للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ دَخَلُوا فَيَكُونُ كَالنَّهْرِ الدَّائِمِ انْتَهَى وَنَقَلَهُ ابْنُ عَاتٍ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ الْفَتْوَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ هَذَا الْأَصْلَ مَعَ زِيَادَةِ وَزْنِ حِمْلِ الدَّابَّةِ بِالْمَطَرِ يَعْنِي هَلْ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ أَمْ لَا.

(ص) وَهُوَ أَمِينٌ فَلَا ضَمَانَ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا فَادَّعَى ضَيَاعَهُ أَوْ تَلَفَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْأَصَحِّ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَالضَّمِيرُ فِي وَهُوَ لِمَنْ تَوَلَّى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَوْ لِمَنْ تَوَلَّى الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا شَامِلٌ لِلْمُؤَجَّرِ كَالرَّاعِي وَالْمُسْتَأْجِرِ كَمُكْتَرِي الدَّابَّةِ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَحْلِفُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ مَا فَرَّطَ انْتَهَى

(ص) وَلَوْ شَرَطَ إثْبَاتَهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ الْمَيِّتِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الضَّمَانَ سَاقِطٌ عَنْهُ وَلَوْ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ مَا مَاتَ مِنْهَا ضَمِنَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَكِنْ رُبَّمَا أَوْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّةَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ زَادَتْ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ نَقَصَتْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا يَفْسُدُ الْكِرَاءُ حَيْثُ لَمْ يَسْقُطْ الشَّرْطُ قَبْلَ الْفَوَاتِ وَإِلَّا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَالْفَوَاتُ بِانْقِضَاءِ الْعَمَلِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الْإِرْشَادِ فَإِسْقَاطُهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ يُعْمَلُ بِهِ كَإِسْقَاطِهِ قَبْلَهُ.

(ص) أَوْ عَثَرَ بِدُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ بِآنِيَةٍ فَانْكَسَرَتْ وَلَمْ يَتَعَدَّ أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ (ش) هَذَا عُطِفَ عَلَى شُرِطَ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَوْ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَهُوَ أَمِينٌ إنْ ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ عَثَرَ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ آجَرَ شَخْصًا لِحَمْلِ دُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ دَابَّتِهِ فَعَثَرَ هُوَ أَوْ الدَّابَّةُ أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ فَتَلِفَ مَتَاعُهُ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ لَا يَضْمَنُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُغَرَّ مِنْ ضَعْفِ حَبْلٍ وَنَحْوِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يُغَرَّ بِفِعْلِهِ) إلَى أَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ لَا أَثَرَ لَهُ مِثَالُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِشَقَّةٍ لِخَيَّاطٍ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ تَكْفِي هَذِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَكْفِي فَيَذْهَبُ صَاحِبُهَا فَيُفَصِّلُهَا فَلَا تَكْفِي، وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهُ إنْ كَانَتْ تَكْفِي فَفَصِّلْهَا فَقَالَ لَهُ تَكْفِيك وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَكْفِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَمِثَالُهُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهُ الصَّيْرَفِيُّ فِي دِرْهَمٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ زَائِفٌ إنَّهُ طَيِّبٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَرَابِعُهَا الْعَكْسُ وَالصَّوَابُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَلَوْ عَلِمَ بِالرَّدَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ وَمَنْ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ عُوقِبَ وَأُخْرِجَ مِنْ السُّوقِ وَمِثَالُ الْغُرُورِ الْفِعْلِيِّ كَرَبْطِهِ بِحَبْلٍ رَثٍّ أَوْ مَشْيِهِ بِهِ فِي مَوْضِعٍ تَعَثَّرَ فِيهِ وَمَفْهُومُ وَلَمْ يَتَعَدَّ أَنَّهُ إنْ تَعَدَّى بِأَنْ أَخْرَقَ فِي السَّيْرِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَكَانَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَيَكُونُ كَالنَّهْرِ الدَّائِمِ) أَيْ: فَحَمْلُ الْمَتَاعِ عَلَى رَبِّهِ وَالدَّوَابِّ عَلَى رَبِّهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا حِينَ الْعَقْدِ يَكُونُ حِمْلُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمَا بِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ بِالْجَمَّالِ يَكُونُ حَمْلُ الْجَمِيعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) أَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَحْمُولِ فِي زِيَادَتِهِ بِالْمَطَرِ مُقَصِّرٌ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ وِقَايَةً تَمْنَعُ الْمَطَرَ عَنْهُ فَعِنْدَهُ تَقْصِيرٌ بِتَرْكِهِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ أَمِينٌ) أَيْ: فِي غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْخِيَانَةِ حَتَّى تَثْبُتَ الْأَمَانَةُ أَوْ يُصَدِّقَهُ رَبُّهُ أَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ وَالْمُرَادُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ مُصَاحَبَتُهُ وَلَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَلَوْ صَاحَبَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ ثُمَّ فَارَقَهُ وَادَّعَى تَلَفَهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مُصَاحَبَتَهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ وَمُفَارَقَتَهُ فِي بَاقِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فَارَقَهُ لَمَا عُرِفَ مِنْ حِفْظِهِ وَاحْتِرَازِهِ وَلَا كَذَلِكَ إذَا لَمْ يُصَاحِبْهُ أَصْلًا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا فَارَقَهُ اخْتِيَارًا وَالْمُرَادُ بِالطَّعَامِ مَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي مِنْ سَمْنٍ أَوْ عَسَلٍ وَلَحْمٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ مَثَلًا لَا كَقَمْحٍ وَفُولٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْكَسْرِ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ بِالْفَتْحِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ غَيْرَ طَعَامٍ أَوْ طَعَامًا كَقَمْحٍ مِمَّا لَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي فَيُصَدَّقُ، وَأَمَّا الَّذِي تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي كَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِثْبَاتِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا) أَيْ: كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا قَائِلًا لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ مَا فَرَّطْت) أَيْ: وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ فَيُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ إذَا وَقَعَ مِنْهُ ضَيَاعٌ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ تَفْرِيطِهِ غَالِبًا فَيَكْفِي حَلِفُهُ مَا فَرَّطَ.

(تَنْبِيهٌ) لَا ضَمَانَ عَلَى السِّمْسَارِ لَا فِي الثَّمَنِ وَلَا فِي السِّلْعَةِ الَّتِي يَبِيعُهَا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيْعَ سِلْعَةٍ مِنْ رَجُلٍ عَيَّنَهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَلَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِتَرْكِهِ؛ إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُرَاعَى فِيهَا ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ أَوْ طَعَامٌ) أَيْ: غَيْرَ دُهْنٍ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهُوَ لَا يَجُوزُ؛ إذْ هُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْوَاوِ ك، وَاعْلَمْ أَنَّ غَيْرَ الدُّهْنِ وَالطَّعَامِ بِالْأَوْلَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ لَا يَضْمَنُ) فَهُوَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَوْ الظَّهْرِ كَأَنْ يَحْمِلَ عَلَى ظَهْرِهِ فَهُوَ مُكْرٍ لِظَهْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَغْتَرَّ بِفِعْلٍ) صَادِقٌ بِعَدَمِ الْغُرُورِ أَصْلًا وَبِالْغُرُورِ بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ دَلَّ لِصًّا أَوْ مُحَارِبًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ مَا لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ عَقْدٌ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَأَنْ يَقُولَ هِيَ سَلِيمَةٌ وَيَتَوَلَّى الْعَقْدَ عَلَيْهَا فَهُوَ كَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُ عُوقِبَ) أَقُولُ وَمِنْ

الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ

الْقَوْلُ بِالضَّمَانِ حَيْثُ أَخَذَ أَجْرًا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ عج فِي الْخُفَرَاءِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت عَنْ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا نَصُّهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ الضَّمَانُ إذَا انْضَمَّ لِغُرُورِهِ عَقْدٌ كَمَا إذَا عَقَدَ مَعَهُ بِجَدِيدٍ مَثَلًا وَقَلَبَهُ وَوَزَنَهُ وَقَالَ لَهُ طَيِّبٌ وَازِنٌ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ الْقَوْلِيَّ إذَا انْضَمَّ لَهُ عَقْدٌ صَارَ مِنْ الْفِعْلِيِّ فَالضَّمَانُ وَأَفَادَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِأَجْرٍ ضَمِنَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ أَخْرَقَ فِي السَّيْرِ) أَيْ أَسْرَعَ فِي السَّيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>