للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَطْحَنَهُ أَوْ يُمْكِنَ إعَادَتُهُ كَالنُّحَاسِ عَلَى أَنْ يَصْنَعَهُ قَدَحًا، فَإِذَا انْتَفَى الْإِكْرَامُ كَالزَّيْتُونِ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ فَلَا وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي غَيْرِ نَفْسِ الْمَبِيعِ جَازَتْ بِغَيْرِ شَرْطٍ.

(ص) وَكَجِلْدٍ لِسَلَّاخٍ وَنُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى كَمَعَ جُعْلٍ أَيْ: لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصًا عَلَى سَلْخِ شَاةٍ مَثَلًا بِجِلْدِهَا وَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاةِ مَذْبُوحَةً أَوْ حَيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجِلْدَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ سَلْخِهِ وَقَدْ يَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَقَدْ يُسَلَّمُ وَمِثْلُ الْجِلْدِ اللَّحْمُ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْجِلْدِ كَمَا أَشَارَ لَهُ تت وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ إنَّ اللَّحْمَ دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ هُوَ مَعَ السَّلْخِ بِرَأْسِ الشَّاةِ أَوْ بِالْأَكَارِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ تَصِحُّ ذَكَاتُهَا أَمْ لَا وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى السَّلْخِ وَحْدَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ نَظَرَ فِيهِ ثُمَّ إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ جُلُودِ نَحْوِ السِّبَاعِ عَلَى ظُهُورِهَا بِخِلَافِ بَيْعِ جُلُودِ الْغَنَمِ عَلَى ظُهُورِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى طَحْنِ الْحِنْطَةِ بِنُخَالَتِهَا لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهَا وَبِصِفَتِهَا فَأَشْبَهَتْ الْجُزَافَ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ النُّخَالَةِ بِأَنْ يَقُولَ لِلطَّحَّانِ اطْحَنْهُ وَلَك صَاعٌ مِنْ النُّخَالَةِ لَجَازَ.

(ص) وَجُزْءِ ثَوْبٍ لِنَسَّاجٍ (ش) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ آجَرْتَهُ عَلَى دَبْغِ جُلُودٍ أَوْ عَمَلِهَا أَوْ نَسْجِ ثَوْبٍ عَلَى أَنَّهُ لَهُ نِصْفُهَا إذَا فَرَغَ لَمْ يَجُزْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَخْرُجُ، وَلِأَنَّ مَالِكًا قَالَ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ بِهِ أَصْبَغُ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَالثَّوْبُ وَالْجُلُودُ لِرَبِّهَا يُرِيدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ النِّصْفَ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَعَلَى هَذَا إنْ فَاتَتْ الْجُلُودُ بِيَدِ الصَّانِعِ بَعْدَ الدَّبْغِ فَلَهُ النِّصْفُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ خَرَجَتْ الْجُلُودُ مِنْ الدِّبَاغِ وَلِرَبِّهَا النِّصْفُ الْآخَرُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي دِبَاغِ الْجَمِيعِ يَعْنِي إذَا فَاتَتْ الْجُلُودُ بِيَدِ الصَّانِعِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ النِّصْفَ الَّذِي جُعِلَ لَهُ بِقِيمَتِهِ فَيَدْفَعُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا.

وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ مِلْكٌ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ دَبْغِهِ أَيْضًا أَمَّا لَوْ جَعَلَ لَهُ النِّصْفَ قَبْلَ الدَّبْغِ عَلَى أَنْ يَدْبُغَهَا مُجْتَمِعَةً فَأَفَاتَهَا بِالدِّبَاغِ فَلَهُ نِصْفُهَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضَهَا وَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ فِي نِصْفِهَا لِلتَّحْجِيرِ فِي نِصْفِ الدَّابِغِ يَعْنِي إذَا دَفَعَ لَهُ قَبْلَ الدَّبْغِ عَلَى أَنْ يَدْبَغَهَا مُجْتَمِعَةً فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَإِذَا أَفَاتَهَا بِالدِّبَاغِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ أَجْرُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ عَمَلِهِ فِيهِ، وَاحْتَرَزَ الْمُؤَلِّفُ بِجُزْءِ الثَّوْبِ مِنْ جَزْءِ الْغَزْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهُ لَك مِنْ الْغَزْلِ كَذَا نَفْعَلُ فِيهِ مَا شِئْت فِي نَظِيرِ نَسِيجِك، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ لَهُ الْآنَ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ يَضْرِبَ أَجَلَ الْإِجَارَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا لَهُ غَايَةٌ يَكْفِي فِيهِ تَعْيِينُ الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ وَمَا لَا غَايَةَ لَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ الْأَجَلِ كَالرَّعْيِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا انْتَفَى الْأَمْرَانِ) أَيْ: اللَّذَانِ هُمَا مَعْرِفَةُ الْخُرُوجِ أَوْ إمْكَانُ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ كَالزَّيْتُونِ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الزَّيْتُونَ لَا يُعْرَفُ خُرُوجُهُ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ خُرُوجِهِ وَإِمْكَانِ إعَادَتِهِ زَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَائِلًا وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ إذَا ضَرَبَا لِلْإِجَارَةِ أَجَلًا وَإِلَّا فَكَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْجَعْلِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَقَعَ تَعْيِينُ الْإِجَارَةُ بِالْعَمَلِ.

(قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْجَلْدِ) أَيْ: فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةً لِسَلَّاخٍ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى الذَّبْحِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَنْعِ دَفْعُ الْجِلْدِ عَلَى الذَّبْحِ أَيْضًا لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ احْتِمَالُ عَدَمِ خُرُوجِهِ سَالِمًا مِنْ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى السَّلْخِ وَحْدَهُ) أَيْ: بِرَأْسِهَا أَوْ أَكَارِعِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى السَّلْخِ بِالْأَكَارِعِ مِثْلُ الرَّأْسِ فِي أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الذَّبْحِ لَا يَجُوزُ وَبَعْدَهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ بِجِلْدِهَا أَوْ قِطْعَةٍ مِنْ لَحْمِهَا عَلَى سَلْخِهَا لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى ذَبْحِهَا بِقِطْعَةٍ مِنْ لَحْمِهَا.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ جُلُودِ الْغَنَمِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَنَمَ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا فَلَا يُحْتَاطُ فِي حِفْظِ الْجِلْدِ بِخِلَافِ السِّبَاعِ يُكْرَهُ أَكْلُهَا فَيُحْتَاطُ فِي حِفْظِ الْجِلْدِ وَهَذَا مَا ذَكَرُوهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ كَالْغَنَمِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْفَرْعَيْنِ فَهُنَاكَ قَوْلٌ يَقُولُ بِمَنْعِ بَيْعِ جُلُودِ السِّبَاعِ عَلَى ظُهُورِهَا وَقَوْلٌ يَقُولُ يَجُوزُ بَيْعُ جُلُودِ الْغَنَمِ عَلَى ظُهُورِهَا (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الْجَهْلَ بِالصِّفَةِ مَوْجُودٌ.

(قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا) أَيْ: الْقِسْمِ الَّذِي لَمْ يُجْعَلْ لَهُ النِّصْفُ الْأَبْعَدُ إلَخْ (قَوْلُهُ بَعْدَ الدَّبْغِ) أَيْ: فَالدِّبَاغُ لَيْسَ مُفَوِّتًا بَلْ الْفَوَاتُ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدَّبْغِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْفَوَاتُ بَعْدَ الدَّبْغِ يَلْزَمُ صَاحِبَ الْجِلْدِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي دِبَاغِ كُلِّ الْجِلْدِ أَوْ نَسْجِ كُلِّ الثَّوْبِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْزَمُ الصَّانِعَ بَعْدَ أَخْذِهِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِي الْجَمِيعِ دَفْعُ قِيمَةِ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ جُعِلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَ عِنْدَهُ فَقَدْ مَلَكَهُ فَيَدْفَعُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ أُجْرَةَ الْجَمِيعِ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَهُ لَهُ مِنْ الْآنَ فَحُكْمُهُ بَعْدَ الْفَوَاتِ أَنَّ الصَّانِعَ يَغْرَمُ قِيمَةَ نِصْفِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَلَا يَأْخُذُ أَجْرًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِقِيمَتِهِ وَيَأْخُذُ أُجْرَةَ النِّصْفِ الثَّانِي (قَوْلُهُ يَوْمَ خَرَجَتْ الْجُلُودُ) وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ تَكُونَ لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ النِّصْفَ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَكَانَ الْقَبْضُ إنَّمَا حَصَلَ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ فَأَفَاتَهَا بِالدِّبَاغِ) أَيْ بِتَمَامِ الدَّبْغِ أَيْ: فَالدِّبَاغُ مُفَوِّتٌ، وَأَمَّا الشُّرُوعُ فِيهِ فَهَلْ هُوَ فَوْتٌ أَمْ لَا فِيهِ خِلَافٌ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ لِلتَّحْجِيرِ فِي نِصْفِ الدَّابِغِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بِقِيمَتِهِ أَيْ إنَّمَا حَكَمْنَا بِالْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ نَتِيجَةُ الْفَسَادِ لِلتَّحْجِيرِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَدْبُغَهَا مُجْتَمِعَةً) وَأَمَّا إنْ جَعَلَ لَهُ الْجُزْءَ قَبْلَ الدَّبْغِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي دَبْغِهِ مَعَ جُزْئِهِ فَيَجُوزُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ، وَأَمَّا إنْ أَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ جَعَلَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَعْطَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>