لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (ص) فَلَا يُمْسَحُ وَاسِعٌ (ش) لَمَّا أَكْمَلَ الشُّرُوطَ تَرَكَ الْكَلَامَ عَلَى مَفْهُومِ الْوَاضِحِ مِنْهَا وَتَكَلَّمَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَذَكَرَ أَنَّ بِسَبَبِ اشْتِرَاطِ تَتَابُعِ الْمَشْيِ لَا يُمْسَحُ خُفٌّ وَاسِعٌ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ فِيهِ بِسُهُولَةٍ غَالِبًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ الْمُحْتَرِزَاتِ عَلَى التَّرْتِيبِ السَّابِقِ لَكِنْ عَطَفَهَا مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ اتِّكَالًا عَلَى ذِهْنِ السَّامِعِ اللَّبِيبِ.
(ص) وَمُخَرَّقٌ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ (ش) أَيْ وَبِسَبَبِ اشْتِرَاطِ سَتْرِهِ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ لَا يُمْسَحُ مُخَرَّقٌ كَثِيرًا قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ لَا ثُلُثِ جَمِيعِ الْخُفِّ سَوَاءٌ ظَهَرَ مِنْهُ الْقَدَمُ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَعْلَاهُ أَوْ أَسْفَلِهِ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى أَنَّ الثُّلُثَ يَمْنَعُ الْمَسْحَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ بِشَكٍّ) هَلْ بَلَغَ الثُّلُثَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْغَسْلَ أَصْلٌ، وَالشَّكُّ فِي الرُّخْصَةِ يُبْطِلُهَا ثُمَّ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ بِشَكٍّ إنْ الْتَصَقَ وَفِي بَعْضِهَا بَلْ دُونَهُ إنْ الْتَصَقَ أَيْ الثُّلُثُ وَفِي بَعْضِهَا إلَّا دُونَهُ إنْ الْتَصَقَ وَفِي بَعْضِهَا لَا أَقَلَّ إنْ الْتَصَقَ وَمَعْنَى الْأَرْبَعَةِ وَاحِدٌ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ أَيْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ أَيْ أَنَّهُ يُمْسَحُ عَلَى الْخَرْقِ الَّذِي يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ مُلْتَصِقًا بَعْضُهُ بِبَعْضِهِ كَالشِّقِّ وَقَوْلُهُ (كَمُنْفَتِحِ صِغَرٍ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُشَبَّهًا بِقَوْلِهِ بَلْ دُونَهُ إنْ الْتَصَقَ فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ بِالْجَوَازِ وَهُوَ الَّذِي حَلَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَيُحْمَلُ الصِّغَرُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَصِلُ بَلَلُ الْيَدِ فِي الْمَسْحِ إلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُشَبَّهًا بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ إنْ الْتَصَقَ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَلْتَصِقْ فَلَا يُمْسَحُ كَمُنْفَتِحٍ فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْمَسْحِ وَهُوَ الَّذِي حَلَّ عَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا إذَا كَانَ يَصِلُ بَلَلُ الْيَدِ فِي الْمَسْحِ إلَيْهِ وَمَا حَلَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ مِثْلُهُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ.
(ص) أَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ كَمَّلَ أَوْ رِجْلًا فَأَدْخَلَهَا حَتَّى يَخْلَعَ الْمَلْبُوسَ قَبْلَ الْكَمَالِ (ش) أَفَادَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا كُمِّلَتْ بِهَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَكَّسَ وُضُوءَهُ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ أَوَّلًا وَلَبِسَهُمَا ثُمَّ كَمَّلَ وُضُوءَهُ أَوْ لَمْ يُنَكِّسْ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا غَسَلَ رِجْلًا مِنْ رِجْلَيْهِ أَدْخَلَ فِيهَا الْخُفَّ قَبْلَ غَسْلِهِ الْأُخْرَى فَلَا يَمْسَحُ إذَا أَحْدَثَ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ قَبْلَ طَهَارَةِ مَاءٍ غَيْرِ كَامِلَةٍ وَمِثْلُهُمَا مَا إذَا لَبِسَ الْخُفَّيْنِ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ ثُمَّ ذَكَرَ لَمْعَةً فَأَتَى بِهَا فَلَوْ لَمْ يُحْدِثْ وَخَلَعَ الْمَلْبُوسَ قَبْلَ الْكَمَالِ وَهُوَ الرِّجْلَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ لَبِسَ مَا خَلَعَهُ فَإِنَّ لَهُ حِينَئِذٍ إذَا أَحْدَثَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَبِسَهُمَا بَعْدَ الْكَمَالِ فَقَوْلُهُ أَوْ غَسَلَ إلَخْ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ فَاعِلٍ لِمَحْذُوفٍ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةٍ فَلَا يُمْسَحُ وَاسِعٌ أَيْ وَلَا يُمْسَحُ مَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَلَبِسَهُمَا إلَخْ ثُمَّ إنَّ " لَبِسَ " بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ لَبِسَ يَلْبَسُ لُبْسًا وَعَكْسُهُ مِنْ لَبَسَ الْأَمْرُ إذَا اخْتَلَطَ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: ٩] .
(ص) وَلَا مُحْرِمٌ لَمْ يُضْطَرَّ (ش) أَفَادَ بِهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَعِصْيَانٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ الْمُحْرِمَ إذَا لَبِسَ خُفًّا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِلُبْسِهِ فَإِنْ لَبِسَهُ لِضَرُورَةٍ
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِهِمَا بِمَسَحَ يَصِحُّ الْعَكْسُ بِجَعْلِ الْبَاءِ فِي بِشَرْطِ لِلْمَعِيَّةِ وَفِي بِطَهَارَةٍ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَدَارُ عَلَى التَّغَايُرِ
(تَنْبِيهٌ) : هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ بِطَهَارَةٍ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ: جِلْدٌ ظَاهِرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْسَحُ وَاسِعٌ) أَيْ لَا يَسْتَقِرُّ جَمِيعُ الْقَدَمِ أَوْ جُلُّهَا فِي مَحَلِّهِ مِنْ الْخُفِّ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: وَمُخَرَّقٌ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ) الْمُرَادُ ثُلُثُ مَحَلِّ الْمَسْحِ فَمَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْخَرْقِ لَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ وَلَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: كَثِيرًا) كَذَا فِي ك بِالْكَافِ وَالثَّاءِ وَالْيَاءِ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ الْمُنَاسِبِ لِقَوْلِهِ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ أَنْ يَقُولَ كَبِيرًا لِأَنَّ مَرْجِعَهُ لِلْكَيْفِيَّةِ، وَالْكَثْرَةُ تَرْجِعُ لِلْكَمِّيَّةِ.
(تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ نَحْوُهُ لِابْنِ بَشِيرٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَسْكَرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ الْكَثِيرَ هُوَ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ جُلُّ الْقَدَمِ وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالْمَنْصُوصِ (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ أَعْلَاهُ أَوْ أَسْفَلِهِ) وَلَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِهِ: وَبَطَلَتْ إنْ تَرَكَ أَعْلَاهُ لَا أَسْفَلَهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ مِنْ شُرُوطِ الْمَسْحِ سَتْرَ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَمَا فِيهِ الْخَرْقُ الْكَثِيرُ قَدْ انْتَفَى فِيهِ هَذَا الشَّرْطُ وَالشَّرْطُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِشَكٍّ إلَخْ) قَالَ عج وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ لِأَنَّهُ شَكٌّ فِي مَحَلِّ الرُّخْصَةِ أَوْ أَنَّ الْوَهْمَ يُلْغِي وَلَوْ فِي مَحَلِّ الرُّخْصَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَيُلْغِي الْوَهْمَ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ لَا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ لَا يُؤَثِّرُ فَإِغْيَاؤُهُ هُنَا فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ بِشَكٍّ مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ الْمَسْحُ رُخْصَةً ضَعِيفَةً يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ سَابِقًا لَهَا الشَّكُّ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْخَرْقُ فِي الْخُفِّ لُفِّقَ (قَوْلُهُ: إنْ الْتَصَقَ إلَخْ) أَيْ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ عِنْدَ الْمَشْيِ بِهِ وَعَدَمِهِ فَلَوْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْفَتِحُ وَاتَّفَقَ انْفِتَاحُهُ بَعْدَ مَا مَسَحَ عَلَيْهِ ثُمَّ الْتَصَقَ فَكَالْجَبِيرَةِ إذَا دَارَتْ لَا يَبْطُلُ مَسْحُهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلٍّ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ بِشَكٍّ إنْ الْتَصَقَ أَصْلُهُ لَا دُونَهُ إنْ الْتَصَقَ وَمَسَحَهُ بَلْ دُونَهُ أَيْ بَلْ يُمْسَحُ دُونَهُ إنْ الْتَصَقَ فَقَوْلُهُ فَهُوَ أَيْ الشَّرْطُ وَلَعَلَّ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْعَطْفَ بِلَا بَعْدَ النَّفْيِ يَمْتَنِعُ إلَّا أَنْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ
(قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ الصِّغَرُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُمْسَحُ عَلَى الْمُنْفَتِحِ إنْ صَغُرَ وَلَوْ تَعَدَّدَ بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَ وَضُمَّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ لَكَانَ ثُلُثًا انْتَهَى لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مَا تَقَدَّمَ فِي ك (قَوْلُهُ: فَلَبِسَهُمَا) ثَنَّى بِاعْتِبَارِ فَرْدَتَيْ الْخُفِّ وَلَوْ أَفْرَدَ لَكَانَ أَخْصَرَ لِأَنَّ الْخُفَّ اسْمٌ لِلْفَرْدَتَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: حَتَّى يَخْلَعَ الْمَلْبُوسَ) هَذَا رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ لَا يُقَالُ فِي الْأَخِيرَةِ فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ الْبَدْءِ بِالْيُمْنَى فِي اللُّبْسِ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُدْخَلَةَ قَبْلَ الْكَمَالِ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ أَوَّلًا الْبَدْءُ بِهَا وَالنَّزْعُ لِلضَّرُورَةِ فَأَشْبَهَ نَزْعَ الْيُمْنَى لِأَجْلِ عَوْدٍ فِي خُفِّهِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْكَمَالِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute