يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَمْلُوكَ يَصِحُّ وَقْفُهُ وَيَلْزَمُ وَلَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ وَأَرَادَ بِالْمَمْلُوكِ مَا تُمْلَكُ ذَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ، وَوَقْفُ الْآبِقِ صَحِيحٌ وَيَدْخُلُ فِي الْمَمْلُوكِ الْعَقَارُ وَالْمُقَوَّمُ وَالْمِثْلِيُّ وَالْحَيَوَانُ وَالصِّحَّةُ فِي الْعُقُودِ تُرَتِّبُ آثَارَ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَعَبَّرَ بِصَحَّ دُونَ جَازَ لِأَجْلِ الْمُخْرَجَاتِ الْآتِيَةِ أَيْ صَحَّ وَنُدِبَ وَلَزِمَ وَوُقِفَ مِلْكُ الْغَيْرِ وَهِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ بَاطِلٌ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ إنْ كَانَ مِمَّا يَقْبَلُ الْقَسْمَ وَيُجْبَرُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ إنْ أَرَادَ الشَّرِيكُ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَبَيْعُ الْوَقْفِ لَا يَجُوزُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ لِشَرِيكِهِ الْبَيْعَ فَكَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ الْقَسْمَ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ يُجْبَرُ الْوَاقِفُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ أَرَادَهُ الشَّرِيكُ وَيُجْعَلُ الثَّمَنُ فِي مِثْلِهِ وَهَلْ يُجْبَرُ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ.
(وَإِنْ بِأُجْرَةٍ) إلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْمَنْفَعَةِ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ الذَّاتَ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ بِأُجْرَةٍ وَأُسْنِدَ الْمِلْكُ لِلذَّاتِ لِمِلْكِ مَنَافِعِهَا أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ مَمْلُوكٍ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ مَنْفَعَةُ حَبْسٍ لِتَعَلُّقِ الْحَبْسِ بِهَا وَمَا تَعَلَّقَ الْحَبْسُ بِهِ لَا يُحْبَسُ كَالْخَلَوَاتِ وَأَيْضًا هِيَ لَا تَدْخُلُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ كَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ) بُحِثَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَمْلُوكَ هُوَ مَا يَقْبَلُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِكُلِّ وَجْهٍ جَائِزٍ وَجِلْدُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاخْتِصَاصِ لَا مِنْ بَابِ الْمِلْكِ.
(قَوْلُهُ وَالصِّحَّةُ فِي الْعُقُودِ تُرَتِّبُ آثَارَ الشَّيْءِ عِلِّيّه) أَيْ: فَصِحَّةُ الْعَقْدِ تُرَتِّبُ أَثَرَهُ عَلَيْهِ أَيْ: مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَصْدُوقَ الشَّيْءِ الْعَقْدُ فَإِذَنْ لَوْ قَالَ وَالصِّحَّةُ فِي الْعُقُودِ تُرَتِّبُ آثَارَهَا عَلَيْهَا لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إلَخْ) وَقَدْ تَعْرِضُ الْحُرْمَةُ أَوْ الْكَرَاهَةُ وَيَتَعَذَّرُ وُجُوبُهُ (قَوْلُهُ وَوَقْفُ مِلْكِ الْغَيْرِ إلَخْ) هَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَأَفَادَ بَعْضُهُمْ كَمَا فِي ك أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِمَالِ الْغَيْرِ لَا نَبْغِي أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا كَالْبَيْعِ؛ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ قَائِلًا وَلَا يُغْتَرُّ بِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِصَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّ وَقْفَ مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ صِحَّةً تَامَّةً بِحَيْثُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ اهـ. أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ أُذِنَ لَهُ فِيهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَرِيكًا فَكَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَيْعِهِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ بَاعَ (قَوْلُهُ وَأُسْنِدَ الْمِلْكُ لِلذَّاتِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ مَمْلُوكٍ مَا يَشْمَلُ الذَّاتَ وَالْمَنْفَعَةَ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ هَذَا إذَا كَانَ مَمْلُوكًا بِثَمَنٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا بِأُجْرَةٍ فَالْمَمْلُوكُ بِالثَّمَنِ هُوَ الذَّاتُ وَالْمَمْلُوكُ بِالْأُجْرَةِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ.
(قَوْلُهُ كَالْخَلَوَاتِ) أَيْ: الْمَنْفَعَةُ الَّتِي هِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْخُلُوِّ مَوْقُوفَةٌ اعْلَمْ أَنَّ الْخُلُوَّ يُصَوَّرُ بِصُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ آيِلًا لِلْخَرَابِ فَيُكْرِيَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ لِمَنْ يُعَمِّرُهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْحَانُوتُ مَثَلًا يُكْرَى بِثَلَاثِينَ نِصْفَ فِضَّةٍ وَيُجْعَلُ عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَصَارَتْ الْمَنْفَعَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فَمَا قَابَلَ الدَّرَاهِمَ الْمَصْرُوفَةَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ هُوَ الْخُلُوُّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْبَيْعُ وَالْوَقْفُ وَالْإِرْثُ وَالْهِبَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَيُقْضَى مِنْهُ الدَّيْنُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَلَا يَسُوغُ لِلنَّاظِرِ إخْرَاجُهُ مِنْ الْحَانُوتِ وَلَوْ وُقِّعَ عَقْدُ الْإِيجَارِ عَلَى سِنِينَ مُعَيَّنَةٍ كَتِسْعِينَ سَنَةً وَلَكِنَّ شَرْطَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ رِيعٌ يُعَمَّرُ بِهِ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ لِمَسْجِدٍ مَثَلًا حَوَانِيتُ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ وَاحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِلتَّكْمِيلِ أَوْ عِمَارَةٍ وَيَكُونُ الدُّكَّانُ يُكْرَى مَثَلًا الشَّهْرُ بِثَلَاثِينَ نِصْفًا وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ رِيعٌ يُكَمَّلُ بِهِ الْمَسْجِدُ أَوْ يُعَمَّرُ بِهِ فَيَعْمِدُ النَّاظِرُ إلَى السَّاكِنِ فِي الْحَوَانِيتِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ قَدْرًا مِنْ الْمَالِ يُعَمِّرُ بِهِ الْمَسْجِدَ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْحَانُوتِ الْمَذْكُورَةَ شَرِكَةٌ بَيْنَ صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَالْوَقْفِ بِحَسْبِ مَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْخُلُوِّ وَالنَّاظِرُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ كَمَا أَفَادَهُ عج الثَّالِثَةُ أَنْ تَكُونَ أَرْضٌ مُحْبَسَةٌ فَيَسْتَأْجِرُهَا مِنْ النَّاظِرِ وَيَبْنِي فِيهَا دَارًا مَثَلًا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ ثَلَاثِينَ نِصْفَ فِضَّةٍ وَلَكِنَّ الدَّارَ تُكْرَى بِسِتِّينَ نِصْفَ فِضَّةٍ مَثَلًا فَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي تُقَابِلُ الثَّلَاثِينَ الْأُخْرَى يُقَالُ لَهَا خُلُوٌّ وَإِذَا اشْتَرَكَ فِي الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ جَمَاعَةٌ وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ بَيْعَ حِصَّتِهِ فِي الْبِنَاءِ فَلِشُرَكَائِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَإِذَا حَصَلَ خَلَلٌ فِي الْبِنَاءِ فَفِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ الْإِصْلَاحُ عَلَى النَّاظِرِ وَصَاحِبِ الْخُلُوِّ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلٍّ وَفِي الْأَخِيرَةِ عَلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَحْدَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْخُلُوَّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَا مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ إذْ مَالِكُ الِانْتِفَاعِ يَنْتَفِعُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ وَلَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُوهِبُ وَلَا يُعِيرُ وَمَالِكُ الْمَنْفَعَةِ لَهُ تِلْكَ الثَّلَاثَةُ مَعَ انْتِفَاعِهِ بِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَالِكَ الِانْتِفَاعِ يَقْصِدُ ذَاتَه مَعَ وَصْفِهِ كَإِمَامٍ وَخَطِيبٍ وَمُدَرِّسٍ وُقِفَ عَلَيْهِ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ الِانْتِفَاعَ بِالذَّاتِ أَيْ مُنْتَفِعٌ كَمُسْتَعِيرٍ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ إعَارَتِهِ ثُمَّ إنَّ مَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ وَأَرَادَ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنْهُ وَيَأْخُذُهُ الْغَيْرُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَالْخُلُوُّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَلِذَلِكَ يُورَثُ وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُشَاهَرَةً وَالْإِجَارَةُ لِغَيْرِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ عج وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُرْفَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ أَنَّ الْأَحْكَارَ مُسْتَمِرَّةٌ لِلْأَبَدِ وَإِنْ عُيِّنَ فِيهَا وَقْتُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً فَهُمْ لَا يَقْصِدُونَ خُصُوصَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَالْعُرْفُ عِنْدَنَا كَالشَّرْطِ فَمَنْ احْتَكَرَ أَرْضًا مُدَّةً وَمَضَتْ فَلَهُ أَنْ يَبْقَى وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَمْرَ الْوَقْفِ إخْرَاجُهُ نَعَمْ إنْ حَصَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَصْدِ عَلَى زَمَنِ الْإِجَارَةِ لَا عَلَى الْأَبَدِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ نَحْوَ أَنَّ مُدَّةَ الِاحْتِكَارِ كَذَا وَكَذَا اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْخُلُوَّ اسْمٌ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي جُعِلَ فِي مُقَابَلَتِهَا الدَّرَاهِمُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَقْفَ الْأُجْرَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عج وَغَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَمُخَالَفَةُ عج لِغَيْرِهِ إنَّمَا هِيَ فِي وَقْفِ الْمَنْفَعَةِ وَالْحَقُّ مَعَ غَيْرِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحَقَّقَ أَنَّ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ بَعْضُهَا مَوْقُوفٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ مَوْقُوفٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْخُلُوِّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَقْفُ أَمَّا إنْ كَانَ لِذِمِّيٍّ خُلُوٌّ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute