وَيَقُولُونَ فِي الْقَسَامَةِ: لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ لَا مِنْ ضَرْبِهِمْ وَفُهِمَ مِنْ تَعْيِينِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ أَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الْخَطَأِ تَقَعُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا مَرَّ
(ص) وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جُرْحٍ أَوْ قَتْلِ كَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ جَنِينٍ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ (ش) تَكَلَّمَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَلَى مَفَاهِيمِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ قَتْلِ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْجَنِينِ الْحُرِّ حُكْمُ الْجِرَاحِ فَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جُرْحٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَلَى قَتْلِ كَافِرٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَلَى قَتْلِ جَنِينٍ حُرٍّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً يُرِيدُ وَنَزَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَأْخُذُ دِيَةَ ذَلِكَ وَيُقْتَصُّ فِي الْجِرَاحِ الْعَمْدِ إذْ لَا قَسَامَةَ فِي الْجِرَاحِ وَبِعِبَارَةٍ عَلَى جُرْحٍ أَيْ عَمْدًا وَأَمَّا خَطَأً فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَفِيهِ دِيَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى قَتْلِ كَافِرٍ أَيْ خَطَأً إنْ كَانَ الْقَاتِلُ كَافِرًا أَوْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً إنْ كَانَ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا وَقَوْلُهُ أَوْ عَبْدٍ أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لَكِنْ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ لِلْعَبْدِ عَمْدًا رَقِيقًا خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَنِينٍ أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً اسْتَهَلَّ أَمْ لَا لَكِنْ إنْ اسْتَهَلَّ فَفِيهِ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ فَقَوْلُهُ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ هَذَا فِي الْخَطَأِ فِي الْجَمِيعِ وَاقْتُصَّ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ وَالْمُرَادُ بِالدِّيَةِ اللُّغَوِيَّةِ أَيْ الْمَالُ الْمُؤَدَّى فَيَشْمَلُ الدِّيَةَ فِي الْجُرْحِ وَالْقِيمَةَ فِي الرَّقِيقِ وَالْغُرَّةَ أَوْ الدِّيَةَ فِي الْجَنِينِ إنْ اسْتَهَلَّ
(ص) فَإِنْ نَكَلَ بَرِئَ الْجَارِحُ إنْ حَلَفَ وَإِلَّا حُبِسَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ لِذَلِكَ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدٍ فَإِنَّ الْجَارِحَ وَمَنْ مَعَهُ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَتْلِ الْكَافِرِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ الْجَنِينِ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَبْرَأُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مَا عَدَا جُرْحَ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ عُوقِبَ وَأُطْلِقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَمَرِّدًا فَإِنَّهُ يُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ فَقَوْلُهُ بَرِئَ الْجَارِحُ وَأَوْلَى غَيْرُهُ إنْ بَرِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَشْمَلَ الْقَتْلَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حُبِسَ خَاصٌّ بِجُرْحِ الْعَمْدِ وَمَا عَدَاهُ يَغْرَمُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (ص) فَلَوْ قَالَتْ دَمِي وَجَنِينِي عِنْدَ فُلَانٍ فَفِيهَا الْقَسَامَةُ وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ وَلَوْ اسْتَهَلَّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَنِينَ كَالْجُرْحِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ فَلِهَذَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ دَمِي وَجَنِينِي عِنْدَ فُلَانٍ وَمَاتَتْ فَفِيهَا الْقَسَامَةُ لِأَنَّ قَوْلَهَا لَوْثٌ وَلِأَنَّهَا نَفْسٌ وَالْجَنِينُ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْجُرْحِ لَا يَثْبُتُ بِاللَّوْثِ فَلَا قَسَامَةَ وَلَوْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ فُلَانٌ قَتَلَنِي وَقَتَلَ فُلَانًا مَعِي لَمْ يَكُنْ فِي فُلَانٍ قَسَامَةٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ قَالَتْ لَوْ ثَبَتَ مَوْتُهَا وَخُرُوجُ جَنِينِهَا مَيِّتًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَدْلٍ لَكَانَ فِيهَا
ــ
[حاشية العدوي]
الضَّرْبَةُ الَّتِي مَاتَ مِنْهَا مِمَّنْ هِيَ أَوْ كَانَتْ الضَّرَبَاتُ فِي قَتْلِهِ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ جَمِيعُهُمْ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيُقْتَلُ الْجَمِيعُ بِوَاحِدٍ وَهَذَا إذَا مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ وَقَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَوْ رُفِعَ مَغْمُورًا وَمَاتَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَالْقَوَدُ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا فَإِذَا قُتِلَ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ بِالْقَسَامَةِ يُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً مِنْ غَيْرِ أَيْمَانٍ فَلَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِالْقَتْلِ ثُمَّ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَنْهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً فَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ بَطَلَ التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَصَارَ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا فَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْوُلَاةُ فَبَعْضُهُمْ عَيَّنَ مَا لَمْ يُعَيِّنْهُ الْآخَرُ مَاذَا يَفْعَلُ ك وَإِذَا وَقَعَتْ الْقَسَامَةُ عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اعْتَرَفَ آخَرُ بِالْقَتْلِ فَإِنَّ الْمَقْتُولَ مُخَيَّرٌ فِي قَتْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَطْ وَإِذَا قُتِلَ أَحَدُهُمَا حُبِسَ الثَّانِي عَامًا وَجُلِدَ مِائَةً
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا اُحْتُمِلَ مَوْتُهُ مِنْ فِعْلِ أَحَدِهِمْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُحْتَمَلْ كَرَمْيِ جَمَاعَةٍ صَخْرَةً لَا يَقْدِرُ بَعْضُهُمْ عَلَى رَفْعِهَا فَإِنَّ الْقَسَامَةَ تَقَعُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيَقْتُلُونَ أَيَّ وَاحِدٍ شَاءُوا مِنْهُمْ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَإِذَا قُتِلَ وَاحِدٌ مِنْ الَّذِينَ رَمَوْا الصَّخْرَةَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ بَقِيَ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ
(قَوْلُهُ حَلَفَ وَاحِدَةً) أَيْ إنْ اتَّحَدَ فَإِنْ تَعَدَّدَ وَلِيُّ الْكَافِرِ أَوْ الْغُرَّةِ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى جُرْحٍ أَيْ عَمْدًا إلَخْ) أَقُولُ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْخَطَأِ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ أَيْ خَطَأً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ إذْ جُرْحُ الْعَمْدِ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى قَتْلِ كَافِرٍ أَيْ خَطَأً) إنَّمَا قُيِّدَ بِالْخَطَأِ حَتَّى تَأْتِيَ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ قِصَاصٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَالَ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ أَقُولُ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ لِلْكَافِرِ كَافِرًا وَأَقَامَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ شَاهِدًا وَاحِدًا يَكُونُ هَدَرًا وَلَا شَيْءَ فِيهِ وَلَا قَسَامَةَ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ أَقُولُ وَأَمَّا عج فَعَمَّمَ فِي قَتْلِ الْكَافِرِ فَقَالَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ الْقَاتِلُ لَهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَقُولُ وَالظَّاهِرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ) وَإِذَا أَسْلَمَهُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ فَلَا يَقْتُلُهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَكُونُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ فَرْضَ الْمُصَنِّفِ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقَطْ وَلَا قَسَامَةَ فِيهِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي قَتْلِ الْحُرِّ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى غَيْرُهُ) لَا حَاجَةَ لَهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ مَعَهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَتْ دَمِي إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهَا بَلْ بِإِقْرَارِهَا فَقَطْ وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهَا عَدْلَانِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ
(قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ) أَيْ لَا قِيمَةَ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَدْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ثَبَتَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ عَلَى الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَدْلٍ أَيْ شَهِدَ عَلَى الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا أَوْ عَلَى الْقَتْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute