اللَّابِسَ لِلْخُفَّيْنِ إذَا نَزَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ مِنْ فَرْدَةِ الْخُفِّ وَعَسُرَ نَزْعُ الْأُخْرَى وَخَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَهَلْ يَتَيَمَّمُ إعْطَاءً لِسَائِرِ الْأَعْضَاءِ حُكْمَ مَا تَحْتَ الْخُفِّ وَتَعَذُّرُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَتَعَذُّرِ جَمِيعِهَا نَقَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ أَوْ يَغْسِلُ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا الْخُفَّ وَيَمْسَحُ الْأُخْرَى قِيَاسًا عَلَى الْجَبِيرَةِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ مَا تَحْتَ الْحَائِلِ مِنْ غَيْرِ تَمْزِيقٍ حِفْظًا لِلْمَالِيَّةِ قَلَّتْ قِيمَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ أَوْ يُمَزِّقُهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ إنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ وَيَمْسَحُ عَلَيْهِ إنْ كَثُرَتْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِعَلَى رَاجِعٌ إلَى الْخُفِّ الَّذِي تَعَذَّرَ خَلْعُهُ مِنْ إحْدَى الرَّجُلَيْنِ وَلَا إشْكَالَ فِي غَسْلِ الْمَنْزُوعَةِ وَلِذَلِكَ سَكَتَ عَنْهَا فَقَوْلُهُ: أَقْوَالٌ هُوَ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ فَفِي كَذَا وَحُذِفَ الْمُضَافُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ إذْ التَّقْدِيرُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَمَفْهُومُ ضَاقَ الْوَقْتُ أَنَّهُ إذَا اتَّسَعَ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّزْعِ كَمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي أَنَّ قِلَّةَ الْقِيمَةِ وَكَثْرَتَهَا بِحَسَبِ الشَّخْصِ وَيُحْتَمَلُ تَحْدِيدُهَا بِمَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ الْمَاءِ بِهِ فِي التَّيَمُّمِ وَقِيلَ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِالنَّظَرِ لِحَالِ الْخُفِّ.
(ص) وَنُدِبَ نَزْعُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِلَابِسِ الْخُفِّ نَزْعُهُ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ لِأَجْلِ غَسْلِهَا وَيُسْتَحَبُّ نَزْعُهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ أَيْضًا مُرَاعَاةً لِأَحْمَدَ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ أَمْ لَا (ص) وَوَضَعَ يُمْنَاهُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَيُسْرَاهُ تَحْتَهَا وَيُمِرُّهُمَا لِكَعْبَيْهِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ أَيْضًا وَضْعُ يُمْنَاهُ عَلَى طَرَفِ أَصَابِعِهِ مِنْ ظَاهِرِ قَدَمِهِ الْيُمْنَى وَوَضْعُ الْيُسْرَى تَحْتَ أَصَابِعِهِ مِنْ بَاطِنِ خُفَّيْهِ فَيُمِرُّهُمَا إلَى حَدِّ الْوُضُوءِ وَاخْتُلِفَ فِي مَسْحِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى هَلْ يَضَعُ يَدَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ أَصَابِعِهَا أَوْ فَوْقَهَا لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ الْيُسْرَى كَذَلِكَ أَوْ الْيُسْرَى فَوْقَهَا تَأْوِيلَانِ (ش) وَقِيلَ يَبْدَأُ فِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَقِيلَ الْيَدُ الْيُمْنَى مِنْ الْأَصَابِعِ وَالْيُسْرَى مِنْ الْعَقِبِ وَيُمِرُّهُمَا مُخْتَلِفَيْنِ وَهَلْ يَأْتِي فِيهِمَا الْخِلَافُ فِي وَضْعِ الْيُسْرَى فَعَلَى إتْيَانِهِ يَتَحَصَّلُ سِتُّ صِفَاتٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي صِفَتِهِ بَعْدَ زَوَالِ طَيَّتِهِ سِتٌّ الْكَافِي وَكَيْفَمَا مَسَحَ أَجْزَأَ اهـ.
(ص) وَمَسَحَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ (ش) أَيْ وَنُدِبَ مَسْحُ أَعْلَاهُ مَعَ أَسْفَلِهِ يَعْنِي أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَنْدُوبٌ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَالتَّلْقِينِ وَالْمَعُونَةِ قَالَ الشَّبِيبِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَوُجُوبُ مَسْحِ الْأَعْلَى يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ إنْ تَرَكَ أَعْلَاهُ لَا أَسْفَلَهُ فَفِي الْوَقْتِ أَيْ وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَاسِحِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ أَسْفَلِ خُفِّهِ وَصَلَّى لَا إنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ أَعْلَاهُ وَتَرَكَ مَسْحَ أَسْفَلِهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ، وَتَرْكُ بَعْضِ الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلِ كَتَرْكِهِ كُلِّهِ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الصَّلَاةِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي مَسْحِ الْأَسْفَلِ بِالْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الْوُضُوءِ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَتَجْدِيدُ وُضُوءٍ إنْ صَلَّى بِهِ وَبَعْضُهُمْ عَلَّلَ إعَادَةَ الْوُضُوءِ بِأَنَّهُ لَمَّا تَرَكَ مَسْحَ الْأَسْفَلِ جَاهِلًا حَتَّى طَالَ كَانَ فِيهِ خَرْمُ الْمُوَالَاةِ الْمُشْتَرَطَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ.
وَلَمَّا ذَكَرَ الطَّهَارَةَ الْمَائِيَّةَ بِقِسْمَيْهَا صُغْرَى وَكُبْرَى وَمَا يَنُوبُ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ: خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ) الْمُعْتَمَدُ أَنْ نَقُولَ الَّذِي هُوَ فِيهِ اخْتِيَارٌ أَوْ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ: إذْ التَّقْدِيرُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ) فَإِنْ قُلْت: إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِكَوْنِهِ عُطِفَ بِأَوْ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي) هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ عج أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ بِالنَّظَرِ لِحَالِ الْخُفِّ.
(قَوْلُهُ: لِأَجْلِ غُسْلِهَا) يُطَالَبُ بِهِ مَنْ يَطْلُبُ بِالْجُمُعَةِ وَلَوْ نَدْبًا كَمَا قَالَهُ الْجِيزِيُّ ثُمَّ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ قَصْرُ النَّدْبِ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْغُسْلَ بِالْفِعْلِ وَيُحْتَمَلُ نَدْبُ نَزْعِهِ مُطْلَقًا فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ عُرْيًا مِنْ الرُّخْصَةِ قَالَهُ زَرُّوقٌ (فَإِنْ قُلْت) لِمَ لَمْ يُسَنَّ نَزْعُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ لِمَنْ يُسَنُّ لَهُ غَسْلُهَا لِأَنَّ الْوَسِيلَةَ تُعْطَى حُكْمَ مَقْصِدِهَا (قُلْت) سُنِّيَّةُ الْغُسْلِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَابِسًا خُفًّا وَإِلَّا نُدِبَ لَكِنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ نَزْعُهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَيْ عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَزَعَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا لَوْ نَزَعَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا يُطَالَبُ بِنَزْعِهِ تَمَامَ الْأُسْبُوعِ مِنْ لُبْسِهِ (قَوْلُهُ: وَوَضْعُ يُمْنَاهُ إلَخْ) أَشْعَرَ نَدْبُ مَا ذُكِرَ إجْزَاءَ الْمَسْحِ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ إنْ عَمَّ كَرَأْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيُمِرُّهُمَا) مِنْ أَمَرَّ فَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْيُسْرَى كَذَلِكَ) هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ شَبْلُونٍ وَقَوْلُهُ أَوْ الْيُسْرَى فَوْقَهَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّيْخُ الْفِيشِيُّ وَاخْتَارَ سَنَدٌ تَأْوِيلَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَرَجَّحَهُ بِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَوَهَمَ ابْنُ شَبْلُونٍ فِي تَأْوِيلِهِ فَعُلِمَ أَنَّ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ أَرْجَحُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَقِبِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْعَقِبِ.
(قَوْلُهُ: وَمَسَحَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَجْنَابَ الرِّجْلَيْنِ كَالْأَعْلَى لِأَنَّ الْأَبْوَابَ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهَا الظَّاهِرُ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا بِالْأَعْلَى يُلْحَقُ فِيهَا الْأَجْنَابُ بِالْأَعْلَى كَأَجْنَابِ اللِّحْيَةِ وَكَأَجْنَابِ الْأَصَابِعِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا قَارَبَ الْأَسْفَلَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَمَا عَدَاهُ يُعْطَى حُكْمَ الْأَعْلَى وَلَا فَرْقَ فِي الْبُطْلَانِ أَيْ عِنْدَ تَرْكِ مَسْحِ الْأَعْلَى تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ عَجْزًا نَعَمْ لَهُ الْبِنَاءُ فِي النِّسْيَانِ مُطْلَقًا وَفِي الْعَمْدِ وَالْعَجْزِ وَالْجَهْلِ إذَا لَمْ يَطُلْ وَأَمَّا إذَا طَالَ فَيَبْتَدِئُ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ) أَيْ حَيْثُ تَرَكَ مَسْحَ الْأَسْفَلِ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا أَوْ عَجْزًا وَطَالَ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ مَسَحَ الْأَسْفَلَ فَقَطْ وَكَذَا إنْ كَانَ التَّرْكُ سَهْوًا طَالَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ) أَيْ مَا دَامَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الْوُضُوءِ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَتَجْدِيدُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّجْدِيدَ لَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ الْبَابِ فَذِكْرُهُ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) وَجْهُهُ أَنَّ الْمُوَالَاةَ الْمُشْتَرَطَةَ وُجُوبًا إنَّمَا تَكُونُ فِي فَرَائِضَ، وَمَسْحُ الْأَسْفَلِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَقَدْ يُقَالُ أَرَادَ بِالْمَشْرُوطِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَاجِبِ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ كَانَ فِيهِ حَرَّمَ الْمُوَالَاةَ الْمُشْتَرَطَةَ أَيْ مُرَاعًى فِيهِ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute