ابْنُ عَرَفَةَ الْقَلْدُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْآلَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا لِإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ مِنْ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَلَا زِيَادَةٍ اهـ.
وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُحْصِلُ التَّوَصُّلَ إلَى ذَلِكَ مُسْتَدْرَكٌ وَمِنْ ذَلِكَ السَّاعَاتُ الرَّمْلِيَّةُ لَكِنْ يُرَاعَى اخْتِلَافُ الْجَرْيِ وَقِلَّتُهُ فَإِنَّ جَرْيَهُ عِنْدَ كَثْرَتِهِ أَقْوَى مِنْ جَرْيِهِ عِنْدَ قِلَّتِهِ فَيُرْجَعُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا قَالُوا إنَّ جَرْيَهُ عِنْدَ كَثْرَتِهِ خَمْسَ دُرَجٍ يَعْدِلُ جَرْيَهُ عِنْدَ قِلَّتِهِ ثَمَانَ دُرَجٍ عُمِلَ بِذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ جَرْيُهُ بِاللَّيْلِ فَإِنَّ جَرْيَهُ بِاللَّيْلِ أَكْثَرُ مِنْ جَرْيِهِ بِالنَّهَارِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَالَ إنَّهُ يُقْسَمُ مَاءُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ وَمَاءُ النَّهَارِ وَحْدَهُ.
(ص) وَأُقْرِعَ لِلتَّشَاحِّ فِي السَّبْقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّرَكَاءَ إذَا تَشَاحُّوا فِي التَّبْدِئَةِ بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَا أَسْقِي زَرْعِي أَوْ نَخْلِي أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَجْرِي لَهُ الْمَاءُ كُلُّهُ حَتَّى يَرْوِيَ إلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَذَلِكَ إلَى آخِرِهِمْ وَصِفَةُ الْقُرْعَةِ أَنْ يَجْعَلَ أَوْرَاقَ بِعَدَدِ الشُّرَكَاءِ وَيَكْتُبَ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ ثُمَّ يُعْطِيَ الْأَوْرَاقَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي الَّتِي أُعْطِيت أَوَّلًا بُدِئَ بِهِ ثُمَّ مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي الَّتِي أُعْطِيت ثَانِيًا وَهَكَذَا.
(ص) وَلَا يُمْنَعُ صَيْدُ سَمَكٍ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ وَهَلْ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ أَوْ إلَّا أَنْ يَصِيدَ الْمَالِكُ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةَ أَرْضٍ سَوَاءٌ كَانَ يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا أَوْ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ وَحَصَلَ فِيهَا سَمَكٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يَصِيدُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ السَّمَكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي الْبَحْرِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ وَالصَّيْدَ أَيْضًا غَيْرَ مَمْلُوكٍ كَانَا كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ فَمَنْ سَبَقَ لَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَسَوَاءٌ طَرَحَهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ فَتَوَالَدَتْ أَوْ جَرَّهَا الْمَاءُ إلَى تِلْكَ الْأَرْضِ، وَأَمَّا السَّمَكُ الَّذِي فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْأَرَاضِيِ الَّتِي لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يَصِيدُ مِنْهَا بِلَا خِلَافٍ، وَهَلْ عَدَمُ مَنْعِ الصَّيْدِ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ صَادَ الْمَالِكُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ فِي الْحَقِيقَةِ لَا تُمْلَكُ وَإِنَّمَا هِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ أَوْ اسْتِمْتَاعٍ، وَأَمَّا الْمَمْلُوكَةُ الْحَقِيقِيَّةُ فَلَهُ الْمَنْعُ أَوْ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَالِكُ الصَّيْدَ بِنَفْسِهِ فَلَهُ الْمَنْعُ فَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي مَطْوِيٌّ فِي كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لَا يُتَوَهَّمُ مَنْعُهُ أَيْ: وَلَا يُمْنَعُ صَيْدُ سَمَكٍ مِنْ مِلْكِهِ وَإِذَا بُنِيَ يُمْنَعُ لِلْفَاعِلِ فَالْفَاعِلُ يُقَدَّرُ مُسْتَحِقٌّ مَثَلًا لِيُلَائِمَ قَوْلَهُ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ أَيْ وَلَا يَمْنَعُ مُسْتَحِقُّ مَاءٍ صَيْدَ سَمَكٍ إلَخْ أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَنْعُ وَفِي الْأُمَّهَاتِ لَا أُحِبُّ فَحَمَلَهَا الشُّيُوخُ عَلَى الْمَنْعِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةَ هَكَذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةٍ إنْ قُلْت قَوْلُهُ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ يُنَافِي قَوْلَهُ وَهَلْ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ؛ إذْ هِيَ لَا تُمْلَكُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ مِلْكَ الذَّاتِ وَمِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَأَرْضُ الْعَنْوَةِ تُمْلَكُ مَنْفَعَتُهَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ صَيْدُ السَّمَكِ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ أَوْ غَيْرِهَا طُرِحَتْ فَتَوَالَدَتْ أَوْ جَرَّهَا الْمَاءُ إلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمَاءُ فِي مِلْكِهِ وَيَضُرُّ بِهِ الصَّيْدُ بِأَنْ يَطَّلِعَ الصَّائِدُ عَلَى حَرِيمِهِ أَوْ يَفْسُدَ زَرْعُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَالتَّأْوِيلَانِ ضَعِيفَانِ.
(ص) وَلَا كَلَأٌ بِفَحْصٍ وَعَفَاءٍ لَمْ يَكْتَنِفْهُ زَرْعُهُ بِخِلَافِ مَرْجِهِ وَحِمَاهُ (ش) كَلَأٌ مُنَوَّنٌ مَعْطُوفٌ عَلَى صَيْدٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ رَعْيِ الْكَلَأِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبُتُ فِي الْمَرْعَى مِنْ غَيْرِ زَرْعٍ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي فَحْصِهِ وَالْفَحْصُ هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي تَرَكَ رَبُّهَا زَرْعَهَا اسْتِغْنَاءً عَنْهَا وَقَالَ عِيَاضٌ الْكَلَأُ مَقْصُورٌ مَهْمُوزٌ الْعُشْبُ وَمَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِمَّا تَأْكُلُهُ الْمَوَاشِي، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يَرْعَى الْكَلَأَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ الْعَافِيَةِ فَالْعَفَاءُ هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي أُعْفِيَتْ مِنْ الزِّرَاعَةِ قَبْلَ الْبَوَارِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْمَنْعِ فِيمَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَكْتَنِفْهُ زَرْعُهُ أَمَّا إذَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْآلَةِ) كَذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَهُ صَحِيحٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْقَلْدِ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِلَّا فَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا تَبِعَ ابْنَ حَبِيبٍ فَإِنَّهُ قَدْ عَرَّفَهُ بِأَنَّهُ الْجَرَّةُ الْمَوْضُوعُ فِيهَا الْمَاءُ الْمَثْقُوبَةُ مِنْ أَسْفَلِهَا أَيْ قِدْرٌ يُثْقَبُ وَيُجْعَلُ فِيهِ مَاءٌ عَلَى أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا فَيُجْعَلُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثُ جِرَارٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ جَرَّتَانِ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ جَرَّةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ إنَّهُ يُقْسَمُ مَاءُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى أُسْلُوبٍ يُفِيدُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ حَتَّى يَرْوِيَ لِلْكَعْبَيْنِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الشُّرَكَاءِ فِي مِلْكِ الْمَاءِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ فَالْقَسْمُ بِالْقَلْدِ فَقَوْلُهُ حَتَّى يَرْوِيَ لِلْكَعْبَيْنِ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقَلْدِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يُعْطِيَ الْأَوْرَاقَ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْرَاقَ تُسَلَّمُ لِيَدِ أَمِينٍ ثُمَّ يُخْرِجُ وَرَقَةً وَيَنْظُرُ فِي اسْمِ صَاحِبِهَا فَمَنْ ظَهَرَ اسْمُهُ فِي الْأُولَى قُدِّمَ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى النَّظَرِ فِي الثَّالِثَةِ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَقَطْ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَصِيدَ إلَخْ) أَيْ: فَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ حَيْثُ لَمْ يَصِدْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) هَذَا الْحِلُّ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنَّ مِنْ مِلْكِهِ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ بِلَا خِلَافٍ) أَقُولُ قَدْ عَلِمْت أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ لَا خِلَافَ فِيهَا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتِمْتَاعٍ) أَيْ: لِمَنْ أَعْطَاهَا لَهُ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا إمْتَاعًا.
(قَوْلُهُ أَوْ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا إلَخْ) بِهَذَا يُعْرَفُ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّأْوِيلِ الْمَطْوِيِّ (قَوْلُهُ يُقَدَّرُ مُسْتَحِقٌّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مَتَى جَعَلَ الْوَاوَ لِلْحَالِ فَالْفَاعِلُ مُسْتَحِقٌّ بِبِنْيَتِهِ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ.
. (قَوْلُهُ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا) أَيْ: وَلَمْ يَقْصِدْ تَرْكَهَا لِأَجْلِ الرَّعْيِ بَلْ أَعْرَضَ عَنْهَا رَأْسًا بِخِلَافِ الْحِمَى فَإِنَّهُ تُرِكَ لِأَجْلِ الرَّعْيِ فِيهِ بِدُونِ زَرْعٍ (قَوْلُهُ الْعِشْبِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَقَوْلُهُ وَمَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْكَلَأَ هُوَ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ يَابِسًا كَانَ أَوْ رَطْبًا وَالْعُشْبُ الْكَلَأُ الرَّطْبُ (قَوْلُهُ فَالْعَفَاءُ) أَيْ: بِالْمَدِّ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ أُعْفِيَتْ مِنْ الزِّرَاعَةِ) أَيْ: تُرِكَتْ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْبَوَارِ أَيْ: تُرِكَتْ مِنْ الزِّرَاعَةِ بِدُونِ قَصْدٍ