إنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ قَوْلَ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي فُلَانٌ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ جُرْحٌ وَأَثَرُ الضَّرْبِ وَنَحْوُهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْجُرْحِ وَهَذِهِ هِيَ التَّدْمِيَةُ الْحَمْرَاءُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْعَمَلُ وَالْحُكْمُ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَأَمَّا التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِهَا (ص) أَوْ أَطْلَقَ وَبَيَّنُوا (ش) هَذَا دَاخِلٌ فِي الْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَأَطْلَقَ فِي كَلَامِهِ فَلَمْ يَقُلْ لَا عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَإِنَّ أَوْلِيَاءَهُ يُبَيِّنُونَ ذَلِكَ وَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفُوا عَلَى الْعَمْدِ قَتَلُوا وَإِنْ حَلَفُوا عَلَى الْخَطَأِ أَخَذُوا الدِّيَةَ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَوَاوُ وَبَيَّنُوا وَاوُ الْحَالِ (ص) لَا خَالَفُوا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ إذَا خَالَفُوا قَوْلَهُ بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا فَقَالُوا بَلْ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَبَطَلَ حَقُّهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى قَوْلِ الْمَيِّتِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُجَابُوا لِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا أَنْفُسَهُمْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ) فَقَوْلُهُ لَا خَالَفُوا مَعْطُوفٌ عَلَى أَطْلَقَ أَيْ وَلَا إنْ خَالَفُوا وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَيَّنُوا لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ لَا أَطْلَقَ وَخَالَفُوا مَعَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ مَعَ الْإِطْلَاقِ
(ص) وَلَا إنْ قَالَ بَعْضٌ عَمْدًا وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ أَوْ نَكَلُوا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا خَالَفُوا وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ قَتَلَهُ عَمْدًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نَعْلَمُ هَلْ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ عَمْدًا وَنَكَلُوا عَنْ الْقَسَامَةِ فَإِنَّ الدَّمَ يَبْطُلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الْأَوْلِيَاءَ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّ وَلِيَّهُمْ قُتِلَ عَمْدًا فَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ وَلَا عَلَى قَاتِلٍ فَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمُجَرَّدِ نُكُولِهِمْ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَنُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَوْ بَعْدَ وَاوٍ مِنْ قَوْلِهِ وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ (ص) بِخِلَافِ ذِي الْخَطَأِ فَلَهُ الْحَلِفُ وَأَخْذُ نَصِيبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مُدَّعِيَ الْخَطَأِ إذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَقَالُوا لَا نَعْلَمُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَلِمُدَّعِي الْخَطَأِ الْحَلِفُ لِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُ بِخِلَافِ مُدَّعِي الْعَمْدِ فَيَسْقُطُ نَصِيبُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ خَطَأً وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ لِمَنْ حَلَفَ نَصِيبَهُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً وَبَعْضُهُمْ عَمْدًا فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ
(ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا وَاسْتَوَوْا حَلَفَ كُلٌّ وَلِلْجَمِيعِ دِيَةُ الْخَطَأِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَقَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ قَتَلَهُ خَطَأً وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ قَتَلَهُ عَمْدًا وَالْحَالُ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ كَانُوا بَنِينَ أَوْ إخْوَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَيْ مَنْ ادَّعَى الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ يَحْلِفُونَ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ وَيُقْضَى لِلْجَمِيعِ بِدِيَةِ الْخَطَأِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا كَبِنْتٍ وَعَصَبَةٍ فَإِنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْعَمْدَ وَالْبِنْتُ الْخَطَأَ فَهُوَ هَدَرٌ وَلَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَمْدًا فَذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمَيِّتُ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَالدِّيَةُ وَلَمْ يَثْبُتُ أَنَّهُ خَطَأٌ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَيُحْرَزُ دَمُهُ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَإِنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْخَطَأَ وَالْبِنْتُ الْعَمْدَ تَحْلِفُ الْعَصَبَةُ وَيَأْخُذُونَ نَصِيبَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ (قَوْلُهُ التَّدْمِيَةُ الْحَمْرَاءُ) أَيْ الْمُصَاحِبَةُ لِلْجُرْحِ الْمُحْتَوِي عَلَى الدَّمِ الْأَحْمَرِ وَالتَّدْمِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ) أَيْ قَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ الْخَالِي عَنْ أَثَرِ جُرْحٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَحَقُّهُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهَا
(قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ) فِي شَرْحِ شب وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ الْمَقْتُولُ أَوْ بَيَّنَ خِلَافًا لتت اهـ. أَقُولُ إنَّهُ إذَا بَيَّنَ وَثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ وَوَاوُ وَبَيَّنُوا وَاوُ الْحَالِ) أَيْ حَالٌ مُنْتَظَرَةٌ مَعَ اخْتِلَافِ فَاعِلِهَا مِنْ فَاعِلِ صَاحِبِهَا وَهُوَ فَاعِلُ أَطْلَقَ كَمَا ارْتَضَاهُ الدَّمَامِينِيُّ رَدًّا عَلَى الْمُغْنِي وَإِنْ مَنَعَهُ الشُّمُنِّيُّ (قَوْلُهُ لَا خَالَفُوا) أَيْ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُرْجِعُوا الْقَوْلَ لِلْمَيِّتِ) وَكَذَا لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمْ وَأَمَّا رُجُوعُهُ قَبْلَ مُخَالَفَتِهِمْ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الدَّمِ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ وَبَيَّنُوا لِأَنَّ عَدَمَ الْبَيَانِ صَادِقٌ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ أَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ عَمْدًا) أَيْ بَلْ وَكَذَلِكَ إذَا قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ خَطَأً وَنَكَلُوا (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى قَاتِلٍ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ فَلَا مُنَاسَبَةَ لَهُ هُنَا (قَوْلُهُ وَمِنْ قَوْلِهِ وَاجْتُزِئَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَنُكُولِ إلَخْ أَيْ وَكَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَاجْتُزِئَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ حَاصِلَهُ إنْ وُجِدَ اثْنَانِ طَاعَا يَحْصُلُ الِاجْتِزَاءُ فَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ اثْنَانِ فَلَا اجْتِزَاءَ أَيْ وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ الدَّمُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَالٌ أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ: خَطَأٌ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ لِمَنْ حَلَفَ نَصِيبُهُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ إلَى آخِرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ فِيمَا إذَا ادَّعَى كُلُّ الْأَوْلِيَاءِ الْخَطَأَ فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَلَمْ تَحْلِفْ الْعَاقِلَةُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَأَمَّا إنْ حَلَفَ بَعْضَ الْأَيْمَانِ فَهُوَ وَالنَّاكِلُ لَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ إنْ حَلَفَ الْعَاقِلَةُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ الْعَاقِلَةِ عَنْ الْأَيْمَانِ فَلِمَنْ نَكَلَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ حَلَفَ بَعْضَ الْأَيْمَانِ حِصَّتُهُ مِمَّا يُؤْخَذُ مِمَّنْ نَكَلَ مِنْ الْعَاقِلَةِ
(قَوْلُهُ وَيَحْلِفُونَ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ) وَيَحْلِفُ مُدَّعِي الْعَمْدِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ كَمُدَّعِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ كَانَ مُدَّعِي الْعَمْدِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ وَيُقْضَى لِلْجَمِيعِ بِدِيَةِ الْخَطَأِ إلَخْ) أَيْ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفُوا) هَذَا مُحْتَرَزُ اسْتِوَائِهِمْ فِي الدَّرَجَةِ أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَقْتُولُ تَرَكَ بَنَاتٍ وَأَعْمَامًا مَثَلًا أَيْ لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ) أَيْ فَذَلِكَ الْعَمْدُ لِلْعَصَبَةِ أَيْ فَأَمْرُهُ لِلْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خَطَأٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُثْبِتْ كَوْنَهُ عَمْدًا وَلَمْ يُثْبِتْ كَوْنَهُ خَطَأً أَيْ لَمْ يَدَّعِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَتْ الْعَصَبَةُ الْخَطَأَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ عَدَمُ الثُّبُوتِ أَيْ عَدَمُ ادِّعَاءِ الْمَيِّتِ جَارٍ أَيْضًا فِي تِلْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute