الْعَقْلِ الْقَلْبُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا الرَّأْسُ فَإِذَا ضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَتَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى الْآخَرِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِيَةُ الْعَقْلِ فَقَطْ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّمَا عَلَى الْجَانِي مَا نَقَصَهُ فَقَطْ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا فَذَهَبَ بِسَبَبِهِ سَمْعُهُ أَوْ بَصَرُهُ أَوْ نُطْقُهُ وَهُوَ صَوْتٌ بِحُرُوفٍ أَوْ صَوْتُهُ وَهُوَ هَوَاءٌ مُنْضَغِطٌ يَخْرُجُ مِنْ دَاخِلِ الرِّئَةِ إلَى خَارِجِهَا كَانَ بِحُرُوفٍ أَمْ لَا وَإِنَّمَا عَطَفَ الصَّوْتَ عَلَى النُّطْقِ لِأَنَّهُ أَخَصُّ وَالصَّوْتُ أَعَمُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَهَابِ الْأَخَصِّ ذَهَابُ الْأَعَمِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ ذَوْقُهُ وَهُوَ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ فِي الْعَصَبِ الْمَفْرُوشِ عَلَى جِرْمِ اللِّسَانِ يُدْرَكُ بِهَا الْمَطْعُومُ بِمُخَالَطَةِ الرُّطُوبَةِ اللُّعَابِيَّةِ الَّتِي فِي الْفَمِ بِالْمَطْعُومِ وَوُصُولِهَا إلَى الْعَصَبِ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّمْسَ وَهُوَ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ أَيْ مَفْرُوشَةٌ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ يُدْرَكُ بِهَا الْحَرَارَةُ وَالْبُرُودَةُ وَالرُّطُوبَةُ وَالْيُبُوسَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّمَاسِّ وَالِاتِّصَالِ بِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ وَسَكَتَ عَنْ بَقِيَّةِ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَهُوَ الشَّمُّ وَفِيهِ الدِّيَةُ وَكَذَلِكَ الشَّفَتَانِ وَعَظْمُ الصَّدْرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَنْ الدَّامِغَةِ وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ قُوَّةُ جِمَاعِهِ بِأَنْ أَفْسَدَ إنْعَاظَهُ أَوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ نَسْلُهُ أَوْ حَصَلَ بِسَبَبِهِ تَجْذِيمُهُ أَوْ تَبْرِيصُهُ أَوْ تَسْوِيدُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِتَسْوِيدِ أَوْ تَجْذِيمِ أَوْ تَبْرِيصِ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَسْوِيدُهُ أَوْ تَجْذِيمُهُ أَوْ تَبْرِيصُهُ حُصُولُ مَا ذُكِرَ وَانْظُرْ لَوْ جَذَمَهُ وَسَوَّدَهُ مَعًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ دِيَتَيْنِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ قِيَامُهُ مَعَ جُلُوسِهِ صَارَ مُلْقًى وَفِي أَحَدِهِمَا حُكُومَةٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ الصَّوَابُ تَبَعًا لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةٍ: أَوْ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ مَعًا وَكَذَا قِيَامُهُ فَقَطْ وَأَمَّا جُلُوسُهُ فَقَطْ فَحُكُومَةٌ وَلَوْ أَذْهَبَ بَعْضَ جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ حُكُومَةً
(ص) أَوْ الْأُذُنَيْنِ أَوْ الشَّوَى أَوْ الْعَيْنَيْنِ أَوْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ لِلسُّنَّةِ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ وَفِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَمَارِنِ الْأَنْفِ وَالْحَشَفَةِ وَفِي بَعْضِهِمَا بِحِسَابِهَا مِنْهُمَا لَا مِنْ أَصْلِهِ وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقًا وَفِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ قَوْلَانِ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمَنَافِعِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الذَّوَاتِ الْمُقَدَّرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَتْ أُذُنَاهُ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ فِي هَذَا تَصْحِيحَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِمَا فِي كِتَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ» وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافَهُ وَأَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً وَلَا دِيَةَ فِيهِمَا إلَّا إذَا أَذْهَبَ السَّمْعَ اُنْظُرْ الدَّمِيرِيَّ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ مَعَهُ جِلْدَةُ رَأْسِهِ وَبَعْضُهُ بِحِسَابِهِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ عَيْنَاهُ وَسَوَاءٌ طُمِسَتَا أَوْ بَرَزَتَا أَوْ ذَهَبَ نُورُهُمَا وَهُمَا بِحَالِهِمَا أَيْ جَمَالُهُمَا بَاقٍ وَفِي ذَهَابِ جَمَالِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ أَوْ الْعَيْنَيْنِ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ الْبَصَرِ فَالْجَوَابُ أَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
طُولٍ وَلَا عَلَى قِصَرٍ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ قَالَ عج وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا حَصَلَ لَهُ الْجُنُونُ فِي لَيْلٍ قَصِيرٍ وَنَهَارٍ طَوِيلٍ وَحَصَلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَهَارٍ قَصِيرٍ وَلَيْلٍ طَوِيلٍ زَمَنَيْ الْحُصُولِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ قُرْبَ تَفَاوُتِهِمَا لَمْ يُنْظَرْ لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا أَوْ يُقَالُ إنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا إذَا كَانَ الْجَانِي مُتَعَمِّدًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْمُشَرِّعِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٧٩] وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ الْفَلَاسِفَةِ مَحَلُّ الْعَقْلِ الرَّأْسُ وَنَقَلَ اللَّقَانِيِّ مَا صُورَتُهُ قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِي يَنْقُلُهُ عَنْهُمْ أَهْلُ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ أَنَّ الْعَقْلَ قُوَّةٌ لِلنَّفْسِ بِهَا تَسْتَعِدُّ لِلْعُلُومِ وَالْإِدْرَاكَاتِ وَالنَّفْسُ عِنْدُهُمْ مُجَرَّدَةٌ وَالْعَقْلُ صِفَةٌ لَهَا قَائِمَةٌ بِهَا فَلَيْسَ مَحَلُّهَا الدِّمَاغَ نَعَمْ يُثْبِتُونَ فِي الدِّمَاغِ الْحَوَاسَّ الْبَاطِنَةَ وَهِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ الْقُوَى الْمُدْرَكَةِ اهـ.
وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّ مَا عَلَى الْجَانِي إلَّا مَا نَقَصَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا) لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى جَعْلِ جَمِيعِ الدِّيَةِ فِي الْحُرِّ وُجُوبُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَالِاتِّصَالُ بِهِ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) رَاجِعٌ لِلصَّدْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالدِّيَةِ وَابْنَ عَبْدُوسٍ يَقُولُ بِعَدَمِهَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّ فِي عَظْمِ الصَّدْرِ حُكُومَةً (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الدَّامِغَةَ إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهَا حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَسْوِيدُهُ) اعْلَمْ أَنَّ السَّوَادَ الْمَذْكُورَ نَوْعٌ مِنْ الْبَرَصِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَمَا بَعْدَهُ كَلَامُ عج وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ عج كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ) أَيْ مِمَّا فِيهِ جَمَالٌ وَمَنْفَعَةٌ وَأَمَّا مَا فِيهِ جَمَالٌ دُونَ مَنْفَعَةٍ كَالْحَاجِبَيْنِ وَالْهُدْبَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْحُكُومَةُ اهـ. ك (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ الزَّوْجَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْوَاحِدِ الَّذِي مَعَهُ وَاحِدٌ مِنْ جِنْسِهِ وَقَوْلُهُ مِنْهُمَا أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ أَيْ يُعْتَبَرُ التَّبْعِيضُ بِاعْتِبَارِهِمَا لَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا قُلْنَا مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ اثْنَانِ وَالْأَصْلُ هُوَ الْأَنْفُ وَالذَّكَرُ (قَوْلُهُ وَمَارِنِ الْأَنْفِ) فِي ك وَانْظُرْ الْحُكْمَ إذَا خَرَمَهُ أَوْ شَرَمَهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِهِمَا) أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ وَقَوْلُهُ بِحِسَابِهَا أَيْ بِحِسَابِ الْبَعْضِ وَالْأَوْلَى التَّذْكِيرُ لَكِنَّهُ أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ قِطْعَةً (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافَهُ) الْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَيَجِبُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ (قَوْلُهُ جِلْدَةُ رَأْسِهِ) أَيْ فَأَرَادَ بِالشَّوَى جِلْدَةَ الرَّأْسِ وَكَذَا فِي تت وشب جِلْدَةُ الرَّأْسِ تَفْسِيرُ الشَّوَى (قَوْلُهُ طُمِسَتَا) أَيْ انْغَمَسَتَا (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي التَّعْمِيمَ السَّابِقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute