للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَعَصْرِ الْخَمْرِ وَرَعْيِ الْخَنَازِيرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ لِكَافِرٍ فَإِنْ فَعَلَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تُرَدُّ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنْ فَاتَتْ بِالْعَمَلِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْكَافِرِ وَيُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَدَبًا لِلْمُسْلِمِ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ لِأَجْلِ جَهْلٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَنُصِبَ قَوْلُهُ كَافِرًا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ لِعَبْدِ الذِّمِّيِّ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي بَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ لِعَبْدِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِكِرَاءٍ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ فَيَنْصِبُ مَفْعُولَيْنِ وَمَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ كَعَبْدٍ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّصْبَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ.

(ص) وَبِنَاءُ مَسْجِدٍ لِلْكِرَاءِ وَسُكْنَى فَوْقَهُ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِلْكِرَاءِ أَيْ: يَأْخُذَ أُجْرَةً مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ، وَكَذَلِكَ تُكْرَهُ السُّكْنَى فَوْقَهُ بِالْأَهْلِ، وَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِحْيَاءِ مِنْ مَنْعِ السُّكْنَى بِالْأَهْلِ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ لَمْ يُبْنَ لِلْكِرَاءِ فَلَهُ حُرْمَةٌ فَوْقَ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ الْمَبْنِيِّ لِلْكِرَاءِ كَمَا هُنَا أَوْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَنْعِ فَيُوَافِقُ الْمَنْعَ الْآتِيَ كَمَا نَقَلَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ عَلَى التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا السُّكْنَى فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ أَهْلٍ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ السُّكْنَى بِالْأَهْلِ تَحْتَ الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِلْكِرَاءِ أَمْ لَا.

(ص) بِمَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ (ش) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ تَقْدِيرُهُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ يُدْفَعُ بِسَبَبِ مَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِعَاقِدٍ كَعَاقِدِ الْبَيْعِ وَبِدَفْعِ أَجْرٍ بِسَبَبِ مَنْفَعَةٍ تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَنْفَعَةُ لَهَا قِيمَةٌ، وَمَعْنَى تَتَقَوَّمُ أَنْ تَكُونَ لَهَا قِيمَةٌ يُحْتَرَزُ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ تُفَّاحَةً لِلشَّمِّ أَوْ اسْتَأْجَرَ الطَّعَامَ لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ خَشْيَةَ السَّلَفِ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ، وَانْظُرْ حُكْمَ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِسْكًا أَوْ زَبَادًا لِلشَّمِّ هَلْ هُوَ مِثْلُ اسْتِئْجَارِ التُّفَّاحَةِ لِلشَّمِّ وَنَحْوِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمِثْلُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كِرَاءُ الشَّمْعِ لِلْمَشْيِ بِهَا فِي الزَّفَفِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ وَبِعِبَارَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَعْنَى تَقْوِيمِهَا دُخُولُهَا تَحْتَ التَّقْوِيمِ بِأَنْ تَكُونَ الذَّاتُ بِحَيْثُ تَتَأَثَّرُ بِاسْتِيفَائِهَا مِنْ حَيْثُ اسْتِيفَاؤُهَا تَأَثُّرًا شَرْعِيًّا يَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ لَهُ كَالْقِيمَةِ لِلذَّوَاتِ، وَأَمَّا تَأَثُّرِ التُّفَّاحَةِ وَنَحْوِهَا بِالشَّمِّ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ وَلَيْسَ نَاشِئًا عَنْ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اسْتِيفَاءُ.

(ص) قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ شُرُوطِهَا أَنْ تَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ حِسًّا فَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَعْمَى لِلْخَطِّ وَالْأَخْرَسِ لِلْكَلَامِ وَشَرْعًا فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ وَالدُّعَاءِ وَحَلِّ الْمَرْبُوطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا عَلَى تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ وَدُخُولِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ.

(ص) بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ كَعَصْرِ الْخَمْرِ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ يَخْدِمُهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ يَجْرِي خَلْفَهُ فَهُوَ حَرَامٌ وَيُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْفَوَاتِ فَلَا يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ فَحُرْمَةُ هَذَا أَخَفُّ مِنْ حُرْمَةِ الْعَصِيرِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْإِرْضَاعُ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ) مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَكَانَ الْأَوْلَى إلْصَاقَهُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِلْكِرَاءِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَإِنْ بَنَاهُ لِلَّهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ قَصَدَ أَخْذَ الْكِرَاءِ مِمَّنْ يُصَلِّي كُرِهَ الْقَصْدُ الثَّانِي وَكَذَا يُكْرَهُ أَخْذُ الْكِرَاءِ مِمَّنْ يُصَلِّي بِبَيْتِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَجَازَ غَيْرُهَا أَخْذَهُ فِي الْبَيْتِ وَاعْتَرَضَ الْحَطَّابُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ أَكْثَرَ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ لَا الْكَرَاهَةُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِمَّنْ يُصَلِّي إشَارَةً إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ إذَا أَخَذَتْ مِنْ الْمُصَلِّينَ، وَأَمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا كَرَاهَةَ كَذَا وَجَدْتُ عِنْدِي مِمَّا كَتَبْت زَمَن الْأَخْذِ عَنْ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ يُكْرَهُ السُّكْنَى فَوْقَهُ بِالْأَهْلِ) هَذَا إذَا بُنِيَ لِلسُّكْنَى قَبْلَ التَّحْبِيسِ بِأَنْ قَصَدَ ذَلِكَ قَبْلَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَوْ حَالَ بِنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَحْبِيسِهِ وَقَوْلُهُ وَمَا يَأْتِي إلَخْ أَيْ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا بَنَاهُ بَعْدَ تَحْبِيسِهِ وَانْظُرْ لَوْ جَهِلَ فِعْلَ الْوَاقِفِ مِنْ الْمَبِيتِ فَوْقَهُ بِالْأَهْلِ هَلْ هُوَ قَبْلَ تَحْبِيسِهِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا إلَخْ) اسْتَظْهَرُوا الْجَوَابَ الْأَوَّلَ وَالنَّقْلُ يُفِيدُ قُوَّةَ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا جَائِزَةٌ) كَانَ مَبْنِيًّا لِلْكِرَاءِ أَوْ لِلْعِبَادَةِ.

(قَوْلُهُ تَتَقَوَّمُ) مُضَارِعُ تَقَوَّمَ أَيْ: تَقْبَلُ التَّقْوِيمَ فَيَجُوزُ إثْبَاتُ تَاءَيْهِ وَحَذْفُ إحْدَاهُمَا وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يُبْنَى لِلْمَفْعُولِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْأُولَى وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ إلَخْ) جَعْلُهَا لِلْعِوَضِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَعْنَى صِحَّةُ الْإِجَارَةُ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ أَيْ: تَقْبَلُ الْقِيمَةَ لَوْ تَلِفَتْ بِخِلَافِ التُّفَّاحَةِ فَإِنَّ رَائِحَتَهَا لَا قِيمَةَ لَهَا إذَا تَلِفَتْ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَأَجْرٌ يُدْفَعُ) الدَّفْعُ لَيْسَ بِشَرْطٍ.

(قَوْلُهُ لِلْمَشْيِ بِهَا فِي الزَّفَفِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ) وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ شَمْعُ الْقَاعَةِ أَيْ: يَمْشِي بِهَا لِلزِّينَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوقَدَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ أَنْ يُوقِدَهَا وَيَأْخُذَ مِنْهَا بِحَسَبِ مَا ذَهَبَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ فَلَا يَجُوزُ وَتَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ.

(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اسْتِيفَاءٌ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ الِاسْتِيفَاءِ لَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِيفَاءَ أَصْلًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ أَوَّلًا، وَأَمَّا تَأَثُّرُهَا فَمِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَشَرْعًا) قَدْ يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا حَظْرَ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَنْفَعَةِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ الْمَنْفَعَةُ جَازَ فَقَدْ قَالَ الْأَبِيُّ، وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ عَلَى حَلِّ الْمَعْقُودِ فَإِنْ كَانَ يَرْقِيهِ بِالرُّقْيَةِ الْعَرَبِيَّةِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بِالرُّقَى الْعَجَمِيَّةِ لَمْ يَجُزْ وَفِيهِ خِلَافٌ وَكَانَ الشَّيْخُ يَقُولُ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ النَّفْعُ جَازَ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا) قَالَ بَهْرَامُ وَقَوْلُهُ قَصْدًا اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ إجَارَةِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ بَعْضَهَا وَإِنْ ذَهَبَ بِالِاسْتِعْمَالِ لَكِنْ بِحُكْمِ التَّبَعِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ وَالشَّاةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَطَّ الْفَائِدَةِ قَوْلُهُ قَصْدًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْإِجَارَةِ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>