فَإِنَّ الْعَصَبَةَ تُجْمَعُ أَوَّلًا ثُمَّ يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْفَرْضِ ثَانِيًا وَعَلَى هَذَا فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ إلَّا الثَّانِيَةَ لِيُوَافِقَ النَّقْلَ وَالتَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ عَاصِبَيْنِ إلَّا بِرِضَاهُمْ مَعَ كَزَوْجَةٍ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا يَصِحُّ إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يُجْمَعُونَ مَعَ كَزَوْجَةٍ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا وَأَنَّ الْعَصَبَةَ فَقَطْ لَهُمْ الْجَمْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالَ فَيُجْمَعُوا مَعَ عِلْمِهِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَيْ أَنَّ الْجَمْعَ إنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءً لَا عَلَى الدَّوَامِ وَإِنَّمَا ثَنَّى أَوَّلًا وَجَمَعَ ثَانِيًا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْأَكْثَرِ أَيْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْجَمِيعُ مِنْ الْعَصَبَةِ وَلَوْ قَالَ شَرِيكَيْنِ أَوْ كَعَاصِبَيْنِ كَانَ أَوْلَى.
(ص) كَذِي سَهْمٍ وَوَرَثَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الْجَمْعِ إذْ هُوَ فِي الْعَصَبَةِ بِرِضَاهُمْ وَفِي أَصْحَابِ السَّهْمِ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إذْ هُمَا مَسْأَلَتَانِ وَمَعْنَى الْأُولَى أَنَّ أَصْحَابَ كُلِّ سَهْمٍ يُجْمَعُونَ فِي الْقَسْمِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا فَمَنْ مَاتَ عَنْ زَوْجَاتٍ وَأَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَأَخَوَاتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ فَإِنَّ أَهْلَ كُلِّ سَهْمٍ يُجْمَعُونَ فِي الْقَسْمِ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ عَدَمَ الْجَمْعِ فَإِذَا طَلَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الزَّوْجَاتِ مَثَلًا أَنْ تُقْسَمَ نَصِيبَهَا مُنْفَرِدًا لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ وَتُجْمَعُ مَعَ بَقِيَّةِ الزَّوْجَاتِ، وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَنَصُّهُ فَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ لِشَرِيكَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ وَرَثَةً قُسِمَتْ نِصْفَيْنِ نِصْفًا لِلشَّرِيكِ ثُمَّ نِصْفًا لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ إنْ شَاءُوا قُسِمَ لَهُمْ ثَانِيًا.
(ص) وَكَتَبَ الشُّرَكَاءَ ثُمَّ رَمَى أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ وَأَعْطَى كُلًّا لِكُلٍّ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْقُرْعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَذَكَرَ لَهَا صِفَتَيْنِ الْأُولَى أَنَّ الْقَاسِمَ يَعْدِلُ الْمَقْسُومَ مِنْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا بِالْقِيمَةِ عَلَى قَدْرِ مَقَامِ أَقَلِّهِمْ جُزْءًا فَإِذَا كَانَ لِوَاحِدٍ نِصْفُ دَارٍ وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا وَلِآخَرَ سُدُسُهَا فَتُجْعَلُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ وَيَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ فِي ثَلَاثَةِ أَوْرَاقٍ كُلُّ اسْمٍ فِي وَرَقَةٍ وَيَجْعَلُ كُلَّ وَرَقَةٍ فِي بُنْدُقَةٍ مِنْ شَمْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَرْمِي بِبُنْدُقَةٍ عَلَى طَرَفٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْ الْمَقْسُومِ اللَّذَيْنِ هُمَا مَبْدَأُ الْأَجْزَاءِ وَانْتِهَاؤُهَا ثُمَّ يُكَمِّلُ لِصَاحِبِهَا مِمَّا يَلِي مَا رُمِيَتْ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ ثُمَّ يَرْمِي ثَانِي بُنْدُقَةٍ عَلَى أَوَّلِ مَا بَقِيَ مِمَّا يَلِي حِصَّةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ يُكَمِّلُ لِصَاحِبِهَا مِمَّا يَلِي مَا رُمِيَتْ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ ثُمَّ يَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلثَّالِثِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ جَمِيعَ نَصِيبِهِ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ فِي النَّصِيبِ، الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْقَاسِمَ يَعْدِلُ الْمَقْسُومَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الْجِهَاتِ فِي أَوْرَاقٍ بِعَدَدِ الْأَجْزَاءِ عَلَى وَجْهٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ كُلُّ جُزْءٍ فَيَكْتُبُ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ اسْمَ الْمَقْسُومِ فِي أَوْرَاقٍ سِتَّةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَوْرَاقٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَرَقَتَانِ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَرَقَةً وَعَلَى هَذَا قَدْ يَحْصُلُ تَفْرِيقٌ فِي النَّصِيبِ الْوَاحِدِ، وَهُنَاكَ صِفَةٌ ثَالِثَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْقَاسِمَ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ
ــ
[حاشية العدوي]
صَاحِبُ فَرْضٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَقِلُّ الْغَرَرُ مَعَ وُجُودِ ذِي الْفَرْضِ وَيَكْثُرُ مَعَ فَقْدِهِ لَا يَنْهَضُ وَهَذَا التَّعْمِيمُ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِمُوَرِّثِهِمْ شَرِيكٌ أَجْنَبِيٌّ جُمِعُوا وَإِنْ أَبَوْا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ أَجْنَبِيٌّ فِي الْمَقْسُومِ بَلْ كَانَ كَامِلُهُ لَهُمْ فَلَا يُتَصَوَّرُ جَمْعُ جَمِيعِهِمْ وَلَا مَعْنَى لَهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمْ رَضُوا جَمِيعُهُمْ بِجَمْعِ كُلِّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فِي سَهْمٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا) أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ لَا عَلَى الدَّوَامِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الدَّوَامِ فَإِنْ شَاءُوا قَسَمُوا وَإِنْ شَاءُوا لَا.
(قَوْلُهُ ثُمَّ يَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلثَّالِثِ) أَيْ فَرَمْيُ الْوَرَقَةِ الْأَخِيرَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي تَمْيِيزِ نَصِيبِ مَنْ هِيَ لَهُ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِرَمْيِ مَا قَبْلَهَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ يَرْمِي يُحْمَلُ عَلَى هَذَا أَيْ أَنَّ الرَّمْيَ مِنْهُ مَا هُوَ مُتَعَيِّنٌ وَمِنْهُ مَا لَيْسَ مُتَعَيِّنًا (قَوْلُهُ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الْجِهَاتِ) بِأَنْ يَكْتُبَ اسْمَ الْجِهَةِ وَيَزِيدَ الْمُجَاوَرَةَ لِلْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ مَثَلًا كَأَنْ يَقُولَ لِلْجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ الْمُلَاصِقَةِ لِدَارِ فُلَانٍ مَثَلًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا قَدْ يَحْصُلُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ لَعَلَّ هَذَا غَيْرُ مُضِرٍّ فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ التَّفْرِيقِ أَيْضًا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ نَصِيبِ كُلِّ شَخْصٍ وَعَدَمِ تَفْرِيقِهِ وَعَلَيْهِ فَيُعَادُ الْعَمَلُ فِيمَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ اتِّصَالٌ مِنْ الْأَنْصِبَاءِ حَتَّى يَحْصُلَ لِكُلِّ شَخْصٍ نَصِيبُهُ غَيْرَ مُفَرَّقٍ وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الطَّرِيقَ الثَّانِيَةَ لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ التَّمْيِيزِ عَلَى كَتْبِ أَسْمَاءِ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّ الْقَاسِمَ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ) أَيْ فِي سِتَّةٍ بِقَدْرِ الْأَجْزَاءِ فَقَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى الصُّفَّةِ الثَّالِثَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى عَطْفِهِ عَلَى رَمْيٍ يَكُونُ إشَارَةً لِلصِّفَةِ الثَّالِثَةِ وَالْمَعْنَى وَكَتَبَ الشُّرَكَاءَ ثُمَّ كَتَبَ الْمَقْسُومَ وَأَعْطَى كُلًّا لِكُلٍّ وَيُرَادُ بِالْإِعْطَاءِ الْمُقَابَلَةُ وَإِنْ عُطِفَ قَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ وَكَتَبَ الشُّرَكَاءَ كَانَ مُشِيرًا لِلصِّفَةِ الثَّانِيَةِ وَيُرَادُ بِالْإِعْطَاءِ حَقِيقَتُهُ وَشَارِحُنَا قَدْ حَمَلَ الْمُصَنِّفَ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَيُعْلَمُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ كَتَبَ ثُمَّ انْتَقَلَ لِلتَّقْرِيرِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ إشَارَةٌ لِحَلٍّ ثَانٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ كَتَبَ مَعْطُوفٌ عَلَى إلَخْ.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا عَلِمْت مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الطُّرُقَ ثَلَاثَةٌ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ التَّفْرِيقُ عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت حَيْثُ قَالَ عِبَارَةُ غَيْرِهِ كَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَاللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَوْ كَتَبَ الْجِهَاتِ وَالْمُرَادُ الْجِهَاتُ الَّتِي يَقَعُ الرَّمْيُ فِيهَا فَيَكُونُ مُرَادُهُ بِالْمَقْسُومِ الْجِهَاتِ لَا كُلَّ أَجْزَاءِ الْمَقْسُومِ وَمَعْنَى ذَلِكَ بَعْدَ كَتْبِ أَسْمَاءِ الشُّرَكَاءِ إمَّا أَنْ تُرْمَى بِهِمْ فِي الْجِهَاتِ أَوْ تُكْتَبُ الْجِهَاتُ وَتُقَابِلُهَا وَالْكُلُّ سَوَاءٌ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ عَطْفٌ عَلَى رَمَى لَا عَلَى كَتَبَ الشُّرَكَاءَ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا كُلَّ الْأَجْزَاءِ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ لَا يَقَعُ فِيهَا كُلِّهَا أَلَا تَرَى إلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى أَقَلِّهِمْ جُزْءًا كَالسُّدُسِ إذَا كَانَ فِيهَا سُدُسٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ فَإِنَّ الرَّمْيَ يَقَعُ فِي ثَلَاثَةٍ فَقَطْ بَلْ الِاثْنَانِ؛ لِأَنَّ الْأَخِيرَ لَا يَحْتَاجُ لِضَرْبٍ فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ عَلَى جُزْءٍ يَأْخُذُهُ وَمَا يَلِيهِ إلَى تَمَامِ حِصَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا صَاحِبُ الثُّلُثِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَبِهَذَا تَعْلَمُ بُطْلَانَ قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الْمُقْسَمَ بِكَتْبِ جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ السِّتَّةِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute