وَدِيَتُهُ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ كَدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ وَكَذَلِكَ الزَّانِي الْمُحْصَنُ إذَا قَتَلَهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ قَاطِعُ يَدِ سَارِقٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْأَدَبِ أَيْ شَخْصٌ مُرْتَدٌّ وَشَخْصٌ زَانٍ وَشَخْصٌ سَارِقٌ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى
وَلَوْ قَالَ وَعُضْوُ سَارِقٍ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ وَثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَقَوْلُهُ (فَالْقَوَدُ عَيْنًا) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا جَنَى عَمْدًا عُدْوَانًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الْقَوَدُ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُلْزِمَ الْجَانِيَ الدِّيَةَ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ مَجَّانًا أَوْ يَرْضَى الْجَانِي بِالدِّيَةِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَرَوَى أَشْهَبُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ جَبْرًا عَلَى الْجَانِي وَقَالَ بِهِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَقَوْلُهُ عَيْنًا أَيْ فَالْقَوَدُ مُتَعَيِّنٌ لَا الدِّيَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْعَفْوَ مَجَّانًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَالْقَوَدُ مُتَعَيَّنٌ لَا الْعَفْوُ لِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يُقَابِلُ الْقَوَدَ وَإِنَّمَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَزَاءِ الْجِنَايَةِ، وَجَزَاؤُهَا الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ لَا الْعَفْوُ
(ص) وَلَوْ قَالَ إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك (ش) هَذَا فِي مَعْنَى الْغَايَةِ لِلْقَوَدِ أَيْ أَنَّ الْقِصَاصَ ثَابِتٌ وَلَوْ قَالَ الْمَقْتُولُ لِلْقَاتِلِ إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك فَفَعَلَ فَإِنَّ الْقَاتِلَ لَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ وَيُقْتَلُ بِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ بَعْدَ الْمَوْتِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْنِي ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ عَفَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَجِبْ لَهُ أَمَّا إنْ قَالَ لَهُ إنْ قَطَعْت يَدَيَّ مَثَلًا فَقَدْ أَبْرَأْتُك فَفَعَلَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْأَدَبُ مَا لَمْ يَتَرَامَ بِهِ الْجُرْحُ لِلْمَوْتِ وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ أَوْ أَخْذُ الدِّيَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْإِبْرَاءُ قَبْلَ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي أَوْ إنْ مِتُّ فَقَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ
(ص) وَلَا دِيَةَ لِعَافٍ مُطْلِقٍ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَتُهَا فَيَحْلِفَ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ إنْ امْتَنَعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ إذَا عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ عَفْوًا مُطْلَقًا أَيْ سَكَتَ فِيهِ عَنْ ذِكْرِ الدِّيَةِ فَإِنَّ الْعَفْوَ يَلْزَمُهُ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا عَفَوْت لِأَجْلِ الدِّيَةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْ حَالِهِ وَمِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقَتْلِ إنْ امْتَنَعَ الْقَاتِلُ مِنْ إعْطَاءِ الدِّيَةِ يُرِيدُ إذَا لَمْ يُطِلْ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَطَلَ حَقُّهُ لِمُنَافَاةِ الطُّولِ الْإِرَادَةَ الْمَذْكُورَةَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْكَذِبِ وَالِاتِّهَامِ وَلَا يَحْتَاجُ لِهَذَا الْقَيْدِ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَتُهَا وَمَعَ الطُّولِ لَمْ تَظْهَرْ إرَادَتُهَا (ص) كَعَفْوِهِ عَنْ الْعَبْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مِثْلَهُ فَعَفَا وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ الْقَاتِلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا عَفَوْت عَنْهُ لِآخُذَهُ أَوْ آخُذَ قِيمَتَهُ أَوْ آخُذَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَوْ آخُذَ الدِّيَةَ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا، وَتَكُونُ مُنَجَّمَةً كَمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَةُ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَلِيُّ الدَّمِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْجَانِي بَيْنَ دَفْعِهِ الْعَبْدَ أَوْ دَفْعِ قِيمَتِهِ أَوْ دَفْعِ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ إنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ دَفْعِ دِيَتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَهَلْ يَدْفَعُهَا مُنَجَّمَةً كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَا فِيهِمَا تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ أَوْ يَدْفَعُهَا حَالَّةً قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ الشَّارِحُ
(ص) وَاسْتَحَقَّ وَلِيُّ دَمٍ مِنْ قَتْلِ الْقَاتِلِ أَوْ قَطْعِ يَدِ الْقَاطِعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا عَمْدًا عُدْوَانًا فَعَدَا عَلَيْهِ مُكَلَّفٌ آخَرُ فَقَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَإِنَّ دَمَ هَذَا الْقَاتِلِ يَسْتَحِقُّهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا فَعَدَا عَلَى الْقَاطِعِ شَخْصٌ فَقَطَعَ يَدَهُ فَإِنَّ الْمَقْطُوعَ يَدُهُ أَوَّلًا يَسْتَحِقُّ قَطْعَ يَدِ الْقَاطِعِ إنْ شَاءَ قَطَعَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ
فَقَوْلُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَدِيَتُهُ ثُلُثُ خُمُسٍ) أَيْ وَهِيَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ (قَوْلُهُ أَيْ فَالْقَوَدُ مُتَعَيِّنٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً فَلِذَا قَدَّرَهُ بِمَا تَرَى وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ عَيْنًا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ مِنْ الْخَبَرِ وَلَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ قَوْلُهُ عَيْنًا تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ فَيَجِبُ عَيْنُ الْقَوَدِ أَوْ عَنْ الْمُبْتَدَأِ أَيْ فَعَيْنُ الْقَوَدِ وَاجِبَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الذَّاتُ انْتَهَى
(أَقُولُ) أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يَجِبُ الْوَاقِعِ خَبَرًا وَالْمَعْنَى فَالْقَوَدُ يَجِبُ فِي حَالِ كَوْنِهِ عَيْنًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَزَاءِ الْجِنَايَةِ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ أَيْ مِنْ الْمُجَازَاةِ وَقَوْلُهُ وَجَزَاؤُهَا أَيْ مُقَابِلُهَا
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ) أَيْ بَالِغًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَا يُقْتَلُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْأَدَبُ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَإِنْ رَجَعَ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ فَيُقْطَعُ الْقَاطِعُ وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي وَلَك كَذَا أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَتَلَهُ فَيُضْرَبُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَكَذَا يُضْرَبُ السَّيِّدُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ قِيمَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَقَوْلِهِ احْرِقْ ثَوْبِي أَوْ أَلْقِهِ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْذُونُ لَهُ مُودَعًا بِالْفَتْحِ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ لِأَنَّهُ فِي حِفْظِهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَإِذَا قَالَ الْوَلِيُّ لِشَخْصٍ إنْ قَتَلْت مَنْ فِي وِلَايَتِي فَقَدْ أَبْرَأْتُك فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَيْسَ لَهُ تَسْلِيطٌ عَلَى النَّفْسِ
(قَوْلُهُ لِعَافٍ مُطْلِقٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ عَفْوًا مُطْلَقًا) الْمُتَبَادَرُ أَنَّ مُطْلَقًا بِفَتْحِ اللَّامِ صِفَةٌ لِعَفْوٍ وَإِنْ كَانَ يُقْرَأُ فِي الْمُصَنِّفِ بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْ حَالِهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْحَالُ فَقِيرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا لَمْ يُطِلْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَ الْعَفْوِ الْحَالُ فَقِيرٌ وَأَمَّا إنْ طَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ الْعَفْوِ وَقَالَ الْحَالُ فَقِيرٌ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْجَانِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقَتْلِ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقَتْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ غَيْرُ نَاظِرٍ فِيهِ لِلتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَالرَّاجِحُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ