للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنَّ عَدَمَ لُزُومِ الْوَاهِبِ لِقَبُولِهِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ عِنْدَ النَّاسِ بِعَدَمِ بَيْعِهِ.

(ص) وَلِلْمَأْذُونِ وَلِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِهِ هِبَةً لِلثَّوَابِ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ هِبَةً لِلثَّوَابِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ هِبَةً لِغَيْرِ الثَّوَابِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَارِيَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَجَّانًا فَقَوْلُهُ وَلِلْمَأْذُونِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ وَلِلْأَبِ عَطْفٌ عَلَيْهِ وَأَعَادَ اللَّامَ فِي لِلْأَبِ لِاخْتِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ؛ إذْ الْعَبْدُ وَهَبَ مِنْ مَالِهِ وَالْأَبُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ وَقَوْلُهُ الْهِبَةُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ ثُمَّ إنَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ وَلِلْمَأْذُونِ لَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَائِبَ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ حَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ أَيْ الْمَأْذُونُ هُوَ فَهُوَ مُسْتَتِرٌ لَا مَحْذُوفٌ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْمَحْجُورُ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْقَوَاعِدِ وَوُضُوحِ الْمَعْنَى إذْ لَا يُتَوَهَّمُ شُمُولُ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ الرَّشِيدِ وَلِقِرَانِهِ بِالْمَأْذُونِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَحَاجِيرِ.

(ص) وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ حَبْسٌ مَثَلًا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ فَعَلَ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَنْ يُخَاصِمُهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَلِعَدَمِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ حِينَ الْيَمِينِ فِي الْمُعَيَّنِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ حَبْسٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا بِلَا يَمِينٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ أَيْضًا بِخِلَافِ لَوْ قَالَ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ التَّبَرُّرَ وَالْقُرْبَةَ حِينَئِذٍ وَالْمُرَادُ بِالْيَمِينِ مَا الْتَزَمَهُ مِمَّا فِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ لَا الْيَمِينُ الشَّرْعِيُّ وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْبَتِّ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ يُقْضَى بِهِ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ وَطَلَبَهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَامْتَنَعَ رَبُّهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ نَظَرًا لِلْحَالِ الْأَوَّلِ كَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِّ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ جِدًّا فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ: كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ أَيْ: فِي غَيْرِ يَمِينٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلُ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا.

(ص) وَفِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ أَوْ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ يَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا قَوْلًا وَاحِدًا.

(ص) وَقُضِيَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِيهَا بِحُكْمِنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا وَهَبَ لِذِمِّيٍّ هِبَةً أَوْ عَكْسَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بَيْنَهُمَا فِيهَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ مِنْ لُزُومٍ وَإِثَابَةٍ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا وَهَبَ لِذِمِّيٍّ هِبَةً فَإِنَّا لَا نَعْرِضُ لَهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّظَالُمِ الَّذِي أَمْنَعُهُمْ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لِجَرَيَانِ إلَخْ) هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ مَتَى جَرَى عُرْفٌ بِبَيْعِهِ جَازَ أَنْ يُثَابَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْإِثَابَةِ بِهِ فَيُعَارِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هَذَا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِبَيْعِهِ يَلْزَمُ قَبُولُهُ (قَوْلُهُ وَلِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ) أَيْ وَلَيْسَ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ فِي جَوَازِ هِبَتِهِ لِلثَّوَابِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْمَحْجُورُ) أَيْ: وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ) قَالَ ابْنُ نَاجِي كَمَا لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا فَجَعَلَهُ صَدَقَةً فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ كُلَّهُ وَلَوْ كَانَ جَمِيعَ مَالِهِ وَيُتْرَكُ لَهُ قَدْرُ مَا يَعِيشُ بِهِ وَأَهْلُهُ كَالْمُفْلِسِ قَالَهُ فِي النُّكَتِ (قَوْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا) أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْت كَذَا (قَوْلُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ) أَيْ: أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ وَسَكَتَ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ دَارٌ صَدَقَةٌ وَسَكَتَ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهَذَا صَادِقٌ بِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ وَيَسْكُتُ، وَيَجْرِي مِثْل ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ فَنَقُولُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ أَنْ يَقُولَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ وَسَكَتَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَوْ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْيَمِينِ وَمَتَى انْتَفَى وَاحِدٌ فَيَجِبُ التَّنْفِيذُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَالِالْتِزَامُ إنْ كَانَ لِمُعَيَّنٍ يُقْضَى بِهِ وَلِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يُقْضَى بِهِ، وَأَمَّا النَّذْرُ فَلَا يُقْضَى بِهِ مُطْلَقًا كَمَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ دَفْعُ دِرْهَمٍ لِزَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ، وَأَمَّا الْوَعْدُ فَإِنْ حَصَلَ فِيهِ تَوْرِيطٌ قُضِيَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِزَيْدٍ كَذَا فَهُوَ نَذْرٌ لَا يُقْضَى بِهِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلِغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْضَى بِهِ وَلِذَا قَالَ شب فِي شَرْحِهِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَدَارِي صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ لَا الْيَمِينُ الشَّرْعِيُّ) أَيْ فَقَطْ أَيْ: فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِدَارِي أَوْ عَبْدِي أَوْ أَهَبُهَا أَوْ أَحْبِسُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ أَوْ وَاَللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِهَا عَلَى مَنْ ذُكِرَ إنْ فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْت كَذَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْبَتِّ الْمُعَيَّنِ) أَيْ: بَتِّ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَإِلَّا فَدَارِي حَبْسٌ مِنْ بَتِّ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ وَرُبَّمَا يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ إذَا قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَبْسَ وَالْهِبَةَ مِثْلُ الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ) وَجْهُهُ أَنَّ أَهْلَ الْمَسْجِدِ مِنْ قَبِيلِ عَدَمِ الْمُعَيَّنِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا قَوْلًا وَاحِدًا) أَيْ: فَلَا قَضَاءَ قَطْعًا فِي الْمُعَيَّنِ وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ هَذَا إلَخْ) أَيْ هِبَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ أَيْ: فَلَا تَكَلُّمَ فِي شَأْنِهَا مِنْ إثَابَةٍ أَوْ لُزُومٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>