للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدَّرَاهِمَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ فَالْمَنْفَعَةُ فِيهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْإِجَارَةِ.

(ص) وَلَا مُتَعَيِّنٍ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِعْلُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِهِ وَاجِبًا أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسه فِيهِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِخِلَافِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ عَلَى فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْأَذَانِ وَغُسْلِ الْمَيِّتِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ.

(ص) وَعُيِّنَ مُتَعَلِّمٌ وَرَضِيعٌ وَدَارٌ وَحَانُوتٌ وَبِنَاءٌ عَلَى جِدَارِ وَمَحْمَلٌ (ش) يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُ تَعْيِينُهُ حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَسَدَ فَأَمَّا تَعْيِينُ الْمُتَعَلِّمِ وَالرَّضِيعِ فَلِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُتَعَلِّمِ بِالذَّكَاءِ وَالْبَلَادَةِ وَحَالِ الرَّضِيعِ بِكَثْرَةِ الرَّضَاعِ وَقِلَّتِهِ، وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ تَعْيِينُ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ وَالْحَانُوتِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا مَضْمُونَيْنِ فِي الذِّمَّةِ؛ إذْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِهِمَا وَحُدُودِهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأُجْرَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَكْرَى جِدَارًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءً فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرِ الْبِنَاءِ وَصِفَتِهِ وَكَوْنِهِ بِالطُّوبِ أَوْ الْحِجَارَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ أَيْضًا تَعْيِينُ الْمَحْمَلِ إذَا أَكْرَاهُ لِيَرْكَبَ فِيهِ وَمَحَلُّ لُزُومِ تَعْيِينِ مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ إنْ لَمْ تُوصَفْ وَإِلَّا اكْتَفَى بِالْوَصْفِ عَنْ التَّعْيِينِ فَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ تُوصَفْ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ لَكِنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْجِدَارِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ إلَّا الْوَصْفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَى هَذَا فَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فِي الرَّضِيعِ وِفَاقٌ لِلْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فَقَالَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ وَصَفُوا سِنَّ الرَّضِيعِ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارِ رَضَاعِهِ جَازَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ.

(ص) وَدَابَّةٍ لِرُكُوبٍ وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ وَذُكُورَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ غَيْرَ الْمَضْمُونَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً أَيْ: مُشَاهَدَةً مَعَ الْإِشَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً لَمْ يَلْزَمْ تَعْيِينُهَا بَلْ الْوَاجِبُ تَعْيِينُ جِنْسِهَا كَخَيْلٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ بِغَالٍ وَنَوْعِهَا كَبِرْذَوْنٍ أَوْ عَرَبِيٍّ أَوْ بُخْتٍ أَوْ عِرَابٍ وَذُكُورَتِهَا أَوْ أُنُوثَتِهَا، فَإِذَا قَالَ اكْتَرَيْت مِنْك دَابَّتَك هَذِهِ أَوْ سَفِينَتَك هَذِهِ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَإِنْ قَالَ اكْتَرَيْت مِنْك دَابَّةً أَوْ سَفِينَةً أَوْ دَابَّتَك أَوْ سَفِينَتَك كَانَتْ مَضْمُونَةً وَلَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً مُشَاهَدَةً وَلَوْ لَمْ تُعْلَمْ لَهُ دَابَّةٌ أَوْ سَفِينَةٌ غَيْرُهَا وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ الضَّمَانِ إلَى التَّعْيِينِ إلَّا الْإِشَارَةُ إلَيْهَا وَالْوَصْفُ فِي هَذَا الْبَابِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَأَنْ يَقُولَ دَابَّتُك الْبَيْضَاءُ أَوْ السَّوْدَاءُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ اكْتَرَيْتُك لِتَخِيطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ أَوْ لِتَبْنِيَ لِي هَذَا الْحَائِطَ فَهُوَ مَضْمُونٌ حَتَّى يَقُولَ بِنَفْسِك وَحِينَئِذٍ فَقَدْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تُوصَفْ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنْ يَقُولَ فَكَأَنَّ الدَّرَاهِمَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ الْبِنَاءِ لَا فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِذَاتِ صَاحِبَةَ وَالْمَعْنَى صَاحِبَةُ الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ الدَّارُ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ أَيْ: فَأُجْرَتُهَا بِمَثَابَةِ ثَمَنِ الْبَيْعِ فَلِذَلِكَ يَرِدُ الزَّائِدُ بِخِلَافِ الدَّارِ لَمَّا كَانَتْ الْأَرْضُ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ فَالدَّرَاهِمُ الْوَاقِعَةُ فِي مُقَابَلَتِهَا لَيْسَتْ بِمَثَابَةِ ثَمَنِ الْبَيْعِ فَلِذَا رُدَّتْ كُلُّهَا.

(قَوْلُهُ وَلَا مُتَعَيِّنَ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يُطْلَبُ مِنْ الشَّخْصِ فِعْلُهُ وَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسَهُ فِيهِ) وَإِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسَهُ فِيهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ أَكْرَاهُ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ وَكَانَ الْأَظْهَرُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِعْلُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ نَفْسُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهُ فِي فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَمَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ الْكِرَاءُ عَلَى فِعْلِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) نَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِ الْجِنَازَةِ وَحَفْرِ الْقَبْرِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا فَقَدَ وَصْفَ التَّعْيِينِ مِنْ الْعِبَادَةِ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عِبَادَةٌ لَكِنَّهَا لَمَّا لَمْ تَتَعَيَّنْ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا فَإِنْ قُلْت هَذَا مَنْقُوضٌ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا قُلْت لَمَّا كَانَتْ عِبَادَةً صُورَةً مُنِعَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ الْمُشَارِكَةِ لَهَا فِي الِامْتِيَازِ بِالصُّورَةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَالْحَمْلِ أَيْ: فَالْغُسْلُ يَكُونُ لِلْعِبَادَةِ وَالنَّظَافَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَا حَمْلُ الْجِنَازَةِ مُشَارِكٌ فِي الصُّورَةِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ أَيْ: بَعْضُ الْكِفَايَةِ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِئْجَارُ فِيهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي حَاشِيَةِ اللَّقَانِيِّ.

(قَوْلُهُ وَعُيِّنَ مُتَعَلِّمٌ) أَيْ لِقِرَاءَةٍ وَكِتَابَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَلَا يَلْزَمُ اخْتِبَارُ حَالِهِمَا لِإِمْكَانِ عِلْمِ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِ الصَّبِيِّ الرَّضِيعِ مِنْ نَحْلِهِ وَقُوَّتِهِ وَكِبَرِهِ وَصِغَرِهِ وَالْمُتَعَلِّمِ يُعْلَمُ غَالِبًا ذَكَاؤُهُ وَبَلَادَتُهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَدَارٌ وَحَانُوتٌ) أَشْعَرَ تَمْثِيلُهُ بِالْعَقَارِ بِأَنَّ الدَّوَابَّ وَالسُّفُنَ لَا يَلْزَمُ تَعْيِينُهَا بَلْ تَجُوزُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَفِي الذِّمَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبِنَاءٌ عَلَى جِدَارٍ) احْتِرَازٌ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا فَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ مَا يُبْنَى فِيهَا مِنْ كَوْنِهِ بِحَجَرٍ أَوْ طُوبٍ.

(قَوْلُهُ مَحْمِلٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ مَا يُرْكَبُ فِيهِ مِنْ شُقَّةٍ وَشُقْذُفٍ أَوْ مِحَفَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّعَةِ وَالضِّيقِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَأَمَّا بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ فَعِلَاقَةُ السَّيْفِ ثُمَّ إنَّهُمْ اسْتَظْهَرُوا أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَصْفُ الْمَذْكُورَاتِ إذَا أُحْضِرَتْ مَجْلِسَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهَا.

(قَوْلُهُ فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ) لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى النَّوْعِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ تَعْيِينُ الْجِنْسِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ غَيْرَ الْمَضْمُونَةِ) إذَا أُرِيدَ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً قَبْلَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعْيِينِ الْمُعَيَّنِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً مُشَاهَدَةً) لِاحْتِمَالِ إبْدَالِهَا بِدُونِ (قَوْلُهُ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ) أَيْ: فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي الْخُرُوجِ عَنْ كَوْنِهَا مَضْمُونَةً إلَى كَوْنِهَا مَضْمُونَةً مُعَيَّنَةً بِحَيْثُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا حِسًّا (قَوْلُهُ حَتَّى يَقُولَ بِنَفْسِك) أَيْ: أَوْ يَعْرِفُ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ كَانَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا لِدِقَّتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مُحَمَّدٌ وَإِنْ وَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى الْإِطْلَاقِ حُمِلَ عَلَى الْمَضْمُونِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّعْيِينِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ ضَمِنَتْ فَجِنْسٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>