للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ نَصُّهُ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ عَلَى الْجَرْحِ وَالْمَوْتِ عَنْهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ يَعْنِي حَيْثُ قَالَ فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَحْلِفُونَ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْ جَرْحِهِ وَلَا يَحْلِفُونَ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ إلَّا لَقَدْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجَرْحِ وَأَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْقَتْلِ فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ خَاصَّةً

(ص) أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا (ش) هَذَا هُوَ الْمِثَالُ الثَّالِثُ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَفِيهِ مَسَائِلُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَدْلَ الْوَاحِدَ إذَا شَهِدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَحَلَفَ الْوُلَاةُ مَعَ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ يَمِينًا وَاحِدَةً لَقَدْ ضَرَبَهُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ مُكَمِّلَةٌ لِلنِّصَابِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا تُقْسِمُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَسَيَأْتِي مَا إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالضَّرْبِ وَالْجَرْحِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا (ص) إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ (ش) هَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَيًّا وَلَا قَسَامَةَ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَتَمْكِينُ الْأَوْلِيَاءِ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَسَامَةِ يَسْتَلْزِمُ قَتْلَ الْجَانِي وَيَسْتَلْزِمُ تَزْوِيجَ امْرَأَةِ الْمَقْتُولِ وَقَسْمَ مَالِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَبِعِبَارَةٍ الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِهَذِهِ وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقًا إلَخْ فَالْمُؤَلِّفُ ذَكَرَ فِيهَا ثُبُوتَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ قَالَ ثَمَّ بِتَأَخُّرِ الْمَوْتِ وَمَعْرِفَةُ تَأَخُّرِ الْمَوْتِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ

(ص) أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ عَمْدًا لَوْثًا بَعْدَ حَلِفِ الْوُلَاةِ يَمِينًا وَاحِدَةً مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ تَحْلِفُ الْوُلَاةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ وَيَفْتَرِقُ هَذَا الْمِثَالُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي هَذَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِ جَرَحَنِي فُلَانٌ خَطَأً وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ فِي الْخَطَأِ تَأَمَّلْ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَنَصُّ الرِّوَايَةِ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ فِي الْخَطَأِ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالشَّاهِدُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ بِخِلَافِ الْعَمْدِ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ إنَّمَا يَطْلُبُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْقِصَاصُ

(ص) كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا (ش) مَوْضُوعُ هَذَا الْفَرْعِ أَنَّ الْمَقْتُولَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَأَيْمَانُ الْقَسَامَةِ فَقَوْلُهُ لَقَدْ جَرَحَهُ نَاظِرٌ لِلْيَمِينِ الْمُكَمِّلَةِ لِلنِّصَابِ وَقَوْلُهُ وَلَقَدْ مَاتَ إشَارَةٌ لِيَمِينِ الْقَسَامَةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ هَلْ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ لِلنِّصَابِ أَوَّلًا ثُمَّ يَحْلِفُ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُهَا مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ رَسْمِ الْمُكَاتَبِ) أَيْ فَصْلِ الْمُكَاتَبِ وَقَوْلُهُ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى أَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُودُ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْقَتْلِ) أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ سَابِقًا وَأَمَّا عَلَى الْقَتْلِ أَيْ وَأَمَّا شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى الْقَتْلِ وَهَذِهِ يُفِيدُهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمِثَالِ الثَّالِثِ أَنَّهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ وَكُلُّهَا فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ الْأُولَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي أَنَّهَا لَوْثٌ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْجَرْحِ أَوْ الضَّرْبِ وَفِي هَذِهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا كَانَ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ لَوْثًا وَأَمَّا الْخَطَأُ فَلَا يَكُونُ لَوْثًا إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ شَاهِدَانِ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَشْهَدَ الْوَاحِدُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَيَشْهَدَ مَعَهُ شَاهِدَانِ أَيْضًا عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فَاجْتَمَعَ شَهَادَةٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مِنْ الْوَاحِدِ وَشَهَادَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ مِنْ اثْنَيْنِ الرَّابِعَةُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَفِي هَذِهِ تَارَةً يُقِرُّ الْقَاتِلُ بِالْقَتْلِ فَيَكُونُ لَوْثًا وَأَمَّا إنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنْ أَنْكَرَ لَوْثٌ أَيْضًا وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ جَعَلَ هَذَا الْمِثَالَ الرَّابِعَ لِلَّوْثِ

(قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْوُلَاةُ مَعَ الشَّاهِدِ يَمِينًا وَاحِدَةً) لَعَلَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْوُلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَفَادَ ذَلِكَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ) عِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يُشْعِرُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِالْجَرْحِ أَوْ بِالضَّرْبِ وَلَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى صِحَّةِ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْمَضْرُوبِ لَاتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشُّيُوخِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ وَفَاةُ الْمَجْرُوحِ فَتَمْكِينُ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ الْقَسَامَةِ حِينَئِذٍ مُسْتَلْزِمٌ لِقَتْلِ الْجَانِي وَتَزْوِيجِ امْرَأَةِ الْمَقْتُولِ وَقَسْمِ مَالِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْجَرْحِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ

(قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارٍ إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ بَالِغًا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُوحُ بَالِغًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْحِلِّ أَنَّهُ جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ قَتَلَنِي فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ سَوَاءٌ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْجَرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي وَاشْتِرَاطِ شَاهِدَيْنِ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ الْعَمْدَ أَوْ الْخَطَأَ وَأَمَّا الْجَرْحُ فَهُوَ يَثْبُتُ عِنْدَ الْإِمَامِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ حَيْثُ كَانَ خَطَأً لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْمَالِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَطْلُبُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِنَفْسِهِ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ كَإِقْرَارِهِ إلَخْ) قَالَ عج فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْقَتْلِ حَيْثُ يَثْبُتُ لَوْثٌ وَثُبُوتُهُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَإِذَا كَانَ هَذَا لَوْثًا فَأَوْلَى إذَا انْضَمَّ لَهُ شَاهِدٌ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ قُلْت إنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>