للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ تَعَالَى فَرْضًا وَتَعْصِيبًا وَبِعِبَارَةٍ: أَيْ وَوَرِثَتْ الْوَاجِبَاتِ مِنْ عُشْرٍ وَغُرَّةٍ وَدِيَةٍ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْجَنِينِ

(ص) وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ بِنِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ إذَا بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا فَرْضًا مِنْ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ جِرَاحَ الْخَطَأِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ تَجِبُ فِيهَا الْحُكُومَةُ وَكَذَلِكَ جِرَاحُ الْعَمْدِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَعَظْمِ الصَّدْرِ وَهَشْمِ الْفَخْذِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفِيهَا حُكُومَةٌ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ بُرْئِهِ خَوْفَ أَنْ يَتَرَامَى إلَى النَّفْسِ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ عَبْدًا سَالِمًا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا ثُمَّ يُقَوَّمَ ثَانِيًا مَعِيبًا بِتِسْعَةٍ مَثَلًا فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ الْعُشْرُ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي نِسْبَةُ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ عُشْرُ الدِّيَةِ فَالْمُرَادُ بِالْحُكُومَةِ الْحُكْمُ أَيْ الْمَحْكُومُ بِهِ وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةٍ الْبَاءُ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ وَقَوْلُهُ إذَا ظَرْفُ زَمَانٍ مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهِ بِمَعْنَى تَقْوِيمٍ فَهُوَ ظَرْفٌ مُقَدَّمٌ عَلَى عَامِلِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَامِلِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى مَعْمُولِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ قِيمَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِنُقْصَانٍ وَقَوْلُهُ عَبْدًا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي قِيمَتِهِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مَفْرُوضًا عُبُودِيَّتُهُ لَا حُرِّيَّتُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ الدِّيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةٍ

(ص) كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَهِيمَةَ إذَا ضُرِبَ بَطْنُهَا مَثَلًا فَأَلْقَتْ جَنِينًا فَنَقَصَتْ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ سَالِمَةً وَمَعِيبَةً وَيَكُونُ فِيهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا سَلِيمَةً فَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ حُكُومَةٌ سَوَاءٌ أَلْقَتْ الْجَنِينَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا لَكِنْ إنْ نَزَلَ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ نَزَلَ حَيًّا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَعَ مَا نَقَصَ مِنْ الْأُمِّ كَمَا مَرَّ وَانْظُرْ هَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ الْآنَ أَوْ بَعْدَ الْبُرْءِ كَمَا فِي الْجِرَاحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ

(ص) إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ وَالْمُوضِحَةَ فَنِصْفُ عُشْرٍ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ هَذِهِ الْجِرَاحَاتُ قَدَّرَ الشَّارِعُ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا فَفِي الْجَائِفَةِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُلُثُ الدِّيَةِ وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَطْنِ وَبِالظَّهْرِ وَالْآمَّةُ وَهِيَ الَّتِي تُفْضِي إلَى الدِّمَاغِ فِيهَا ثُلُثٌ كَالْجَائِفَةِ وَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِي الْمُوضِحَةِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوَضِّحُ عَظْمَ الرَّأْسِ أَوْ الْجَبْهَةِ أَوْ الْخَدَّيْنِ قَوْلُهُ فَثُلُثٌ أَيْ فَثُلُثُ دِيَةِ الْخَطَأِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُخَمَّسَةٌ كَالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَانْظُرْ هَلْ جِرَاحُ الْخَطَأِ كَالْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا قَوْلُهُ وَالْمُوضِحَةُ أَيْ الْخَطَأُ وَفِي عَمْدِهَا الْقِصَاصُ وَمَا عَدَاهَا مِنْ جَائِفَةٍ وَآمَّةٍ وَمُنَقِّلَةٍ عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ (ص) وَالْمُنَقِّلَةُ وَالْهَاشِمَةُ فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ وَهِيَ الَّتِي يَطِيرُ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ وَالْهَاشِمَةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عُشْرُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فَإِنَّهُ قَالَ وَحَقُّهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ هُنَا الْهَاشِمَةَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَى لِعُمُومِهَا وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ الْأُولَى بِالْغُرَّةِ

(قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ إلَخْ) إضَافَةُ نِسْبَةٍ إلَى نُقْصَانٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ وَإِضَافَةُ نُقْصَانٍ لِلْجِنَايَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ بِتَأْوِيلٍ أَيْ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ (قَوْلُهُ إذَا بَرِئَ) لَيْسَ خَاصًّا بِهَذِهِ بَلْ كُلُّ جُرْحٍ لَا يَعْقِلُ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِسَبَبِهِ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَالتَّقْوِيمُ يَوْمَ الْحُكْمِ ك (قَوْلُهُ عَبْدًا فَرْضًا) أَيْ نَفْرِضُ ذَاتَهُ ذَاتَ عَبْدٍ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ وَوَصْفِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَمِيلٌ أَوْ قَبِيحٌ بِأَنْ يُقَالَ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الذَّاتُ عَبْدًا مَا قِيمَتُهَا بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَوْصَافِ وَيُنْظَرُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَقَوْلُهُ فَرْضًا أَيْ يُفْرَضُ فَرْضًا فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ

(قَوْلُهُ بِأَنْ يُقَوَّمَ) تَفْسِيرٌ لِلْحُكُومَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الِاجْتِهَادُ لَا الْمَحْكُومُ بِهِ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْ الشَّارِحِ أَنْ يُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ بَعْدُ فَالْمُرَادُ بِالْحُكُومَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ خَوْفَ أَنْ يَتَرَامَى إلَى النَّفْسِ أَيْ فِي الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ أَيْ فِي الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ عَبْدًا سَالِمًا أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ مَا قَامَ بِهِ مِنْ أَوْصَافِ الْجَمَالِ وَالْقُبْحِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي نِسْبَةُ ذَلِكَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ عُشْرُهَا (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ابْنَ عَاشِرٍ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الْأَنْقَالَ اتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الِاجْتِهَادُ وَإِعْمَالُ الْفِكْرِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِي وَحِينَئِذٍ فَلَا تَفْسِيرَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةٍ الْبَاءُ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ أَيْ مَحْكُومٌ بِهِ مُلْتَبِسٌ بِنِسْبَةٍ إلَخْ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُعْرَفُ بِهَا أَقُولُ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ مُتَعَلِّقًا بِ يُعْرَفُ مَحْذُوفًا أَيْ مَحْكُومٌ بِهِ يُعْرَفُ إلَخْ وَقَوْلُهُ إذَا مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ بِقِيمَتِهِ لَيْسَ مُؤَوَّلًا بِتَقْوِيمٍ كَمَا ادَّعَى فَلَا يَكُونُ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقًا بِهِ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَلَّقَ بِقَوْلِهِ نِسْبَةً أَيْ أَنَّ النِّسْبَةَ وَقْتُ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةٍ) مِثْلُهُ لِابْنِ غَازِيٍّ أَيْ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَفِي الْجِرَاحِ مَحْكُومٌ بِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ الدِّيَةِ مُلْتَبِسٌ بِنِسْبَةٍ إلَخْ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ ذَلِكَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الدِّيَةِ يُعْرَفُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَعَلَى مَا قُلْنَا مِنْ كَوْنِ الْعَامِلِ يُعْرَفُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَالتَّقْدِيرُ وَفِي الْجِرَاحِ مَحْكُومٌ بِهِ يُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ يُعْرَفُ بِنِسْبَةٍ إلَخْ هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الْمَحْكُومُ بِهِ وَأَمَّا إذَا مَشَيْنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الِاجْتِهَادُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ فَالْمَعْنَى وَفِي الْجِرَاحِ اجْتِهَادٌ مُصَوَّرٌ بِأَنْ يُنْسَبَ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَى الْقِيمَةِ ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ الدِّيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ قَوْلُنَا ثُمَّ يُؤْخَذُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ يَقُولُ وَيَرْجِعُ فِي الْجِرَاحِ إلَى الِاجْتِهَادِ الْمَذْكُورِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ الْمَنْسُوبَ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ سَالِمَةً) أَيْ بَعْدَ الْبُرْءِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْقَانِيُّ

(قَوْلُهُ فَفِي الْجَائِفَةِ) هِيَ مَا دَخَلَتْ لِلْجَوْفِ وَلَوْ مَدْخَلَ إبْرَةٍ فَمَا خَرَقَ جِلْدَةَ الْبَطْنِ وَلَمْ يَصِلْ لِلْجَوْفِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ بِتَرْجِيحٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ هِيَ نَفْسُ الْهَاشِمَةِ وَأَنْ دِيَتَهُمَا وَاحِدَةٌ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ فِيهَا مَا فِي الْمُوضِحَةِ وَحُكُومَةٌ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ أَنَّ فِيهَا عُشْرًا وَمَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الْبَاجِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>