يُعْرَفُ بِإِحْدَى عَلَامَتَيْنِ الْجُفُوفِ أَوْ الْقَصَّةِ وَمَعْنَى الْأُولَى أَنْ تَخْرُجَ الْخِرْقَةُ جَافَّةً مِنْ الدَّمِ وَمَا مَعَهُ وَلَا يَضُرُّ بَلَلُهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ رُطُوبَاتِ الْفَرْجِ إذْ لَا يَخْلُو عَنْهَا غَالِبًا، وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ مَاءٌ كَالْجِيرِ فَالْقَصَّةُ مِنْ الْقَصِّ وَهُوَ الْجِيرُ لِأَنَّهَا مَاءٌ يُشْبِهُهُ وَقِيلَ يُشْبِهُ الْعَجِينَ وَقِيلَ شَيْءٌ كَالْخَيْطِ الْأَبْيَضِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ كَالْبَوْلِ وَعَلِيٌّ كَالْمَنِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْتَمَلُ اخْتِلَافُهَا بِاعْتِبَارِ النِّسَاءِ وَأَسْنَانِهِنَّ وَالْفُصُولِ وَالْبُلْدَانِ إلَّا أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ بَعْضُ النِّسَاءِ يُشْبِهُ الْمَنِيَّ
(ص) وَهِيَ أَبْلَغُ لِمُعْتَادَتِهَا فَتَنْتَظِرُهَا لِآخِرِ الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَصَّةَ أَبْلَغُ أَيْ أَقْطَعُ لِلشَّكِّ وَأَحْصَلُ لِلْيَقِينِ فِي الطُّهْرِ مِنْ الْجُفُوفِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ بَعْدَهَا دَمٌ، وَالْجُفُوفُ قَدْ يُوجَدُ بَعْدَهُ وَأَبْلَغِيَّةُ الْقَصَّةِ لَا تَتَقَيَّدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمُعْتَادَتِهَا فَقَطْ بَلْ هِيَ أَبْلَغُ مِنْ الْجُفُوفِ لِمُعْتَادَتِهَا وَلِمُعْتَادَتِهِمْ اوَلِمُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ فَقَطْ لَكِنْ إذَا رَأَتْ مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْجُفُوفِ الْجُفُوفَ فَتَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ لِآخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ فَلَا تَسْتَغْرِقُ الْمُخْتَارَ بِالِانْتِظَارِ بَلْ تُوقِعُ الصَّلَاةَ فِي بَقِيَّةٍ مِنْهُ بِحَيْثُ يُطَابِقُ فَرَاغَهَا لِآخِرِهِ وَمَعْنَى أَبْلَغِيَّةِ الْقَصَّةِ لِمُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ فَقَطْ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِرُؤْيَتِهَا قَبْلَهُ وَلَا تَنْتَظِرُهُ لَا أَنَّهَا تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ إذَا رَأَتْهُ إذْ مَنْ اعْتَادَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ إذَا رَأَتْ عَادَتَهَا طَهُرَتْ اتِّفَاقًا وَلَا تَنْتَظِرُ شَيْئًا فَلَا مَفْهُومَ لِتَقْيِيدِ الْمُؤَلِّفِ الْأَبْلَغِيَّةَ لِلْقَصَّةِ بِمُعْتَادَتِهَا لَكِنْ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ ثَمَرَتَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَتَنْتَظِرُهَا أَيْ اسْتِحْبَابًا لِآخِرِ الْمُخْتَارِ إذْ الِانْتِظَارُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي مُعْتَادَتِهَا فَقَطْ أَوْ مَعَ الْجُفُوفِ كَمَا قَرَّرْنَا لَا فِي مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ فَقَطْ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ مُعْتَادَتِهِمَا أَوْ مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ فَقَطْ بَلْ الْأَبْلَغِيَّةُ مُطْلَقَةٌ كَمَا مَرَّ.
(ص) وَفِي الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي عَلَامَةِ طُهْرِ الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ قِيلَ لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ لَا فِي أَبْلَغِيَّةِ عَلَامَةِ طُهْرِ الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ فَإِنَّ الْبَاجِيَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَازِرِيُّ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ أَوْ الْقَصَّةَ طَهُرَتْ فَعَلَى نَقْلِ الْبَاجِيِّ لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ وَعَلَى نَقْلِ الْمَازِرِيِّ الْجُفُوفُ وَالْقَصَّةُ سَوَاءٌ.
(ص) وَلَيْسَ عَلَيْهَا نَظَرُ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ بَلْ عِنْدَ النَّوْمِ وَالصُّبْحِ (ش) أَيْ وَلَيْسَ عَلَى الْحَائِضِ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا وَمَا بَعْدَهَا نَظَرُ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا بَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا النَّظَرُ عِنْدَ النَّوْمِ وَعِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ لَكِنْ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ مَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي فَيَجِبُ وُجُوبًا مُضَيَّقًا ثُمَّ إذَا شَكَّتْ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ سَقَطَتْ عَنْهَا الصُّبْحُ وَوَجَبَ عَلَيْهَا فِي الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الصَّوْمِ وَمَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَيْضَ مَانِعٌ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ وَقَضَائِهَا وَهُوَ حَاصِلٌ، وَمُوجِبُ الْقَضَاءِ وَهُوَ الطُّهْرُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَإِنَّمَا تُمْنَعُ مِنْ أَدَائِهِ لَا مِنْ قَضَائِهِ.
(ص) وَمَنَعَ صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَوُجُوبَهُمَا (ش) الضَّمِيرُ فِي مَنَعَ عَائِدٌ عَلَى الْحَيْضِ أَيْ وَمَنَعَ الْحَيْضُ صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَدَاءً وَقَضَاءً وَيَمْنَعُ أَيْضًا وُجُوبَ الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا وَوُجُوبَ الصَّوْمِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَضَاؤُهُ دُونَ الصَّلَاةِ بِالسُّنَّةِ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ وَخِفَّةِ مَشَقَّتِهِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ (ص) وَطَلَاقًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى صِحَّةٍ فَهُوَ صَحِيحٌ إنْ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ
ــ
[حاشية العدوي]
اللَّحْمِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقَصِّ) أَيْ مُشْتَقَّةٌ اشْتِقَاقًا أَكْبَرَ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ) وَهُوَ هَارُونُ (قَوْلُهُ: وَأَسْنَانِهِنَّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَكَذَا فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ الْفَقِيهِ سَنَدٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْجُفُوفَ أَبْلَغُ وَهُوَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ لِلدَّاوُدِيِّ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ انْتِظَارُ الْأَقْوَى اُنْظُرْ تت (قَوْلُهُ: فَتَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: إذْ الِانْتِظَارُ الْمَذْكُورُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ تَرْكُ مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ فَقَطْ لَا فِيهِ وَلَا فِي مُعْتَادَتِهِمَا مَعًا لَوْ يُنَافِيهِ صَدْرُ الْعِبَارَةِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الِاعْتِرَاضَ مُتَوَجِّهٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُفِيدُ قَصْرَ الْأَبْلَغِيَّةِ عَلَى مُعْتَادَةِ الْقَصَّةِ فَقَطْ لَا فِي مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ وَلَا فِيمَنْ اعْتَادَتْهُمَا مَعًا.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ) ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ مُشْكِلٌ مَعَ كَوْنِ الْقَصَّةِ أَبْلَغَ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ النَّوْمِ) لِتَعْلَمَ حُكْمَ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ مَا كَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ الصُّبْحَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ هَكَذَا أَوَّلُوا الْعِبَارَةَ وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ إذْ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنَّهَا تَشُكُّ فِي طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فِي آخِرِهِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَا أَوْجَبَهُ إلَّا قَوْلُ الشَّارِحِ الصُّبْحُ وَإِلَّا فَالنَّصُّ لَيْسَ فِيهِ الصُّبْحُ فَالْمَعْنَى عَلَيْهِ تَسْقُطُ عَنْهَا صَلَاةُ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الطُّهْرُ مَشْكُوكٌ فِيهِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْحَيْضَ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ، وَهُوَ حَاصِلٌ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ حَاصِلٌ اسْتِصْحَابًا وَهُوَ يُجَامِعُ الشَّكَّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّوْمُ، فَإِنَّمَا تُمْنَعُ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُقَالُ وَاَلَّذِي حَاصِلٌ بِالِاسْتِصْحَابِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ إمْسَاكٌ وَقَوْلُهُ وَقَضَاؤُهُ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ بِالسَّنَةِ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَقَضَاؤُهُ دُونَ الصَّلَاةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِالسَّنَةِ إلَخْ وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ الْحَيْضُ يُسْقِطُ وُجُوبَ الصَّوْمِ فَمَا وَجْهُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّنَا إذَا قُلْنَا: إنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ فَالْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَهُوَ أَمْرُ الشَّارِعِ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ الْأَوَّلَ الْمُكَلَّفَ بِهِ سَقَطَ بِالْحَيْضِ، وَإِنْ قُلْنَا الْوُجُوبُ مُسْتَمِرٌّ عَلَيْهَا لَمْ يَسْقُطْ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا الْفِعْلُ فَالْقَضَاءُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَوَجِّهًا عَلَيْهَا اهـ. مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى صِحَّةٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الْمَنْعَ فِي الصِّحَّةِ بِمَعْنَى الرَّفْعِ وَفِي الطَّلَاقِ بِمَعْنَى التَّحْرِيمِ فَاسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute