الْإِجَارَةُ الْوَجِيبَةَ لَازِمَةٌ لَهُمَا حَصَلَ نَقْدٌ أَمْ لَا إلَى آخِرِ الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّيَاهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدُهُمَا الْخُرُوجَ مَتَى شَاءَ فَيَكُونُ الْعَقْدُ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَهَا أَلْفَاظٌ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: أَكْتَرِي مِنْك شَهْرًا كَذَا أَوْ سَنَةً أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ أَشْهُرًا أَوْ سِنِينَ أَوْ إلَى شَهْرِ كَذَا أَوْ إلَى سَنَةِ كَذَا أَوْ إلَى يَوْمِ كَذَا كُلُّ ذَلِكَ وَجِيبَةٌ لَازِمَةٌ لَهُمَا لَا خِيَارَ لِأَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى فَسْخِ ذَلِكَ وَالْبَاءُ فِي بِشَهْرِ كَذَا لِلتَّصْوِيرِ أَيْ: كَوَجِيبَةٍ مُصَوَّرَةٍ بِشَهْرِ كَذَا أَوْ بِكَذَا، وَقَوْلُهُ بِشَهْرِ كَذَا مُعَرَّفٌ بِالْإِضَافَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ هَذَا الشَّهْرُ مُعَرَّفٌ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ شَهْرًا وَجْهُ كَوْنِهِ وَجِيبَةً أَنَّ الِابْتِدَاءَ لَمَّا كَانَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك هَذَا الشَّهْرَ.
(ص) وَفِي سَنَةً بِكَذَا تَأْوِيلَانِ (ش) سَنَةً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحِكَايَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَكْتَرِي مِنْك سَنَةً بِكَذَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ وَجِيبَةً بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ غَيْرَ وَجِيبَةٍ بِمَنْزِلَةِ كُلِّ سَنَةٍ بِكَذَا وَبِعِبَارَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ فِي ذَلِكَ كُلَّ سَنَةٍ فَلَا يَكُونُ وَجِيبَةً وَأَنْ يُرَادَ سَنَةً وَاحِدَةً فَيَكُونُ وَجِيبَةً فَلِذَا جَرَى الْخِلَافُ.
(ص) وَأَرْضُ مَطَرٍ عَشْرًا إنْ لَمْ يَنْقُدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَرْضِ الْمَطَرِ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا عَشْرَ سِنِينَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ النَّقْدَ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا فَسَدَ لِدَوَرَانِ الثَّمَنِ مَعَ الشَّرْطِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ وَمَعَ غَيْرِ الشَّرْطِ لَا يَدُورُ فَيَجُوزُ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَيْ: بِشَرْطٍ وَشَرْطُ النَّقْدِ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ وَلَا مَفْهُومَ لِعَشْرٍ وَلَا مَفْهُومَ لِأَرْضِ الْمَطَرِ؛ لِأَنَّ كِرَاءَ جَمِيعِ الْأَرَاضِي بِغَيْرِ نَقْدٍ جَائِزٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَأَرْضُ مَطَرٍ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى حَمَّامٍ أَيْ: أَرْضٍ غَيْرِ مَأْمُونَةٍ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ سَنَةً) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ فِي الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ وَلَوْ فِي سَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ إنَّ الْمُبَالَغَةَ عَلَى السَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّ نَقْدَ بَعْضِهَا أَيْ: بِشَرْطٍ لَا يُفْسِدُ وَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ بَابِ الْخِيَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَرْضٌ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا مَعَ التَّعْلِيلِ يُفِيدُ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ وَقَعَ فِيمَا قَلَّ.
(ص) إلَّا الْمَأْمُونَةَ (ش) أَيْ: فَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا مَعَ الشَّرْطِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ الْمَطَرِ الْمَأْمُونَةَ الرَّيِّ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ وَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا مَعَ الشَّرْطِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي أَرْضِ الْمَطَرِ وَقَوْلُهُ (كَالنِّيلِ وَالْمَعِينَةِ فَيَجُوزُ) تَشْبِيهٌ أَيْ: كَمَا يَجُوزُ فِي أَرْضِ النِّيلِ وَالْمَعِينَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَهِيَ الَّتِي تُسْقَى بِالْعَيْنِ السَّانِيَةِ وَالْآبَارِ الْمَعِينَةِ النَّقْدِ لَا تَمْثِيلَ لِئَلَّا يَصِيرَ الْمُؤَلِّفُ سَاكِتًا عَنْ أَرْضِ الْمَطَرِ الْمَأْمُونَةِ فَلَمْ يُعْلَمْ حُكْمُهَا هَلْ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهَا أَمْ لَا؟ وَقَدْ نَصَّ مَالِكٌ عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فِيهَا.
(ص) وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ (ش) النِّيلُ بِكَسْرِ النُّونِ فَيْضُ مِصْرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ النِّيلِ الْمَأْمُونَةَ إذَا رُوِيَتْ فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا أَيْ: يُقْضَى لِرَبِّهَا بِالْكِرَاءِ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا مِمَّا اكْتَرَاهُ، وَأَمَّا أَرْضُ السَّقْيِ وَالْمَطَرِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْتَرِي نَقْدُ الْكِرَاءِ حَتَّى يَتِمَّ الزَّرْعُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمَاءِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَخَرَجَ بِمَأْمُونَةِ الرَّيِّ غَيْرُ مَأْمُونَتِهِ كَالْمُرْتَفِعَةِ الَّتِي لَا يَبْلُغُهَا النِّيلُ لِعُلُوِّ أَرْضِهَا قَوْلُهُ إذَا رُوِيَتْ أَيْ تَحَقَّقَ رَيُّهَا وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِالْفِعْلِ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ وَقَوْلُهُ وَيَجِبُ إلَخْ أَيْ وَتَمَكُّنٍ كَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ أَوْ سِنِينَ) وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَإِنْ كَانَ جَمْعَ كَثْرَةٍ (قَوْلُهُ وَجْهُ كَوْنِهِ وَجِيبَةً إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ جَارٍ فِي سَنَةٍ مَعَ أَنَّهُ يَحْكِي فِيهِ التَّأْوِيلَيْنِ فَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَشْهُرًا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّ حِكَايَةَ التَّأْوِيلَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ أَشْهَرُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ أَوْ أَنَّهُ مَشَى عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمُقَدِّمَاتِ تَارِكًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ مِثْلَ سَنَةٍ شَهْرًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ أَيْ عَلَى الْإِفْرَادِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ شَهْرًا أَوَّلًا إشَارَةً إلَى اعْتِمَادِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَتَّفِقُ لَهُ.
(قَوْلُهُ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ وَجِيبَةً؟) هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ لُبَابَةَ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ بَلْ هُوَ ظَاهِرُهَا وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُ وَجِيبَةٍ هُوَ تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ.
(قَوْلُهُ عَشْرًا) لَا مَفْهُومَ لِعَشْرٍ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ النَّقْدُ تَطَوُّعًا) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعَ النَّقْدِ تَطَوُّعًا الدَّوَرَانَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الدَّوَرَانُ الْمُمْتَنِعُ؛ لِأَنَّ الدَّوَرَانَ الْمُمْتَنِعَ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنَّ لَهُ تَفْصِيلًا ضَعِيفًا لَا دَاعِيَ لِجَلْبِهِ (قَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ لَا يَجُوزُ إلَخْ) وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هَذَا دُونَ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ سَنَةً كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ.
(قَوْلُهُ إلَّا الْمَأْمُونَةَ الرَّيِّ) أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَرْضِ الْمَشْرِقِ (قَوْلُهُ الْمَأْمُونَةُ الرَّيِّ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا) أَيْ: كَأَرَاضِي الْمَشْرِقِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا أَرْبَعِينَ عَامًا كَمَا فِي الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ سِنِينَ كَثِيرَةً) ذَكَرَ الْحَطَّابُ إنَّمَا تُكْرَى بِالنَّقْدِ الثَّلَاثِينَ عَامًا وَالْأَرْبَعِينَ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ الْكَثْرَةِ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ لِنَقْلِهِ.
(قَوْلُهُ النَّقْدُ) أَيْ: شَرْطُ النَّقْدِ وَلَوْ لِأَرْبَعَيْنِ كَذَا فِي الشُّرَّاحِ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ أَرَاضِي النِّيلِ مِمَّا شَأْنُهُ الرَّيُّ (قَوْلُهُ أَرْضُ النِّيلِ الْمَأْمُونَةُ) فِيهِ شَيْءٌ؛ إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَأْمُونَةِ الرَّيِّ إذَا رُوِيَتْ لَا يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ شَارِحَنَا تَبِعَ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَيَجِبُ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِالْفِعْلِ) لَكِنَّ رَيَّهَا مَجْزُومٌ بِهِ لِكَوْنِهَا شَدِيدَةَ الِانْخِفَاضِ وَقَرِيبَةً مِنْ الْبَحْرِ فَأَدْنَى زِيَادَةٍ مِنْ الْبَحْرِ تُرْوَى مِنْهَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِ الشَّارِحِ تَحَقُّقُ رَيِّهَا وَقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِالْفِعْلِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ بَلْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَجِبُ النَّقْدُ إلَّا بِالتَّمَكُّنِ بِأَنْ ذَهَبَ النِّيلُ عَنْهَا فَلَا مَعْنَى لِمَا قَالَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ إذْ صَارَ وُجُوبُ النَّقْدِ مَنُوطًا بِالْأَمْرَيْنِ وُجُودِ الرَّيِّ بِالْفِعْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ؛ لِأَنَّ التَّمَكُّنَ