وَحَلَفَ فِي نَقْصٍ بَتًّا وَغِشٍّ عِلْمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَارَفَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ وَقَبَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَقَّهُ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا فِي دَرَاهِمِهِ أَوْ دَنَانِيرِهِ نَقْصًا أَوْ غِشًّا فَعَادَ لِصَاحِبِهِ وَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي حَالَةِ النَّقْصِ عَلَى الْبَتِّ أَيْ أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا كَامِلًا؛ لِأَنَّ النَّقْصَ يُمْكِنُ فِيهِ حُصُولُ الْقَطْعِ وَلَا يَتَعَذَّرُ الْجَزْمُ بِهِ أَوْ بِعَدَمِهِ، وَيَحْلِفُ فِي حَالَةِ الْغِشِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَيْ أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّيْرَفِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَالضَّمِيرُ فِي حَلَفَ لِلدَّافِعِ صَيْرَفِيًّا أَوْ غَيْرَهُ.
(ص) وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ كَخَطِّ أَبِيهِ أَوْ قَرِينَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَكْفِي فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ الِاعْتِمَادُ عَلَى الظَّنِّ الْقَوِيِّ كَخَطِّ أَبِي الْحَالِفِ أَوْ خَطِّهِ هُوَ أَوْ قَرِينَةٍ مِنْ خَصْمِهِ كَنُكُولِهِ أَوْ سُؤَالِهِ الصُّلْحَ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى مَثَلًا، وَهَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ قَوْلِهِ: وَغَمُوسٌ بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ هُنَاكَ مُطْلَقُ الظَّنِّ وَهَذَا ظَنٌّ قَوِيٌّ أَوْ أَنَّ الْغَمُوسَ مُتَبَرِّعٌ بِهَا وَهَذِهِ مُجْبَرٌ عَلَيْهَا.
(ص) وَيَمِينُ الْمَطْلُوبِ مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ إذَا كَانَتْ فِي جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَطْلُوبِ فَمِنْ شَرْطِهَا مُطَابَقَتُهَا لِإِنْكَارِهِ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ مِنْ قَرْضٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ مِنْ قَرْضٍ، وَلَا بَعْضُهَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ بِالْعَشَرَةِ مُدَّعٍ بِكُلِّ آحَادِهَا فَحَقُّ الْيَمِينِ نَفْيُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْمَعْقُولِ أَنَّ إثْبَاتَ الْكُلِّ إثْبَاتٌ لِكُلِّ أَجْزَائِهِ، وَنَفْيُ الْكُلِّ لَيْسَ نَفْيًا لِكُلِّ أَجْزَائِهِ وَبِعِبَارَةٍ: مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ لَازِمًا، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجُزْءِ بَعْدَ نَفْيِ الْكُلِّ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُبَرِّئُهُ مِمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ مَا لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ مِنْ الْعَشَرَةِ أَوْ لَيْسَ لَهُ فِي ذِمَّتِي شَيْءٌ وَإِذَا حَلَفَ مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا، وَلَمْ يَزِدْ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا تَرَكَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ مِنْهُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا ادَّعَاهُ فَإِنْ قِيلَ: لَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ نِيَّةُ الْحَلِفِ، وَهُوَ نِيَّتُهُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْعَشَرَةِ قُلْت؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ادَّعَى بِأَكْثَرَ نِسْيَانًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ يُحْتَمَلُ نِسْيَانُ السَّبَبِ وَذِكْرُ غَيْرِهِ.
(ص) وَنَفَى سَبَبًا إنْ عَيَّنَ وَغَيْرَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ فَإِنَّهُ يَنْفِي سَبَبَ الدَّيْنِ إنْ عَيَّنَهُ الْمُدَّعِي وَيَنْفِي غَيْرَهُ أَيْضًا كَمَا لَوْ أَسْلَفَهُ عَشَرَةً فَيَقُولُ فِي يَمِينِهِ: مَا لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ مِنْ سَلَفٍ، وَلَا غَيْرِهِ وَيَأْتِي السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ الْمُتَقَدِّمُ.
(ص) فَإِنْ قَضَى نَوَى سَلَفًا يَجِبُ رَدُّهُ (ش) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَسَلَّفَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا وَقَضَاهُ لَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ قَامَ صَاحِبُ الْمَالِ وَطَالَبَ الْمُقْرَضَ بِالْمَالِ فَأَنْكَرَهُ وَطَلَبَ أَنْ يُحَلِّفَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لَهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ مَالًا وَيَنْوِي فِي قَلْبِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ رَدُّهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الْإِثْمِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَلَا يُقَالُ هَذِهِ النِّيَّةُ لَا تَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هِيَ هُنَا لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ
ــ
[حاشية العدوي]
الثَّانِيَ نَكَلَ بَعْدَ حَلِفِ الْأَوَّلِ وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَنَكَلَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ وَكَذَا يَغْرَمُ لِلْبَاقِي إنْ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ فَهَلْ يَغْرَمُ نَظَرًا لِنُكُولِهِ قَبْلُ أَوْ لَا يَغْرَمُ نَظَرًا لِنُكُولِ ذَلِكَ الْبَاقِي، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَيْسَ لِذَلِكَ الْبَاقِي تَحْلِيفُ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ لِنُكُولِهِ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَارَفَ) لَا مَفْهُومَ لِصَارَفَ أَيْ أَوْ أَقْرَضَ أَوْ قَبَضَ قَرْضًا أَوْ قَضَى دَيْنًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ فِي الْجَمِيعِ بِيَمِينٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ آخِرًا فَالضَّمِيرُ فِي حَلَفَ لِلدَّافِعِ صَيْرَفِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي حَالِ النَّقْصِ) أَيْ نَقْصِ الْعَدَدِ وَأَمَّا نَقْصُ الْوَزْنِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَالْغِشِّ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِيمَا يُتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا أَوْ عَدَدًا وَوَزْنًا كَدَنَانِيرَ مِصْرَ، وَأَمَّا مَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا فَقَطْ فَيَحْلِفُ فِي نَقْصِهِ عَلَى الْبَتِّ كَنَقْصِ الْعَدَدِ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ حَلَفَ الصَّيْرَفِيُّ بَتًّا وَغَيْرُهُ عِلْمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ ح أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ مَا يُفِيدُهُ.
(قَوْلُهُ: وَحَلَفَ الْبَاتُّ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْبَاتِّ مِمَّنْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يَعْتَمِدُ عَلَى الظَّنِّ، وَإِنْ لَمْ يَقْوَ وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى الْعِلْمِ إلَّا فِيمَا لَا يُمْكِنُ كَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ، وَإِلَّا مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَاعْتَمَدَ فِي إعْسَارِهِ بِصُحْبَةٍ وَقَرِينَةِ صَبْرٍ ضَرَّ وَكَشَهَادَةِ السَّمَاعِ (وَقَوْلُهُ: مِنْ خَصْمِهِ) إشَارَةٌ إلَى مُغَايَرَةِ الْعَطْفِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ خَطَّ الْأَبِ قَرِينَةٌ، وَعَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَا يَكُونُ بِأَوْ وَجَوَّزَهُ الدَّمَامِينِيُّ مُحْتَجًّا بِالْحَدِيثِ أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: كَنُكُولِهِ) أَيْ أَوْ شَاهِدٍ لِأَبِيهِ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ مَعْنَاهُ إلَخْ أَيْ أَوْ يُقَالُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ أَوْ يُقَالُ الْأَمْوَالُ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ لَا يَنْفَعُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يَنْفَعُ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: إنْ عَيَّنَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعَيُّنُهُ فِي الدَّعْوَى، وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَعَيُّنِهِ كَوْنُ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ مَعْلُومٍ أَيْ فَيَكْفِي فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى كَوْنُهُ مَعْلُومًا مَجْزُومًا بِهِ نَعَمْ إنْ سَأَلَ عَنْ السَّبَبِ وَجَبَ بَيَانُهُ مَا لَمْ يَدَّعِ نِسْيَانَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَسْلَفَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي الْعِبَارَةِ أَنْ لَوْ قَالَ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةٌ مِنْ سَلَفٍ كَمَا فِي تت وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَمَا لَوْ أَسْلَفَهُ يُوقِعُ فِي الْوَهْمِ أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِهِ مَعَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَتَدَبَّرْ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّبَبَ كَفَى مَا لَهُ عِنْدِي حَقٌّ أَوْ شَيْءٌ وَأَمَّا إذَا عَيَّنَهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ، وَإِلَّا أُعِيدَتْ الْيَمِينُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ أَنْ يَقُولَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إلَّا أَنَّ عِبَارَتَهُ فِي ك وَيُمْكِنُ