للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ قَصَرَهُ جَعَلَهُ اسْمَ الشَّيْءِ نَفْسِهِ. اهـ.، وَهُوَ مُحَرَّمٌ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا، وَجَاحِدُ حُرْمَتِهِ كَافِرٌ، وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: الزِّنَا الشَّامِلُ لِلِّوَاطِ مَغِيبُ حَشَفَةِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجٍ آخَرَ دُونَ شُبْهَةِ حِلِّيَّةٍ عَمْدًا، فَقَوْلُهُ: آدَمِيٍّ أَخْرَجَ بِهِ حَشَفَةَ غَيْرِهِ كَالْبَهِيمِيِّ، وَقَوْلُهُ: فِي فَرْجٍ أَخْرَجَ بِهِ مَغِيبَهَا فِي غَيْرِ فَرَجٍ، وَأَدْخَلَ فِي الْفَرْجِ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ اللِّوَاطَ، قَوْلُهُ: آخَرَ عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُوفِ أَيْ: فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ آخَرَ أَخْرَجَ بِهِ مَغِيبَهَا فِي فَرْجِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَقَوْلُهُ: دُونَ شُبْهَةِ حِلِّيَّةٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَ لِشُبْهَةٍ فِي الْحِلِّيَّةِ إمَّا بِاعْتِقَادِ حِلِّيَّةٍ، أَوْ بِجَهْلٍ فَتَخْرُجُ الْأَمَةُ الْمُحَلَّلَةُ، وَوَطْءُ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ لَا زَوْجَةَ وَلَدِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ زِنًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي مَالِهِ وَلَا شُبْهَةَ فِي زَوْجَتِهِ، وَقَوْلُهُ: تَعَمُّدًا أَخْرَجَ بِهِ الْغَلَطَ وَالنِّسْيَانَ وَالْجَهْلَ وَالْمُؤَلِّفُ حَدَّهُ بِقَوْلِهِ: (ص) الزِّنَا وَطْءُ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ فَرْجَ آدَمِيٍّ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ تَعَمُّدًا. (ش) فَقَوْلُهُ: وَطْءُ مُكَلَّفٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَمَعْنَى إضَافَةِ الْوَطْءِ لِلْمُكَلَّفِ تَعَلُّقُهُ بِهِ أَيْ: تَعَلُّقُ الْوَطْءِ بِمُكَلَّفٍ، وَالْمُرَادُ بِالْفَاعِلِ مَنْ يَمِيلُ إلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَالْمَرْأَةُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ فَيَشْمَلُ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ، فَيَخْرُجُ بِهِ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ زِنًا لُغَةً، وَلَا يَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ الْمُؤَلِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ مَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ؛ فَلِأَنَّهُ أَتَى بِالْفَاعِلِ نَكِرَةً، وَكَذَا بِالْمَفْعُولِ، وَقَدْ ذَكَرَ ح أَنَّ مَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ يُعَزَّرُ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: مُسْلِمٍ أَيْ: حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ خَرَجَ بِهِ وَطْءُ الْكَافِرِ الْكَافِرَةَ، أَوْ الْمُسْلِمَةَ إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُسْلِمَةُ تُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَطْءُ مُسْلِمٍ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ مُدْخَلَةً مُخْرَجَةً، وَقَوْلُهُ: فَرْجَ آدَمِيٍّ مَعْمُولُ وَطْءٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْآدَمِيُّ خُنْثَى مُشْكِلًا، فَلَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهِ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ غَيْرَهُ لِلشُّبْهَةِ وَلَوْ أَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ نَائِمٍ فِي فَرْجِهَا، فَعَلَيْهَا الْحَدُّ، وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ جِنِّيَّةً، وَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُنْزِلَ، قَوْلُهُ: لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ الْمُرَادُ بِالْمِلْكِ التَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ، فَالْمَمْلُوكُ الذَّكَرُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَيْهِ شَرْعًا مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ، وَخَرَجَ بِهِ مَنْ وَطْؤُهَا لَهُ حَلَالٌ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ، وَلَكِنْ امْتَنَعَ وَطْؤُهُمَا عَلَيْهِ لِعَارِضٍ مِنْ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ وَطْأَهُ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا، وَخَرَجَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُفَاعَلَةِ كَفِعَالٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ زِنَاءَ عَلَى وَزْنِ فِعَالٍ لَا عَلَى زِنَةِ مُفَاعَلَةٍ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِك: ضَارِبٌ فَإِنَّ مَصْدَرَهُ فِعَالٌ وَمُفَاعَلَةٌ؛ لِقَوْلِ صَاحِبِ الْأَلْفِيَّةِ

لِفَاعِلٍ الْفِعَالُ وَالْمُفَاعَلَةْ

وَقَوْلُهُ: وَمَنْ قَصَرَهُ جَعَلَهُ اسْمَ الشَّيْءِ نَفْسِهِ أَيْ: اسْمَ الْحَقِيقَةِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا تَحْصُلُ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ مُتَعَدِّدٍ. (قَوْلُهُ: فِي فَرْجِ آخَرَ) أَيْ: فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ، أَوْ فِي الْبَوْلِ كَمَا قِيلَ فِي بَابِ الْغُسْلِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَهُ. (قَوْلُهُ: كَالْبَهِيمِيِّ إلَخْ) أَيْ: فَإِذَا أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ فِي فَرْجِهَا فَلَا يُقَالُ لَهُ زِنًا.

(قَوْلُهُ: إمَّا بِاعْتِقَادِ حِلِّيَّةٍ أَوْ بِجَهْلٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اعْتِقَادَ الْحِلِّيَّةِ نَاشِئٌ عَنْ الْجَهْلِ فَالْمُقَابَلَةُ لَا تَظْهَرُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُقَابَلَةَ بِحَسَبِ الْمُلَاحَظَةِ أَيْ: أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُلَاحِظَ اعْتِقَادَ الْحِلِّيَّةِ، أَوْ الْجَهْلَ، وَإِنْ كَانَ اعْتِقَادُ الْحِلِّيَّةِ نَاشِئًا مِنْ الْجَهْلِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَهُ شُبْهَةٌ إلَخْ) أَيْ: مَسْأَلَةُ وَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَالنِّسْيَانَ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّاسِيَ مَنْ يَفْعَلُ الْفِعْلَ، وَهُوَ ذَاهِلٌ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ كَمَنْ قَامَ وَهُوَ ذَاهِلٌ عَنْ أَنَّهُ قَائِمٌ انْتَهَى أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْوَطْءِ نَادِرٌ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى فَرْضِ الْوُقُوعِ. (قَوْلُهُ: وَالْجَهْلِ) أَيْ: جَهْلِ الْحُكْمِ إذَا كَانَ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَطْءُ مُكَلَّفٍ) أَيْ: تَغْيِيبُ حَشَفَتِهِ أَوْ قَدْرِهَا وَلَوْ بِغَيْرِ انْتِشَارٍ أَوْ مَعَ لَفِّ خِرْقَةٍ خَفِيفَةٍ لَا تَمْنَعُ لَذَّةً لَا كَثِيفَةٍ، أَوْ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: مُكَلَّفٌ يَشْمَلُ السَّكْرَانَ إنْ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ تَعَمُّدًا إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُحَلَّلَةُ فَإِنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا وَكَذَا أَمَةُ الِابْنِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْمِلْكِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ تَمِيلُ) أَيْ: بَلْ هِيَ أَشَدُّ مَيْلًا. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ) أَيْ: فَيَصْدُقُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنَّهَا وَطِئَتْ بِفَرْجِهَا ذَكَرَ الرَّجُلِ أَيْ: تَعَلَّقَ فَرْجُهَا بِفَرْجِ الرَّجُلِ وَهُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهِ) أَيْ: وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ، وَكَذَا بِفَرْجِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَذَهَبَ الصِّقِلِّيُونَ إلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ إنْ زَنَى بِفَرْجِهِ، وَأَمَّا لَوْ زَنَى بِهِمَا، فَالْحَدُّ اتِّفَاقًا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى

وَأَمَّا إنْ زَنَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دُبُرِهِ فَعَلَى الزَّانِي حَدُّ الزِّنَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أُنْثَى لِدَرْءِ الْحَدِّ لَا تَقْدِيرُهُ ذَكَرًا مُلُوطًا بِهِ، وَأَمَّا بِفَرْجِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا قُلْنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ نَائِمٍ) وَأَمَّا لَوْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ فِي فَرْجِهَا، فَلَا تُحَدُّ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ اللَّذَّةِ كَالصَّبِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ بِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ بِوَطْءِ الْبَهِيمَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ بَعْضُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ لَا يُوجِبُ حَدًّا فَأَوْلَى مَا لَا يُوجِبُ غُسْلًا. (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ جِنِّيَّةً) لَا يَخْفَى إنْ كَانَ الْفِقْهُ هَكَذَا فَمُسْلِمٌ، وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ كَوْنِهِمْ مُكَلَّفِينَ لَهُمْ مِثْلُ مَا لَنَا، وَعَلَيْهِمْ مِثْلُ مَا عَلَيْنَا أَنْ يُحَدَّ وَاطِئُ الْجِنِّيَّةِ، ثُمَّ وَجَدْتُ مَا يُقَوِّي ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ عب ذَكَرَ مَا نَصُّهُ وَبَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ: مُكَلَّفٍ يَشْمَلُ الْجِنِّيَّ فَإِذَا وَطِئَ جِنِّيٌّ آدَمِيَّةً فَإِنَّهُ زِنًا وَيُحَدَّانِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى زِنًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: الزِّنَا تَغْيِيبُ حَشَفَةِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجِ آخَرَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُنْزِلَ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ غُسْلُهُ مِنْهَا أَوْلَى مِنْ غُسْلِهِ مِنْ وَطْءِ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتَةٍ لِنَيْلِهِ مِنْهَا لَذَّةً، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ كَذَا فِي شَرْحِ عب. (قَوْلُهُ: التَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ) يَرِدُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ وَلَدَهُ وَطِئَ أَمَتَهُ، وَإِلَّا حُدَّ الْأَبُ وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ لَا مِلْكَ أَيْ: وَلَا شُبْهَةَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْمُحَلَّلَةُ، وَجَوَابُهُ أَنَّهَا مِلْكُهُ مَآلًا. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ امْتَنَعَ وَطْؤُهُمَا عَلَيْهِ لِعَارِضٍ) أَيْ: فَذَلِكَ الْعَارِضُ لَمَّا كَانَ يَزُولُ صَارَ كَالْعَدَمِ فَالتَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مَوْجُودٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>