فِي حَقِّهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ إنْ وُجِدَ فَإِنْ قِيلَ مِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَاحِدٌ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ الْعَبَّاسِيُّ وَهُنَا ذُكِرَ أَنَّهُ قُرَشِيٌّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقُرَشِيَّ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَمِنْ غَيْرِهِمْ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي وِلَايَةِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الدَّوَامِ أَيْضًا فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ فِسْقٌ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ كَأَخْذِ الْأَمْوَالِ.
(ص) فَحَكَمَ بِقَوْلِ مُقَلِّدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ إمَامِهِ الَّذِي قَلَّدَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِغَيْرِ مَذْهَبِ إمَامِهِ بَلْ يَحْكُمُ بِفَتْوَى مُقَلِّدِهِ بِنَصِّ النَّازِلَةِ فَإِنْ قَاسَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قَالَ يَجِيءُ مِنْهُ كَذَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ فِي أُصُولِ إمَامِهِ
(ص) وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى وَأَبْكَمَ وَأَصَمَّ وَوَجَبَ عَزْلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ وَهُوَ مُتَّصِفٌ بِصِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَنْفُذُ حَيْثُ كَانَ صَوَابًا وَسَوَاءٌ تَوَلَّى وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَزْلُهُ لِتَعَذُّرِ غَالِبِ الْأَحْكَامِ مِنْهُ وَالْأُمِّيُّ كَالْأَعْمَى وَتَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ لِلْفَتْوَى
(ص) وَلَزِمَ الْمُتَعَيِّنَ أَوْ الْخَائِفَ فِتْنَةً إنْ لَمْ يَتَوَلَّ أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ الْقَبُولُ وَالطَّلَبُ وَأُجْبِرُوا وَإِنْ بِضَرْبٍ (ش) أَيْ لَزِمَ الْمُتَعَيِّنَ أَيْ الْمُنْفَرِدَ بِشُرُوطِهِ أَوْ الْخَائِفَ فِتْنَةً عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ أَوْ الْخَائِفَ ضَيَاعَ الْحَقِّ عَلَى أَرْبَابِهِ بِسَبَبِ تَوْلِيَةِ غَيْرِهِ الْقَبُولُ وَالطَّلَبُ لِلْقَضَاءِ فَحَذَفَ الْقَبُولَ وَالطَّلَبَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ وَإِذَا امْتَنَعَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَبُولِ أُجْبِرَ وَإِنْ بِضَرْبٍ وَسَجْنٍ فَقَدْ أَقَامَ الْإِمَامُ حَوْلًا يُجْبِرُ سَحْنُونًا عَلَى الْقَبُولِ لِلْقَضَاءِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَلَمَّا تَخَوَّفَ مِنْهُ قَبِلَهُ وَلَمَّا وُلِّيَ سَحْنُونَ الْقَضَاءَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَقَوْلُهُ: إنْ وُجِدَ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَنِي الْعَبَّاسِ كَغَيْرِهِمْ فَلَا مَزِيَّةَ لِبَنِي الْعَبَّاسِ وَكَوْنُهُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ فِي زَمَنِ مَالِكٍ اتِّفَاقِيٌّ وَقَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقُرَشِيَّ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ إنْ وُجِدَ فَيَأْتِي الِاعْتِرَاضُ الْمُتَقَدِّمُ هُنَا
. (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ مُقَلَّدِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ بِالْمَشْهُورِ أَوْ الرَّاجِحِ مِنْ مَذْهَبِهِ كَرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَرِوَايَةِ غَيْرِهِ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَأَوْلَى غَيْرُهَا وَعَلَى رِوَايَتِهِ فِي غَيْرِهَا عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَرْوِ عَنْ الْإِمَامِ فِيهَا أَحَدٌ شَيْئًا قُدِّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِي غَيْرِهَا عَنْ الْإِمَامِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا هَكَذَا شَرْحُ عب. (أَقُولُ) وَيَبْقَى قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَرِوَايَتُهُ فِي غَيْرِهَا فَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ مَا هُوَ الْمُقَدَّمُ وَلَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ وَلَا الْحُكْمُ وَلَا الْعَمَلُ بِالضَّعِيفِ وَلَا الْحُكْمُ بِغَيْرِ قَوْلِ مُقَلَّدِهِ وَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ الْعَمَلُ بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى الضَّعِيفِ فِي مَذْهَبِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَشْهُورَ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ مَا كَثُرَ قَائِلُهُ أَوْ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ أَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ رِوَايَتُهُ فِيهَا عَنْ مَالِكٍ كَمَا أَفَادَهُ عج أَيْ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ قُوَّةُ دَلِيلِهِ أَقُولُ ثَلَاثَةٌ وَالرَّاجِحُ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ فَعَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمَشْهُورِ يَتَرَادَفُ الرَّاجِحُ مَعَ الْمَشْهُورِ فَإِنْ قُلْت إذَا تَعَارَضَ الْمَشْهُورُ وَالرَّاجِحُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فَمَا الْمُقَدَّمُ قُلْت عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الدَّلْكِ يُقَدَّمُ الْمَشْهُورُ عَلَى الرَّاجِحِ وَعَلَى مَا قَالَهُ عج فِيهَا يُقَدَّمُ الرَّاجِحُ الَّذِي هُوَ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ وَيُقَوِّيهِ مَا نُقِلَ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى فَإِنَّهُ قَالَ سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُخْطِئُ وَأُصِيبُ فَانْظُرُوا فِي رَأْيِي فَإِنْ وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوهُ وَمَا لَمْ يُوَافِقْهُمَا فَاتْرُكُوهُ انْتَهَى، وَنَحْوُ هَذَا لِابْنِ مُعَلَّى فِي مَنَاسِكِهِ فَلَوْ حَكَمَ بِالضَّعِيفِ فَيَمْضِي مَا لَمْ يَنُصَّ لَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَحْكُمَ بِالرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ يَجِيءُ إلَخْ) هَذَا يَرْجِعُ لِلْقِيَاسِ
. (قَوْلُهُ: وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى إلَخْ) الْحَاصِلُ إنَّمَا نَفَذَ حُكْمُهُمْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ وَلَا فِي صِحَّةِ دَوَامِهَا وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي جَوَازِ وِلَايَتِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَوَجَبَ عَزْلُهُ. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ غَالِبِ الْأَحْكَامِ) أَيْ مِنْ الْأَعْمَى أَوْ الْأَبْكَمِ أَوْ الْأَصَمِّ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ تَعَذُّرِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ. (قَوْلُهُ: وَالْأُمِّيُّ كَالْأَعْمَى) الْمُرَادُ بِهِ الَّذِي لَيْسَ بِكَاتِبٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ قَالَ الْبَاجِيُّ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ وِلَايَةِ الْأَعْمَى وَلَا نَصَّ لِأَصْحَابِنَا فِي الْأُمِّيِّ وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيهِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ جَرَى تَوْلِيَتُهُ عَلَى وِلَايَةِ الْأَعْمَى؛ لِأَنَّ فِي الْكَتْبِ كَحَالِ الْأَعْمَى.
وَقَالَ عج الْمُتَّصِفُ بِصِفَاتٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ الْعَمَى وَالصَّمَمُ وَالْبَكَمُ أَوْ بِاثْنَيْنِ مِنْهَا هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُتَّصِفِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ حُكْمُ مَنْ فُقِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ اهـ. قَالَ عب وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضُرُّ وُجُودُ ثِنْتَيْنِ مِنْهَا أَوْ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ عج قَائِلًا فَإِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ مُعَامَلَةِ الْأَعْمَى الْأَصَمِّ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ) أَيْ الْأَعْمَى.
. (قَوْلُهُ: الْقَبُولُ) فَاعِلُ لَزِمَ فَوْرًا إنْ شَافَهَهُ بِهِ الْإِمَامُ فَإِنْ أَرْسَلَ لَهُ بِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ فَوْرًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظُ قَبِلْت بَلْ يَكْفِي شُرُوعُهُ فِي الْأَحْكَامِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ) أَيْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْخَائِفُ ضَيَاعَ الْحَقِّ إلَخْ) وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ فِقْهًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ الْخَائِفُ فِتْنَةً أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ أَيْ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِشُرُوطِ الْقَضَاءِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ: فَحَذَفَ الْقَبُولَ وَالطَّلَبَ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَحَلَّاتِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفَاعِلُ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا امْتَنَعَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَبُولِ إلَخْ) أَيْ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَنْ خَافَ الْفِتْنَةَ أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ فَلَا يَتَأَتَّى فِي حَقِّهِ غَيْرُ الطَّلَبِ وَالْقَبُولِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْخَوْفُ مِنْ الْإِمَامِ لَتَأَتَّى الْجَبْرُ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا عَلَّقَ الْخَوْفَ بِغَيْرِ الْإِمَامِ وَأَقُولُ إذَا أُجْبِرَ بِالْخَوْفِ مَنْ ذُكِرَ وَوَقَعَ صِدْقُهُ فَيُعْقَلُ تَعَلُّقُ الْجَبْرِ بِهِ أَيْضًا فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَ إلَخْ أَيْ مَنْ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَالطَّلَبُ لَا خُصُوصُ الْمُتَعَيِّنِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِضَرْبٍ وَسَجْنٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْوَاوِ هِيَ بِمَعْنَى أَوْ بَلْ إذَا اقْتَضَى