وَجَازَتْ بِسَمَاعٍ فَشَا عَنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ (ش) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ شَرَعَ الْآنَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى السَّمَاعِ، وَلَمْ يُعَرِّفْهَا الْمُؤَلِّفُ، وَقَدْ حَدَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا لَقَبٌ لِمَا صَرَّحَ الشَّاهِدُ فِيهِ بِإِسْنَادِ شَهَادَتِهِ لِسَمَاعٍ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَتَخْرُجُ شَهَادَةُ الْبَتِّ وَالنَّقْلِ فَالْبَتُّ بِقَوْلِهِ بِإِسْنَادِ شَهَادَتِهِ لِسَمَاعٍ وَالنَّقْلُ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ جَائِزَةٌ، وَقَدْ تَجِبُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَغَيْرِهِمْ كَذَا أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ فِيهَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: السَّمَاعُ مِنْ غَيْرِ الْعُدُولِ سَمَاعًا فَاشِيًا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ شَارِحُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَيْ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ مَظِنَّةُ الدَّفْعِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَبِهِ الْعَمَلُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ فَتُّوحٍ وَلَكِنَّ الْأَشْهُرَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ لَا لِمَنْعِ الْجَمْعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ إنَّمَا جَازَتْ لِلضَّرُورَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَشْهَدُ بِمَا تُدْرِكُهُ حَوَاسُّهُ قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فَقَوْلُهُ: وَجَازَتْ أَيْ الشَّهَادَةُ، وَالْبَاءُ فِي بِسَمَاعٍ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ وَجَازَتْ الشَّهَادَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ سَمَاعٍ، وَلَا تَقُلْ وَجَازَتْ شَهَادَةُ السَّمَاعِ بِسَمَاعٍ لِئَلَّا يَكُونَ فِي الْكَلَامِ رَكَّةٌ.
(ص) بِمِلْكٍ لِحَائِزٍ مُتَصَرِّفٍ طَوِيلًا (ش) أَيْ تَجُوزُ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِالْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ حَائِزٌ مُدَّةً طَوِيلَةً مَعَ التَّصَرُّفِ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالطُّولِ هُنَا الطُّولَ الْآتِي، وَهُوَ عِشْرُونَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعُونَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ شُرُوطَ الْمِلْكِ الْخَاصَّةَ ثُمَّ إنَّهُ ذَكَرَ الشُّرُوطَ الْعَامَّةَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية العدوي]
إلَّا أَنْ يَحْصُلَ بِهِ الْعِلْمُ بِأَنْ بَلَغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ فَلَا يَكُونُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهِ النَّقْلِ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَتْ بِسَمَاعٍ فَشَا) سَيَأْتِي إنْ طَالَ الزَّمَانُ، وَحَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَلَا رِيبَةَ وَشَهِدَ اثْنَانِ فَلَا يَكْفِي الْوَاحِدُ، وَلَا الْمَرْأَتَانِ (قَوْلُهُ: بِمَا صَرَّحَ الشَّاهِدُ) أَيْ صَرَّحَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِمَا مَعًا بِأَنْ يَقُولَ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَّا أَنَّ عج صَرَفَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَقَالَ: الْمُرَادُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يُصَرِّحُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ قَالُوا أَيْ فَلَا يَكْتَفِي بِالسَّمَاعِ مِنْ الْعُدُولِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ السَّمَاعِ مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ فَقَوْلُهُ: السَّمَاعُ مِنْ غَيْرِ الْعُدُولِ أَيْ مَضْمُومًا لِلسَّمَاعِ مِنْ الْعُدُولِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَثْرَةَ الْحَاصِلَةَ بِانْضِمَامِ غَيْرِ الْعُدُولِ لِلْعُدُولِ، وَقَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْأَشْهَرَ إلَخْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ سِيَاقِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا فِي اللَّفْظِ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ أَوْ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُتَبَادَرُ بِمُرَادٍ لَهُ بَلْ مُرَادُهُ عَلَى مَا قُلْنَا سَابِقًا أَنَّهُ يَكْفِي الِاعْتِمَادُ عَلَى أَحَدِهِمْ إمَّا الثِّقَاتِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظُوا
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي التَّرْجِيحِ فَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ الرَّاجِحَ الِاكْتِفَاءُ بِالسَّمَاعِ مِنْ الثِّقَاتِ فَقَطْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَقَطْ وَذَكَرَ حُلُولُو أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ حَاصِلُ مَا فِي عج وَجَعَلَ اللَّقَانِيِّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ ضَعِيفًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ، وَلَا ذِكْرَ أَحَدِهِمَا فِي اللَّفْظِ بَلْ الْمُرَادُ الِاعْتِمَادُ إمَّا عَلَى السَّمَاعِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا أَوْ يُكْتَفَى بِالسَّمَاعِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَهُ عج رَاجِحًا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ. الثَّانِي الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا مَعًا، وَأَمَّا اللَّقَانِيِّ فَضَعَّفَ ذَلِكَ وَجَعَلَ الرَّاجِحَ الِاكْتِفَاءَ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِمَادُ وَالذِّكْرُ بِاللَّفْظِ لَيْسَ بِشَرْطٍ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ عَلِمْت ذَلِكَ نَذْكُرُ لَكُمَا هُوَ الرَّاجِحُ وَالرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ النُّقُولُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِاللَّفْظِ بِأَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ فَقَدْ صَرَّحَ الْمُتَيْطِيُّ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ لَمْ تَصِحَّ، وَبِهِ الْعَمَلُ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَلَا تَقُلْ وَجَازَتْ شَهَادَةُ السَّمَاعِ بِسَمَاعٍ لِئَلَّا يَكُونَ فِي الْكَلَامِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى صَحِيحٌ أَقُولُ: وَهُوَ كَذَلِكَ بِجَعْلِ الْبَاءِ سَبَبِيَّةً أَيْ وَجَازَتْ شَهَادَةُ السَّمَاعِ أَيْ جَازَ أَدَاؤُهَا بِسَبَبِ سَمَاعٍ، وَلَوْ جُعِلَتْ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ لَكَانَ الْمَعْنَى فَاسِدًا لَا أَنَّهُ رَكِيكٌ فَقَطْ فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرْته مِنْ جَعْلِ الْبَاءِ سَبَبِيَّةً صَحِيحٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ الرَّكَّةِ فِيهِ، قُلْت: لَعَلَّ وَجْهَ الرَّكَّةِ، وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّعْدِيَةِ فَتَأَمَّلْ وَكُنْت قَرَّرْت سَابِقًا أَنَّ الرَّكَّةَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ الْحَاصِلِ مِنْ تَكْرَارِ اللَّفْظِ.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ هُوَ حَائِزٌ مُدَّةً طَوِيلَةً) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الصَّنِيعَ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ طَوِيلًا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ حَائِزٌ فَيَكُونُ مُصَرِّحًا بِأَنَّ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ عَشَرَةٌ اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالطُّولِ هُنَا الطُّولَ الْآتِي إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ الطُّولَ الْآتِيَ الْمُفَسَّرَ بِالْعِشْرِينِ سَنَةً طُولُ زَمَنِ السَّمَاعِ، وَهُنَا طُولُ الْحَوْزِ فَلَا تَكْرَارَ صَرَّحَ بِذَلِكَ شب فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لعج فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ: وَقَوْلُهُ: أَيْ الْمُصَنِّفِ إنْ طَالَ أَيْ طَالَ الزَّمَنُ أَيْ زَمَانُ السَّمَاعِ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ طَوِيلًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ طُولُ الْحَوْزِ اهـ.
وَعِبَارَةُ عب مُضْطَرِبَةٌ فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ طَوِيلًا رَاجِعًا لِحَائِزٍ أَيْ حَائِزًا حَوْزًا طَوِيلًا، وَهُوَ كَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ عِشْرِينَ عَلَى مَا يَأْتِي وَالْحَالُ أَنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ طَالَ الزَّمَانُ بِقَوْلِهِ إنْ طَالَ الزَّمَانُ لِلسَّمَاعِ أَرْبَعُونَ سَنَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ عِشْرُونَ، وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ مَا قَالَهُ عج وَتَبِعَهُ شب مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّولِ الْمُفَسَّرِ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ طُولُ الْحَوْزِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ طَالَ الزَّمَانُ أَيْ زَمَنُ السَّمَاعِ كَلَامٌ لَا يَظْهَرُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ نَعَمْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عج فِيمَا بَعْدُ أَنَّ الْعَشَرَةَ أَشْهُرٍ لَيْسَتْ ظَرْفًا لِلْحَوْزِ فَقَطْ بَلْ لِمَجْمُوعِ الْحَوْزِ وَالتَّصَرُّفِ أَيْ فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْعَشَرَةَ الْأَشْهُرِ ظَرْفٌ لِلتَّصَرُّفِ وَأَمَّا السَّمَاعُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَطُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute