للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَصَحَّتْ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مُفْهَمِهَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: مُفْهَمِ مَعْنَاهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الَّذِي يُفْهِمُ الصِّيغَةَ صِيغَةٌ أُخْرَى فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْهِبَةِ أَيْ: أَوْ مُفْهَمِ الْهِبَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ بِصِيغَةٍ مَعْنَاهُ بِقَوْلٍ، وَأَمَّا تَحْلِيَةُ الزَّوْجَةِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمْتَاعِ.

(ص) لَا بِابْنٍ مَعَ قَوْلِهِ دَارُهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُفْهَمِهَا إذَا الْمُفْهَمُ أَعَمُّ مِنْ الْفِعْلِ فَيَرْجِعُ هَذَا بِالتَّقْيِيدِ لَهُ أَيْ: لَا بِقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ ابْنِ هَذِهِ الْعَرْصَةَ دَارًا مَعَ قَوْلِهِ دَارًا بُنِيَ لِلْعُرْفِ فِي قَوْلِ الْآبَاءِ لِلْأَبْنَاءِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَقُولُ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ إلَّا قِيمَةُ مَا فَعَلَهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَانْقَضَتْ بِمَوْتِ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ أَنَّ ابْنِ مِنْ الْبُنُوَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ خَطَأٌ وَلَا يَصِحُّ بِهِ الْمَعْنَى بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ إذَا قَالَ لِآخَرَ ابْنِ فِي عَرْصَتِي هَذِهِ دَارًا وَبَنَى وَأَضَافَهَا لَهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْبَانِي لِفَقْدِ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الِابْنِ مَعَ الْأَبِ.

(ص) وَحِيزَ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ وَبَطَلَتْ إنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ يُحَازُ عَنْ وَاهِبِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَبَى الْوَاهِبُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى حِيَازَتِهِ لِلْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تُمْلَكُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَبُولُ وَالْحِيَازَةُ مُعْتَبَرَانِ إلَّا أَنَّ الْقَبُولَ رُكْنٌ وَالْحِيَازَةَ شَرْطٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَقِيقَةُ الْحَوْزِ فِي عَطِيَّةِ غَيْرِ الِابْنِ رَفْعُ تَصَرُّفِ الْمُعْطِي فِي الْعَطِيَّةِ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِلْمُعْطَى أَوْ نَائِبِهِ كَالْحَبْسِ انْتَهَى وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْحَوْزِ فِي الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالرَّهْنِ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ فِي بَابِ الرَّهْنِ ثُمَّ إنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ إذَا تَأَخَّرَ حَوْزُهَا عَنْ الْوَاهِبِ فِي صِحَّتِهِ حَتَّى لَحِقَهُ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْهِبَةِ أَوْ بَعْدَهَا لِفَقْدِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْحَوْزُ فَقَوْلُهُ وَحِيزَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى يُنْقَلُ أَيْ: نُقِلَ وَحِيزَ وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلْحَوْزِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَحِيزَ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَحِيزَتْ كَمَا قَالَ أَوَّلًا وَصَحَّتْ وَثَانِيًا فِي قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ مُتَعَلِّقٌ بِالذَّاتِ وَالصِّحَّةُ وَالْبُطْلَانُ يَتَعَلَّقَانِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ

ــ

[حاشية العدوي]

وَمَاتَ وَأَرَادَتْ الْإِخْوَةُ قِسْمَتَهُ فَلَا يُجَابُونَ بَلْ تَخْتَصُّ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِالتَّمْلِيكِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الَّذِي يُفْهِمُ الصِّيغَةَ صِيغَةٌ أُخْرَى) أَيْ: لِأَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يَكُونُ مَدْلُولُهُ لَفْظًا آخَرَ فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ أَيْ: الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ بِفِعْلٍ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدْخُلُ فِي الصِّيغَةِ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنْ يُمْكِنَ أَنْ يُعَبَّرَ فِي الْهِبَةِ بِصِيغَةٍ وَيَكُونَ لَهَا صِيغَةٌ أُخْرَى يُعْلَمُ مِنْهَا قَصْدُ الْهِبَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ: أَوْ مُفْهَمِ الْهِبَةِ) أَيْ: غَيْرِ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ بِصِيغَةٍ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالصِّيغَةِ مَا صُرِّحَ بِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَحْلِيَةُ الزَّوْجَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ الزَّوْجَةِ أُمُّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ الْإِمْتَاعِ) أَيْ: الِانْتِفَاعِ لَا عَلَى التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى مُفْهَمِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ مُتَعَاطِفَيَّ لَا يَكُونَانِ مُتَغَايِرَيْنِ فَلَا يَصِحُّ جَاءَ رَجُلٌ لَا زَيْدٌ كَمَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ الشَّارِحِ فَلَوْ قَالَ بِصِيغَةٍ أَيْ: غَيْرِ قَوْلِهِ لِوَلَدِهِ ابْنِ لَا بِقَوْلِهِ لِوَلَدِهِ ابْنِ لَكَانَ أَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ هَذَا بِالتَّقْيِيدِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مُفْهَمِهَا صَادِقٌ بِأَيِّ قَوْلٍ كَمَا أَنَّهُ صَادِقٌ بِأَيِّ فِعْلٍ فَمِنْ حَيْثُ صِدْقِهِ بِأَيِّ قَوْلٍ لَا يُؤْخَذُ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ يُقَيَّدُ بِأَنْ يُقَالَ مَا عَدَا قَوْلَهُ ابْنِ مَعَ قَوْلِهِ دَارِهِ وَقَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مُرَادًا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى صِيغَةٍ؛ لِأَنَّهَا نَصٌّ فِي الْقَوْلِ فَهِيَ أَوْلَى بِالتَّقَيُّدِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَعَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا بِقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ دَارًا بُنِيَ أَيْ مَقْرُونًا ذَلِكَ الْقَوْلُ بِقَوْلِهِ دَارُهُ (قَوْلُهُ لَا بِقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ) وَكَذَا ارْكَبْ هَذِهِ الدَّابَّةَ مَعَ قَوْلِهِ دَابَّةُ وَلَدِهِ.

(قَوْلُهُ وَحِيزَ) أَيْ: وَحَازَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَيْ: وَلَوْ حُكْمًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لَا لِمَحْجُورِهِ إلَخْ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّحْوِيزُ (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْحَوْزِ أَيْ: عَلَى تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ حَيْثُ طَلَبَهُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تُمْلَكُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ إنْ تَأَخَّرَ) أَيْ: الْحَوْزُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ أَشْهَدَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الِاسْتِصْحَابِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ يَمُوتُ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمُعَيَّنُ فَإِنَّ الْإِشْهَادَ يَقُومُ مَقَامَ الْحِيَازَةِ وَانْظُرْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْقَبُولَ رُكْنٌ) أَيْ: دَاخِلٌ الْمَاهِيَّةَ فَعِنْدَ عَدَمِهِ تَبْطُلُ الْهِبَةُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ إرْسَالِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ الرَّسُولِ (قَوْلُهُ وَالْحِيَازَةُ شَرْطٌ) أَيْ: شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ مَانِعٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْحِيَازَةُ شَرْطًا لَهُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَطَايَا لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى حِرْمَانِ مُسْتَحِقِّ الْمَالِ بَعْدَ الْوَاهِبِ بِأَنْ يَقُولَ الْوَاهِبُ عِنْدَ مَوْتِهِ ادْفَعُوا الْمَالَ لِزَيْدٍ فَإِنِّي كُنْت وَهَبْته لَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ: مُصَوَّرًا ذَلِكَ بِصَرْفِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ أَيْ: نُقِلَ وَحِيزَ) أَيْ: فَالْحَامِلُ عَلَى تَأْوِيلِ يُنْقَلُ الْمُضَارِعِ بِالْمَاضِي الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ عَطْفُ الْمَاضِي عَلَى الْمُضَارِعِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهُمَا فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِتَأْوِيلِ يُنْقَلُ بِنُقِلَ ثُمَّ أَقُولُ لَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى الْمَاضِي بَلْ الْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْهِبَةِ قَبُولُ النَّقْلِ فَلَا يَظْهَرُ التَّأْوِيلُ بِالْمَاضِي إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّأْوِيلُ بِالْمَاضِي إنَّمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ لَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَحِيزَ) أَيْ: فَهُوَ عَائِدٌ عَلَى مُتَقَدِّمٍ مَعْنًى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ مُتَعَلِّقٌ بِالذَّاتِ إلَخْ) لَا يَخْفَى إنَّهُ إذَا كَانَ الْحَوْزُ مُتَعَلِّقًا بِالذَّاتِ وَالصِّحَّةُ وَالْبُطْلَانُ مُتَعَلِّقَانِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ فَيَكُونُ الْمُنَاسِبُ الْعَكْسَ أَيْ: وَكَانَ يَقُولُ وَصَحَّ وَبَطَلَ وَحِيزَتْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَمَّا اتَّفَقَ وَوَقَعَ وَنَزَلَ أَنَّهُ عُبِّرَ بِصَحَّتْ وَبَطَلَتْ أَيْ: الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَلَوْ عُبِّرَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَحِيزَتْ بِالتَّاءِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى مَا عَادَ عَلَيْهِ فَاعِلُ صَحَّتْ وَبَطَلَتْ وَهُوَ الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فَلِذَلِكَ غَايَرَ الْأُسْلُوبَ وَعَبَّرَ بِحِيزَ فَاقْتَضَى أَنَّ الضَّمِيرَ لَيْسَ عَائِدًا عَلَى مَا عَادَ إلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي صَحَّتْ وَبَطَلَتْ وَهُوَ الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>