للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصَدَّقْت قَيْدٌ كَقَوْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ مَثَلًا، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَيُفِيدَانِ التَّأْبِيدَ بِلَا قَيْدٍ (ص) أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ أَوْ لِمَجْهُولٍ وَإِنْ حُصِرَ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَصِحُّ وَيَتَأَبَّدُ الْوَقْفُ إذَا قَالَ تَصَدَّقْت عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى الْمَسَاجِدِ أَوْ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا قَارَنَهُ قَيْدٌ أَيْضًا كَقَوْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَإِلَّا كَانَ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يُبَاعُ وَيُفَرَّقُ ثَمَنُهُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ فَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ إنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَتَأَبَّدُ إذَا وَقَعَ لِمَجْهُولٍ مَحْصُورٍ كَعَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُقَارَنَةِ قَيْدٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعَقِبِ قَيْدٌ لِأَجْلِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي بَعْدُ، وَأَمَّا لِمَجْهُولٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَيْدِ كَمَا مَرَّ وَعَلَى هَذَا قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ حُصِرُوا وَالْحَالُ أَيْ: أَوْ وَقَعَ لِمَجْهُولٍ فِي حَالِ حَصْرِهِ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ وَسَوَّغَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ الْعَطْفُ وَفَائِدَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ هُنَا لَمَّا كَانَ يَنْقَطِعُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إعْطَاءُ مَنْفَعَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ فَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ لِدَفْعِ هَذَا التَّوَهُّمِ وَالْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِ مَنْ يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ وَبِغَيْرِهِ مَنْ لَا يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ.

(ص) وَرَجَعَ إنْ انْقَطَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ وَامْرَأَةٍ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَبْسَ الْمُؤَبَّدَ إذَا انْقَطَعَتْ الْجِهَةُ الَّتِي حُبِسَ عَلَيْهَا وَشُرِطَ صَرْفُهُ لَهَا وَتَعَذَّرَ ذَلِكَ يَرْجِعُ حَبْسًا لِأَقْرَبِ فَقِيرٍ مِنْ عَصَبَةِ الْوَاقِفِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ فِي أَصْلِ وَقْفِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ لَيْسَ فِيهِ شَرْطٌ وَيَدْخُلُ فِي الْمَرْجِعِ كُلُّ امْرَأَةٍ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا كَانَ عَصَبَةً كَالْعَمَّةِ وَالْأُخْتِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَبَنَاتِ الْمُعْتَقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْبِسِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ عَصَبَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَوْلُهُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ أَيْ: نَسَبًا أَيْ: وَوَلَاءً بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ بِنْتَ الْمُعْتَقِ تَدْخُلُ فِي الْمَرْجِعِ وَيُرَاعَى فِي الْأَقْرَبِيَّةِ التَّرْتِيبُ الْمَذْكُورُ فِي الْوَصِيَّةِ وَهُوَ كَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ وَأَشَارَ فِي الْوَصِيَّةِ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ بِقَوْلِهِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ وَكَلَامُهُ هُنَا يَشْمَلُ عَصَبَتَهُ وَعَصَبَةَ عَصَبَتِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَصَبَةٌ؛ إذْ عَصَبَةُ الْعَصَبَةِ عَصَبَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ أَيْ: وَقْفًا يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ الْوَقْفِ وَلَا يَدْخُلُ الْوَاقِفُ فِي الْمَرْجِعِ وَلَوْ فَقِيرًا وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ أَيْ: الْحَبْسُ الْمُؤَبَّدُ، وَأَمَّا الْمُؤَقَّتُ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

تَجَرَّدَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُفِيدُ الْوَقْفَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ.

(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ لَا يُبَاعُ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ أَوْ عَلَى جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ كَالْفُقَرَاءِ، وَأَمَّا لَوْ قُيِّدَ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالسُّكْنَى أَوْ الِاسْتِغْلَالِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَعَلَى الْجِهَةِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ فَهُوَ كَالتَّقْيِيدِ بِلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ كَقَوْلِهِ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ يَسْتَغِلُّونَهَا أَوْ يَسْكُنُونَهَا، وَأَمَّا عَلَى الْمُعَيَّنِ كَقَوْلِهِ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى زَيْدٍ يَسْكُنُهَا أَوْ يَسْتَغِلُّهَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَالتَّقْيِيدِ بِلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ فَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْدِيرَ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ أَوْ تَصَدَّقْت عَلَى مُعَيَّنٍ إذَا قَارَنَهُ قَيْدٌ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَذَلِكَ فَيُقْرَأُ أَوْ جِهَةٍ بِالْجَرِّ كَعَلَى فُلَانٍ أَيْ صَدَقَةٍ عَلَى فُلَانٍ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي بَعْدُ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الْعَقِبُ وَلَوْ قَالَ لِأَجْلِ حَقِّهِ لَكَانَ أَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لِمَجْهُولٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَيْدِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَجْهُولِ الْمَحْصُورِ قُوَّةَ شَبَهِهَا بِالْوَقْفِ لِتَعَلُّقِهَا بِغَيْرِ الْمَوْجُودِ كَالْعَقِبِ؛ إذْ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُوجَدْ فَلِذَا جُعِلَ حَبْسًا لِلُزُومِ تَعْمِيمِهِمْ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَجْهُولِ غَيْرِ الْمَحْصُورِ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمَوْجُودٍ وَهُوَ الْفُقَرَاءُ وَنَحْوُهُمْ كَبَنِي زُهْرَةَ وَتَمِيمٍ وَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ أَهْلَ مَسْجِدِ كَذَا مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ (قَوْلُهُ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَتْ لِلْمُبَالَغَةِ لَتَكَرَّرَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ لَفْظِ الصَّدَقَةِ وَلَفْظِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ) هَذَا ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْمَرْجِعِ فُقَرَاءَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ أَحَدٌ أُعْطِيَ الْأَغْنِيَاءُ مِنْهُمْ الثَّانِي يَدْخُلُ فِي السُّكْنَى دُونَ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ لِأَقْرَبِ فَقِيرٍ) أَيْ: يَوْمَ الْمَرْجِعِ بَقِيَ مَا إذَا كَانَ فَقِيرًا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِيهِمْ وَاَلَّذِي فِي ك أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِمْ وَلَوْ صَارَ فَقِيرًا كَمَا قَالُوهُ فِي الزَّكَاةِ إذَا عَزَلَهَا وَصَارَ فَقِيرًا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهَا لِلْفُقَرَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَعَصَبَةَ عَصَبَتِهِ) أَيْ: كَمَا إذَا تَزَوَّجَ حُرٌّ بِأَمَةٍ فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَالْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ مِنْ عَصَبَةِ الْوَلَدِ وَلَيْسَ مِنْ عَصَبَةِ الْأَبِ فَيَرْجِعُ أَوَّلًا لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ الْفُقَرَاءِ فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءً أَوْ لَمْ يَكُونُوا رَجَعَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ عَصَبَتِهِمْ الْفُقَرَاءِ فَلَوْ أَخَذَ الْفَقِيرُ كِفَايَتَهُ وَبَقِيَ شَيْءٌ هَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَوْ يُدْفَعُ لِلْأَبْعَدِ قَوْلَانِ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ لِلْوَاقِفِ ابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ وَكِلَاهُمَا فَقِيرٌ يُعْطَى الِابْنُ الْجَمِيعَ وَلَوْ زَادَ عَلَى كِفَايَتِهِ وَلَيْسَ لِابْنِ ابْنِهِ شَيْءٌ أَوْ إنَّمَا يُعْطَى قَدْرَ كِفَايَتِهِ وَمَا يُزَادُ عَلَيْهِ يُرَدُّ لِابْنِ الِابْنِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَرْجِعِ فُقَرَاءُ يُعْطَى لِفُقَرَاء الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا لَوْ فَضَلَ عَنْ الْفُقَرَاءِ فَضْلَةٌ فَإِنَّهُ يُدْفَعُ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا (قَوْلُهُ الْمُؤَبَّدُ) أَيْ: عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِلَّا فَمَا جَعَلَهُ عَلَى اثْنَيْنِ أَيْضًا وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ حَبْسٌ مُؤَبَّدٌ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ أَوَّلُهَا أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَانْقَطَعَتْ فَهَذَا يَرْجِعُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُؤَقَّتًا عَلَى مُعَيَّنٍ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ لَهُمْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى جِهَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ بِالشَّخْصِ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَهَذَا لَا يُمْكِنُ انْقِطَاعُهُ أَصْلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>