للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصِّيغَةِ لِوُضُوحِهَا وَسُهُولَةِ أَمْرِهَا وَتَيَسُّرِ تَصَوُّرِهَا؛ لِأَنَّهَا مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَا وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ عَقْدِ عَاقِدِ الْإِجَارَةُ التَّمْيِيزُ وَشَرْطُ لُزُومِ عَقْدِ عَاقِدِهَا التَّكْلِيفُ كَالْبَيْعِ وَشَرْطُ الْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ مِنْ كَوْنُهُ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا وَلَا يُرَدُّ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَلِهَذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت إجَارَةُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ شُرُوطُ الْإِجَارَةِ وَلَا تَصِحُّ بِهِ الْإِجَارَةُ، قُلْت: وُجُودُ الشَّرْطِ لَا يَلْزَمُهُ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ وَكَمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ يَكُونُ الثَّمَنُ فِيهَا فِي الْبَيْعِ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْبَيْعِ كُلُّهَا وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ كَالْبَيْعِ عِنْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَتَفْرِيقِ الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا وَتَلَقِّي السِّلَعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

(ص) وَعَجَّلَ إنْ عَيَّنَ (ش) قَاعِدَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْحُلُولِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ أَيْ: عَلَى التَّأْجِيلِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الَّذِي مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَجْرَ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ أَيْ: وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ جَرَى بِذَلِكَ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلَوْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ أَيْ: وَلَوْ عُجِّلَتْ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّعْجِيلُ فِي الْعَقْدِ.

(ص) أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا شَرَطَ عِنْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةُ تَعْجِيلَهُ أَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْجِيلِهِ فِي الْإِجَارَةُ ثُمَّ لُزُومُ التَّعْجِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ وَلِحَقِّ الْآدَمِيِّ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَانْتِفَاؤُهُ فِي الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ لَا فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَيَقْضِي عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْجِيلِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ ثُمَّ الْفَسَادُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

(ص) أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا كَانَ فِي مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا وَإِلَّا أَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بَيَانُهُ أَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ لَك بِالدَّابَّةِ وَذِمَّتُك مَشْغُولَةٌ لَهُ بِالدَّرَاهِمِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَحَاصِلُ مَا قِيلَ هُنَا أَنَّ السَّفِيهَ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ فَهِيَ لَازِمَةٌ صَحِيحَةٌ وَلَا كَلَامَ لِلْوَلِيِّ إلَّا أَنْ يُحَابِيَ، وَأَمَّا لَوْ أَجَّرَ الصَّغِيرُ أَوْ الْعَبْدُ أَنْفُسَهُمَا فَلِلْوَلِيِّ وَالسَّيِّدِ الْفَسْخُ وَالْإِمْضَاءُ فَلَوْ لَمْ يَطْلُعْ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَهُمَا عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُمَا الْأَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمِمَّا سَمَّاهُ، وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ الْأَبِ وَلَدَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَيَجُوزُ إنْ كَانَ بَالِغًا لَا إنْ كَانَ صَبِيًّا، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا أَوْ كَانَ لِتَعْلِيمِهِ الصَّنْعَةَ جَازَ وَيُنْفِقُ عَلَى ذَلِكَ الصَّغِيرُ مِنْ أُجْرَتِهِ وَيَحْبِسُ لَهُ مَا زَادَ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا وَإِذَا أَجَّرَ السَّفِيهُ سِلْعَتَهُ يُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ كَمَا لَوْ بَاعَهَا وَقَوْلُهُ وَسَكَتَ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ مِنْ خَارِجٍ فَغَيْرُهَا مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجٍ وَإِلَّا فَهِيَ كَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ صِحَّةِ عَقْدِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ عَقْدٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ وَبَعْدُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ لُزُومٍ إلَخْ) زَادَهُ كَانَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ السَّفِيهِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللُّزُومَ مِنْ حَيْثُ نَفْسُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ وَلِذَا قُلْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُحَابِيَ (قَوْلُهُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ) فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى شَرْطُ الْإِجَارَةُ الَّتِي هِيَ عَقْدٌ مِنْ الْعُقُودِ أَنْ تَكُونَ صَادِرَةً مِنْ عَاقِدٍ كَالْعَاقِدِ الصَّادِرِ مِنْهُ الْبَيْعُ وَأَنْ تَكُونَ بِأَجْرٍ كَالْأَجْرِ الَّذِي فِي الْبَيْعِ مُرَادٌ بِهِ الْعِوَضُ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ.

(قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ بِهِ الْإِجَارَةُ) أَيْ: إجَارَةُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ تَرَتُّبٌ) أَيْ: لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يَتَخَلَّفُ لِوُجُودِ مَانِعٍ مِنْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ مَعْلُومًا) إمَّا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا أَوْ تَفْصِيلًا فَقَطْ كَحِرَاسَةِ الْأَنْدَرِ كُلُّ إرْدَبٍّ بِقَدَحٍ (قَوْلُهُ وَتَلَقِّي السِّلَعِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ قَاعِدَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) أَيْ وَقَاعِدَةُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْإِجَارَةُ عَلَى التَّعْجِيلِ حَتَّى يُشْتَرَطَ تَأْخِيرُهَا (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ إلَخْ) وَلِذَلِكَ قُلْنَا: إنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا يَجِبُ تَعْجِيلُهَا إلَّا عِنْدَ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَأَمَّا عِنْدَ فَقْدِهَا فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ إلَّا إذَا اسْتَوْفَى الْعَمَلَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً (قَوْلُهُ أَيْ: وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِ تَعْجِيلِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَجَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ صَادِقَةٌ بِأَنْ لَا يَجْرِيَ بِشَيْءٍ وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَالْجَرَيَانِ مَعَ عَدَمِ التَّعْجِيلِ فَيُفْسِدُ الْعَقْدَ وَلَوْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعْجِيلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى عُرْفٌ بِتَعْجِيلِهِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ يَكُونُ فَاسِدًا كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شُرِعَ فِيهَا أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهُ أَوْ اُشْتُرِطَ تَعْجِيلُهُ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَهِيَ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَهَذَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ فَسَدَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى إنْ عَيَّنَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى بِتَعْيِينِهِ أَوْ بِشَرْطٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ تَعْجِيلُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ وَجَبَ تَعْجِيلُهُ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا، فَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ وَلَا جَرَى الْعُرْفُ بِهِ وَكَانَتْ مُعَيَّنَةً جَازَ تَعْجِيلُهُ وَتَأْخِيرُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْأَجْرَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ عَيَّنَ وَقَوْلُهُ وَالْأَخِيرُ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مَضْمُونَةٌ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فِي غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْمَضْمُونَةِ يَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ أَوْ بِتَأْخِيرِهِ أَوْ لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ الثَّانِي أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ بِشَرْطٍ وَقَوْلُهُ وَالثَّالِثُ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَادَةٌ (قَوْلُهُ فَيُقْضَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْجِيلِ) أَيْ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ إلَخْ) ، وَأَمَّا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ ذَلِكَ وَهَذَا فِي النَّقْدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَرَضًا فَيَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي بَابِ الْبَيْعِ عَلَى مَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَبَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ وَبَيْعِ دَارٍ لِتَقْبِضَ بَعْدَ عَامٍ وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَغَائِبٍ وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ عَلَى خِيَارِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ: ابْتِدَاءُ دَيْنٍ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>