للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِمَا تُنْبِتُهُ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ كَالْقُطْنِ وَنَحْوِهِ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْمُزَابَنَةُ، وَأَمَّا أَرْضُ غَيْرِ الزِّرَاعَةِ كَالدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالطَّعَامِ إجْمَاعًا وَلَا بَأْسَ بِكِرَاءِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِالْمَاءِ وَلَوْ مَاءَ زَمْزَمَ وَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِشَجَرٍ فِيهِ ثَمَرٌ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ كِرَاءً.

(ص) إلَّا كَخَشَبٍ (ش) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِمَّا يَطُولُ مُكْثُهُ فِيهَا حَتَّى يُعَدَّ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا كَخَشَبٍ وَعُودِ الْهِنْدِيِّ وَصَنْدَلٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كِرَاؤُهَا بِهِ وَالصَّنْدَلُ هُوَ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْهُ الطِّيبُ وَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِمَا تُنْبِتُهُ وَلَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَشِيشِ وَالْحَلْفَاءِ.

(ص) وَحَمْلُ طَعَامٍ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ (ش) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ أَيْ: أَنَّ الْإِجَارَةَ تَفْسُدُ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ لِبَلَدِ كَذَا بِنِصْفِهِ مَثَلًا إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْجُزْءَ الْمُسْتَأْجَرَ بِهِ الْآنَ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ أَيْ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ بِالْفِعْلِ وَكَانَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَهُ، وَمِثْلُ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ مَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ وَعَجَّلَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِجَارَةِ بِمُعَيَّنٍ فَيَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُهَا وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إنْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْعُرْفُ التَّعْجِيلُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا عُرْفَ لَهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ.

وَحَيْثُ قُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ هُنَا التَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ فِي التَّعْجِيلِ فَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا عُرْفَ لَهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ؛ إذْ الْقَبْضُ مَعَ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ غَيْرُ كَافٍ.

(ص) وَكَانَ خِطَّتُهُ الْيَوْمَ بِكَذَا وَإِلَّا فَبِكَذَا (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَلَهُ دِرْهَمٌ وَإِنْ لَمْ يَخِطْهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَلَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْأَجْرِ فَإِنْ وَقَعَ وَخَاطَهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا فَقَوْلُهُ وَكَانَ خِطَّتُهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ.

(ص) وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ (ش) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ أَيْ: وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا قَالَ: لَهُ اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي أَوْ اعْمَلْ لِي عَلَى دَابَّتِي أَوْ عَلَى سَفِينَتِي أَوْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِي حَمَّامِي أَوْ فِي دَارِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ فَلَكَ نِصْفُهُ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ وَسَوَاءٌ عَمِلَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَاهَا لِمَنْ عَمِلَ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ فَمَا حَصَلَ أَدْخَلَ الْفَاءَ فِيهِ لِكَوْنِ مَا بَعْدَهَا جَوَابَ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ: وَإِذَا عَمِلَتْ فَمَا حَصَلَ.

(ص) وَهُوَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الْعَمَلِ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ أَوْ فِي الْحَمَّامِ أَوْ فِي الدَّارِ فَهُوَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَمَا مَعَهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَكَأَنَّهُ اكْتَرَى ذَلِكَ كِرَاءً فَاسِدًا ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ عَمِلَ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا كَانَ مُطَالَبًا بِالْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ عَاقَهُ عَنْ الْعَمَلِ عَائِقٌ وَعَرَفَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَمْ يُكْرِهَا بِشَيْءٍ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ.

(ص) عَكْسُ لِتَكْرِيهَا (ش) الْعَكْسُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَمَا مَعَهَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ لِأَنَّهُ أَجَّرَهُ نَفْسَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَكْسِ الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا الْفَسَادُ كَالْأُولَى وَلَوْ قَالَ لَهُ أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا فَيَكُونُ مَا حَصَلَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا، وَإِنْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ عَلَيْهَا فَأَكْرَاهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِلْأَجِيرِ وَلِرَبِّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِرَبِّهَا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ مَنَافِعِهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا فُسِخَ.

(ص) وَكَبَيْعِهِ نِصْفًا بِأَنْ يَبِيعَ نِصْفًا إلَّا بِالْبَلَدِ إنْ أَجَّلَا وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا (ش) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ

ــ

[حاشية العدوي]

فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَعَامٍ فَالْمَنْعُ إذَا أُكْرِيَتْ لِلزِّرَاعَةِ، وَأَمَّا لَوْ أُكْرِيَتْ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ لِلْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِذَلِكَ كَالدُّورِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا كَخَشَبٍ) وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الْحَشِيشُ وَالْحَلْفَاءُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ وَلَوْ اسْتَنْبَتَ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا يَنْتُجُ كَأَنَّهُ جَزْءٌ مِنْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ يَطُولُ مُكْثُهُ فِيهَا وَلَا يَنْزِعُ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا عُدَّ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا لَا يَطُولُ مِمَّا يَنْزِعُ لِلِانْتِفَاعِ بَعْدُ كَجُزْءٍ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ وَحَمْلُ طَعَامٍ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ إلَخْ) وَإِذَا نَزَلَ وَحَمَلَهُ إلَى الْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ فَإِنَّ الطَّعَامَ يَكُونُ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهِ كُلِّهِ أَيْ: أُجْرَةُ الْمِثْلِ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ وَكَانَ خِطْته إلَخْ) وَالْمَنْعُ حَيْثُ كَانَ عَلَى الْإِلْزَامِ وَلَوْلَا حَدُّهُمَا فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ لِكُلٍّ جَازَ.

(قَوْلُهُ وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي) أَيْ: وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاحْتِطَابٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنْ قَيَّدَ الْعَمَلَ بِالِاحْتِطَابِ جَازَ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا قَالَ أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ) أَيْ: مَا يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ حَطَبٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أَوْ أُجْرَةٍ كَمَا فِي الَّذِي قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِي حَمَّامٍ (قَوْلُهُ عَكْسُ لِتُكْرِيهَا) أَيْ: وَمَوْضُوعُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: خُذْهَا لِتُكْرِيهَا أَوْ أَكْرَاهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا فَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِلْأَجِيرِ) هَذَا تَقَدُّمٌ لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَكْرِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِرَبِّهَا) أَيْ: وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا فَهُمَا قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>