للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَدَمُ تَغَيُّرِهَا وَلِذَا أَجَازُوا اشْتِرَاطَ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ إلَى سِنِينَ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَعَشْرَةِ أَيَّامٍ.

(ص) وَعَدَمُ التَّسْمِيَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّقَبَةَ سِنِينَ مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا يَخُصُّ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ الْأُجْرَةِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّقَبَةَ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا يَخُصُّ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ أُسْبُوعٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ الْأُجْرَةِ.

(ص) وَكِرَاءُ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَالنَّقْضُ لِرَبِّهِ إذَا انْقَضَتْ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا مَسْجِدًا مُدَّةَ الْإِجَارَةُ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَبْسِ التَّأْبِيدُ كَمَا يَأْتِي، فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ رَجَعَ النَّقْضُ لِرَبِّهِ أَيْ: لِمَنْ بَنَاهُ يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ وَتَرْجِعُ الْأَرْضُ لِمَالِكِهَا فَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَقَاءَ الْبِنَاءِ فِي أَرْضِهِ عَلَى حَالِهِ حَبْسًا لَمْ يُجْبَرْ بَانِيهِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ بَانِيهِ بَقَاءَهُ عَلَى حَالِهِ حَبْسًا لَمْ يُجْبَرْ مَالِكُ الْأَرْضِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ بِنَائِهَا مَسْجِدًا لِلَّهِ فَإِنَّ النَّقْضَ لَا يَكُونُ لِبَانِيهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لِلَّهِ؛ لِأَنَّ الْبَانِيَ خَرَجَ عَنْهُ لِلَّهِ عَلَى التَّأْبِيدِ.

(ص) وَعَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى طَرْحِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى حَمْلِهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فَلَا يَجُوزُ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ عَلَى حَمْلِ مَيْتَةٍ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٌ عَلَى جَارٍ وَالتَّقْدِيرُ وَاسْتِئْجَارٌ عَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ وَاغْتُفِرَ عَمَلُ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا لِكَوْنِ الْمَعْمُولِ جَارًّا وَمَجْرُورًا عَلَى مَا فِيهِ وَاحْتَجْنَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَصْلُحُ لَأَنْ يُعْطَفَ هَذَا عَلَيْهِ.

(ص) وَالْقِصَاصُ وَالْأَدَبُ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقِصَاصِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ وَجَبَ لَهُ قِصَاصٌ عَلَى شَخْصٍ وَثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَأَسْلَمَ لِمُسْتَحِقِّهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ غَرِيمِهِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصًا يُؤَدِّبُ لَهُ وَلَدَهُ أَوْ عَبْدَهُ، وَاحْتُرِزَ بِالْقِصَاصِ مِمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ لَهُ رَجُلًا ظُلْمًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ وَفَعَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ أَحْكَامِ الدِّمَاءِ.

(ص) وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا (ش) أَيْ: أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ الْعَبْدِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا أَيْ: بِالنَّقْدِ وَلَوْ بِشَرْطٍ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَحَدُّ إجَارَتِهَا سَنَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي سَفَرٍ فَغَايَةُ ذَلِكَ الشُّهُورُ، قَالَ فِيهَا: لَا بَأْسَ بِإِجَارَةِ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَالدَّارُ أَبْيَنُ أَيْ ذَلِكَ فِيهَا جَائِزٌ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأُجْرَةِ فِيهِ بِشَرْطِ ابْنِ يُونُسَ يَجُوزُ إجَارَةُ الدَّارِ ثَلَاثِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ وَالْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ وَبِعِبَارَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج جَعَلَهُ شَرْطًا فِي جَوَازِ إجَارَتِهِ أَيْ: إنْ شَرَطَ جَوَازَ إجَارَةِ كُلٍّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ التَّوَاجِرِ الْأُوَلِ وَتَلِي مُدَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَمُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ غَالِبًا وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاؤُهُ بِحَالِهِمَا فِيهِمَا وَفِيمَا سَيَأْتِي فِيهِ احْتِمَالُ بَقَائِهِ وَتَغَيُّرِهِ وَالْأَوَّلُ يَجُوزُ فِيهِ الْعَقْدُ وَالنَّقْدُ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ النَّقْدُ، وَاخْتَلَفَ هَلْ يَجُوزُ الْعَقْدُ أَمْ لَا وَهَذَا جَعَلَهُ شَرْطًا فِي النَّقْدِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ وَتَغَيُّرُهُ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى وَشَارِحُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا جَعَلَهُ شَرْطًا فِي النَّقْدِ احْتَاجَ إلَى أَنْ يُقَيِّدَ بِقَوْلِهِ أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ يُؤْمَنُ بَقَاؤُهَا وَعَدَمُ تَغَيُّرِهَا فَلَمْ يَجْعَلْ الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ الشَّامِلِ لِصُورَةِ التَّسَاوِي (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَعَشْرَةِ أَيَّامٍ) هَذَا فِي الْحَيَوَانِ الرَّقِيقِ لَا فِي دَابَّةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا رُكُوبًا أَوْ حَمْلًا أَوْ عَمَلًا فَإِنَّ هَذَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرُكُوبُهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا يَخُصُّ كُلَّ سَنَةٍ) فَلَوْ كَانَتْ سَنَةً تُخَالِفُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا كَذَلِكَ كَدُورِ مَكَّةَ وَحَصَلَ مَانِعٌ فَإِنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لِلتَّقْوِيمِ جَازَ اتِّفَاقًا وَلِلتَّسْمِيَةِ فَسَدَ اتِّفَاقًا أَوْ سَكَتَا رَجَعَا لِلْقِيمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّسْمِيَةُ لَغْوٌ وَيُقْضَى بِالْقِيمَةِ وَلِمَالِكِ الْعَقْدِ فَاسِدًا نَظَرٌ تت وَقَوْلُهُ فَسَدَ اتِّفَاقًا مَعْنَاهُ مَا لَمْ تُوَافِقْ التَّسْمِيَةُ الْقِيمَةَ فَإِنْ وَافَقَتْهَا صَحَّ الرُّجُوعُ لَهَا؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لِلْقِيمَةِ ضِمْنًا.

(قَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرْ بَانِيهِ عَلَى ذَلِكَ) وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا وَيُبْقِيهِ مَسْجِدًا فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَبَدِ جُبِرَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْقَبُولِ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُبْقِيَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِخَزْنٍ وَنَحْوِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ شَارِحِنَا لَمْ يُجْبَرْ بَانِيهِ عَلَى ذَلِكَ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ الْأَنْقَاضِ أَوْ أَرَادَ دَفْعَ قِيمَةِ الْأَنْقَاضِ وَلَمْ يُبْقِهِ مَسْجِدًا أَوْ أَبْقَاهُ مَسْجِدًا لَا عَلَى الدَّوَامِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ) لَا مَفْهُومَ لِمَسْجِدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى حَبْسٍ كَمَا قَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ: وَلَوْ لِنَفْعِ كِلَابِهِ كَذَا قُرِّرَ.

(قَوْلُهُ وَثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ) لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَالَةِ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَالَةَ الشُّهُودِ أَوْ عَلِمَ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ وَصِحَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ عَادِلًا بَلْ جَائِرًا فِي غَيْرِ هَذِهِ النَّازِلَةِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّبُ لَهُ وَلَدَهُ أَوْ عَبْدَهُ) وَيُصَدَّقُ الْأَبُ وَالسَّيِّدُ فِي أَنَّ الْوَلَدَ وَالْعَبْدَ فَعَلَا مَا يُوجِبُ الْأَدَبَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا وَالْوَلَدِ إنْ كَانَ صَغِيرًا، وَأَمَّا الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فَلَا بُدَّ مِنْ الثُّبُوتِ.

(قَوْلُهُ وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ) الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْمُدَّةَ فِي الْعَبْدِ أَكْثَرُ مِنْ الْمُدَّةِ فِي الدَّابَّةِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ يُخْبِرُ بِحَالِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إتْلَافِهَا (قَوْلُهُ فَغَايَةُ ذَلِكَ الشُّهُورُ) وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ أَيْ: مَا عَدَا السَّنَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ) أَيْ: غَالِبًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ بِغَيْرِ شَرْطِ النَّقْدِ وَمِثْلُهَا فِي التَّفْصِيلِ الْأَرْضُ وَكَوْنُهَا مَأْمُونَةَ الرَّيِّ، وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ عج أَنَّ الْأَمْنَ أَيْ: غَلَبَةُ ظَنِّ الْأَمْنِ تُسَوِّغُ الْقُدُومَ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى شَرْطِ النَّقْدِ وَاسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ يُسَوِّغُ الْقُدُومَ عَلَى الْعَقْدِ دُونَ النَّقْدِ، وَأَمَّا غَلَبَةُ ظَنِّ عَدَمِ الْأَمْنِ فَلَا يَجُوزُ عَقْدًا وَلَا نَقْدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>