنْ لَا مَخْرَجَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُمْ هَذَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِالْقُرْعَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ قَسْمِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْمَخْرَجِ شَيْءٌ مَا يُمْكِنُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى) أَيْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ بِدُونِ تَغْيِيرٍ بِنَقْصٍ (قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَيْسَ مِعْيَارُهُ إلَخْ) أَيْ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ مِعْيَارُهُ الْكَيْلَ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالْوَزْنُ، وَلَوْ كَانَ الْوَزْنُ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْبَلَحَ الصَّغِيرَ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَثَمَرٌ وَزَرْعٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الدُّخُولُ عَلَى الْجَذِّ فَقَطْ وَلَا يُرَاعَى فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ بِخِلَافِ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ إلَّا شَرْطَ الْقِلَّةِ وَالِاتِّحَادِ مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ وَحِلِّيَّةِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ بَيْعُهُ) الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَحَلَّ الْبَيْعُ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا الْبَلَحَ (قَوْلُهُ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بِالْخَرْصِ) عَدُّهُ شَرْطًا تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ) أَيْ بِأَنْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ أَوْ السُّكُوتِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تَجَوُّزٌ إلَخْ) هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ الْمُسْتَثْنِي بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَلَوْ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الَّذِي اسْتَثْنَى الشَّارِعُ ثَمَرَتَهُ لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ أَيَّ تَسَمُّحٍ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَتُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ (قَوْلُهُ الْمَأْبُورَةِ) وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْبُورَةِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهَا.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ) الْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ، وَلَوْ قَلَّ وَهَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْلِيلُ وَأَمَّا فِي الْمُرَاضَاةِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ كَثُرَ.

(قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَكَانَ إلَخْ) هَذَانِ الْقَيْدَانِ تَرَكَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا وَقَالَ اللَّقَانِيِّ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَيِّنٍ قَصْبُ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَكَانَ إذَا هَلَكَ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الدَّرَكُ فِي إسْقَاطِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>